قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، السبت، إن الحوار بين الولايات المتحدة والصين "ضروري" وسيتيح تجنب حسابات خاطئة قد تؤدي إلى نزاع، مشدداً على أن بلاده لا ترغب في الدخول بحرب باردة جديدة.
جاءت تصريحات أوستن خلال مؤتمر "حوار شانجريلا" الأمني في سنغافورة، بعدما رفضت الصين طلباً أميركياً لعقد اجتماع رسمي بين وزيري دفاع البلدين على هامش المؤتمر.
وذكر أوستن أنه "قلق بشدة بسبب عدم استعداد جمهورية الصين الشعبية للمشاركة بجدية أكبر حول وضع آليات أفضل لإدارة الأزمة بين جيشينا".
وقال إن الولايات المتحدة تعتقد أن "خطوط اتصال مفتوحة مع جمهورية الصين الشعبية أمر ضروري، لا سيما بين مسؤولي الجيش والدفاع" في البلدين.
وأضاف: "كلما تحدثنا أكثر أمكننا تجنب سوء الفهم وسوء التقدير الذي قد يؤدي إلى أزمة أو نزاع".
وسارع الوفد الصيني للرد على كلمة أوستن، وقال الكولونيل تانج هيفي، المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، إن وزير الدفاع الأميركي "أدلى بالعديد من الاتهامات الكاذبة" في كلمته، وأضاف للصحافيين "نعارض ذلك".
وقال عضو آخر في الوفد الصيني، هو الكولونيل تجاو شياوتجو، إنه ليس من شأن واشنطن أن تملي على الصين ما تفعله.
وأضاف: "ما نقوم به في الجيش الصيني يستند إلى المصالح الجوهرية للأمن الصيني، وهو المسألة الأساسية".
وقال تجاو لوكالة "فرانس برس" إن رفع العقوبات "أحد الشروط المسبقة لإجراء محادثات جوهرية".
"لا نريد حرباً باردة"
وكانت الولايات المتحدة دعت الصين لعقد لقاء بين وزير الدفاع الصيني لي شانجفو وأوستن على هامش المؤتمر، لكن بكين رفضت، وقالت متحدثة رسمية باسمها إن "الولايات المتحدة تعرف بوضوح سبب وجود صعوبات حاليا في التواصل العسكري" بين البلدين.
وفرضت الإدارة الأميركية، عام 2018، عقوبات على لي شانجفو بعد أن اتهمته بالمساعدة في نقل طائرات مقاتلة من طراز Su-35 ومعدات نظام صواريخ S-400 من شركة الأسلحة الروسية Rosoboron export إلى الصين، لكن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) تقول إن ذلك لا يمنع أوستن من إجراء حوار رسمي مع لي الذي أصبح وزيراً للدفاع في مارس الماضي.
والتقى أوستن نظيره الصيني، الجمعة، على هامش "حوار شانجريلا" وتصافحا، إلّا أنه لم يجر بينهما "حوار جوهري"، بحسب بيان للبنتاجون.
ونشرت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية التابعة للدولة مقطع فيديو يُظهر مصافحة أوستن ولي، مشيرةً إلى أنه أول لقاء يجمع بين الطرفين منذ تولي لي وزارة الدفاع الصينية.
وأسف أوستن خلال المؤتمر قائلاً إن "مصافحة ودية في حفل عشاء ليست بديلاً عن التزام جوهري"، مضيفاً: "لا تسعى الولايات المتحدة إلى حرب باردة جديدة. لا بد ألا تتحول المنافسة إلى صراع".
قضية تايوان
يأتي ذلك في وقت وصلت فيه العلاقة بين الولايات المتحدة والصين إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، إذ يظل البلدان منقسمان بشدة حول كل شيء بدءاً من مسألة سيادة تايوان وحتى قضايا التجسس والنزاعات على السيادة في بحر الصين الجنوبي.
وقال أوستن إن الولايات المتحدة "ملتزمة بشدة" بالحفاظ على الوضع الراهن في تايوان ومعارضة التغييرات أحادية الجانب الصادرة من أي من الطرفين.
وأضاف: "ليس الصراع وشيكاً ولا محتوماً. الردع قوي اليوم ووظيفتنا هي الحفاظ عليه بذلك الشكل".
ويجري أوستن حالياً جولة آسيوية، قادته إلى اليابان وستشمل أيضاً زيارة للهند، وتأتي في إطار جهود واشنطن لتعزيز تحالفاتها وشراكاتها في المنطقة في مواجهة تصاعد نفوذ الصين.
الاستقرار في "الإندو-باسيفيك"
من ناحية أخرى، قال مسؤولون من الفلبين وبريطانيا وكندا، السبت، في قمة حوار شانجريلا إن التعاون ضروري للسلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي (الإندو-باسيفيك)، بما في ذلك التعاون بين الدول خارج المنطقة.
ووافقت تصريحاتهم تعليقات سابقة لوزير الدفاع الأميركي أوستن الذي شدد على أن التواصل والتعاون، لا القوة العسكرية فحسب، ضروريان لإبقاء المنطقة آمنة ومستقرة.
وقالت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند: "لدى كندا حرص شديد على بناء منطقة مستقرة ومتوازنة".
وأضافت: "ماذا يعني هذا؟ يعني منطقة للمحيطين الهندي والهادي تسود فيها القواعد والأعراف الدولية وتشترك فيها كل الجهات الفاعلة بشكل مسؤول، ومنطقة للمحيطين الهندي والهادي تُحل فيها النزاعات بسلام، ومنطقة للمحيطين الهندي والهادي حرة ومنفتحة وشاملة في نهاية المطاف".
وقال كبير وكلاء وزارة الدفاع الفلبينية والقائم بأعمالها كارليتو جالفيز جونيور إن تنامي التنافس في المنطقة زاد الحاجة إلى الحفاظ على سيادة القانون والسعي إلى الحوار.
وأضاف: "مثلما ورد في القول المأثور، الفصل بين كل دار من حسن الجوار... فقط حينما تكون بين الجيران حدود واضحة وتُحترم الحدود الراسخة، تظل العلاقات ودية بصدق".
وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إن بلاده ستواصل "انحيازها" إلى منطقة المحيطين الهندي والهادي، وأشار إلى أن حضور حلف شمال الأطلسي (الناتو) في آسيا ليس خارجاً على العرف في ظل مراعاة أن روسيا "عدوانية تماماً في هذه المنطقة... وما تزال تحتفظ بأسطول بحري ضخم".
اقرأ أيضاً: