الجيش الروسي.. تغييرات جذرية في الأعداد والتشكيلات والمناطق العسكرية

time reading iconدقائق القراءة - 9
جندي روسي يقوم بدوريات بالقرب من مصنع آزوفستال للصلب في مدينة ماريوبول الأوكرانية. 13 يونيو 2022 - AFP
جندي روسي يقوم بدوريات بالقرب من مصنع آزوفستال للصلب في مدينة ماريوبول الأوكرانية. 13 يونيو 2022 - AFP
دبي -الزبير الأنصاري

على بعد أسابيع من إكمال الغزو الروسي لأوكرانيا عامه الأول في فبراير القادم، تواصل روسيا إعلان التغييرات تلو الأخرى على قواتها المسلحة، ما يعكس حجم الصعوبات التي يواجهها الجيش الروسي في أوكرانيا.

وبعدما أعلنت تعيين قائد جديد لحملتها العسكرية في أوكرانيا في وقت سابق من يناير الجاري، أعلنت وزارة الدفاع الروسية هذا الأسبوع عن تغييرات هيكلية في قواتها المسلحة.

وتشمل التغييرات الجديدة رفع تعداد الجيش وزيادة عدد الجنود في بعض الوحدات القتالية فضلاً عن زيادة التنسيق بين القوات البرية والوحدات وألوية الطيران.

وتأتي هذه التغييرات بعدما كانت القوات الروسية تعرضت لهزائم في بعض المعارك دفعتها للانسحاب من بعض مناطق سيطرتها على غرار خيرسون، وتحول روسيا للاعتماد على أسلوب ضرب البنى التحتية لأوكرانيا.

وتحاول موسكو تدارك وضع قواتها التي أثار أداؤها في أوكرانيا الكثير من الأسئلة في ظل المكانة المفترضة والتاريخية للجيش الروسي بوصفه واحداً من أقوى الجيوش وأكبرها في العالم.

إعادة التشكيل

ووجَّه وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، الثلاثاء، بإجراء تغييرات واسعة النطاق في الجيش الروسي، وعلى وجه الخصوص، زيادة عدد القوات إلى 1.5 مليون شخص، خلال الفترة من 2023 إلى 2026.

وأشار شويجو إلى ضرورة إيلاء اهتمام خاص لتجنيد القوات بعسكريين متعاقدين، إلى جانب ضمان نقل الأسلحة للوحدات العسكرية في الوقت المحدد، وزيادة عدد ساحات التدريب، وزيادة حجم تدريب المتخصصين، وتعزيز العنصر القتالي لدى القوات البحرية والجوية-الفضائية والصاروخية الإستراتيجية.

وقال شويجو إن القوات الروسية الموسعة ستضم 695 ألف جندي متعاقد، 521 ألف منهم سيكونون في الخدمة بحلول نهاية عام 2023.

وتأتي هذه التغييرات في إطار الخطة الطموحة التي أعلنتها موسكو في ديسمبر الماضي لرفع عدد أفراد جيشها إلى 1.5 مليون، وإنشاء وحدات جديدة متعددة.

وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، تمثل التشكيلات الجديدة عودة للهيكل العسكري في الحقبة السوفيتية القائم على فرق كبيرة، والذي تخلَّت عنه روسيا خلال الإصلاحات العسكرية الأخيرة، مفضلة إنشاء وحدات أصغر وأكثر قدرة على الحركة.

ويرى خبراء عسكريون روس أنَّ مثل هذه الوحدات الصغيرة التي تتألف عادة من 800 إلى ألف جندي، والمخصصة للاستخدام في النزاعات المحلية، تفتقر إلى العدد الكافي وغير مجهزة لخوض المعارك الضخمة من قبيل تلك الجارية في أوكرانيا.

وتلافياً لهذا، سيتم إعادة تشكيل ألوية المشاة والألوية المحمولة جواً والبحرية الحالية إلى فرق ووحدات أكبر على غرار تلك التي كانت تمتلكها روسيا في الماضي، وتملكها حالياً الولايات المتحدة، وبعض دول حلف شمال الأطلسي "الناتو".

ألوية الطيران

وكجزء من الإصلاح المخطَّط، ستوضع بعض وحدات القوات الجوية تحت إمرة مجموعات من القوات البرية في محاولة واضحة لزيادة التنسيق فيما بينها، بعدما قال مراقبون إنَّ التنسيق بين القوتين كان ضعيفاً أثناء القتال في أوكرانيا.

وستشهد إعادة الهيكلة أيضاً إنشاء 9 أفواج طيران جديدة، بواقع 8 أفواج لقاذفات القنابل، وفوج واحد للمقاتلات الحربية. كما سيتم أيضاً إنشاء 6 ألوية طيران بالجيش، وإضافة لواء طيران يضم ما بين 80 إلى 100 طائرة هليكوبتر، وذلك بحسب ما ذكره موقع "آيرو تايم" المتخصص في الطيران.

وتمثل هذه التغييرات تحولاً كبيراً في تشكيلات القوات الجوية، ففي بداية عام 2022 كان لدى روسيا ثلاثة أفواج لقاذفات القنابل، وستة أفواج للمقاتلات، علماً بأنَّ الفوج الواحد يضم حالياً ما بين 8 إلى 30 طائرة.

مناطق عسكرية جديدة

وشملت التغييرات إنشاء مناطق عسكرية جديدة، بما في ذلك إنشاء منطقتين عسكريتين، موسكو، ولينينجراد، ونشر مجموعات مكتفية ذاتياً من القوات على الأقاليم الأوكرانية الأربعة (خيرسون، دونيتسك، لوغانسك، زابوروجيا) التي أعلنت موسكو مؤخراً ضمها، بشكل أحادي، إلى روسيا الاتحادية.

كما تضمنت التغييرات الجديدة إنشاء فيلق من الجيش سيتم نشره في منطقة "كاريليا الشمالية الغربية" بالقرب من فنلندا

وبحسب "بلومبرغ"، تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز انتشار روسيا العسكري في الشمال الغربي بالقرب من أوروبا، رداً على التوسع المرتقب للناتو، في حال انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، لافتة إلى أنَّ من شأن هذا الانضمام مضاعفة الحدود البرية للتكتل العسكري مع روسيا.

وقبل التغييرات الأخيرة، كانت لدى روسيا 5 مناطق عسكرية فقط، هي المنطقة العسكرية الغربية، والمنطقة العسكرية الجنوبية، والمنطقة العسكرية المركزية، والمنطقة العسكرية الشرقية، والقيادة الشمالية المشتركة.

إنهاء التخفيضات

ووفقاً لوكالة "بلومبرغ"، تندرج هذه الخطط ضمن مساعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء سنوات من التخفيضات في صفوف الجيش الروسي والتي أدت إلى تقليص كبير في حجم أفراده.

وبينما بلغ عدد أفراد الجيش الروسي في عام 1992، مليوناً و900 ألف، فإنَّ الرقم الفعلي للقوات الروسية النشطة في بداية عام 2022 لم يتجاوز، بحسب تقديرات مركز تحليل السياسات الأوروبية، 740 إلى 780 ألفاً.

ويقدر البنك الدولي إجمالي أفراد القوات المسلحة الروسية بمليون و450 ألف جندي، علماً بأنَّ هذه التقديرات ترجع إلى ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا الذي خلَّف خسائر كبيرة في صفوف القوات الروسية.

وفي نوفمبر الماضي، قدَّر رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي ضحايا الجيش الروسي بـ100 ألف ما بين قتيل وجريح. وقال مسؤول في البنتاجون في أوائل أغسطس 2022 إنَّ عدد القتلى الروس يتراوح بين 70 و80 ألفاً.

لكن روسيا، المتحفظة عادة بخصوص خسائرها في أوكرانيا، لا تقر بهذه التقديرات الغربية. وفي آخر التصريحات لها في هذا الشأن، سبتمبر الماضي قالت إنها خسرت 5937 جندياً فقط، وفق صحف روسية.

وفي إطار هذه المساعي الروسية لتعزيز قواتها العسكرية، توقع محللون في معهد "دراسارت الحرب الأميركي"، أنَّ الرئيس الروسي قد يعلن عن موجة تعبئة ثانية لتوسيع جيشه في الأيام المقبلة، وذلك بحسب ما ذكرته شبكة "سي إن بي سي" الأميركية.

وقال مسؤولو استخبارات وزارة الدفاع الأوكرانية إنهم يعتقدون أن الاستعدادات تجري حالياً في روسيا لموجة ثانية من التعبئة، مشيرين إلى أنَّ روسيا تستهدف إنشاء جيش من مليوني شخص، وفقاً للشبكة الأميركية.

الإنفاق الدفاعي

وإلى جانب التغييرات الهيكلية، كثفت روسيا أيضاً إنفاقها الدفاعي لدعم التوسع الجديد للجيش بالأسلحة والتجهيزات اللازمة.

وتعد روسيا على الدوام من بين أكبر 5 دول في العالم من من حيث الإنفاق العسكري خلال العقد الماضي وفقاً لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وبحسب البنك الدولي بلغ الإنفاق العسكري لروسيا في عام 2021 نحو 65.91 مليار دولار، بما يعادل 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي.

ورفعت روسيا إنفاقها الدفاعي لمستويات قياسية في عام 2022 وسط خطط لإنفاق 600 مليار دولار إجمالاً على الدفاع الوطني والأمن بين عامي 2022 و2025. 

كما سعت روسيا أيضاً إلى تعزيز صناعتها الدفاعية، رغم العقوبات الغربية التي تحاصر هذا القطاع. وفي خطاب الشهر الماضي، تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنَّ الصناعات العسكرية ستزيد من إنتاج الأسلحة.

وتمكنت موسكو من تزويد الجيش بأسلحة جديدة في نوفمبر الماضي، بما في ذلك مقاتلات "سوخوي سو-34"، وأنظمة "تورنادو" متعددة الإطلاق الصاروخية، إضافة إلى مضاعفة القدرة التصنيعية لمنشأة الإنتاج في سامارا جنوب غرب روسيا، والمتخصصة في إنتاج محركات للقاذفات بعيدة المدى، وفقاً لـ"مؤسسة جيمس تاون" الأميركية لأبحاث الدفاع.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات