الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.. "واقعية" بايدن و"استعراضية" ترمب 

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي جو بايدن يرافق رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في جولة بقاعدة أوسان الجوية في بيونجتايك بكوريا الجنوبية- 22 مايو 2022 - AFP
الرئيس الأميركي جو بايدن يرافق رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في جولة بقاعدة أوسان الجوية في بيونجتايك بكوريا الجنوبية- 22 مايو 2022 - AFP
دبي-الشرق

ترى شبكة "سي إن إن" الأميركية أن الرئيس الأميركي جو بايدن يعتمد استراتيجية مقاربة "واقعية مدروسة" إزاء كوريا الشمالية، تختلف تماماً عما وصفته بـ"الدبلوماسية الاستعراضية"، التي انتهجتها إدارة سلفه دونالد ترمب، فيما يتعلق بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية.

والأحد، توّجه بايدن إلى اليابان، ثاني محطّات جولته الآسيوية الأولى الهادفة إلى تأكيد التزام واشنطن في المنطقة، وسط مخاوف من تصعيد محتمل يؤدي إلى زيادة التوترات بإجراء كوريا الشمالية تجربة نووية بعد تجاهلها دعوة الولايات المتحدة للحوار. 

وذكرت الشبكة الأميركية في تقرير، أن الرئيس بايدن لم يبدُ كمن يتوقع أية "رسائل ودية" من الزعيم الكوري كيم جونج أون، ولا يمكنه حتى تلقي رد على عرض مد يد العون إلى بيونج يونج لمساعدتها على مكافحة كوفيد-19 في ظل أول انتشار كبير للجائحة.

وخلال مؤتمر صحافي، السبت، لم يبدُ بايدن حريصاً على نحو خاص على مصافحة حاكم كوريا الشمالية، وقال عندما سئل عما إذا كان يرغب في مقابلة كيم: "هذا سيعتمد على ما إذا كان صادقاً، وما إذا كان جاداً".

واعتبرت "سي إن إن" تصريحات بايدن إشارة على أن أيام القمة التي "تتسم بالبهرجة" والتقاط الصور، التي ميزت لقاءات الرئيس السابق ترمب مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، قد ولت في الوقت الراهن، معتبرة ذلك ينطبق أيضاً على محاولات التوصل إلى صفقة كبرى بشأن اتفاق نزع الأسلحة النووية.

وتدلل الشبكة على رأيها بالقول: "بدلاً من ذلك، يركز مسؤولو إدارة بايدن على إظهار القوة والوحدة مع كوريا الجنوبية، وما يسمونه "نهجاً عملياً مدروساً"، ويسعون إلى إحراز تقدم تدريجي نحو نزع السلاح النووي من خلال المشاركات الدبلوماسية المستمرة". 

وبعد انقضاء عام على إكمال إدارة بايدن مراجعة سياسة الولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية، تضعه رحلته الأولى إلى كوريا الجنوبية الآن في قلب الاستراتيجية الجديدة غير المؤكدة، بحسب "سي إن إن".

فرصة دبلوماسية محتملة

وعلى الرغم من أن احتمال إطلاق صاروخ أثناء وجود بايدن في المنطقة، ربما يؤدي إلى تصعيد التوترات، رأى مراقبون أيضاً أن تفشي فيروس كورونا في كوريا الشمالية يوفر فرصة دبلوماسية محتملة، وإن كانت محدودة، إن لم يكن مع الولايات المتحدة، فعلى الأقل مع كوريا الجنوبية.

ونقلت "سي إن إن" عن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قوله إن الولايات المتحدة "مستعدة" لاحتمال إطلاق صاروخ أو إجراء تجربة نووية في كوريا الشمالية أثناء وجود بايدن في المنطقة، وإن الرئيس يمكنه بالتالي تعديل الموقف العسكري للولايات المتحدة في المنطقة.

وأضاف في تصريحات للصحافيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية عندما كانت تتجه لكوريا الجنوبية: "إذا حدث شيء ما، فلن يسفر إلا عن تعزيز وإبراز حقيقة أن الولايات المتحدة، ستعمل في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وستكون حليفاً قوياً، ستتصدى ولن تتراجع أمام أي أعمال عدائية". 

في المقابل، قال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إن إستراتيجية الرئيس لم تثمر حتى الآن عن اجتماع عمل واحد مع كوريا الشمالية هذا العام، منذ أن أكملت الإدارة مراجعة السياسة الأميركية تجاه بيونج يونج، مضيفاً أن "ذلك لم يكن بسبب عدم المحاولة".

في غضون ذلك، سرعت كوريا الشمالية أيضاً من وتيرة تجاربها للقذائف الباليستية، إذ أجرت 15 اختباراً هذا العام.

وفيما يتعلق بالاختبارات، أضاف المسؤول لشبكة "سي إن إن": "نشعر بالقلق بطبيعة الحال، لكننا نظل ملتزمين بنهجنا الأساسي، وهو أننا سنفعل ما ينبغي علينا فعله لضمان الأمن بالنسبة لنا ولحلفائنا وقواتنا المنتشرة. وفي الوقت نفسه، سنواصل فرض تطبيق قرارات مجلس الأمن (التابع للأمم المتحدة)، والضغط على الآخرين وحثهم على فعل الشيء نفسه. لكننا سنواصل التواصل مع (دولة) الشمال وتوضيح أننا نسعى للدبلوماسية معهم. نحن نسعى للتشارك".

وتابع: "للأسف، حتى الآن، وأعتقد أن علينا أن نكون صريحين بشأن هذا الأمر، لم يكونوا مستعدين لذلك".

مع توقف الدبلوماسية، أعلن بايدن ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول عزمهما توسيع التدريبات العسكرية المشتركة، ما عزز عنصراً رئيسياً من التعاون العسكري الذي سعى ترمب إلى إنهائه.

تحوّل عن نهج ترمب

ووفقاً للشبكة الأميركية، جسدت سياسة ترمب تجاه كوريا الشمالية الطبيعة المتقلبة لرئاسته. ففي عام 2016، بعد أن حذره الرئيس آنذاك باراك أوباما في المكتب البيضاوي من أن بيونج يانج ستشكل بالنسبة له "أخطر تهديد للأمن القومي"، تبنى ترمب نهجاً عدائياً تجاه كوريا الشمالية، وزعيمها خلال الأيام الأولى من رئاسته.

ومن منزله الصيفي بولاية نيوجيرسي، توعد ترمب كوريا الشمالية "بالنار والغضب" في حال واصلت استفزازاتها، وتهديد الولايات المتحدة.

وتباهى ترمب بأن حجم "زره النووي" أكبر بكثير من زر كيم جونج أون. وخلال كلمة ألقاها في الأمم المتحدة، أشار إلى زعيم كوريا الشمالية باسم "رجل الصواريخ الصغير"، وهي إهانة ابتكرها لاختزال خصمه في صورة كاريكاتورية.

ورغم ذلك، بمرور الوقت، ولأن خطابه اجتذب كيم حسب رأيه، تأرجحت سياسة ترمب بشدة في اتجاه آخر. وبعد قمة تاريخية في سنغافورة، هي الأولى بين رئيس أميركي في السلطة وزعيم كوري شمالي، تبادل الرجلان ما أطلق عليه ترمب لاحقاً "رسائل ودية". والتقيا مجدداً في العاصمة الفيتنامية هانوي، على الرغم من أن تلك المحادثات انهارت بسبب خلافات بشأن تخفيف العقوبات.

وفي المرة الأخيرة التي زار فيها ترمب سول بصفته رئيساً، سافر إلى المنطقة الكورية منزوعة السلاح للقاء كيم شخصياً، وعبر خط ترسيم الحدود إلى داخل أراضي كوريا الشمالية.

ويبدو أن جهود ترمب أدت إلى وقف مؤقت لاستفزازات كوريا الشمالية، مع خفض التجارب الصاروخية والنووية؛ لكن الجهود المبذولة لإقناع كيم بوقف برنامجه النووي تعثرت، ولم تسفر في النهاية عن أي تقدم نحو الهدف النهائي المتمثل في نزع السلاح النووي، بحسب "سي إن إن".

وبينما سعى ترمب إلى بناء علاقة مع كيم كشريك وصديق شخصي، أعرب عن شكوكه في ضرورة إبقاء القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية وفرض رسوم جمركية صارمة على البضائع الكورية الجنوبية، وهي خطوات تسببت في قلق عميق في سول والمنطقة فيما يتعلق بالالتزام الأميركي تجاه الأمن. في المقابل، اعتمد بايدن نهجاً أكثر تقليدية إلى حد كبير.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات