
قالت وسائل إعلام رسمية ومستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، إن شرطة مكافحة الشغب الإيرانية وقوات الأمن اشتبكت مع محتجين في عشرات المدن، مع استمرار الاحتجاجات على وفاة الشابة الكردية مهسا أميني أثناء احتجاز "شرطة الأخلاق" لها.
وكانت "شرطة الأخلاق"، التي تنفذ قيود إيران الصارمة على ملابس النساء، قد احتجزت أميني (22 عاماً) بسبب "ملابسها غير المناسبة" في 13 سبتمبر في طهران، وتوفيت بعد ذلك بثلاثة أيام في مستشفى بعد دخولها في غيبوبة، مما أثار أول ظهور كبير للمعارضة في شوارع إيران، منذ أن سحقت السلطات احتجاجات على ارتفاع أسعار البنزين في 2019.
وعلى الرغم من ارتفاع حصيلة الضحايا، وشن السلطات حملة شرسة ضد الاحتجاجات باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات وأحياناً الذخيرة الحية، أظهرت مقاطع مصورة على "تويتر" خروج متظاهرين يطالبون بإسقاط المؤسسة الدينية، أثناء اشتباكهم مع قوات الأمن في طهران وتبريز وكرج ويزد وقم والعديد من المدن الإيرانية الأخرى.
وقالت "منظمة العفو الدولية" على "تويتر" إن قوات الأمن الإيرانية ردت على الاحتجاجات باستخدام "القوة غير المشروعة، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية والخرطوش وطلقات معدنية أخرى، مما أسفر عن سقوط العشرات وإصابة مئات آخرين".
عبداللهيان: النظام لن يتغير
ووصف الإعلام الرسمي المحتجين بأنهم "منافقون ومثيرون للشغب ومخربون ومحرضون على الفتنة"، وقال التلفزيون الرسمي إن الشرطة اشتبكت مع "مثيري الشغب" في بعض المدن.
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في مقابلة مع إذاعة "إن بي آر" الأميركية مخاطباً نظراءه الغربيين: "أطمئنهم بأن لا حدث جللاً يحدث في إيران في الوقت الحالي. وليس من المقرر أن تغيّر الأحداث النظام الإيراني، لا تلعبوا بمشاعر الإيرانيين"، وفق ما ذكره موقع "إيران انترناشونال".
وأظهرت مقاطع مصورة بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي من داخل إيران محتجين يهتفون "امرأة... حياة... حرية"، بينما لوح بعض النساء بحجابهن وأحرقنه.
وأظهرت مقاطع مصورة على "تويتر" محتجين يهتفون "الموت للديكتاتور"، في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.
وأظهرت مقاطع أخرى إطلاق قوات مكافحة الشغب النار على متظاهرين في مدينتي سنندج وسردشت الكرديتين.
وسُمعت هتافات للمحتجين في أحد مقاطع الفيديو من طهران "سأقتل من قتلوا أختي".
وأظهرت مقاطع مصورة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي استمرار الاحتجاجات في عشرات المدن بعد غروب شمس الثلاثاء. وبيّن مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات في مدينة جابهار في جنوب شرقي إيران، حيث أضرم المتظاهرون النيران في مكاتب حكومية وسُمع دوي طلقات نارية.
ويقول صوت في المقطع إن المتظاهرين غاضبون "بسبب وفاة مهسا أميني والاتهامات بأن شرطياً اغتصب فتاة مراهقة من أقلية البلوش العرقية". ولم تتمكن وكالة "رويترز" من التحقق من صحة كافة المقاطع المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي سياق متصل، أفادت وسائل إعلام رسمية أيضاً باعتقال الناشطة في مجال حقوق المرأة فايزة هاشمي رفسنجاني، وهي ابنة لرئيس سابق لإيران شارك في تأسيس الجمهورية الإسلامية، بتهمة "التحريض على أعمال شغب" في طهران.
وفرضت السلطات قيوداً على الاتصال بالإنترنت في عدة أقاليم، وفقاً لمرصد "نتبلوكس" لمراقبة انقطاعات الإنترنت على "تويتر" ومصادر لـ"رويترز" في إيران، حتى تجعل من الصعب على المتظاهرين نشر مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.
دعم متزايد
دعت متحدثة باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الثلاثاء، رجال الدين الذين يحكمون في إيران إلى "الاحترام الكامل للحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات".
وقالت رافينا شمدساني في بيان إن التقارير تشير إلى "اعتقال المئات، منهم مدافعون عن حقوق الإنسان ومحامون ونشطاء مجتمع مدني وما لا يقل عن 18 صحافياً".
وذكر مسؤولون إن 41 شخصاً، بينهم أفراد من الشرطة وفصيل مسلح موال للحكومة، سقطوا خلال الاحتجاجات. لكن جماعات حقوق الإنسان الإيرانية كشفت عن حصيلة أعلى للضحايا.
وقالت منظمة "هنجاو" المدافعة عن حقوق الإنسان في إيران إن "18 سقطوا وأصيب 898 آخرون، في حين اعتقل أكثر من ألف متظاهر كردي في الأيام العشرة الماضية"، مشيرة إلى أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى.
وأفادت "هنجاو" الثلاثاء بأنه خلال الفترة "من الاثنين إلى الجمعة، أُلقي القبض على أكثر من 70 سيدة في كردستان إيران... أربعة منهن على الأقل تحت سن 18 عاماً".
ولفتت وسائل إعلام رسمية إلى أن القضاء الإيراني أنشأ محاكم خاصة لمحاكمة "مثيري الشغب".
ودعا بعض النشطاء بجانب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنظيم إضراب على مستوى البلاد. وعبّر أساتذة جامعيون ومشاهير ولاعبو كرة قدم عن دعمهم للاحتجاجات على وفاة أميني، بحسب تصريحات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي، ورفض الطلاب في عدة جامعات الانتظام في المحاضرات.
وأثارت وفاة أميني إدانات دولية واسعة، بينما اتهمت إيران "مخربين" على صلة "بأعداء خارجيين" بإثارة الاضطرابات. وتتهم طهران الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية باستغلال الاضطرابات لمحاولة زعزعة استقرار البلاد.
ضبط النفس
وفي السياق، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو جوتيريش الأربعاء، إيران إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس" في مواجهة التظاهرات.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدّث باسم جوتيريش في بيان إنّ "الأمين العام يدعو سلطات إنفاذ القانون إلى الامتناع عن استخدام أيّ قوة غير ضرورية أو غير متناسبة، ويحضّ الجميع على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنّب تصعيد" الوضع في إيران.
وأضاف: "نحن نشعر بقلق متزايد إزاء التقارير التي تتحدّث عن عدد متزايد من الوفيات، بمن فيهم نساء وأطفال، على خلفية الاحتجاجات"، مشدداً على ضرورة إجراء "تحقيق سريع ونزيه وفعّال" في ملابسات موت مهسا أميني.




