نفى حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي)، رياض سلامة، الجمعة، في ختام جلستي استماع إليه بحضور محققين أوروبيين، تحويل أي أموال من المصرف إلى حساباته الشخصية داخل أو خارج البلاد، منتقداً ما وصفه بـ"سوء نيّة وتعطّش للادعاء" عليه من جهات عدة.
وأنهى محققون أوروبيون، الجمعة، اليوم الثاني من الاستماع إلى سلامة، بإشراف القضاء اللبناني، في إطار تحقيقات أوروبية في قضايا غسل أموال واختلاس مرتبطة برياض سلامة.
وقال مصدر قضائي لـ"الشرق" إن "التحقيق مع سلامة اُستكمل بكل جوانبه ولم تعد ثمة حاجة لاستدعائه إلّا إذا طرأت مستجدات لدى القضاة الأوروبيين".
وأشار المصدر إلى أن "الوفود الأوروبية ستعود إلى بيروت قبل نهاية أبريل المقبل، للتحقيق مع رجا سلامة، شقيق رياض، وماريان الحويك (مساعدة رياض سلامة) وشخصيات أخرى سيحددها الجانب الأوروبي".
وواجه سلامة في جلستي استماع عُقدتا، الخميس والجمعة، قرابة 198 سؤالاً طرحت كلّها باللغة العربية وترجمت إلى اللغات الفرنسية والألمانية والبلجيكية.
وقال المصدر القضائي إن "قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، الذي أدار الجلسة وتولّى طرح الأسئلة على سلامة، سيزوّد النيابة العامة التمييزية بالمحاضر الرسمية للتحقيق على أن ترسل المحاضر إلى الأوروبيين، الأسبوع المقبل".
وكشف المصدر أن "أغلب الأسئلة تمحورت حول عمل شركة (فوري) للوساطة المالية التي يملكها رجا سلامة والأموال الطائلة والعقارات التي يملكها في لبنان وخارجه ومصادرها".
وأضاف أن التحقيق ركّز على "طبيعة عمل شركة (فوري) في لبنان والدول التي لديها مكاتب فيها، ومسألة تقاضي الشركة عمولة مالية عن اكتتاب المصرف المركزي بسندات (يوروبوند)".
وتركّز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة "فوري أسوشييتس" المسجّلة في جزر العذراء، ولها مكتب في بيروت، والمستفيد الاقتصادي منها شقيق الحاكم رجا سلامة.
ويُعتقد أن الشركة لعبت دور الوسيط لشراء سندات خزينة "يوروبوند" من مصرف لبنان، عبر تلقّي عمولة اكتتاب، تمّ تحويلها إلى حسابات رجا سلامة في الخارج.
وأشار المصدر القضائي في تصريحاته لـ"الشرق"، إلى أن سلامة "بدا مرتاحاً خلال اليومين وأجاب على كافة الأسئلة والاستيضاحات، ولم يتحفّظ على أي منها وتعهّد بتقديم كلّ المستندات التي تثبت مصادر أمواله والتي قال إنها خالية من أي شبهات".
وذكر المصدر أن الأوروبيين "استفسروا عن بعض العمليات المالية التي تحدث في المصرف المركزي، لكنهم لم يتطرقوا إلى الهندسات المالية، كونها خارج نطاق المهمّة التي ينفذونها".
وتشكّل ثروة سلامة البالغ من العمر 72 عاماً، أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم، محور تحقيقات منذ عامين في لبنان والخارج، وتلاحقه شبهات عدة، من بينها اختلاس وغسيل الأموال وتحويلها إلى حسابات في الخارج.
وأوضح سلامة، في بيان، في ختام جلسة الاستماع، أنه حضر الجلسة بصفته "مستمَع إليه لا كمشتبَه به ولا كمتّهم".
"تعطش للادعاء"
وشدّد سلامة على أن "حسابه الشخصي في مصرف لبنان، غير مرتبط بالحسابات التي تودع فيها الأموال العائدة إلى المصرف"، مضيفاً: "لم تُحوّل إلى حسابي أي أموال من مصرف لبنان".
وأكّد سلامة أن "التحويلات الى الخارج الخاصة بي، ومهما بلغت، مصدرها حسابي الشخصي"، لكنه قال في بيانه إن "المبالغ الدائنة المدوّنة في حساب المقاصّة المفتوح لدى مصرف لبنان والذي حُوّلت منه عمولات إلى (فوري)، كانت سُدّدت من أطراف أخرى".
وتابع: "لم يدخل إلى هذا الحساب أي مال من مصرف لبنان"، مندداً بما وصفه "سوء نية وتعطّش للادعاء عليه"، منذ أكثر من عامين، عبر تقديم بلاغات ضده في لبنان وخارجه.
وينفي سلامة باستمرار الاتهامات الموجهة إليه، معتبراً أن ملاحقته تأتي في سياق عملية سياسية وإعلامية لـ"تشويه" صورته.
ويؤكد سلامة أنه جمع ثروته من عمله السابق طيلة عقدين في مؤسسة "ميريل لينش" المالية العالمية ومن استثمارات في مجالات عدة.
وكان المحققون الأوروبيون استمعوا في يناير الماضي 2023، إلى شهود في بيروت، بينهم مدراء مصارف وموظفون حاليون وسابقون في مصرف لبنان.
وقبل عام، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست"، تجميد فرنسا وألمانيا ولوكسمبورج، 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية، إثر تحقيق استهدف سلامة و4 من المقربين منه، بينهم شقيقه، بتهم غسيل أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين عامي 2002 و2021".