دعت السلطات الأوكرانية المدنيين إلى مغادرة منطقة خيرسون الواقعة تحت السيطرة الروسية فيما تستعد لاستعادة المدينة الاستراتيجية بهجوم مضاد قبل الشتاء، في وقت أفادت فيه وزارة الدفاع البريطانية بصعوبات تواجه الأسطول الروسي في البحر الأسود.
نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيرشتوك، قالت، الأحد، في مدينة زابوروجيا القريبة من خطوط المواجهة: "اخلوا المنطقة. شتاء قاس قادم. نحن نريد مساعدتكم من البرد القارس والعدو".
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قالت إن الدعوة التي قدمتها فيرتشوك، هي آخر التماس رسمي تقوم به السلطات الأوكرانية لمواطنيها لمغادرة المنطقة.
وتقول كييف إن موسكو تتحضر لضم أجزاء من خيرسون بعد سلسلة من الاستفتاءات التي قالت إنها تخطط لها في الأسابيع المقبلة، وهو ما يجعل معركة استعادة السيطرة على جنوب البلاد "أكثر إلحاحاً".
وستسهل عمليات الإجلاء من المنطقة عمل القوات الأوكرانية هناك دون المخاطرة بوقوع ضحايا بين المدنيين.
ياروسلاف يانوشيفيتش، حاكم منطقة خيرسون الأوكراني، قال إن عملية تحرير ناجحة ستكون "أكثر صعوبة" إذا بقي الآلاف من المدنيين في المدينة.
وتابع: "الناس ينتظرون إبعاد الاحتلال. وهذا هو بالضبط السبب وراء طلبنا منهم المغادرة. لا يمكن أن تكون هناك عملية عسكرية في أماكن بها مدنيين".
هجوم مضاد كبير
وقالت "وول ستريت جورنال" إن الدعوة للمغادرة تأتي فيما تسعى أوكرانيا إلى هجمة مضادة كبيرة لاستعادة خيرسون ومناطق محتلة أخرى في الجنوب، وهي حملة عززتها وصول أسلحة غربية قوية، ولكنها لا تزال بانتظار إحراز نتائج على صعيد استعادة السيطرة على أجزاء مهمة من الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
وتمهد كييف الأرض أمام العملية حالياً، إذ قصفت البنى التحتية في مسعى لعزل القوات الروسية في الإقليم.
وعطلت أوكرانيا أجزاءً من البنية التحتية بضربات دقيقة باستخدام صواريخ هيمارس الأميركية الصنع سريعة الحركة، وهو ما أدى إلى شل الجسور الثلاثة الرئيسية التي تقود إلى وسط المدينة، بحسب مسؤول أوكراني.
لكن المحللين العسكريين يقولون إن أوكرانيا تفتقر إلى العدد الكافي من الجنود للقيام بهجوم شامل.
"عزله روسيا"
وخلال افتتاح معرض عسكري خارج موسكو الاثنين، سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى التقليل من عزلة روسيا الدولية عبر توجيه الشكر لـ"حلفائها"، وقال إن العملية الروسية في أوكرانيا "تسير وفقاً لما هو مخطط له".
وتابع: "جنودنا مع قوات من دونباس يقومون بواجبهم بشرف، يقاتلون لأجل روسيا ولأجل السلام في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك"، وكان بوتين يشير هنا إلى الإقليمين الانفصاليين في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا.
محوران للتقدم
"وول ستريت جورنال" قالت إن روسيا تركز على الأرجح في دونباس، على محورين للتقدم، بعد تباطؤ حملتها للسيطرة على مدينة سلوفيانسك المحصنة بشكل كبير، لصالح السيطرة على مدينة بخموت في الجنوب الشرقي، وأفيدفيكا في عمق الجنوب.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجنود الروس المتمركزين في تلك المناطق "يختلفون بشكل كبير من حيث تسلسل القيادة ومن حيث تكوينهم"، إذ أنه تم تجميعهم في عجالة من كتائب متطوعين غير مدربين عبر أرجاء روسيا، ووصلوا حديثاً إلى أوكرانيا للعمل إلى جوار مرتزقة مجموعة "فاجنر" المرتبطة بالكرملين، وبعض الموالين لروسيا في دونباس.
