
تعمل الصين لتسريع خططها لإبدال التكنولوجيا الأميركية والأجنبية، وتمكين لجنة سرية مدعومة من الحكومة، من التدقيق بالمورّدين المحليين والمصادقة على التعامل معهم، في قطاعات حسّاسة تتراوح بين الخدمات السحابية وأشباه الموصلات، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".
وأُسّست "لجنة عمل ابتكار تطبيقات تكنولوجيا المعلومات" في عام 2016، وهي معروفة باسم "شينتشوانج" بالصينية، لتقديم المشورة للحكومة، وكُلّفت الآن بالمساهمة في إعداد معايير الصناعة وتدريب موظفين على تشغيل برمجيات موثوقة.
واللجنة شبه الحكومية ستضع وتنفذ ما يُسمّى بخطة "ابتكار تطبيقات تكنولوجيا المعلومات"، وستختار من بين مجموعة من المورّدين الذين خضعوا لتدقيق، بموجب الخطة لتأمين التكنولوجيا لقطاعات حسّاسة، من المصارف إلى مراكز تخزين البيانات الحكومية، وهي سوق قد تبلغ قيمتها 125 مليار دولار بحلول عام 2025.
ونقلت "بلومبرغ" عن مصادر إن 1800 مورّد صيني لأجهزة الكمبيوتر والرقائق والشبكات والبرمجيات، تلقوا حتى الآن دعوة للانضمام إلى اللجنة، التي اعتمدت مئات الشركات المحلية في عضويتها هذا العام، وهذه أسرع وتيرة منذ سنوات.
"ضوابط التصدير الأميركية"
ورجّحت "بلومبرغ" أن يؤدي وجود لائحة "شينتشوانج"، التي لم يُعلن سابقاً عن أعضائها وأهدافها، إلى تأجيج التوتر بعد القمة الافتراضية التي جمعت الرئيسين، الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينج.
واعتبرت أنها تعزّز قدرة بكين على إبدال شركات التكنولوجيا الأجنبية في القطاعات الحسّاسة، وتسرّع جهداً لمساعدة شركات محلية على تحقيق اكتفاء ذاتي تكنولوجي والتغلّب على عقوبات فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وقال دان وانج، محلل التكنولوجيا في مؤسسة Gavekal Dragonomics لأبحاث الاستثمارات العالمية: "تحاول الصين تطوير تكنولوجيات محلية. هذا الجهد يُعتبر أكثر جدية الآن، إذ أن شركات محلية كثيرة تشارك الآن هذا الهدف السياسي، طالما أنه لا يمكن لأحد التأكد من إمكان أن تتجنّب التكنولوجيات الأميركية ضوابط التصدير" في الولايات المتحدة.
وتُعدّ محاولة إبدال المورّدين الأجانب، جزءاً من جهد صيني أوسع للسيطرة على قطاع التكنولوجيا، بما في ذلك أمن البيانات، علماً أن الحكومة أرغمت مقدّمي الخدمات السحابية في الخارج، مثل "أمازون" و"مايكروسوفت"، على إنشاء مشاريع مشتركة في البلاد. كذلك سلّمت شركة "أبل" ملف تخزين بيانات مستخدميها، لمشغّل مدعوم من الحكومة في إقليم جويتشو جنوب غربي الصين.
ورجّحت "بلومبرغ" أن تُحكم السلطات قبضتها في هذا الصدد، إذ تكتسب وزارة قطاع التكنولوجيا مزيداً من الإشراف على بيانات الصناعة والاتصالات، وتقترح قواعد جديدة تتطلّب تخزين بيانات مهمة داخل البلاد.
استثمارات الابتكار التكنولوجي
وكُشفت تفاصيل محدودة عن لجنة "شينتشوانج" أو أعضائها، لكن أي شركة مملوكة للأجانب بنسبة تتجاوز 25% ستُستبعد من اللجنة، ممّا يؤدي إلى استبعاد المورّدين الأجانب، بما في ذلك "إنتل" و"مايكروسوفت".
كذلك ستواجه شركات التكنولوجيا الناشئة في الصين، المموّلة بشكل أساسي من خلال استثمارات أجنبية، معياراً أعلى مستوى، علما ًأن شركتَي "علي بابا" و"تنسنت"، أبرز مزوّدَين للخدمات السحابية في البلاد، تمكّنتا من التحايل على هذه القواعد، من خلال تقديم طلب لنيل العضوية في اللجنة، من خلال شركات فرعية مُؤسّسة محلياً، بحسب "بلومبرغ".
ووَرَدَ في تقرير أعدّته شركة الأبحاث iResearch (مقرها شنغهاي) في يوليو، أن "سياسات الخنق الأميركية.. شكّلت الحافز المباشر الذي دفع الصين إلى بناء قطاع شينتشوانج. أكدت اللائحة السوداء (الأميركية) على الحاجة الملحّة بالنسبة إلى الصين، لزيادة الاستثمار في الابتكار التكنولوجي وامتلاك تكنولوجيات أساسية مصنّعة في الصين".
ثمة 1160 عضواً في اللجنة، بحلول يوليو 2020، بحسب شركة "نيتيس" (Netis) للخدمات السحابية والتي زعمت أنها اجتازت عملية تدقيق معقدة. ومن بين المؤسسات البارزة الأخرى، شركة Loongson (مقرها بكين) المصنّعة لوحدة المعالجة المركزية، وInspur لتصنيع الخوادم، وStandard Software لتطوير أنظمة التشغيل، إضافة إلى Westone، وهي شركة لأمن المعلومات قد تُكلّفها السلطات بتولّي إدارة بيانات شركة "ديدي".
"بنية تحتية رقمية آمنة"
ويمكن أن تمنح العضوية في اللجنة، المورّدين المحليين أفضلية أساسية في الموافقة على تكنولوجيتهم بموجب خطة "شينتشوانج"، ممّا يفتح أمامهم سوقاً بمليارات الدولارات.
وحققت الأعمال المرتبطة بـ"شينتشوانج" العام الماضي مبيعات بقيمة 162 مليار يوان (25 مليار دولار)، وقد تبلغ نحو 800 مليار يوان بحلول عام 2025، بحسب تقرير شاركت في إعداده "جمعية صناعة البرمجيات الصينية".
وفي سبتمبر الماضي، أدرجت صحيفة "إيكونوميك إنفورميشن ديلي"، المدعومة من وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا)، لائحة بالشركات الأربعين الأفضل أداءً في مشروع "شينتشوانج"، وتشمل "هواوي" والوحدة السحابية لشركة "علي بابا" وشركة أمن الشبكات Qi An Xin Technology Group Inc.
وفي أبريل، أشادت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية بالمنصة السحابية لـ"علي بابا"، مشيرة إلى أنها "مُطوّرة ذاتياً بنسبة 100%" من أجل "تأمين بنية تحتية رقمية آمنة وجديرة بالثقة، لكل مستويات الحكومات".
ورجّحت iResearch أن تكون كيانات تابعة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، والحكومة والجيش، أول من يتبنّى منتجات "شينتشوانج"، تليها الشركات المالية وتلك المملوكة للدولة. وأضافت: "لا يمكن بناء شينتشوانج في يوم واحد، إنها استراتيجية بعيدة المدى تساعد الصين على تنمية تقنيات تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها".
اقرأ أيضاً: