
نقلت شبكة "إن بي سي نيوز"، عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، أن الاستخبارات الأميركية ساعدت أوكرانيا في حماية دفاعاتها الجوية، و"إسقاط طائرة روسية" كانت تنقل مئات الجنود، وأكدت الشبكة أن المعلومات الأميركية ساعدت كييف في منع الجيش الروسي من احتلال معظم الأراضي الأوكرانية.
ونقلت الشبكة الأميركية عن مسؤولين لم تذكر أسماءهم، قولهم إنه عندما بدأ الغزو الروسي، قدمت الولايات المتحدة للقوات الأوكرانية معلومات استخباراتية مفصلة؛ بشأن التوقيتات والمواقع الدقيقة التي كانت تستهدفها الصواريخ والقنابل الروسية، ما دفع أوكرانيا إلى تحريك منظومات الدفاع الجوي، والطائرات بعيداً عن مواقع الخطر.
وأضاف المسؤولون أن "تبادل المعلومات الاستخباراتية بشكل آني تقريباً مهد السبيل لأوكرانيا لإسقاط طائرة نقل روسية كانت تقل مئات الجنود في الأيام الأولى من الحرب، ما ساعد في صد هجوم روسي على مطار رئيسي بالقرب من كييف".
ويشكل ذلك جزءاً مما يسميه مسؤولون أميركيون "عملية تبادل معلومات استخباراتية ضخمة وغير مسبوقة" مع شريك من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، يقولون إنها لعبت دوراً حاسماً في نجاح أوكرانيا حتى الآن ضد الجيش الروسي الأكبر والأفضل تجهيزاً، بحسب الشبكة الأميركية.
وأشارت إلى أن التفاصيل المتعلقة بالدفاعات الجوية وطائرة النقل الروسية، تبرز الدوافع وراء تقييم المسؤولين، بعد شهرين من الحرب، بأن "المعلومات الاستخباراتية التي وفرتها وكالات الاستخبارات الأميركية، ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) كانت عاملاً مهماً في مساعدة أوكرانيا على إحباط الجهود الروسية الاستيلاء على معظم البلاد".
ولفتت "إن بي سي نيوز" إلى أنها حجبت بعض التفاصيل المحددة بشأن تبادل المعلومات الاستخباراتية، بناءً على طلب مسؤولي الجيش والاستخبارات الأميركيين، الذين يقولون إن الإفصاح عنها ربما يساعد الروس في وقف مصادر مهمة للمعلومات.
وقال مسؤول أميركي مطلع للشبكة الأميركية: "منذ البداية، كنا نميل بشكل كبير إلى المضي قدماً في مشاركة المعلومات الاستخباراتية الاستراتيجية والعملية مع أوكرانيا. وهذا كان له أثر كبير على المستويين التكتيكي والاستراتيجي. توجد أمثلة... واضحة للغاية على أن هذا أحدث فارقاً كبيراً".
تبادل المعلومات
وقال مسؤول استخباراتي كبير سابق مطلع على الوضع: "كان هناك الكثير من المعلومات الاستخباراتية الآنية التي تم تبادلها في ما يتعلق بأمور يمكن استخدامها لأهداف محددة للقوات الروسية".
وأوضح المسؤول أن "المعلومات تشمل صوراً تجارية من الأقمار الاصطناعية، وأيضاً الكثير من المعلومات الاستخباراتية الأخرى بشأن أماكن تنشط فيها وحدات روسية".
وتواصل القوات الأوكرانية تحريك الدفاعات الجوية، والطائرات بشكل يومي تقريباً، بمساعدة الاستخبارات الأميركية، وهذا أحد أسباب عجز روسيا عن بسط هيمنتها الجوية. وفي بعض الحالات نقلت أوكرانيا منظومات دفاع جوي أو طائرات مستهدفة في آخر لحظة، بحسب المسؤولين.
مسؤول أميركي قال إن "الجيش الروسي استهدف فعلياً حقولاً خالية وخلّفت ضرباته حفر انفجارات في المواقع التي نُصبت فيها الدفاعات الجوية في وقت سابق. لقد كان لهذا تأثير هائل على قدرة الجيش الروسي على الأرض".
حماية زيلينسكي
كما استخدمت القوات الأوكرانية إحداثيات محددة شاركتها معها الولايات المتحدة، لإطلاق النيران على مواقع وطائرة روسية، وفقاً لما ذكره المسؤولون.
وأوضح المسؤولون أن "عمليات إطلاق النيران والإسقاط المبكر (للطائرة الروسية) ساعدت في إحباط هجوم جوي روسي كان يهدف للاستيلاء على مطار هوستوميل قرب كييف، الأمر الذي كان سيسمح للروس بإغراق المنطقة المحيطة بالعاصمة بالجنود والمعدات. وعلى الرغم من سيطرة الروس في نهاية المطاف على المطار لبعض الوقت، لكنهم لم يحظوا بسيطرة كافية لنقل كميات هائلة من المعدات جواً. وهذا الإخفاق كان له أثر كبير على معركة كييف".
وأشار المسؤولون إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" تُكرّس أيضاً موارد كبيرة لجمع المعلومات الاستخباراتية بهدف حماية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يريد الروس قتله حسب قولهم.
في هذا السياق، قال مسؤول أميركي إن الوكالة تتشاور مع الأوكرانيين بشأن "أفضل السبل لتنقله، والتأكد من أنه ليس في نفس المكان مع مجموعات من قادته بالكامل، وأمور كهذه".
مواصلة الدعم
في نفس السياق، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في بيان: "نقدم بشكل منتظم معلومات استخباراتية مفصلة وسريعة للأوكرانيين في ساحة المعركة، لمساعدتهم في الدفاع عن بلادهم ضد العدوان الروسي، وسنواصل القيام بذلك".
والشهر الماضي، أخطر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز الكونجرس بأنه عندما التقى مع زيلينسكي في كييف في يناير، "شاركنا معه معلومات استخباراتية كانت لدينا في ذلك الوقت بشأن بعض التفاصيل الدقيقة والمثيرة للقلق بشأن التخطيط الروسي حول كييف أيضاً، وواصلنا فعل ذلك يومياً منذ ذلك الحين".
وعلى نحو مماثل، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي، الشهر الماضي، إن الولايات المتحدة شاركت مع الحكومة الأوكرانية "قدراً كبيراً من المعلومات الاستخباراتية المفصلة في وقتها بشأن خطط وأنشطة روسيا، لمساعدة الأوكرانيين في الدفاع عن أنفسهم".
بدأ الجيش الأميركي ووكالة الاستخبارات المركزية السعي لتعميق علاقاتهما مع نظرائهما الأوكرانيين بعد أن استولت روسيا على شبه جزيرة القرم في عام 2014، بحسب الشبكة الأميركية.
وقال المسؤول الاستخباراتي الكبير السابق إن "وكالة الاستخبارات المركزية ساعدت في البداية الأجهزة الأوكرانية في القضاء على الجواسيس الروس، ثم وفرت التدريب والتوجيه، كما قام الجيش الأميركي بتدريب الجنود الأوكرانيين".
وأضاف: "كانت هناك علاقة قوية للغاية بين وكالات الاستخبارات الأميركية والأوكرانيين على مدى السنوات الثماني الماضية"، لافتاً إلى أنه "بحلول الوقت الذي غزت فيه روسيا قبل شهرين، كانت الولايات المتحدة تثق بأوكرانيا بما يكفي لتقديم تفاصيل بشأن انتشار القوات الروسية، ومسارات الهجوم، ومعلومات الاستهداف في وقتها".