
اعتبر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن تحقيق بلاده "نصراً" في الحرب التي تخوضها مع روسيا، هو "مسألة وقت"، مشيراً إلى أن نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، يرى أوكرانيا بوصفها "جزءاً من عالمه". وتعهد بالبقاء مع مواطنيه "حتى النهاية"، متهماً قادة غربيين بـ"الخوف من روسيا"، كما قسّم دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى 5 معسكرات، في أسلوب تعاملها مع الغزو الروسي لبلده.
وأجرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية مقابلة مع زيلينسكي، في مقرّه المحصّن بكييف، قال فيها: "جنودنا الشجعان يدافعون عن ماريوبل الآن.. كان ممكناً أن يغادروا منذ وقت طويل، لكنهم لن يغادروا المدينة، (لأنهم) يقولون بوجوب أن يبقوا ويدفنوا أولئك الذين سقطوا في القتال وإنقاذ أرواح الجرحى.. طالما أن الناس لا يزالون أحياءً، يجب أن نواصل حمايتهم. وهذا هو الاختلاف الأساسي بين طريقة رؤية الطرفين المتصارعين في هذه الحرب، للعالم".
وأشار الرئيس الأوكراني إلى مصرع "نحو 15 ألف" جندي روسي في غضون شهر، معتبراً أن بوتين "يلقي بالجنود الروس مثل جذوع أشجار في فرن قطار". وأضاف أن الروس "لم يدفنوا" جنودهم، إذ "تُترك جثثهم في الشوارع، لافتاً إلى أن جنوداً أوكرانيين يشكون من "رائحة لحم متعفن".
واتهم زيلينسكي موسكو بـ"خطف رؤساء بلديات مدننا" و"قتل بعضهم". وتطرّق إلى "تلويح أوكرانيين عاديين بأيديهم في وسط الشوارع، من أجل وقف الدبابات" في خيرسون، إحدى المدن التي تحتلها القوات الروسية الآن، قائلاً: "قرروا فعل ذلك بمحض إرادتهم.. سأبقى مع هؤلاء الناس حتى النهاية".
نظرة بوتين إلى أوكرانيا
وتابع في إشارة إلى الرئيس الروسي بوتين: "أعتقد بأنه لا يتخيّل في ذهنه، أوكرانيا ذاتها التي نراها. إنه يرى أوكرانيا كجزء من عالمه، ونظرته للعالم، لكن ذلك لا يتوافق مع ما حدث في السنوات الثلاثين الماضية. أعتقد أن بوتين لم يكن في مخبأ لأسبوعين أو 6 أشهر، بل لأكثر من عقدين".
وشدد زيلينسكي على "اقتناعه بنصر" ستحققه أوكرانيا على روسيا، قائلاً: "من المستحيل الإيمان بأي شيء آخر. سننتصر بالتأكيد، لأن هذا وطننا وأرضنا واستقلالنا. إنها مجرد مسألة وقت". واستدرك: "النصر هو أن تكون قادراً على إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح.. إذ إنه دون ذلك لن يكون هناك شيء منطقي. أرضنا مهمة، لكنها في النهاية مجرد أرض". واعتبر أن "الأمر سينتهي ونحن نقف هنا للدفاع عن" الحياة في أوكرانيا.
ولفت إلى أن تحقيق النصر لا يعتمد فقط على الروح القتالية للأوكرانيين، بل أيضاً على دعم الغرب. وأضاف: "لا يستطيع (الغرب) أن يقول: سنساعدكم في الأسابيع (المقبلة). إن ذلك لا يمكّننا من كسر احتلال روسيا لمدنٍ، وتقديم الطعام لسكانها، وأخذ زمام المبادرة العسكرية". وأشار إلى أن "لدى الروس آلافاً من الآليات العسكرية"، مضيفاً أن ثمة "اختناقات مرورية لدبابات" في بعض المدن الأوكرانية.
5 معسكرات في "الناتو"
وقسّم زيلينسكي حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى 5 معسكرات، أولّهم الذين "لا يمانعون في حرب طويلة، لأن ذلك سيعني إنهاك روسيا، ولو كان يعني زوال أوكرانيا ويأتي على حساب أرواح الأوكرانيين".
وأضاف أن آخرين يريدون نهاية سريعة للقتال، لأن "السوق الروسية ضخمة (و) اقتصاداتهم تعاني". وأشار إلى مجموعة ثالثة من بلدان أكثر تنوّعاً "تعترف بالنازية في روسيا" وتريد أن تفوز أوكرانيا. وتنضمّ إليها دول ليبرالية أصغر "تريد أن تنتهي الحرب بسرعة بأيّ ثمن، إذ تعتقد بأن (مصير) الناس يأتي أولاً".
وثمة أخيراً "دول محرجة" تريد السلام الآن وبأيّ طريقة ممكنة، لأنها "مكاتب لروسيا في أوروبا".
وأشاد الرئيس الأوكراني بالولايات المتحدة وبريطانيا، معتبراً أن ألمانيا تحاول تحقيق توازن بين روسيا وأوكرانيا. وقال في إشارة إلى الألمان: "لديهم علاقة بعيدة المدى مع روسيا، وينظرون إلى الوضع من منظور الاقتصاد. يمكنهم المساعدة، إذا تعرّضوا لضغط محلي لفعل ذلك، ويمكنهم التوقف عندما يرون أن ما فعلوه كافٍ".
وسُئل عن سبب امتناع قادة، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن تزويد أوكرانيا بدبابات، فأجاب: "إنهم يخافون من روسيا. وهذا كل شيء".
إحباط من العقوبات الغربية
وأعرب زيلينسكي عن إحباطه لثغرات في العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو، بما في ذلك استمرار استخدام "سبيربنك"، أبرز مصرف في روسيا، لنظام الدفع "سويفت"، إذ إنه إحدى الطرق الأساسية التي تدفع بها أوروبا في مقابل الغاز الروسي. وزاد: "نسمع أن القرار يعتمد على ما إذا كانت روسيا ستشنّ هجوماً كيماوياً علينا. هذا ليس النهج الصحيح. نحن لسنا حقل تجارب".
وذكر زيلينسكي أنه كان في منزله مع زوجته وابنيه، الذين أيقظوه في وقت مبكر من صباح 24 فبراير الماضي. وأضاف: "قالوا لي إن هناك انفجارات مدوية. بعد دقيقتين، تلقيت إشارة تفيد بحصول هجوم صاروخي".
وبعد فترة وجيزة على الهجوم الروسي، عرضت واشنطن على الرئيس الأوكراني خروجاً آمناً، لكنه اختار البقاء في بلاده. وقال: "الأمر لا يتعلّق بالشجاعة. يجب أن أتصرّف بالطريقة التي أفعلها. إذا كنت لا تعرف كيفية فعل أمر، بهذه الطريقة أو بتلك، فكنْ صريحاً وهذا كل شيء. يجب أن تكون صادقاً، كي يصدّقك الناس... يجب أن تكون على طبيعتك... ومن المهم ألا تُظهر أنك أفضل ممّا أنت عليه".
اقرأ أيضاً: