استعادت شوارع كولومبو، عاصمة سريلانكا، هدوءها، الأحد، بعدما أعلن الرئيس جوتابايا راجاباكسا ورئيس الوزراء رانيل ويكرميسنجه، نيتهما الاستقالة إثر اقتحام محتجين مقرّيهما، في ظلّ غضب شعبي من انهيار اقتصاد البلاد، في حين دعت الخارجية الأميركية إلى "حلول سريعة" للأزمة.
وتعاني سريلانكا، وهي جزيرة تقع في المحيط الهندي ويقطنها 22 مليون فرد، نقصاً حاداً في النقد الأجنبي أدى إلى تقليص الواردات الأساسية، مثل الوقود والغذاء والدواء، ممّا دفع البلاد إلى أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها في عام 1948. ووصل التضخم إلى مستوى قياسي بلغ 54.6% في يونيو، ويُرجّح أن يبلغ 70% في الأشهر المقبلة.
تأتي هذه الأزمة بعدما ألحق فيروس كورونا المستجد أضراراً فادحة بالاقتصاد، المعتمد بشدة على السياحة، وقلّل من تحويلات العاملين في الخارج، بالتزامن مع تراكم ديون حكومية ضخمة وارتفاع أسعار النفط وفرض حظر على استيراد الأسمدة الكيماوية العام الماضي، وهذا ما تسبّب في الإضرار بقطاع الزراعة.
ويحمّل كثيرون جوتابايا راجاباكسا مسؤولية الأزمة، وطالب متظاهرون باستقالته، في احتجاجات بدأت في مارس الماضي، كما أفادت وكالة "رويترز".
تنحّي الرئيس ورئيس الوزراء
وقال رئيس البرلمان ماهيندا يابا آبيواردينا، إن راجاباكسا أبلغه بأنه سيتنحى عن منصبه الأربعاء المقبل. وأضاف: "اتخذ (الرئيس) قرار التنحي في 13 يوليو، لضمان تسليم سلمي للسلطة.. لذلك أطلب من الناس احترام القانون والحفاظ على السلام".
غادر راجاباكسا قصر الرئاسة عند الساعة العاشرة صباح السبت، فيما كان متظاهرون يقتحمون قصره الرئاسي، متحدين الغاز المسيل للدموع وخراطيم مياه استخدمتها الشرطة، كما قال سكرتيره جاميني سيناراث، علماً أن مكان وجوده ليس معروفاً، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".
وقال الرئيس السريلانكي للوكالة الشهر الماضي، إنه سينهي السنتين المتبقيتين من ولايته، لكنه لن يرشّح نفسه مجدداً، مشدداً على أنه لا يمكن أن يغادر بصفته "رئيساً فاشلاً".
واعتبر راجاباكسا أن الاحتجاجات "ستعيد البلاد إلى الوراء مرة أخرى"، ووَرَدَ في بيان أصدره في 8 يوليو: "في وقت تم فيه التوصّل إلى حلول ناجحة للوضع الإشكالي القائم، فإن برنامج الجماعات السياسية المعارضة لتضليل الناس محزن جداً وغير سارّ".
الجيش يناشد السريلانكيين
ودعا الجنرال شافيندرا سيلفا، وهو حليف لراجاباكسا تولّى منصب رئيس أركان الدفاع الشهر الماضي، السريلانكيين إلى دعم القوات المسلحة والشرطة، لضمان إحلال السلام في البلاد.
جاء ذلك فيما واصل محتجون الأحد، التجوّل في قصر الرئاسة، الذي دُمّرت أجزاء منه بعدما اقتحمه السبت مئات المتظاهرين، وأضرموا النار فيه إثر فرار راجاباكسا.
كذلك أحرق آخرون منزل ويكرميسنجه، الذي نُقل أيضاً إلى مكان آمن، علماً أنه وافق على الاستقالة لإفساح المجال أمام تشكيل حكومة تضمّ كل الأحزاب. وتولّى ويكرميسنجه رئاسة الحكومة 6 مرات ويُعتبر جزءاً من النخبة الحاكمة، بحسب وكالة "فرانس برس".
ولم يكن الرئيس ولا رئيس الوزراء موجودين في مسكنيهما، لدى اقتحامهما.
تخلّفت سريلانكا عن سداد دينها الخارجي، البالغ 51 مليار دولار، وتجري محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ محتملة بقيمة 3 مليارات دولار.
وأعلن صندوق النقد، الأحد، أنه يراقب الوضع عن كثب، معرباً عن قلق عميق إزاء تأثير الأزمة الاقتصادية على المواطنين. وأضاف: "نأمل بالتوصّل إلى حلّ للوضع الحالي، يسمح باستئناف حوارنا بشأن برنامج يدعمه صندوق النقد الدولي".
دعوة أميركية إلى الهدوء
إلى ذلك، حضّ ناطق باسم الخارجية الأميركية، الحكومة السريلانكية التي ستُشكّل قريباً، على أن "تعمل سريعاً من أجل تحديد وتنفيذ الحلول التي من شأنها (تأمين) استقرار اقتصادي مديد وتهدئة استياء شعب سريلانكا حيال تدهور الأوضاع الاقتصادية، خصوصاً نقص الكهرباء والغذاء والوقود".
وأضاف: "للشعب السريلانكي الحق في رفع صوته سلمياً، وندعو إلى (إجراء) تحقيق كامل واعتقال ومحاكمة أيّ شخص متورّط بأيّ حوادث عنف مرتبطة بالاحتجاج".
ودعا البرلمان السريلانكي إلى مواجهة هذا المنعطف، في ظلّ "الرغبة بتحسين وضع الأمّة وليس وضع حزب سياسي في حدّ ذاته".
اقرأ أيضاً: