بلومبرغ: "دوّامة" انهيار الليرة التركية تهدد حكم أردوغان

time reading iconدقائق القراءة - 6
أوراق نقدية بالليرة التركية في صورة تعبيرية التُقطت في إسطنبول - 14 أغسطس 2018 - REUTERS
أوراق نقدية بالليرة التركية في صورة تعبيرية التُقطت في إسطنبول - 14 أغسطس 2018 - REUTERS
دبي/أنقرة- الشرقرويترز

يهدد انهيار الليرة التركية بتقويض قبضة الرئيس رجب طيب أردوغان على الاقتصاد، ويشجع خصومه السياسيين على تحديه، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وشهدت إسطنبول وأنقرة احتجاجات محدودة ليل الثلاثاء - الأربعاء، طالبت بإنهاء سوء الإدارة للاقتصاد الذي أثار تضخماً سريعاً وأدى إلى أطول سلسلة خسائر للعملة المحلية منذ عقدين، في 11 جلسة متتالية، لتبلغ خسائرها منذ مطلع العام 43%.

ونصبت الشرطة حواجز في أجزاء من إسطنبول، وهي العاصمة التجارية للبلاد، فيما أعرب متظاهرون عن غضبهم من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم.

وأفادت وكالة "رويترز" بأن الليرة التركية تراجعت مجدداً الأربعاء، مسجلة 13.1500  مقابل الدولار، بعدما هوت بنسبة 15% الثلاثاء، ولامست أدنى مستوى لها على الإطلاق، عند 13.45، علماً أن أردوغان دافع عن السياسة النقدية التي ينتهجها المصرف المركزي، متعهداً بتحقيق نصر في "حرب الاستقلال الاقتصادية".

"إجراءات عاجلة"

وكتب هاكان كارا، أبرز الخبراء الاقتصاديين سابقاً لدى المصرف المركزي، على "تويتر": "في ظل أسعار الصرف الحالية، قد يتجاوز التضخم الرسمي 30% في الأشهر المقبلة. إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة، لن يتمكن النظام المالي من مواجهة ذلك".

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن ضغطاً يمارسه أردوغان من أجل خفض أسعار الفائدة، يستهدف تعزيز النمو بشكل كبير وخلق فرص عمل وإحياء شعبيته المتدهورة، قبل الانتخابات الرئاسية والنيابية المرتقبة في عام 2023. واستدركت أن سياساته سبّبت تأثيراً معاكساً، معتبرة أن حزبه قد يواجه نقطة اللاعودة، بعد عقدين على تسلّمه الحكم.

وحذر محللون وموظفون سابقون في المصرف المركزي التركي، وخصوم سياسيون، من أن التضخم الذي يبلغ 20% سيرتفع أكثر، مهدداً بجعل كثيراً من الأتراك أشد فقراً وغضباً.

وقال جان سلجوقي، رئيس مركز استطلاعات الرأي "تركيا رابورو" (مقره إسطنبول): "الاضطرابات الأخيرة ستدفع الناخبين المترددين المنزعجين من المشهد الاقتصادي، إلى صفوف المعارضة. إن احتمالات فشل الحزب الحاكم في تحقيق نسبة 30% من التأييد زادت بشكل واضح".

تكاليف اجتماعية 

وذكرت "بلومبرغ" أن الضغط من أجل خفض تكاليف الاقتراض ليس جديداً بالنسبة إلى أردوغان الذي يعتبر أن ذلك يبطئ التضخم، وهذه وجهة نظر تتحدى النظريات الاقتصادية السائدة.

وكان النمو المدفوع بالاقتراض قبل الانتخابات مفيداً للرئيس التركي سابقاً، ولكن التأثير المتراكم لتلك السياسة وزيادة التفاوت في الدخل والأضرار التي أحدثها فيروس كورونا المستجد، تعني أن التكاليف الاجتماعية المحتملة ستكون أكبر بكثير هذه المرة، بحسب الوكالة.

وتجاوز الدولار الأميركي عتبة 13 ليرة تركية، للمرة الأولى الثلاثاء، في ثاني أكبر انخفاض تسجله العملة منذ عقدين. كما أن العائد على سندات الليرة التركية لأجل 10 سنوات ارتفع إلى 21.1%، وهذا أعلى مستوى منذ مايو 2019. وفقدت العملة المحلية ثلثَي قيمتها في السنوات الثلاث الماضية، مما زاد تكلفة المعيشة في بلد يقطنه 84 مليون شخص.

تدهور شعبية الحزب الحاكم

وستكون انتخابات 2023 الأولى منذ هزيمة مفاجئة مُني بها أردوغان في الانتخابات البلدية عام 2019، خسر خلالها إسطنبول والعاصمة أنقرة لمصلحة المعارضة، للمرة الأولى منذ ربع قرن. ولكن الرئيس تجاهل الثلاثاء فكرة تنظيم انتخابات مبكرة، على الرغم من دعوات المعارضة في هذا الصدد.

وقال محمد علي كولات، رئيس مركز استطلاعات الرأي "ماك دانيسمانليك" MAK Danismanlik (مقره إسطنبول): "فقد نحو 60% من السكان أملهم بقدرة الحكومة على تسوية المشكلات الاقتصادية لتركيا خلال الأشهر الـ12 المقبلة". وأضاف أن نسبة تأييد حزب "العدالة والتنمية" لدى الناخبين المحتملين ستتقلص إلى أقل من 30%، نتيجة التطورات الاقتصادية، مقارنة بنحو 43% في الانتخابات العامة الأخيرة عام 2018.

"استقلالية المركزي ليست خيالاً"

"بلومبرغ" اعتبرت أن أردوغان أظهر مرات أنه قادر على تبديل سياساته، عندما يواجه اضطرابات في السوق. ففي عام 2018، وافق على زيادتين ضخمتين في أسعار الفائدة، من أجل وقف تراجع الليرة. وسمح بتشديد السياسات النقدية في السنوات الخمس السابقة، مع تمسكه بموقفه العلني، القاضي بأن أسعار الفائدة المرتفعة تفاقم التضخم.

لكن ثمة مؤشرات كثيرة إلى أن الأمر قد يكون مختلفاً الآن. وقالت فينيكس كالين، وهي محللة استراتيجية في مصرف "سوسييتيه جنرال": "عتبة الألم الآن أعلى بكثير قبل أن نرى عكساً للمسار، نظراً إلى المعارضة الراسخة التي يبديها الرئيس أردوغان لرفع أسعار الفائدة، وتأثيره الكبير في اتجاهات السياسة النقدية. من الضروري إجراء خفض كبير في قيمة العملة هذه المرة، قبل أن يتدخل صنّاع السياسة الأتراك لوقف انهيارها".

لكن المصرف المركزي استبعد اتخاذ تدبير مشابه. وبعد اجتماع بين حاكم المصرف، شهاب قاوجي أوغلو، وأردوغان في ذروة عمليات بيع الليرة الثلاثاء، أعلن المصرف أن تراجع العملة كان مفرطاً، ولكنه لم يقدّم رداً فورياً، علماً أنه خفّض أسعار الفائدة 400 نقطة أساس منذ سبتمبر. وأضاف أن "المصرف يطبّق نظام سعر الصرف المرن وليس لديه أي التزام بأي مستوى لسعر الصرف".

وقال إبراهيم تورهان، وهو سياسي معارض كان نائباً لحاكم المصرف المركزي، إن المستثمرين تخلّوا عن فكرة أن السلطة النقدية هي المسيطرة على الوضع. وتابع: "استقلالية المصرف المركزي ليست مجرد خيال. التضخم سيؤجج انخفاض قيمة الليرة. وضعف الليرة سيؤدي إلى زيادة التضخم مرة أخرى. إنها دوامة".

اقرأ أيضاً: