
أعلن رئيس وزراء السويد، الثلاثاء، أن بلاده تريد "العودة إلى الحوار" مع تركيا بشأن انضمامها "الأساسي" لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وذلك بعد توقف المفاوضات مع أنقرة بسبب التظاهرات المناهضة لتركيا في السويد، فيما جددت واشنطن دعمها انضمام السويد وفنلندا للحلف في "أقرب فرصة".
وقال أولف كريسترسون خلال مؤتمر صحافي إن "رسالتنا المشتركة هي أننا نريد الدعوة للهدوء والتفكير، الهدوء في العملية كي نتمكن من العودة للحوار بين السويد وفنلندا وتركيا حول عضويتنا المشتركة في الناتو".
وكانت تركيا أعلنت في وقت سابق الثلاثاء، إرجاء محادثات الانضمام لحلف الناتو مع السويد وفنلندا والتي كانت مقررة أساساً في فبراير المقبل.
لكن مصدراً دبلوماسياً في أنقرة قال إنه مجرد تأجيل للاجتماع "إلى موعد لاحق".
وأضاف كريسترسون أن هناك "مُستفزّين أرادوا إفساد علاقات السويد مع دول أخرى وإحباط مسعاها الانضمام للحلف العسكري الغربي بقيادة الولايات المتحدة".
وقررت ستوكهولم وهلسنكي الخروج عن عقود من سياسات عدم الانحياز العسكري في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتابع رئيس الوزراء السويدي "ما من مسألة متعلقة بالأمن القومي أكثر أهمية من أن نصبح مع فنلندا بسرعة عضوين في الناتو".
وفي مايو من العام الماضي، طلب البلدان الاسكندنافيان في آن واحد، بعد بقائهما طويلاً على الحياد، الانضمام إلى الناتو كرد فعل على الهجوم الذي شنته روسيا في أوكرانيا في 24 فبراير.
وتشترك فنلندا التي أجبرتها موسكو على الحياد خلال الحرب الباردة، مع روسيا بحدود يبلغ طولها حوالي امتداد 1300 كيلومتر، مما يمدد خط الاتصال بين "الناتو" وموسكو بنفس القدر.
وكان البلدان وقّعا مذكرة تفاهم مع تركيا خلال قمة "الناتو" في مدريد نهاية يونيو الماضي، لكن أنقرة ترى أن ستوكهولم لا تبذل ما يكفي لاحترام ما جاء فيها.
فنلندا تلُمح لانضمام منفرد
في وقت سابق الاثنين، حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن السويد التي يتهمها بإيواء أكراد تعتبرهم أنقرة "إرهابيين"، لم يعد بإمكانها الاعتماد على "دعم" أنقرة، بعد أن أحرق ناشط يميني متطرف نسخة من المصحف في ستوكهولم.
وبعد تحذير أردوغان، تحدثت فنلندا لأول مرة، الثلاثاء، عن احتمال انضمامها للناتو بدون السويد.
وأكد وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو أن انضمام البلديين الأوروبيين الشماليين على نحو مشترك يبقى "الخيار الأول" لكنه أوضح قائلاً "علينا بالطبع تقييم الوضع، ودرس ما إذا كان أمر ما حصل سيمنع على المدى البعيد السويد من المضي قدماً".
وفي تصريحات لشبكة التلفزيون العام "يلي"، أضاف هافيستو "نتفهم الاستياء الذي يشعر به كثيرون في فنلندا في الوقت الحالي، إذ إننا في الوضع الحالي لم نصبح بعد أعضاء في الناتو".
وأردف "لكننا نركز على الرسالة الواضحة المتمثلة في أن فنلندا لا تزال تريد الانضمام للناتو مع السويد".
وبشأن هذه الفرضية، قالت الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إنها لن تجيب على السؤال بشأن انضمام فنلندا والسويد بشكل منفصل، وفقاً لما ذكرته "رويترز".
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إن الولايات المتحدة ترحب بانضمام البلدين في أقرب فرصة، لكنه لن يجب على أسئلة بشأن الانضمام المنفرد للدولتين إلى الحلف.
"مظاهرة متطرف"
وأثار إقدام اليميني المتطرّف السويدي الدنماركي راسموس بالودان على إحراق نسخة من القرآن في تظاهرة منفردة أذنت بها الشرطة، السبت، أمام سفارة تركيا في العاصمة السويدية، احتجاجات كبيرة في العالم الإسلامي وفي تركيا التي ألغت زيارة معلنة كان من المقرر أن تقوم بها وزير الدفاع السويدي.
واستنكرت ستوكهولم هذا التصرّف الذي وصفته بأنه "عمل لا ينم عن أدنى احترام"، معبرةً عن "تعاطفها" مع المسلمين، وأكدت أن الدستور السويدي لا يسمح بمنع هذا النوع من التصرف، لكن دون أن يؤدي ذلك إلى تهدئة غضب تركيا.
واعتبر هافيستو أن هذه الاحتجاجات تُشكل "عائقاً" أمام الترشح لعضوية حلف شمال الأطلسي، وأن "المحتجين يلعبون بأمن فنلندا والسويد".
وأضاف "أستنتج من ذلك أنه سيكون هناك تأخير (لضوء أخضر تركي) سيستمر بالتأكيد حتى الانتخابات التركية في منتصف مايو".
ونُظمت في ستوكهولم، السبت، تظاهرة مؤيدة للأكراد رفعت فيها أعلام حزب العمال الكردستاني الذي تحظره أنقرة.
وفي منتصف يناير الجاري، قامت مجموعة قريبة من لجنة روجافا لدعم أكراد سوريا بتعليق دمية تمثل أردوغان معلّقاً من قدميه أمام مبنى بلدية ستوكهولم، مما أثار استياء أنقرة رغم إدانة الحكومة السويدية.
"خطة بديلة"
على عكس الحال مع السويد، أعربت تركيا في الأشهر الأخيرة عن عدم وجود اعتراضات كبيرة لديها على انضمام فنلندا إلى الحلف.
ويتحتم على أي ترشيح جديد لعضوية الحلف الأطلسي الحصول على موافقة جميع الدول الأعضاء الثلاثين ومن بينها تركيا، ما يمنح أي دولة حق النقض عملياً.
لكن هلسنكي كانت ترفض حتى الآن الدخول بدون السويد، مؤكدة على مزايا العضوية المشتركة في "الناتو" مع جارتها القريبة.
وقال ماتي بيسو، الباحث في معهد السياسة الخارجية الفنلندي "هناك تغيير، يتم الآن التحدث بصوت عالٍ عن الخطط البديلة".
وأضاف "أعتقد أن رئيسي الوزراء بحثا عدة احتمالات، لكن حتى الآن كان من المهم الحفاظ على مسار موحد، ولم يكن من الحكمة بالضرورة القول إن فنلندا تنوي المضي بدون السويد".
وأشار وزير الخارجية السويدية توبياس بيلستروم للصحافيين، الثلاثاء، إلى أنه "على اتصال مع فنلندا لمعرفة ما يعنيه هذا حقاً".
اقرأ أيضاً: