
تتجه الأنظار في العراق إلى جلسة السبت 26 مارس المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية إذ يحاول التحالف الثلاثي (الصدر، الديمقراطي الكردستاني، السنة) حشد أكبر عدد من الأصوات لعبور العتبة المطلوبة لافتتاح جلسة التصويت على الرئيس وهي ثلثي أعضاء المجلس (220 نائباً).
وبلغة الأرقام لا يستطيع التحالف الثلاثي بمقاعده في البرلمان سوى توفير 141 نائباً فقط، وهو ما لا يؤهله لعقد الجلسة، الأمر الذي دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى توجيه دعوة للمستقلين الذين يبلغ عددهم 43 نائباً.
إضافة إلى دعوة الكتل السياسية الجديدة مثل "الجيل الجديد"، و"إشراقة كانون"، و"امتداد" والتي تشكل مجتمعة 24 نائباً، فضلاً عن 16 كتلة سياسية فائزة بمقعد واحد، إلى تأييد التحالف الثلاثي في مسعاه لتشكيل حكومة أغلبية والدخول إلى الجلسة وانتخاب رئيس الجمهورية.
الثلث المعطل
غير أن ذلك لا يبدو سهلاً على الإطلاق فالإطار التنسيقي الشيعي الذي يراقب الأحداث بحذر يسعى هو الآخر إلى كسب أصوات المستقلين للتمكن من تعطيل الجلسة والحيلولة دون انعقادها، خاصة وأنه يملك 84 نائباً بمعية الاتحاد الوطني الكردستاني وكتلة المسيحيين.
وقدم الإطار التنسيقي هو الآخر الدعوة للمستقلين لعدم تأييد التحالف الثلاثي والالتحاق بما أسماه الثلث المعطل لمنع تمرير الرئيس.
وطرح الإطار شروطاً للتراجع عن مقاطعة الجلسة ليس أقلها التراجع عن حكومة الأغلبية الوطنية التي يتبناها الصدر، إضافة إلى ضمان وجوده في التشكيلة الحكومية المقبلة.
وقال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري لـ"الشرق"، إن جلسة السبت المقبل قد لا تعقد في ظل تمسك الإطار التنسيقي الشيعي وحلفائه من الاتحاد الوطني الكردستاني وبعض المستقلين الذين التحقوا بهم وبعض السنة الذين انسحبوا من التحالف الثلاثي بموقفهم الرافض لعقدها. مضيفاً أن العدد الذي سيحشده الإطار سيكون كافياً للحيلولة دون انعقاد الجلسة.
دور المستقلين
وتابع الشمري أن الجلسة ستكون مقياساً واضحاً لأحجام القوى السياسية وتأثيرها من أجل المضي بتحالفات جديدة أو إعادة التحرك صوب المستقلين من أجل توفير النصاب الكافي لانتخاب الرئيس.
ورغم كثرة الحديث عن دور المستقلين في حسم الأمور لصالح جهة على حساب أخرى، إلا أن الشمري لا يعتقد أن لهم دوراً كبيراً في المعادلة المقبلة،
ويرى أن المستقلين الذين يقدر عددهم مجتمعين بـ83 نائباً يتكون ما نسبته 70% منهم من أحزاب وميليشيات، ينقسمون إلى 3 أصناف، الأول تابعون لأحزاب تقليدية ودخلوا البرلمان بشكل مستقل وقد يلتحقون بأحزابهم في أي لحظة، والصنف الثاني حركات جديدة وعددهم قليل وتوجهاتهم لا تؤيد الكتل الكبيرة، والصنف الثالث يحاولون الوقوف على التل من أجل ضمان تواجدهم في الحكومة المقبلة في حال تمكن أحد الأطراف من تشكيل الحكومة.
وتابع الشمري أن الأحزاب والقوى التقليدية والزعامات هم من يحددون شكل التوجه المقبل، نافياً أن يكون الحديث عن حل البرلمان واقعي وحقيقي، متوقعاً تأجيل الجلسة وتحديد موعد جديد لها نهاية الشهر المقبل.
توجه لحضور الجلسة
رئيس مركز بغداد للدراسات مناف الموسوي، قال في حديث لـ"الشرق"، إن ثمة توجه لحضور جلسة السبت، خصوصاً أن أغلب الكتل السياسية لديها مرشحين لرئاسة الجمهورية وهو ما يؤكد التزامهم بحضور الجلسة.
وتابع الموسوي أن الاتحاد الوطني الكردستاني لا يمكن أن يصطف مع الإطار التنسيقي في مقاطعة الجلسة، كون أن لديه مرشحاً وهو الرئيس الحالي برهم صالح.
وكذلك تحالف "من أجل الشعب"، والذي يضم قرابة 38 نائباً من المستقلين لديه مرشحه وسيحضر الجلسة، وبالتالي سيكتمل العدد المطلوب لعقد جلسة التصويت على الرئيس وهو 220 نائباً.
وإذا انعقدت هذه الجلسة باكتمال النصاب بحسب الموسوي وفتحت الجولة الأولى لانتخاب الرئيس فلن يؤثر انسحاب بعض القوى بعد ذلك، لأن الجولة الثانية للانتخاب تحتاج أغلبية بسيطة فحسب وهذا ما سيكون متاحاً لدى التحالف الثلاثي.
أما على صعيد الخلافات بين القطبين الكرديين (الاتحاد الوطني، الحزب الديمقراطي) فأوضح الموسوي أنه بالرغم من وجود الخلافات بين الطرفين إلا أن التوافق بينهما لا يزال خياراً محتملاً، لأن المشتركات بينهما كثيرة إضافة إلى أن الاتحاد لديه خيارات أخرى ومرشحين آخرين غير برهم صالح، قد يقدمهم بديلاً لصالح خلال انعقاد الجلسة، وهو ما قد يقنع الحزب الديمقراطي على اعتبار أن مشكلته مع برهم صالح حصراً وليس لديه اعتراض على أي مرشح آخر يقدمه الاتحاد.
وختم الموسوي حديثه بأن فشل انعقاد جلسة السبت لن يشكل مشكلة كبيرة بل سيفضي إلى تأجيل الجلسة لـ10 أيام مقبلة.
انتخاب الرئيس أصبح ملزماً
الخبير القانوني علي التميمي، يرى أن تأجيل الجلسة لن يسير بهذه السلاسة، إذ قال لـ"الشرق"، إن المحكمة الاتحادية العليا قضت بفتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية لمرة واحدة فقط، وبذلك فإن أمام رئاسة البرلمان 30 يوماً وفق المادة 72 ثانياً من الدستور العراقي وهو ما يعني أن انتخاب الرئيس أصبح ملزماً خلال الفترة ما بين 6 مارس وحتى 6 أبريل.
وتابع التميمي أنه وبعد تحديد يوم ٢٦ مارس لعقد الجلسة فإنه في حالة عدم اختيار رئيس الجمهورية الجديد يمكن لرئاسة البرلمان تأجيلها إلى 6 أبريل فقط، ويدخل المجلس بعدها في مخالفة صريحة لقرار المحكمة الاتحادية العليا التي أجازت فتح باب الترشيح لمرة واحدة وسيكون المجلس بذلك "أمام فشل غير قابل للحل".
أما في حال انعقاد الجلسة والبدء بالتصويت فإن الجولة الأولى للانتخاب ستحتاج إلى 220 نائباً، وفي حال عدم فوز أحد المرشحين بهذه النسبة في الجولة الأولى فستفتح الجولة الثانية وسيكون التنافس فيها منحصراً بين أعلى الفائزين الأول والثاني، ويصبح من يحصل منهما على أكثرية الأصوات الرئيس المقبل للعراق.
وختم التميمي أن انتخاب الرئيس الجديد سيتبعه قيامه بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً خلال 15 يوماً من أدائه اليمين، غير أن ذلك يبقى مرهوناً بالتوافقات التي يمكن أن تحدث قبيل انعقاد الجلسة خصوصاً وأن المشهد السياسي في العراق عادة ما يعتمد على مفاوضات الساعات الأخيرة.