أوروبا ترفع حجم الإنفاق العسكري العالمي إلى مستويات قياسية

time reading iconدقائق القراءة - 10
مروحية تابعة للجيش الأميركي تنقل مركبة عسكرية خلال مناورات في قاعدة "ميهايل كوجالنيشينو" الجوية قرب مدينة كونستانتسا شرقي رومانيا. 30 يوليو 2022 - AFP
مروحية تابعة للجيش الأميركي تنقل مركبة عسكرية خلال مناورات في قاعدة "ميهايل كوجالنيشينو" الجوية قرب مدينة كونستانتسا شرقي رومانيا. 30 يوليو 2022 - AFP
ستوكهولم/ دبي -الشرقأ ف ب

سجل الإنفاق العسكري العالمي رقماً قياسياً للمرة الثامنة على التوالي، إذ بلغ 2.24 تريليون دولار، أو 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مدفوعاً بارتفاع الإنفاق الأوروبي على الجيوش، والذي شهد أكبر زيادة سنوية في 30 عاماً على الأقل.

وبلغت نسبة حجم الإنفاق العسكري لأكبر ثلاثة دول مُنفقة في عام 2022، وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا، 56% من إجمالي الإنفاق العالمي، وفقاً لدراسة جديدة نشرها "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" (SIPRI)، الاثنين.

ارتفاع غير مسبوق

وسجل الإنفاق العسكري في أوروبا عام 2022 ارتفاعاً بوتيرة سريعة غير مسبوقة، إذ وصل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا إلى مستويات لم تشهدها القارة منذ حقبة الحرب الباردة.

وعززت أوروبا إنفاقها على جيوشها عام 2022 بنسبة 13% أكثر مقارنة بالأشهر الـ12 السابقة، في عام طغى عليه الغزو الروسي لأوكرانيا.

وهذه الزيادة هي الأكبر منذ أكثر من 30 عاماً، وتشكل بسعر الدولار الثابت عودة إلى مستوى الإنفاق عام 1989 مع سقوط جدار برلين.

الغزو الروسي لأوكرانيا

وأشارت الدراسة إلى أن أوكرانيا وحدها ضاعفت إنفاقها العسكري 7 مرات ليصل إلى 44 مليار دولار، أو ثُلث ناتجها المحلي الإجمالي، مستفيدة من التبرعات بمليارات الدولارات من الأسلحة. وهذه أعلى زيادة سنوية لأي بلد تم تسجيله على الإطلاق في بيانات معهد "ستوكهولم".

ونتيجة لهذه الزيادة والأضرار التي لحقت بالاقتصاد الأوكراني جراء الحرب، قفز العبء العسكري (وهو الإنفاق العسكري باعتباره حصة من الناتج المحلي الإجمالي) إلى 34% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مقارنة بـ3.2% عام 2021.

وأظهرت التقديرات في الوقت ذاته ارتفاع الإنفاق الروسي على السلاح بنسبة 9.2% في عام 2022، ليسجل نحو 86.4 مليار دولار، بما يعادل 4.1% من إجمالي الناتج المحلي الروسي في 2022، وارتفاعاً من 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021.

وتُظهر الأرقام التي نشرتها روسيا في أواخر عام 2022 أن الإنفاق على الدفاع الوطني، الوجهة الأكبر للإنفاق العسكري الروسي، كان "بالفعل أعلى بنسبة 34%، بالقيمة الاسمية، منه في خطط الميزانية الموضوعة في عام 2021".

وقال لويس بيرود سودرو، مدير برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة التابع لـ"معهد ستوكهولم"، إن "الاختلاف بين خطط ميزانية روسيا وإنفاقها العسكري الفعلي في عام 2022 يشير إلى أن غزو أوكرانيا كلف روسيا أكثر بكثير مما توقعت".

ورغم ذلك، أثرت المساعدات العسكرية لأوكرانيا، والمخاوف بشأن التهديد المتزايد من روسيا إلى جانب التوترات المتفاقمة في منطقة شرق آسيا، بقوة على قرارات إنفاق الكثير من الدول الأخرى، وفقاً لبيانات المعهد.

زيادة متوقعة

والإنفاق العسكري في أوروبا الذي بلغ إجمالاً 480 مليار دولار خلال عام 2022، كان قد ارتفع فعلياً بنحو الثلث خلال العقد الماضي، وهو مرشح أن يتسارع أكثر خلال العقد المقبل.

كما عاد الإنفاق العسكري العالمي للارتفاع منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بعد انخفاض حاد في التسعينيات.

وجاء هذا المنحى التصاعدي في البداية نتيجة للاستثمارات الصينية الضخمة في قواتها العسكرية، وما أعقب ذلك من تطورات إثر ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014.

وزادت عدة دول حجم إنفاقها العسكري بدرجة كبيرة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، فيما أعلنت دول أخرى خططاً لزيادة مستوى الإنفاق على فترات تصل إلى 10 سنوات.
 
وحدد معهد "ستوكهولم" بعض أكبر الزيادات في "فنلندا بنسبة 36%، وليتوانيا بنسبة 27%، والسويد بنسبة 12% وبولندا بنسبة 11%".

وما يفسر ارتفاع الإنفاق العسكري أيضاً الكلفة الباهظة للأسلحة المتطورة تقنياً، كما في حالة فنلندا التي اشترت العام الماضي 64 طائرة مقاتلة أميركية من طراز "إف-35".

أميركا في الصدارة رغم التضخم

تبقى الولايات المتحدة أكبر دولة في العالم من حيث حجم إنفاقها العسكري الذي بلغ 877 مليار دولار في عام 2022، ليشكل 39% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي وأكثر من 3 أضعاف ما أنفقته الصين، التي جاءت في المرتبة الثانية بنسبة 13%، ومعاً تشكلان أكثر من نصف الإنفاق العسكري العالمي.

وتوقع معهد "ستوكهولم الدولي"، أن الزيادة الفعلية التي بلغت 0.7% في الإنفاق الأميركي في عام 2022 "كانت سترتفع إلى مستويات أعلى، لولا وصول التضخم إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 1981".

وبلغ إجمالي حجم المساعدات العسكرية المالية التي قدمتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا 19.9 مليار دولار في عام 2022. ورغم أن هذه القيمة شكلت "أكبر مبلغ مساعدات عسكرية قدمته أي دولة إلى مستفيد واحد في أي عام منذ الحرب الباردة"، إلا أنه يمثل فقط "2.3% من إجمالي الإنفاق العسكري الأميركي".
 
وفي عام 2022، خصصت الولايات المتحدة "295 مليار دولار للعمليات والصيانة العسكرية، و264 مليار دولار للمشتريات والبحث والتطوير، و167 مليار دولار للأفراد العسكريين"، وفقاً لبيانات المعهد.

الصين واليابان تقودان الزيادة

وبلغ حجم الإنفاق العسكري لدول آسيا وأوقيانوسيا مجتمعة 575 مليار دولار، ما يزيد بنسبة 7.2% عما كان عليه عام 2021، و45% عن عام 2013، وهو ما اعتبرت الدراسة أنه يمثل "استمراراً للاتجاه التصاعدي المطرد الذي يعود تاريخه إلى عام 1989 على الأقل".

وأشار المعهد إلى أن الصين تبقى "ثاني أكبر دولة في العالم من حيث حجم الإنفاق العسكري"، إذ خصصت "ما يقدر بـ292 مليار دولار لإنفاقها العسكري في عام 2022، بزيادة قدرها 4.2% عن عام 2021، و63% عن عام 2013". وشهد حجم الإنفاق العسكري الصيني "زيادة مطردة على مدى 28 عاماً متتالية".

وفي اليابان، شهد الإنفاق العسكري زيادة بنسبة "5.9% في الفترة بين عامي 2021 و2022 ليصل إلى 46 مليار دولار، ما يعادل 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي،" وهو أعلى مستوى للإنفاق العسكري منذ عام 1960.

وأطلقت استراتيجية الأمن القومي الجديدة، التي نُشرت في عام 2022، "خططاً طموحة لزيادة القدرة العسكرية اليابانية على مدى العقد المقبل"، رداً على التهديدات المتفاقمة من الصين وكوريا الشمالية وروسيا.

وقال شياو ليانج، الباحث في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة التابع لـ"معهد ستوكهولم"، إن اليابان تشهد "تحولاً جذرياً في سياستها العسكرية"، مضيفاً: "يبدو أن اليابان تتحلل من القيود التي فرضتها في فترة ما بعد الحرب على إنفاقها العسكري وقدراتها العسكرية".

تطوّرات مهمة

وأشارت بيانات لمعهد ستوكهولم الدولي إلى "تباطؤ الزيادة الفعلية في حجم الإنفاق العسكري العالمي في عام 2022"، بسبب "تأثيرات التضخم" الذي ارتفع في العديد من الدول إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود. وبالقيمة الاسمية (أي بالأسعار الحالية من دون التكيف مع معدلات التضخم)، "زاد إجمالي الإنفاق العالمي إلى 6.5%".

ويأتي الإنفاق العسكري للهند، الذي تبلغ قيمته 81.4 مليار دولار، في المرتبة الرابعة كأعلى معدل إنفاق عسكري في العالم بزياد قدرها 6% عن ما كان عليه في عام 2021.

كما ارتفع حجم الإنفاق العسكري للسعودية في عام 2022، وهي الدولة الخامسة في العالم من حيث حجم إنفاقها العسكري، بنسبة 16% ليصل إلى ما يُقدر بنحو 75 مليار دولار، في أول زيادة منذ عام 2018.

وتعد بريطانيا أكبر منفق على الأسلحة في أوروبا، إذ تأتي في المرتبة السادسة بإجمالي 68.5 مليار دولار أي 3.1% من الإنفاق العسكري العالمي، متقدمة على ألمانيا التي سجلت 2.5%، وفرنسا بنسبة 2.4%، وهي أرقام تشمل التبرعات لأوكرانيا.

في حين تراجع حجم الإنفاق العسكري في نيجيريا بنسبة 38% عند 3.1 مليار دولار بعد ارتفاع بنسبة 56% في عام 2021.

وبلغ إجمالي حجم الإنفاق العسكري للدول الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) 1232 مليار دولار في عام 2022، ما يعادل زيادة بنسبة 0.9% عما كان عليه في عام 2021.

وفي عام 2022، تراجع حجم الإنفاق العسكري في تركيا للعام الثالث على التوالي ليصل إلى 10.6 مليار دولار، ما يمثل انخفاضاً بنسبة 26% عما كان عليه في عام 2021.

وارتفع حجم الإنفاق العسكري الإثيوبي بنسبة 88% في عام 2022 ليصل إلى مليار دولار بالتزامن مع تجدد الهجوم الحكومي على "جبهة تحرير شعب تيجراي" في شمال البلاد.  

اقرأ أيضاً:

تصنيفات