بين معسكري "الصدر" و"الإطار".. العراقيون يعانون صعوبات معيشية

time reading iconدقائق القراءة - 5
أنصار الإطار التنسيقي يتجمعون خلال اعتصام وسط أزمة سياسية قرب المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد - 12 أغسطس 2022. - REUTERS
أنصار الإطار التنسيقي يتجمعون خلال اعتصام وسط أزمة سياسية قرب المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد - 12 أغسطس 2022. - REUTERS
بغداد-أ ف ب

تشهد العاصمة العراقية بغداد اعتصامين مضادين، الأوّل مستمرّ منذ أسبوعين لمناصري التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر بجوار البرلمان، وفي الجهة المقابلة اعتصام انطلق قبل يوم واحد بدعوة من الإطار التنسيقي قرب أسوار المنطقة الخضراء.

وبينما تقف القوى السياسية في البلاد وجهاً لوجه في الشارع دفاعاً عن مصالحها، ينتظر مصطفى في متجره ببغداد الزبائن النادرين الذين قد يشترون منه، مترقّباً ما إذا كان سيتمكّن من تأمين قوته في مستقبل يزداد غموضاً يوماً بعد يوم.

وفي محلّه الصغير لملابس الأطفال في شوارع العاصمة، ومروحة وحيدة تغيّر أجواء حرّ بغداد الخانق، قال الرجل البالغ  40 عاماً: "جالسون، لا نعمل، بسبب التظاهرات. هؤلاء خرجوا بتظاهرات، وأولئك خرجوا بتظاهرات، والحركة الاقتصادية تأثّرت كثيراً بنسبة 99%".

وأضاف الأب لـ6 أطفال، فيما جلس ابنه ذو الـ8 أعوام خلفه، يتصفح الهاتف الذكي: "هناك تخوف من احتمال حصول صدامات بينهم، نحن نخشى هذا الأمر" في بلد لم يعرف الهدوء والاستقرار منذ عقود.

غياب الأمل واتساع التباين

ويواصل الطرفان التصعيد بينهما منذ أشهر، وسط مطالبة التيار الصدري بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة. أما الإطار التنسيقي فيرى أن الأولوية هي انعقاد البرلمان وتشكيل حكومة.

ولكن هذه الشعارات السياسية لا تعني الكثير لمصطفى الذي يعتبر أن كلاً من الطرفين "يدافع عن مصالحه الخاصة".

ومع الدعوات للانتخابات المبكرة، لا يشعر الرجل بحماسة كبيرة لتكرار أخطاء الماضي، قائلاً: "انتخبت مرتين فقط في حياتي، وندمت".

ويرفع الطرفان شعارات قد تستقطب كثيرين في بلد نسبة البطالة بين الشباب فيه تبلغ نحو 35%، وفق تقرير لمنظمة العمل الدولية في 2021.

وبينما يشكّل النفط 90% من إيراداته، يعاني العراق انقطاع الكهرباء والجفاف على وقع تغير مناخي بات مؤثراً على الحياة اليومية للسكان.

وقال التيار الصدري إنه يريد مكافحة الفساد وتغيير النظام، في حين يطالب مناصرو الإطار التنسيقي بحكومة تؤمن الخدمات الضرورية.

ولكن بالنسبة لمصطفى، فإن هذه الأزمة "وهذا التوتر السياسي قائم منذ 19 سنة.. منذ 2003 (الاجتياح الأميركي للعراق).. لم نرَ سياسياً جيداً حكم هذا البلد".

وتبقى المفارقة بالنسبة لعلي جابر، أن احتجاجات أكتوبر 2019 شهدت قمعاً دامياً أودى بالمئات، فيما نظم معتصمو القوى السياسية التقليدية "بانسيابية" تظاهراتهم.

وأضاف: "لم نتمكن حتى من الوصول إلى الخضراء لنوصل صوتنا.. هم دخلوا خلال 8 دقائق.. أي أن هناك تسهيلاً من القوى الأمنية".

وفي الشارع الآن، يرفع الطرفان شعارات "تتفق عليها كل القوى السياسية"، كما يرى جابر، من مكافحة الفساد والانتخابات المبكرة، لكن الفرق أنهما يطرحانها "كشعار لاستهلاك محلي" فقط. 

ورأى أن "الصراع الذي يدور بين القوى السياسية" الآن "ليس صراعاً من أجل بناء الدولة أو المجتمع بل هو صراع سياسي بامتياز من أجل مصالحهم".

وأضاف: "حين دخلوا العملية السياسية استحوذوا على مال سياسي وعلى مناصب، وعلى نفوذ وبدأوا في تكريس كل مدخرات الدولة من أجل أحزابهم وبنوا امبراطوريات من المال والنفوذ.. هم بمكان والشعب بمكان"، وفقاً لتعبيره.

"المصلحة العميقة"

وبدأت الأزمة الحالية مع رفض التيار الصدري لمرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة، لكن الشلل السياسي متواصل منذ 10 أشهر، أي منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة.

وبالنسبة إلى المحللة السياسية لهيب هيجل، فإنّ "الشارع مقابل الشارع على أسوار الخضراء، أظهر هشاشة النظام السياسي في مرحلة ما بعد العام 2003".

ورأت أن "تظاهرات الطرفين ليست ثورة شعب بقدر ما هي تناحر نخب، بين الصدر وداعميه السياسيين، ضدّ (رئيس الوزراء السابق نوري) المالكي ومن يدعمونه أيضاً".

وأضافت أن "المصلحة العميقة" للنخب "الأوليجارشية" الحاكمة في العراق، "لا تزال نفسها رغم كل الشعارات التي يرفعونها، وهي "الحصول على ما يمكن من مقدّرات الدولة، من أجل توسيع شبكات المحسوبية التي يحتاجون إليها لإعادة انتخابهم".

ومن متجر أخيه للهواتف في بغداد، قال أحمد طالب القانون (23 عاماً): "لا أتابع الوضع السياسي كثيراً، لأن ذلك يشعرني بتعب نفسي"، فيما عليه أن يواجه في الحياة اليومية الكثير من المصاعب.

وأضاف: "بلا كهرباء نضطر الى أن ننام إلى جانب قالب ثلج.. لكن الكهرباء لا تطفأ في البرلمان". ورغم ذلك، قال الشاب إنه يدعم مقتدى الصدر لأنه "ليست لديه مصلحة سياسية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات