واشنطن وحلفاؤها يعدون حزمة عقوبات جديدة على نفط روسيا

time reading iconدقائق القراءة - 11
ناقلة ترفع علم ليبيريا تحمل زيت الوقود من روسيا في محطة ماتانزاس كوبا.  16 يوليو 2022 - REUTERS
ناقلة ترفع علم ليبيريا تحمل زيت الوقود من روسيا في محطة ماتانزاس كوبا. 16 يوليو 2022 - REUTERS
دبي- الشرق

تستعد الولايات المتحدة وحلفاؤها لفرض حزمة جديدة من العقوبات على صناعة النفط الروسية، بهدف وضع سقف لأسعار الصادرات الروسية من المنتجات البترولية المكررة في خطوة يحذر بعض مراقبي الأسواق من أنها قد تضغط على العرض العالمي، في وقت رأى مسؤول أميركي فيه أن عائدات روسيا النفطية آخذة في الانخفاض.

وفي اجتماعات بجميع أنحاء أوروبا هذا الأسبوع، سيناقش مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية تفاصيل العقوبات المقبلة على منتجات النفط الروسية، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 5 فبراير، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وستحدد العقوبات حدين لأسعار المنتجات المكررة الروسية، أحدهما على الصادرات عالية القيمة مثل الديزل، والآخر على الصادرات منخفضة القيمة مثل الوقود، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن أشخاص مطلعين على الخطط.

وستتبع القيود الجديدة التحركات التي اتخذتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاؤهما في مجموعة السبع، الشهر الماضي، لوضع سقف لسعر صادرات الخام الروسي عند 60 دولاراً للبرميل.

وكان لهذه العقوبات تأثير ضعيف نسبياً على الأسعار العالمية، مما شجع المسؤولين الغربيين الذين يريدون الضغط على ميزانية روسيا مع تقليل التقلبات في أسواق الطاقة العالمية الحيوية، لفرض عقوبات جديدة.

عواقب اقتصادية

لكن العقوبات المفروضة على المنتجات المكررة قد تكون لها عواقب اقتصادية أكبر، خاصة أنها ستدخل حيز التنفيذ في نفس اليوم الذي سيحظر فيه الاتحاد الأوروبي استيراد الديزل الروسي والمنتجات المكررة الأخرى. 

ويتوقع مراقبو السوق وبعض المسؤولين الغربيين أن تواجه روسيا صعوبة أكبر في إعادة توجيه صادراتها من المنتجات المكررة وهو ما قد يؤثر على الأسعار العالمية.

وبدون الوصول إلى السوق الأوروبية ومواجهة العقوبات الغربية على الشحنات في أماكن أخرى، قد ينخفض إنتاج التكرير الروسي، ما يقلل من المعروض العالمي.

وقالت الباحثة في مركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية تاتيانا ميتروفا: "بالنسبة للحد الأقصى لأسعار النفط كان ذلك عملية غير سارة ولكنها ليست صعبة للغاية، لكن بالنسبة للمنتجات النفطية، فهي مشكلة أكبر بكثير".

 ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا، حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها استهداف الاقتصاد الروسي، الذي يدر عوائد تمول الجيش، مع تقليل الأضرار الجانبية لاقتصاداتهم. 

وكانت صناعة النفط المربحة في روسيا الهدف الأكثر تحدياً للغرب بسبب أهميتها لأسواق الطاقة العالمية، والتي تعد عاملاً في التضخم الذي أصيب به معظم دول العالم.

آلية تطبيق العقوبات

وكما هو الحال مع الحد الأقصى لأسعار الخام الروسي، ستطبق العقوبات الجديدة ذات الصلة بالمنتجات البترولية على الشركات الغربية التي تمول أو تؤمن أو تشحن شحنات المنتجات الروسية المنقولة بحراً.

وستواجه الشركات في دول مجموعة السبع وأستراليا عقوبات إذا سهلت تجارة المنتجات البترولية الروسية ما لم يتم بيع هذه المنتجات دون الحدود القصوى للأسعار المفروضة. 

وأحد الأسباب المهمة التي جعلت سقف النفط الخام لا يزعج أسواق النفط حتى الآن هو سفن ما يسمى "أسطول الظل" من الناقلات. 

وتحمل هذه السفن جزءاً كبيراً من صادرات النفط الخام الروسي، خارج مناطق الولاية القضائية للدول الغربية، إلى وجهات في آسيا ليست جزءاً من العقوبات، وهي ديناميكية مقبولة للمسؤولين الأميركيين.

وشهدت أسعار الغاز الأميركية صعوداً وهبوطاً على مدار العام، والآن يلوح في الأفق المزيد من عدم اليقين مع بدء سريان حظر الاتحاد الأوروبي على واردات منتجات النفط الروسي جنباً إلى جنب مع وضع حد أقصى لأسعار النفط الخام من روسيا، بحسب "وول ستريت جورنال".

لكن أسطولاً أصغر حجماً وأكثر تخصصاً من السفن يمكن أن يحمل منتجات بترولية، مما يعني أن روسيا سيكون لديها خيارات أقل لشحن الديزل، والمنتجات الأخرى إلى أي مشترين في أسواق جديدة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا.

وتعد الهند والصين، أكبر مستوردي الخام الروسي، من أهم المكررين، لذلك من غير المرجح أن تشتري المنتجات البترولية الروسية التي تذهب عادة إلى أوروبا. 

وعلى رأس الصعوبات اللوجستية الإضافية، هناك القرار الروسي الذي يحظر بيع نفط موسكو ومنتجاتها البترولية إلى الدول التي تضع سقفاً لسعر مبيعاتها اعتبارا من 1 فبراير. وقد تثني هذه الخطوة الجهات الفاعلة في السوق عن استخدام الخدمات الغربية لتسهيل تجارة النفط الروسي، على الرغم من أن كيفية قيام روسيا بالفعل بتطبيق القاعدة غير واضحة، وفق "وول ستريت جورنال".

وقال كيفين بوك، العضو المنتدب بشركة "كليرفيو إنيرجي بارتنرز": "أعتقد أن هناك الكثير من الأسباب لافتراض أننا ما زلنا في الأيام الأولى لشيء يمكن أن يصبح أكثر صعوبة".

مخاوف من وقود الديزل

وتعتمد أوروبا على روسيا في وقود الديزل منذ عقود، ما يثير مخاوف بشأن تأثير عقوبات فبراير. وفي الوقت الحالي، يبدو أن موردي الوقود الأوروبيين قد خزنوا الديزل قبل القيود الغربية، بحسب "وول ستريت جورنال".

وقال فيليب جونز لوكس، المحلل في شركة بيانات النفط "سبارتا كوموديتيز" ومقرها جنيف، إن أسعار الديزل في أوروبا حالياً ليست مرتفعة بما يكفي لتشجيع التجار على إرسال الديزل من الولايات المتحدة والسعودية والهند إلى المنطقة. 

وفيما يتعلق بالنفط الخام، تراجعت المحادثات بشأن سقف 60 دولاراً للبرميل حيث ضغط المسؤولون الأميركيون على نظرائهم في بولندا وليتوانيا وإستونيا لقبول سعر أعلى على أمل تقليل الاضطرابات في الأسواق العالمية. وسعى مسؤولون في بولندا ودول البلطيق، مرددين دعوات من أوكرانيا، إلى وضع سقف يصل إلى 30 دولاراً للبرميل لخفض إيرادات الكرملين للحرب بشكل أكبر. 

وسيتوجه بن هاريس، وهو مسؤول كبير في السياسة الاقتصادية في وزارة الخزانة الأميركية، إلى لاتفيا وليتوانيا وإستونيا وبولندا لمناقشة العقوبات المفروضة على روسيا هذا الأسبوع، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".

 ويهدف المسؤولون الأميركيون مرة أخرى إلى وضع حد أقصى لسعر المنتجات النفطية الروسية عند مستوى منخفض بما يكفي لمحاولة الحد من أرباح موسكو ولكنه سيكون مرتفعاً بما يكفي لحث روسيا على مواصلة بيع الديزل وأنواع الوقود الأخرى.

وقال أوليج أوستينكو، وهو أحد كبار المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ويشارك في المحادثات: "هذا الأسبوع مهم حقاً، الأمر أكثر تعقيداً بعض الشيء مع تحديد سقف أسعار المنتجات. ومع ذلك، فنحن نعرف بالفعل كيفية التعامل مع هذه المشكلة. بهذا المعنى، سيكون الأمر أسهل قليلاً لأننا نعرف المنهجية". 

ويسعى أوستنكو لكي يخفض الغرب الحد الأقصى المحدد للخام الروسي من 60 دولاراً للبرميل. وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ديسمبر، التزم الاتحاد الأوروبي بالبدء في مراجعة وربما تعديل سقف أسعار النفط الخام في منتصف يناير، على الرغم من أن المسؤولين لا يتوقعون خفض سقف أسعار النفط الخام هذا الشهر.  

انخفاض عوائد روسيا

وقال مسؤول كبير بوزارة الخزانة الأميركية، الأربعاء، إن عائدات روسيا من النفط آخذة في الانخفاض بسبب سقف السعر المفروض على خامها من جانب الدول الغربية، وفقاً لوكالة "رويترز".

وقال المسؤول بوزارة الخزانة إن أوروبا بإمكانها تحمل الضغوط على منتجات النفط هذا الشتاء الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا لأن لديها مخزونات من الديزل وبسبب دفء الطقس أكثر من المتوقع.

وأضاف أن بعض الديزل الروسي الرخيص يمكن أن يُباع في نهاية المطاف لدول في أفريقيا وأماكن أخرى عانت من ارتفاع أسعار النفط العام الماضي نتيجة الصراع مع أوكرانيا.

تراجع الطلب يضر روسيا

بدورها، توقعت مجلة "بوليتيكو" الأميركية أن تلحق العقوبات وانخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعي، فضلاً عن تراجع الطلب على المواد الهيدروكربونية الروسية نتيجة غزو أوكرانيا، أضراراً بخزائن روسيا هذا العام وتوجه ضربة كبيرة لصندوق الثروة السيادي للبلاد. 

وتوقع الكرملين نفسه في ميزانيته الحكومية، التي أُعلنت في ديسمبر الماضي، أن تنخفض عائدات النفط والغاز هذا العام بنسبة 23%.

لكن ألكسندرا بروكوبينكو، المحللة المستقلة والمسؤولة السابقة في البنك المركزي الروسي، ترى أن هذا الرقم "متفائل للغاية"، متوقعة أن تنخفض الإيرادات بمقدار الثلث تقريباً. 

وقالت بروكوبينكو: "من الواضح للغاية أن هذا العام سيكون صعباً للغاية على الميزانية الروسية"، مُوضحة أن روسيا خسرت سوقها في الاتحاد الأوروبي للنفط والغاز. 

وأشارت بروكوبينكو إلى امتلاك روسيا عدداً محدوداً من سفن الشحن واعتمادها على الناقلات الغربية لنقل نفطها، واصفة جهود الرئيس فلاديمير بوتين لمعاقبة الدول الملتزمة بتنفيذ خطة مجموعة السبع لتحديد سقف سعر النفط الروسي عند 60 دولاراً للبرميل بأنها "غير فعالة للغاية"، قائلة إن روسيا "ليس لديها الأدوات الكافية للرد بشكل مناسب".

ووفقاً للبيانات الأولية، كانت عائدات تصدير النفط والغاز تمثل 45% من ميزانية الحكومة الروسية عام 2022، ورغم العقوبات والجهود المبذولة للتخلي عن الطاقة الروسية، حققت موسكو عائدات بقيمة 155 مليار يورو من صادرات النفط والغاز، العام الماضي، ما يمثل زيادة نسبتها 30% عن العام الماضي، ومع ذلك، يرى الخبراء أن فترة جني الأرباح المفاجئة "انتهت". 

وشكلت صادرات الغاز الطبيعي ما بين 10 إلى 15% من الإيرادات الحكومية، العام الماضي، لكنها انخفضت انخفاضاً حاداً مع تسريع جهود الاتحاد الأوروبي لتنويع إمدادات الطاقة، بعدما أوقف الكرملين التدفقات إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب، مثل خط "نورد ستريم" البحري.

وأعلنت شركة "جازبروم" الروسية، الأسبوع الماضي، تراجع صادرات الغاز الطبيعي بنسبة 46% العام الماضي. 

رفع الميزانية الدفاعية

ويأتي التباطؤ في عائدات النفط والغاز في وقت ترفع فيه روسيا ميزانيتها الدفاعية لتمويل حربها في أوكرانيا، إذ تهدد خطط التعبئة لإرسال مئات الآلاف من القوات غير المدربة إلى خطوط المواجهة بتقويض اقتصاد البلاد على المدى الطويل. 

وتوجد مؤشرات على أن موسكو تحاول التراجع، إذ وقع بوتين مرسوماً من شأنه تخفيف متطلبات دفع مقابل الغاز بالروبل فقط المفروضة على الدول غير الصديقة، ومعظمها من الاتحاد الأوروبي، لكن دولاً عدة رفضت الامتثال لهذه المتطلبات، ما أدى إلى توقف إرسال الإمدادات إليها. 

جانيس كلوج، الباحث الكبير في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، وصف الحظر شبه الكامل، الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على المنتجات النفطية الروسية المنقولة بحراً، والذي بدأ تنفيذه في 5 ديسمبر الماضي، بأنه "أهم إجراء يُنفذ حتى الآن على الميزانية الروسية".

وكان وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف قال، الثلاثاء، إن العجز في ميزانية العام الماضي بلغ 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ كانت روسيا تحقق فائضاً في ميزانيتها قبل غزوها الشامل لأوكرانيا. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات