
جددت إيران مطالبها بوجوب تقديم ضمانات من الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، تاركة واشنطن والعواصم الأوروبية في حالة شك بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق عقب 16شهراً من المحادثات في فيينا، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وقالت الصحيفة، الخميس، إن الرد الذي أرسلته إيران إلى الاتحاد الأوروبي، الاثنين الماضي، "لم تبد ِ فيه قبولاً أو رفضاً لنص المسودة الأوروبية" للاتفاق المحتمل، وإنما "أثارت قضايا عديدة تريد إدراجها".
وشددت إيران في ردها على أهمية توفير ضمانات تتعلق بحماية الشركات الغربية التي تستثمر في إيران، في حال انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاقية مرة أخرى على غرار ما فعلته في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2018.
واقترحت إيران إضافة آليات إلى الاتفاق من شأنها السماح لطهران بتكثيف أنشطتها النووية على وجه السرعة في حال انسحبت واشنطن من الاتفاق مجدداً، وفق الصحيفة.
وقال مستشار الفريق التفاوضي الإيراني سيد محمد ماراندي، لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن ما يهم بلاده هو "توافر ضمانات بأنه إذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق مرة أخرى، فإن ذلك سيكون مقابل ثمن".
استبعاد استئناف المحادثات
المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أبوالفضل عموئي، قال للصحافيين إن "الحصول على ضمانات كافية أحد مطالب أعضاء البرلمان، وقدمنا تفسيرات كافية في هذا الصدد.. وقبل الجانب الآخر (في إشارة إلى الولايات المتحدة) مبدأ تقديم ضمانات إلى إيران وكذلك قبل التحقق من رفع العقوبات، وقدم تفاصيل بهذا الشأن كحل لها، وهي جزء من نص المفاوضات".
وأشار مسؤول أوروبي رفيع لـ"وول ستريت جورنال" إلى أن على طهران وواشنطن أن "يبديا موافقتهما أو رفضهما لنص المسودة الأوروبية"، مستبعداً فكرة استئناف المحادثات ببن الجانبين.
وأعرب مسؤولان غربيان للصحيفة عن عدم توقعهما أي إعلان عن "اتفاق وشيك"، على الرغم من أن ذلك لا يزال ممكناً في الأيام المقبلة.
وبرزت قضية الضمانات بشكل متكرر خلال المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة والأطراف الأخرى لإحياء الاتفاقية النووية المبرمة عام 2015، والتي أدت حينها إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وسعت محادثات فيينا بالأساس إلى التوصل لاتفاق بشأن الخطوات التي ستتخذها إيران والولايات المتحدة للعودة إلى الامتثال الكامل للاتفاق.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن إيران سعت بقوة في بداية المفاوضات للحصول على وعود من الجانب الأميركي بعدم الانسحاب من الاتفاقية مرة أخرى، طالما تمتثل طهران لها، وهو المطلب الذي وصفه مسؤولون أميركيون بأنه "مستحيل" بسبب عدم قدرة إدارة بايدن على التحكم في القرارات التي يمكن أن يتخذها الرؤساء الأميركيون في المستقبل.
فترة للانسحاب
وفي مارس أبدت إيران "موافقة" على الضمانات الأميركية بالتزام إدارة بايدن بالاتفاقية ما بقيت في السلطة والتزمت إيران بالاتفاق.
ومنح المفاوضون فترات زمنية مناسبة للشركات الغربية لإنهاء أنشطتها تدريجياً في إيران، في حال انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق وعادت إلى فرض عقوبات على إيران.
وأعادت إيران حالياً مناقشة هذه الأفكار، فعلى مدى اليومين الماضيين، عقد رئيس الفريق التفاوضي الإيراني سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولين رفيعين في الحكومة والبرلمان ومجلس الأمن القومي في إيران، ولكن "يبقى القول الفصل في جميع قضايا الأمن القومي الكبرى الإيرانية بيد المرشد علي خامنئي"، وفقاً لـ "وول ستريت جورنال".
وأثار الرد الإيراني على نص مسودة الاتحاد الأوروبي ردود فعل متباينة لدى أطراف الاتفاق الآخرين، مثل روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وإيران.
وقال كبير المفاوضين الروس ميخائيل أوليانوف على تويتر، إن هناك "فرصة كبيرة لعبور خط النهاية"، مؤكداً أن "القرار الآن بيد واشنطن، فالنتيجة النهائية تعتمد على رد الفعل الأميركي على المقترحات الإيرانية الأخيرة التي تتسم بالمنطقية".
من جانبه، رفض المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، الأربعاء، التعليق على تفاصيل المفاوضات، قائلاً: "إننا نُطلع الاتحاد الأوروبي بشكل خاص ومباشر على آرائنا".
وأضاف أن بلاده "تقوم بدراسة كاملة لمقترحات إيران، كما تتشاور مع الاتحاد الأوروبي وحلفائها الأوروبيين"، ولكنه امتنع عن ذكر الموعد النهائي لقرار واشنطن.
ويتمثل أحد الخيارات في أن يكون الرد الأميركي على إيران هو الأساس الذي يستند إليه الاتحاد الأوروبي في تعديل نص مسودته الذي يمكن إرساله إلى الأطراف الأخرى للموافقة عليه، فيما يتمثل الخيار الآخر في استمرار تبادل الأفكار بين العواصم دون وضع موعد نهائي محدد لإنهاء المحادثات.
وقال المسؤولون الإيرانيون والأميركيون إن فترة التفاوض لا يمكن أن تكون دون موعد نهائي إلا أن كلا الطرفين، بحسب "وول ستريت جورنال"، "مستفيدان" من عدم الإعلان عن موت الاتفاق، حتى في الوقت الذي يحرز فيه البرنامج النووي الإيراني تقدماً لافتاً.