قالت زعيمة حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرف في فرنسا مارين لوبان، منافسة الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون في الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة، إنها تدعم "تقارباً استراتيجياً بين الحلف الأطلسي وروسيا" بعد الحرب في أوكرانيا، فيما نأى ماكرون بنفسه عن دعم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي له.
وأضافت لوبان في تصريحات أوردتها وكالة "فرانس برس"، إنها "لن تخرج من اتفاق باريس" بشأن المناخ إذا انتخبت رئيسة لفرنسا.
من جهته، شنّ ماكرون هجوماً عنيفاً على لوبان، معتبراً أنها أظهرت نياتها "الاستبدادية" الحقيقية، بعدما فرضت حظراً على مراسلين ولم تستبعد استئناف عقوبة الإعدام.
وحرص ماكرون على نفي إبرامه أيّ اتفاق سياسي مع الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي، بعدما أعلن الأخير تأييده الرئيس الوسطي في الدورة الثانية من الانتخابات، المرتقبة في 24 أبريل.
وتكهّنت وسائل إعلام فرنسية بأن ماكرون، الذي يحتاج إلى أغلبية جديدة بعد الانتخابات التشريعية المرتقبة إثر انتخابات الرئاسة، سينال دعم ساركوزي بعدما عرض عليه في المقابل الحصول على نفوذ سياسي.
لكن ماكرون أكد للقناة الثانية في التلفزيون الفرنسي، أن "لا اتفاق" مع الرئيس السابق. وسيساعد دعم ساركوزي لماكرون، في جذب الناخبين الذين ساندوا مرشحة حزب "الجمهوريين" اليميني فاليري بيكريس، في الدورة الأولى من الانتخابات، لكنه قد يُبعد ناخبي اليسار، الذين سيرون في ذلك تأكيداً على أن ماكرون يميني مثل ساركوزي.
وأعلن ماكرون الأربعاء أنه مستعد لتشكيل تحالفات سياسية جديدة، من أجل مواصلة الإصلاح في فرنسا.
جاء ذلك بعد يوم على قول ساركوزي إنه سيصوّت لماكرون، معتبراً أنه "الوحيد الذي يمكنه التحرّك، في الأوضاع الراهنة". وفي منشور على "فيسبوك"، برّر ساركوزي قراره بـ"التزام أوروبي واضح لا لبس فيه" لماكرون، مشدداً على أن "لديه الخبرة اللازمة، لأننا نواجه أزمة دولية ضخمة وأكثر تعقيداً من أيّ وقت"، في إشارة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب وكالة "فرانس برس".
جوسبان يساند ماكرون
كذلك أعلن رئيس الوزراء الاشتراكي السابق ليونيل جوسبان، أنه سيصوّت للرئيس المنتهية ولايته، من أجل "إقصاء" لوبان، التي نالت 23,15% من الأصوات في الدورة الأولى، في مقابل 27,85% لماكرون، و21,95% للمرشح اليساري المتطرف جان لوك ميلانشون، الذي دعا ناخبيه إلى "عدم إعطاء صوت واحد" للوبان، متجنّباً تأييد الرئيس الوسطي.
بيكريس التي لم تنل سوى 4,78% من الأصوات في الدورة الأولى، أعلنت دعمها ماكرون، على غرار مرشحي أحزاب الخضر يانيك جادو، والاشتراكي آن هيدالغو والشيوعي فابيان روسيل.
وتقدّم ماكرون على لوبان بنسبة 53.2% من الأصوات، في مقابل 46.8%، قبل الدورة الثانية، وفقاً لمتوسط الاقتراع الذي حسبته "بلومبرغ" الأربعاء.
"بداية جنوح استبدادي" للوبان
وأعلنت لوبان أنها استبعدت من مؤتمراتها الصحافية، مراسلين من برنامج "كوتيديان" الإخباري والترفيهي، الذي تبثه شبكة "تي إم سي"، علماً أنه يسخر منذ فترة طويلة، من لوبان ووالدها جان ماري لوبان، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".
وخلال مؤتمر صحافي الثلاثاء، قالت لوبان: "ليس هناك صحافيون في كوتيديان. نفضّل اعتماد الصحافيين، على العروض الترفيهية. قررت، منذ سنوات، أن كوتيديان هو عرض ترفيهي، ونتيجة لذلك، لم أشعر بأنني مُضطرة إلى اعتماد" مراسلي البرنامج.
في المقابل، تحدث ماكرون عن "بداية جنوح استبدادي" للوبان، بعد حظرها المراسلين الذين يقولون "أشياء تزعجها". واعتبر أن "الوجه الحقيقي لليمين المتطرف يعود، وهو وجه لا يحترم الحريات والإطار الدستوري واستقلال الصحافة والحقوق.. التي هي في صميم قيمنا، مثل إلغاء عقوبة الإعدام"، علماً أنه نادراً ما يفوّت فرصة للتحدث إلى مراسلي "كوتيديان"، عندما يتعقبونه.
وعلّقت لوبان على انتقادات ماكرون، معتبرة أنه يُظهر "ضعفه" وأنه ليس في وضع يمكّنه من إعطاء دروس بشأن كيفية التعامل مع الصحافة.
وأشارت "رويترز" إلى أن علاقة الرئيس الوسطي كانت متوترة مع وسائل الإعلام خلال عهده. وقالت لوبان: "سيكون من الأفضل له الخوض في جوهر مشروعي. إنه معروف وشفاف. يمكننا مناقشته والجدال بشأن خلافاتنا".
إصلاح النظامين التشريعي والانتخابي؟
لوبان تعهدت بإجراء إصلاح شامل للنظامين التشريعي والانتخابي في فرنسا، إذا انتُخبت رئيسة، متهمة ماكرون والمؤسّسة السياسية في البلاد، بالاستفادة من قوانين الانتخابات الحالية لتعزيز سلطتهم وتحدي إرادة الشعب. وقالت إنها تخطط للحكم من خلال تنظيم استفتاءات بشأن النظام السياسي في فرنسا، أحدها يمكن أن يطلب من الناخبين اعتماد التمثيل النسبي في ثلثَي مقاعد البرلمان، بدلاً من نظام التصويت الحالي المكوّن من دورتين، كما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وأضافت: "أقترح ثورة عبر الاستفتاء". وتابعت أن أيّ إجراءات تُرفض في استفتاء، ستواجه حظراً تشريعياً لـ15 سنة. وزاد: "علينا التوقف عن اعتبار الشعب الفرنسي عدواً".
وأشارت الصحيفة إلى أن ماكرون، وهو مصرفي استثماري سابق، واجه انتقادات بأن نهجه التكنوقراطي في الحكم يتجاهل إرادة الشعب. وقال الرئيس الوسطي إنه يؤيّد استخدام التمثيل النسبي، لتوزيع بعض المقاعد البرلمانية. وأضاف أنه منفتح على تنظيم استفتاء على خططه لإصلاح نظام المعاشات التقاعدية في فرنسا، ورفع سنّ التقاعد. ولفت إلى أن "الاستفتاء هو أداة في يد رئيس الجمهورية"، مضيفاً أنه سيجري أولاً محادثات مع النقابات في هذا الصدد.
اقرأ أيضاً: