حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرج، الثلاثاء، من أن الحلفاء لم يعززوا الإنفاق الدفاعي بالسرعة الكافية في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ انخفض عدد الدول التي حقّقت الهدف المحدد على هذا الصعيد.
وبعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم في عام 2014، تعهّد أعضاء حلف "الناتو" البالغ عددهم 30 بالسعي لزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 2% من إجمالي ناتجهم المحلي بحلول عام 2024.
وقال ستولتنبرج في مؤتمر صحافي في مقر الحلف في بروكسل، لعرض تقرير الناتو السنوي لعام 2022، إن "حلفاء كثر أعلنوا زيادات كبرى على صعيد الإنفاق الدفاعي منذ بدء الغزو الروسي".
وأضاف: "يتعيّن حالياً تحويل تلك التعهّدات إلى مبالغ نقدية حقيقية وعقود وتجهيزات ملموسة، لأن الإنفاق الدفاعي هو الأساس لكل ما نفعله".
واعتبر ستولتنبرج أن انخفاض عدد البلدان التي نفّذت ما تعهّدت به، مردّه أن الأداء الاقتصادي لحلفاء عدّة كان أفضل من المتوقّع، ما جعل ميزانياتهم الدفاعية تبدو أدنى نسبياً.
وتابع: "منذ عام 2014، زاد الحلفاء الإنفاق الدفاعي، ونحن نسير في الاتجاه الصحيح. لكنّنا لا نسير بالسرعة التي يتطلّبها العالم الخطير الذي نعيش فيه".
وزاد: "أرحب بكل ما تحقّق من تقدّم، لكن من البديهي أنه يتعين علينا بذل مزيد من الجهود، وبشكل أسرع".
ومضى ستولتنبرج قائلاَ: "في هذا العالم الجديد والمتنازع عليه بشكل متزايد، لا يمكننا أن نعتبر أمننا من الأمور المسلّم بها"، مشدّداً على أن "أمننا هو الأساس لازدهارنا وطريقة عيشنا".
7 دول فقط
وجاء في التقرير السنوي للحلف الصادر، الثلاثاء، أن 7 دول فقط هي اليونان والولايات المتحدة وليتوانيا وبولندا وبريطانيا وإستونيا ولاتفيا، بلغت مستوى الإنفاق المشار إليه في عام 2022.
ويعكس هذا الرقم تراجعاً مقارنة بعام 2021، حين بلغت 8 دول المستوى الإنفاقي مقابل 11 في عام 2020.
والولايات المتحدة هي الأكثر إنفاقاً على الإطلاق في المجال الدفاعي، وتعد أبرز مساهم على هذا الصعيد، إذ تغطي 70% من ميزانية حلف الناتو، التي تخطّت تريليون دولار في عام 2022.
وتدفع واشنطن حلفاءها الأوروبيين منذ سنوات لزيادة إنفاقهم العسكري، وفي التحالف ازداد هذا الإنفاق.
وازداد إنفاق الأعضاء الأوروبيين وكندا بمعدّل 2.2% في عام 2022، ليبلغ إجمالي الزيادات في السنوات الثماني الأخيرة 350 مليار دولار.
وبعدما بدأت روسيا قبل أكثر من عام غزو أوكرانيا، تعهّد حلفاء أوروبيون إنفاق مليارات إضافية على قواتهم المسلّحة.
هدف جديد للإنفاق
والوقت الراهن يتطلّع التحالف إلى تحديد هدف جديد للإنفاق في قمّته المقرّر أن تستضيفها ليتوانيا في يوليو المقبل، والحلفاء بغالبيتهم متّفقون على أن معدّل 2% بات "حداً أدنى وليس سقفاً" للإنفاق الوطني.
لكن دولاً تواجه صعوبات في بلوغ ذاك المعدّل تتردّد في إقرار هدف يتخطى قدراتها أو جعل التعهّدات ملزمة إلى حد كبير.
وتوقّع دبلوماسيون في حلف الناتو، أن يستمر التجاذب حول التعهّد الاستثماري الجديد في القطاع الدفاعي، وهو أمر يتطلّب إجماع كل الحلفاء، حتى موعد القمة المقرّرة في منتصف يوليو.
وفي قمة الحلف في ويلز في عام 2014، وافق قادة الناتو على التحرك نحو إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي في دولهم على الدفاع في غضون عقد.
وكان ذلك القرار رد فعل، لما ارتأى الحلف أنه "تدهور شديد" في الوضع الأمني في أوروبا، بعد أشهر من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
وبعد 10 أعوام تقريباً من تعهد ويلز، وبعد عام من غزو روسيا لأوكرانيا، بدأ الحلفاء مباحثات منذ بضعة أسابيع بشأن طريقة ضبط مستهدف الإنفاق.
انتشار عسكري
في غضون ذلك، يتجه حلف شمال الأطلسي، إلى وضع خطط جديدة لتسريع جهوده الخاصة بنشر معدات عسكرية وعشرات الآلاف من القوات على طول حدوده الشرقية مع روسيا، بحيث يمكن أن توفر المساعدة خلال فترة قصيرة، وسط توقعات بألا يفي جميع الأعضاء بوعودهم للمساهمة في هذه الخطط، وفق مجلة "بوليتيكو".
ونقلت المجلة عن أحد كبار المسؤولين العسكريين في "الناتو"، الذي لم تكشف هويته، قوله: "أعتقد أننا بحاجة إلى العديد من القوات لمواجهة روسيا، مع ضرورة وجود المزيد من القوات التي تكون في حالة استعداد".
وقال مسؤول عسكري كبير في الناتو: "سنطلب من الدول ما نحتاجه لجعل الخطط قابلة للتنفيذ، وذلك بناءً على النتائج التي توصلنا إليها"، معرباً عن اعتقاده أن "الجزء الأصعب هو شراء المعدات".
وأفادت المجلة الأميركية، بأنه من أجل تحقيق ذلك فإنه يجب على الناتو، إقناع الدول الأعضاء بالمساهمة في الخطة بعدة عناصر مختلفة بما في ذلك الجنود، والتدريبات، والبنية التحتية الأفضل، والأهم من ذلك، توفير كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات والذخيرة باهظة الثمن.
اقرأ أيضاً: