وثائق البنتاجون: إيران هربت أسلحة إلى سوريا عبر مساعدات الزلزال

time reading iconدقائق القراءة - 8
قوات التحالف الدولي تجري تدريبات في شرق سوريا. 3 يناير 2023 - Facebook/CJTFOIR
قوات التحالف الدولي تجري تدريبات في شرق سوريا. 3 يناير 2023 - Facebook/CJTFOIR
دبي -الشرق

اتهمت وثائق استخباراتية أميركية سرية مُسرّبة إيران ووكلائها بتهريب شحنات أسلحة مخبأة وسط مساعدات إنسانية إلى سوريا، عقب الزلزال المدمر، الذي أودى بحياة عشرات الآلاف في وقت سابق من هذا العام، استخدموها في شن هجمات على قوات أميركية هناك، وفقاً لما أوردته صحيفة "واشنطن بوست" وما نقلته عن مسؤول عسكري إسرائيلي قالت إنه "مطلع".

واعتبرت الصحيفة أن هذا الاكتشاف الوارد ضمن وثائق عسكرية أميركية سرية، تم تسريبها عبر منصة "ديسكورد" لتبادل الرسائل، وحصلت على نسخة منها، يثير تساؤلات خطيرة بشأن قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على اعتراض الأسلحة إيرانية المصدر، التي تستخدم بشكل متكرر، لاستهداف عسكريين أميركيين، وقوات حليفة ومدنيين في منطقة الشرق الأوسط.

والوثيقة بالغة السرية، التي لم يُكشف عنها من قبل، تُسلط الضوء على تقارير سابقة بشأن الجهود الإيرانية المشتبه بها لإخفاء معدات عسكرية دفاعية داخل شحنات مساعدات كانت متجهة إلى سوريا في أعقاب كارثة زلزال فبراير التي دمرت مناطق شاسعة في سوريا وجارتها تركيا.

ورفض مسؤول عسكري أميركي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة الكشف عن المعلومات الحساسة، التعليق على صحة الوثيقة، لكنه اكتفى بالقول إن النشاط الذي تناولته الوثيقة يتوافق مع جهود سابقة قام بها الحرس الثوري الإيراني "لاستخدام مساعدات إنسانية متجهة إلى العراق وسوريا كوسيلة لتوفير مواد لمجموعات موالية له".

ولم ترد البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة على طلب من الصحيفة للتعليق على تلك المعلومات.

والشهر الماضي، قال مسؤولون إيرانيون لوكالة "رويترز" إن تقريرها الذي يتضمن تفاصيل، نسبتها إلى 9 أشخاص في سوريا وإيران وإسرائيل والغرب، بشأن استخدام طهران المزعوم لطائرات شحن لتهريب منظومات دفاع جوي إلى سوريا تحت ستار مساعدات الزلزال بأنه "غير صحيح". 

"أسلحة ومسيرات"

وشملت عمليات تهريب إيران لأسلحة هجومية إلى سوريا "أسلحة صغيرة وذخائر وطائرات مسيرة غير محددة"، وفقاً لتقييم الاستخبارات الأميركية المسرب.

وقالت الوثيقة إن هذه الشحنات "سلمت باستخدام قوافل سيارات قادمة من العراق، بالتنسيق مع مجموعات مسلحة موالية وفيلق القدس"، وهو وحدة التدخل السريع الإيرانية المتخصصة في إدارة مقاتلين بالوكالة وجمع معلومات استخباراتية.

من جانبه، قال المسؤول العسكري الإسرائيلي، الذي تحدث بشرطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة معلومات حساسة مثل غيره ممن التقتهم "واشنطن بوست" لإعداد تقريرها، إن فيلق القدس "متورط" في هذا النشاط.

وذكرت الوثيقة الاستخباراتية أن إيران ووكلائها تحركت سريعاً في أعقاب الزلزال مباشرة، من أجل استغلال حالة الفوضى التي خلفها الزلزال. 

وأشارت إلى أنه في 7 فبراير، بعد يوم واحد من وقوع الكارثة التي دمرت عشرات المنازل والمباني الأخرى، ما أدى إلى انطلاق جهود إنقاذ يائسة، يشتبه أن مجموعة مسلحة مقرها العراق "نسقت نقل بنادق وذخيرة و30 طائرة مسيرة، مخبأة جميعها في قوافل مساعدات، لدعم هجمات مستقبلية على قوات أميركية في سوريا".

وأضافت الوثيقة المسربة أنه "في 13 فبراير، وجه ضابط في فيلق القدس مجموعة مسلحة عراقية إلى "إخفاء أسلحة داخل مساعدات الزلزال المشروعة"، لافتة إلى أن ضابطاً آخر في "فيلق القدس" احتفظ بقائمة من "مئات المركبات والسلع التي دخلت إلى سوريا من العراق بعد الزلزال، في محاولة كما يبدو لإدارة المواقع التي تتجه إليها جميع الأسلحة المهربة.

وجاء في التقييم الأميركي أن "قائد أركان الحشد الشعبي" متورط أيضاً، في إشارة واضحة إلى أبو فدك المحمداوي، وهو مسؤول رفيع في قوات "الحشد الشعبي" العراقية.

ويتلقى تحالف الفصائل الشيعية الموالية لإيران، في كثير من الأحيان، تمويلاً من الحكومة العراقية من خلال كيانه الرسمي "لجنة الحشد الشعبي".

نفي عراقي

لكن الجماعة نفت المزاعم بشأن استغلال عناصر موالية لها شحنات مساعدات إنسانية كوسيلة لاستلام أسلحة. 

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية مؤيد السعدي إن حِزم المساعدات "حصلت على موافقة الحكومة العراقية ووصلت إلى السوريين المحتاجين".

وأضاف أن "هذه المزاعم لن تثني الشعب العراقي عن مساعدة إخوانه السوريين والوقوف إلى جانبهم في محنتهم الإنسانية بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو غيرها".

ووفقاً لـ"واشنطن بوست"، سلطت نتائج الوثيقة الاستخباراتية المسربة الضوء على حقيقة مزعجة، وهي أنه "حتى مع استمرار 2500 من العسكريين الأميركيين في الخدمة في العراق كمستشارين، والعمل إلى جانب الجيش العراقي، لكن يبدو أن الحكومة في بغداد غير مستعدة لملاحقة مسلحي الحشد الشعبي الذين يشكلون تهديداً لكلا الجيشين".

ورفض المتحدث باسم رئاسة الوزراء العراقية تقديم رد رسمي، فيما نفى مسؤول رفيع في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني النتائج التي توصلت إليها الوثيقة الأميركية، ووصفها بأنها "مزيفة"، وشدد على أنه "لا توجد ذريعة لإمداد جماعات في سوريا تعمل مع إيران بالأسلحة".
 
وأضاف أنه "في الواقع الحدود مفتوحة على مصراعيها، ولا نزال نعاني من عمليات التسلل غير الشرعية عبر الحدود السورية، ما يعني أنه إذا كانت هذه الوثائق صحيحة، فإن بإمكاننا تهريب أسلحة في أي وقت، فما الذي يجعنا ننتظر قافلة مساعدات كمبرر؟"، وفقا لما أوردته "واشنطن بوست".
 
وقالت الوثيقة الاستخباراتية المسربة إن إسرائيل "استهدفت قوافل يشتبه في ضلوعها بنقل أسلحة إلى سوريا ولبنان"، لكن "مخاطرة استهداف إمدادات إنسانية مقدمة بحسن نية حملت تحديات".



ورجحت الوثيقة أن يواصل الإسرائيليون جهود الاعتراض، لافتة إلى أنهم بحاجة إلى "تأكيد استخباراتي أكثر دقة، قبل استهداف شحنات المساعدات المزعومة". 

تهديدات "مستمرة"

ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن التهديدات التي تشكلها جماعات موالية لإيران "لا تزال مستمرة" في سوريا، حيث يعمل نحو 900 جندي أميركي مع قوات محلية لمنع عودة ظهور تنظيم "داعش".

ففي مارس الماضي، سقط المتعاقد الأميركي سكوت دوبيس أثناء عمله في قاعدة أميركية قرب مدينة الحسكة شمال شرق سوريا، في "هجوم طائرة مسيرة إيرانية الصنع"، أسفر عن إصابة متعهد آخر، وجُرح عدد من الجنود الأميركيين في الرأس جراء الانفجار، حسبما ذكرت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون".

وأضاف المسؤول العسكري الأميركي، أن "المسؤولين الأميركيين واثقون من أن الطائرة المسيرة التي قتلت المتعاقد الأميركي لم تُهرّب إلى داخل البلاد عبر إحدى قوافل مساعدات الزلزال"، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وبحسب ما نقلته "واشنطن بوست" عن مسؤول عسكري أميركي ثانٍ، فإن الموقع الذي كان يعمل فيه دوبيس أثناء الهجوم "لم يكن محصناً مثل بقية القاعدة".

وأضاف المسؤول أن نظام الدفاع الجوي Avenger "كان موجوداً للحماية من التهديدات الجوية"، ولا تزال أسباب فشل النظام في الاشتباك مع الطائرة المسيرة "غير واضحة".
 
وبعد مصرع دوبيس بفترة قصيرة، قصفت مقاتلات أميركية فصائل مسلحة موالية لإيران، يُعتقد أنها مسؤولة عن الهجوم، في ما وصفته "واشنطن بوست" بأنه "تحذير شديد اللهجة" لطهران من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي قال إن "الولايات المتحدة سترد بقوة على أي هجمات يتعرض لها الجنود الأميركيون".

وقال مايك دوبيس، الشقيق الأكبر لسكوت دوبيس، لـ"واشنطن بوست"، إن المسؤولين الأميركيين لم يقدموا لعائلته أي تفاصيل بشأن التحقيق.

وأشار إلى أن نقص المعلومات "يبعث على الإحباط"، لأن "هناك أسئلة خطيرة لا تزال تثير حيرة الأميركيين" بشأن الطريقة التي تمكن بها المسلحون من اختراق دفاعات قاعدة عسكرية أميركية، مضيفاً: "يبدو أن ما يتم عمله ليس كافياً لمنع هذه الهجمات". 

اقرأ أيضاً: 

تصنيفات