معهد دراسات الحرب، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، رأى في تقرير له، أن التركز الكبير لكتائب من المتطوعين حول مدينتي "إيزيوم"، و"سلوفيانسك"، وهي مدينة احتلتها القوات الموالية لروسيا في 2014، ولها أهمية رمزية كبيرة، يعني أن تلك المناطق "ليست محور تركيز روسيا حالياً"، وأنها قد تكون عرضة لهجمات أوكرانية مضادة.
مأزق أسطول روسيا بالبحر الأسود
وعلى صعيد المواجهات البحرية، قالت بريطانيا، الثلاثاء، إن أسطول روسيا في البحر الأسود يعجز عن فرض سيطرته على المنطقة، مع قيامه بدوريات محدودة على مقربة من سواحل شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014.
وأشارت وزارة الدفاع البريطانية في تقييمها الاستخباراتي اليومي للأوضاع في أوكرانيا، إن أسطول البحر الأسود يوصل استخدام زوارق صواريخ طويلة المدى لدعم الهجمات على الأرض، "لكنها لا تزال في وضع دفاعي".
وتابعت أن محدودية فاعلية الأسطول حالياً يقوض الاستراتيجية الروسية للغزو بشكل عام، وأرجعت ذلك في جزء منه إلى نجاح أوكرانيا في إبعاد مخاطر هجوم برمائي عن مدينة أوديسا في الجنوب.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن ذلك يعني أن أوكرانيا "يمكنها توجيه مواردها القتالية إلى أماكن أخرى".
في غضون ذلك، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها، الثلاثاء، إن انفجاراً وقع في مستودع ذخيرة ببلدة مايسكوي في شبه جزيرة القرم، التي تسيطر عليها روسيا، في وقت سابق الثلاثاء، "لم يوقع إصابات خطيرة".
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع قولها إن حريقاً اندلع في منطقة التخزين المؤقتة لمستودع الذخيرة.
أول شحنة قمح إلى إفريقيا
وفي السياق، أظهرت بيانات "رفينيتيف أيكون"، الثلاثاء، أن السفينة (بريف كوماندر) غادرت ميناء بيفديني الأوكراني حاملة أول شحنة من المساعدات الغذائية الإنسانية المتجهة إلى إفريقيا من أوكرانيا منذ الغزو الروسي.
وقالت وزارة البنية التحتية الأوكرانية إن السفينة (بريف كوماندر) التي تحمل على متنها 23 ألف طن من القمح توجهت إلى جيبوتي، ومن المقرر أن تتوجه الإمدادات بعد ذلك للمستهلكين في إثيوبيا.
وأضافت في بيان "الوزارة والأمم المتحدة تعملان على إيجاد سبل لزيادة الإمدادات الغذائية للفئات الضعيفة اجتماعياً في إفريقيا".
وقالت الوزارة إن 17 سفينة غادرت بالفعل الموانئ الأوكرانية وعلى متنها أكثر من 475 ألف طن من المنتجات الزراعية. وفي وقت سابق، قال مركز التنسيق المشترك الخاص باتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية في إسطنبول إنه وافق على مغادرة "بريف كوماندر".
وفي 27 يوليو الماضي، شهدت مدينة إسطنبول التركية افتتاح مركز التنسيق المشترك لضمان الشحن الآمن للحبوب من موانئ أوديسا وتشرنومورسك ويوزني الأوكرانية عبر البحر الأسود.
ويشرف على شؤون المركز الذي لا توجد به عناصر عسكرية مرتبطة بأعمال ميدانية في حرب أوكرانيا، 5 ممثلين عن تركيا، ومثلهم من روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، بينهم شخصيات عسكرية وأخرى مدنية، بحسب "فرانس برس".
ويراقب المركز من الناحية الفنية حركة السفن التجارية عبر الأقمار الصناعية والإنترنت ووسائل الاتصال الأخرى، ويمارس أنشطته بالتنسيق مع الأطراف المعنية والأمم المتحدة، وستخضع السفن المخصصة للشحن لرقابة فرق مشتركة في مواقع مناسبة عند التعبئة في الموانئ الأوكرانية ولدى وصولها إلى موانئ تركيا.
إلى ذلك، قال نائب وزير البنية التحتية الأوكراني يوري فاسكوف، الثلاثاء، إن بلاده يمكنها تصدير 3 ملايين طن من الحبوب من موانئها في سبتمبر، وقد تتمكن في المستقبل من تصدير 4 ملايين طن منها شهرياً.
وأضاف أن أوكرانيا تلقت طلبات بشأن وصول 30 سفينة إليها في الأسبوعين المقبلين لتصدير الحبوب.
اقرأ أيضاً: