الطريق إلى موسكو.. كيف تجهز أوكرانيا "جيش المسيرات"؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
مجندون أوكرانيون يتدربون على استخدام طائرات مسيرة. 24 مارس 2023 - REUTERS
مجندون أوكرانيون يتدربون على استخدام طائرات مسيرة. 24 مارس 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

عززت هجمات بالطائرات المسيرة استهدفت العاصمة الروسية موسكو الأسبوع الماضي الشكوك بشأن تطور البرنامج السري للمسيرات في أوكرانيا، بحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية.

وقالت الشبكة إن الهجمات الأخيرة بالمسيرات على مصافي النفط داخل روسيا وأهداف أخرى في العاصمة موسكو يشير إلى أن أوكرانيا تطور نماذج يمكنها التخفي لتجاوز الرادارات واختراق عمق الأراضي الروسية.

وتعرضت روسيا لهجمات متكررة في الأسابيع الأخيرة وعانت من توغل كبير عبر الحدود وهجمات بطائرات مسيرة على مناطق من بينها موسكو، ومصافي النفط في جنوب البلاد، ومستودع وقود بالقرب من جسر استراتيجي يربط البر الرئيسي الروسي بشبه جزيرة القرم.

"تجيد التخفي"

تحت شمس الصيف الحارقة في مكان غير معلوم في أوكرانيا، تقترب طائرة مسيرة لا يمكن رؤيتها من بعيد، إذ يصعب اكتشاف الطائرة التي يتم التحكم فيها عن بعد، كما يكاد يكون من المستحيل سماعها.

يقول صانع المُسيّرات الأوكراني فاليري بوروفيك، إنها "تجيد التخفي للغاية.. نحن نسميها فيدسيتش (كلمة أوكرانية تعني الصد)"، مشيراً إلى أنها "مسيَّرة قتالية مصممة لمهاجمة المواقع الروسية". 

وبحسب شبكة "سي إن إن"، يعد بوروفيك واحداً من عشرات المطورين للطائرات المسيرة الذين ظهروا في جميع أنحاء أوكرانيا.

وظهرت الموجة الأولى من المطورين عندما سيطرت روسيا على شبه جزيرة القرم وأجزاء من إقليم دونباس لأول مرة في عام 2014 ، وبعد ثماني سنوات أخرى عندما شنت موسكو غزوها واسع النطاق لأوكرانيا.

وتم نشر المسيّرات لأول مرة للمساعدة في تحديد مواقع الأهداف الروسية، أما الآن يعتقد الكثيرون أنها تستخدم لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية. 

ويقول بوروفيك إنه وفريقه طوروا (فيدسيتش) لاستخدامها مع طائرات المراقبة المسيّرة الأخرى التي قاموا ببنائها أيضاً.

ويضيف: "يبلغ مداها 40 كيلومتراً ويمكنها حمل رأس حربي يتراوح وزنه بين 2 و3 كيلوجرامات. نحن نركز هجماتنا في الغالب على معدات روسية باهظة الثمن". 

ويوضح أن شركته بصدد زيادة إنتاجها بعد توقيع صفقة مع مصنع في أوكرانيا، ومن شأن ذلك زيادة الإنتاج من 50 طائرة مسيرة شهرياً إلى أكثر من ألف، كما أن لدى الشركة نماذج عدّة من جميع الأشكال والأحجام، بحسب قوله.

ولا يعد ما تنتجه شركة بوروفيك سوى جزء صغير من صناعة مبنية على البراعة الأوكرانية وغريزة البقاء، والتي تحرص حكومة البلاد والجيش على دعمها، وفق "سي إن إن".

"جيش الطائرات المسيّرة"

وفي ساحة مفتوحة بضواحي كييف، عاينت "سي إن إن" عدداً من صانعي المسيرات الأوكرانيين والأجانب أثناء مشاركتهم في مسابقة للمسيرات تنظمها وزارة التحول الرقمي الأوكرانية.

ونقلت الشبكة عن نائب رئيس الوزراء ووزير التحول الرقمي ميخائيلو فيدوروف القول: "نجري دراسات مختلفة كل بضعة أسابيع، ونرى ما يحدث في هذا الاتجاه، ونبحث عن مطوري طائرات مسيرة جدد، وندرس النتائج. من المهم جداً بالنسبة لنا العثور على شركات يمكنها التوسع والنظر في تنسيقات استخدام جديدة، لأن هذه حرب تكنولوجية".

ويضع هذا الحدث صانعي الطائرات المسيرة قيد الاختبار، مما يجبرهم على إظهار قدراتهم الإبداعية في مهاجمة الأهداف الأرضية، ومطاردة الطائرات المسيرة ذات الأجنحة الثابتة.

وعندما بدأت روسيا غزوها كان لدى أوكرانيا عدد قليل من الدبابات والطائرات والصواريخ، لكن الطائرات المسيرة رخيصة وسهلة الإنتاج نسبياً وهي الصفات التي يقول فيدوروف إنها ساعدت على أن تصبح "مغيراً للعبة" في المجهود الحربي للبلاد.

ويوضح قائلاً: "أصبحت الطائرات المسيرة أكثر أهمية على خط المواجهة لأنها فرصة للقيام بضربة محددة، مما يساعد على تضييق نطاق تركيز المدفعية. لذلك نحن بحاجة إلى عشرات الآلاف من الطائرات المسيرة كل شهر". 

ويعد هذا جزءاً من مبادرة حكومية تسمى "جيش الطائرات المسيرة" التي خففت قيود الاستيراد والضرائب على تكنولوجيا الطائرات المسيرة، مما حفز تطوير صناعة محلية لتزويد جيش البلاد بشكل أفضل.

سهلة الاستخدام

ويقول دينيس سيجا أحد المشاركين في الحدث: "لقد أثبتت طائرتنا المسيرة فعاليتها الكبيرة، لأنه يتم تفكيكها بسرعة ويمكنك العمل فوراً بعد 5 دقائق. يمكنك مغادرة منطقة العمل بسرعة لإنقاذ حياة مشغلي هذه المسيرات". 

ويضيف سيجا أن الطائرات المسيرة كانت هواية قبل الحرب، ثم أصبحت لا غنى عنها. وتابع: "إنها سهلة الاستخدام للغاية، خاصة إذا كان المشغلون قد استخدموا مسيّرات مماثلة. أعتقد أن المشغلين سيفهمون بشكل حدسي كيفية العمل معها".

وهذا جزئياً ما يبحث عنه الجيش الأوكراني، لكن الرجل المسؤول عن شراء الطائرات المسيرة للجيش الأوكراني، العميد يوري شيهول، يقول إن المُسيّرات غيرت الحرب، لافتاً إلى أن كييف يمكنها استخدام جميع أنواع الطائرات المسيرة.

ويقول رئيس جهاز الدولة للاتصالات الخاصة في أوكرانيا: "كل نوع من الطائرات المسيّرة له تطبيق مختلف تماماً. هناك حاجة إلى طائرات مسيرة رخيصة وغير مكلفة. وكلما زاد عدد النماذج لدينا، زادت قنوات الاتصال، وكان عملنا أكثر كفاءة".

ويرى شيهول أن الهدف النهائي هو الإنتاج الضخم، مضيفاً: "تنتج حوالي 30 شركة في أوكرانيا بالفعل هذه الطائرات المسيرة بكميات كبيرة، وهدفنا هو شراء ما يصل إلى 200 ألف مسيرة بحلول نهاية العام".

وتابع: "لقد وقّعنا حتى الآن عقوداً لشراء ألفين، وهذا لبضعة أسابيع فقط. وكل أسبوع يتم توسيع نطاق هذه العملية".

"حمولات محدودة"

وعندما تم استهداف منطقة موسكو بطائرات مسيّرة، الثلاثاء، سارع الكرملين إلى إلقاء اللوم على أوكرانيا. لكن مسألة من أطلق تلك المسيرات وما نوعها ومن أين تم إطلاقها، لا تزال تمثل لغزاً.

وتشير الهجمات الأخيرة على مصافي النفط الروسية وأهداف أخرى إلى أن أوكرانيا تطور نماذج يمكنها اختراق عمق الأراضي الروسية، ولكن بحمولات محدودة.

وصور الطائرات المسيرة التي حلقت باتجاه موسكو، الثلاثاء، والشظايا التي يزعم أنها التقطت على الأرض، بعيدة كل البعد عن أن تكون حاسمة. لكن أحد النماذج، بتصميم جناح فولكان المميز، يبدو مشابهاً لطائرة مسيرة استخدمت ضد مصفاة نفط روسية في مدينة إليسك في أوائل مايو الماضي.

طائرات طويلة المدى

وإحدى الطائرات الأوكرانية المسيرة طويلة المدى هي UJ-22، التي تصنعها شركة Ukrjet ويبلغ مداها ما يصل إلى 800 كيلومتر (500 ميل).

وتحطمت طائرة مسيرة تشبه UJ-22 أو أسقطت على بعد حوالي 100 كيلومتر من موسكو في فبراير. وذكرت السلطات الروسية أنها لم تسبب أي أضرار.

ونشر المسؤول الأوكراني أنطون جيراشينكو صورة للطائرة المسيرة المحطمة، وقال إنها تبعد أكثر من 500 كيلومتر عن الحدود مضيفاً: "قريباً.. قد يخشى بوتين كثيراً من إظهار نفسه علناً لأن الطائرات المسيرة يمكن أن تصل إلى مسافات بعيدة". 

ولم تعترف أوكرانيا مباشرة بتنفيذ الهجوم، لكن عندما سئل فيدوروف عما إذا كانت الطائرات المسيرة الأوكرانية يمكن أن تصل إلى موسكو قال إن "هناك بعض الاختراقات على هذه الجبهة".

وأضاف: "نحن نزيد إنتاج الطائرات المسيرة بعيدة المدى. لا يمكنني التعليق على تفاصيل المهام هنا. ولكن في هذا الاتجاه، تحدث ثورة معينة أيضاً فيما يتعلق بتوسيع نطاق الإنتاج". 

ويعترف العديد من المطورين في مسابقة الطائرات المسيرة بأنهم يعملون على تطوير مسيرات يمكنها التحليق لمسافات أطول وحمل حمولات أكبر. وقد نجح بعضهم بالفعل، بوروفيك هو واحد منهم. 

ويقول: "من 15 كيلومتراً إلى 700 كيلومتر، اعتماداً على الرأس الحربي. ومع (رأس حربي يبلغ وزنه) 20 كيلوجراماً، يمكننا الذهاب إلى موسكو". 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات