السودان.. اشتباكات عنيفة في الخرطوم وضحايا في نيالا وشمال دارفور

time reading iconدقائق القراءة - 8
سيدة سودانية مع أطفالها فرت من النزاع المسلح في دارفور إلى منطقة على الحدود بين السودان والنيجر. 8 مايو 2023 - REUTERS
سيدة سودانية مع أطفالها فرت من النزاع المسلح في دارفور إلى منطقة على الحدود بين السودان والنيجر. 8 مايو 2023 - REUTERS
دبي/ الخرطوم-الشرقوكالات

تصاعدت حدّة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة أم درمان وإقليم دارفور، الاثنين، ما أدّى إلى سقوط مزيد من الضحايا، وسط تحذيرات أممية من تدهور الوضع الإنساني في البلاد، وذلك بعد أكثر من سبعة أسابيع من الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وقال سكان إنهم شاهدوا ارتفاع سحب الدخان في بعض المناطق بعد قتال عنيف واشتباكات واسعة في الخرطوم وأم درمان وبحري.

وأعلن مدير الإعلام في حكومة إقليم دارفور، موسى داود يحيى، أن أكثر من 23 شخصاً لقوا حتفهم في معارك عنيفة، الأحد، في مدينة كُتُم بولاية شمال دارفور.

وتسببت الحرب في نزوح أكثر من 1.2 مليون شخص داخل السودان، ودفعت نحو 400 ألف إلى الفرار إلى الدول المجاورة، وألحقت أضراراً جسيمة بالعاصمة التي أصبح ما بقي من السكان فيها تحت رحمة المعارك والضربات الجوية والنهب.

وأضاف موسى يحيى في تصريحات لوكالة "أنباء العالم العربي" أن "مدينة نيالا سقط فيها بين 40 و 50 شخصاً في الأسابيع الماضية"، مشيراً إلى أن مدينة الجنينة غربي دارفور تشهد حالياً "أوضاعاً مأساوية".

وتابع: "لا يمكن إحصاء عدد الضحايا الذين سقطوا جراء المعارك الدائرة، بسبب صعوبة الأوضاع الأمنية، وعدم القدرة على التواصل مع المناطق الأخرى".

ولفت يحيى إلى أن "هناك حالة فوضى كبيرة في دارفور، بسبب الحرب الدائرة من جهة، والأوضاع الأمنية المتردية أساساً قبل ذلك".

وأوضح: "الإقليم أصلاً كان يُعاني من أوضاع أمنية وإنسانية صعبة"، مشيراً إلى أن "دارفور كان يضم قبل الحرب مخيمات للنازحين الذين كانوا يعتمدون على المساعدات المقدمة من قبل المنظمات الدولية والمحلية، وبالتالي بات الوضع اليوم صعباً جداً".

وناشد يحيى المجتمع الدولي تقديم المساعدات الإغاثية إلى مدن الإقليم، كون السلطات المحلية "لم تعد قادرة على تحمل العبء الكبير الذي أفرزته الحرب على المواطنيين والنازحين على حد سواء".

وكان حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أعلن، الأحد، الإقليم منطقة منكوبة مع استمرار أعمال "النهب والقتل". وقال عبر "تويتر" إن "مدينة كتم تشهد انتهاكات فظيعة مماثلة لما حدث في مدينة الجنينة".

وأضاف مناوي: "مع بدء الحرب، غادرت المنظمات الإغاثية مدن الإقليم، الأمر الذي شكل ضغطاً كبيراً، ونقصاً حاداً في المواد الغذائية والدوائية للنازحين في المخيمات، والذين نزحوا إلى مناطق أكثر أمناً".

وكان الجيش السوداني نفى في وقت سابق سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة كُتُم.

دمار كبير

ونقلت وكالة "أنباء العالم العربي AWP" عن شهود عيان قولهم إن مدن إقليم دارفور الخمسة تشهد أوضاعاً صعبة في ظل تصاعد وتيرة العنف.

وقال عبد المنعم محمد مادبو إن "مليشيات مسلحة اجتاحت مدينة نيالا جنوبي دارفور، ونفذت عمليات سرقة ونهب لأغلب المحال التجارية والأسواق والبنوك، كما تعرضت المصارف لعمليات نهب واسعة النطاق خلال الأيام الماضية".

وأضاف: "مدينة الجنينة معزولة عن العالم الخارجي، جراء المعارك الضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وأيضاً بين المدنيين أنفسهم، كونه قبل بدء الحرب الحالية، كانت هناك حرب قبلية بين القبائل العربية وغير العربية في إقليم دارفور".

وأشار مادبو إلى أن حجم الدمار الذي طال كافة المؤسسات الحكومية في مدينة نيالا كبير جداً، إذ لم ينج إلّا المستشفى، بحسب قوله، مرجعاً ذلك إلى "المعارك والقصف، وأيضاً إلى اجتياح عصابات مسلحة تستقل دراجات نارية أرجاء المدينة وتسلب كل ما يأتي في طريقها".

من جانبها، أعلنت نقابة أطباء السودان أنه تم نقل عدد من الجرحى لتلقي العلاج بمستشفى الفاشر (جنوب)، بينما لا يزال بعضهم يواجه صعوبات في الوصول إلى المنافذ العلاجية.

واعتبرت النقابة، في بيان أن "استمرار هذه الحرب ستدفع ثمنه بلادنا دماءاً عزيزة من خيرة أبنائها وبناتها، وواجب الساعة إيقافها".

غضب في الكونغو

أعلنت جمهورية الكونغو الديمقراطية الاثنين أنّ عشرة من رعاياها لقوا حتفهم الأحد في الخرطوم في قصف طال حرماً جامعياً.

وقال وزير الخارجية الكونغولي كريستوف لوتوندولا في بيان إنّه تلقّى "بذهول شديد" نبأ مصرع هؤلاء المواطنين العشرة "الذين قُتلوا في قصف طال الأحد في الساعة 13:00 حرم جامعة أفريقيا الدولية بالخرطوم". 

وأضاف أنّ المعلومات التي بحوزته "تشير إلى أنّ هذا القصف الذي شنّه الجيش على منطقة يقيم فيها سكّان مدنيون عزّل، بمن فيهم رعايا دول أجنبية، أدّى أيضاً إلى إصابة عدد آخر من مواطنينا بجروح خطرة"، حسب قوله.

ولفت الوزير في بيانه إلى أنّه استدعى "عقب هذه المأساة" القائم بأعمال السفارة السودانية في كينشاسا وسلّمه "رسالة حزن واحتجاج من الحكومة الكونغولية".

وفي تصريح للصحافيين قال الوزير إنّه طلب من الدبلوماسي السوداني "أن تقدّم الحكومة السودانية تفسيرات لنا وأن تتّخذ كلّ الترتيبات (..) لكي تتمّ إعادة" جثث الضحايا الكونغوليين إلى وطنهم.

قلق أممي كبير

فيما اعتبرت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، في بيان، أن "الوضع في دارفور متدهور والسكان يعيشون في ظروف مزرية".

وقالت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان إن الوضع في الخرطوم وأم درمان وبحري لا يزال مصدر قلق كبير مع استمرار الاشتباكات.

وأضافت البعثة في بيان، الاثنين، أن الأوضاع في غرب دارفور أثرت على المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، الذين حوصر العديد منهم بين الطرفين المتحاربين".

وأوضحت أن "مسؤولي حقوق الإنسان يوثقون حالياً عشرات الحوادث، بما في ذلك القتل، والاعتقالات، وحالات الاختفاء المحتملة، والهجمات على المستشفيات، والعنف الجنسي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال التي ارتكبتها أطراف النزاع".

وأشار البيان إلى أن محاولات التواصل مع طرفي النزاع "للدعوة إلى اتخاذ إجراءات ضد الجناة ولحماية المدنيين وممتلكاتهم".

وكان مجلس الأمن الدولي اعتمد، السبت، بالإجماع القرار (2685) الذي مدد بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان "يونيتامس" لمدة 6 أشهر، أي حتى 3 ديسمبر المقبل.

"رفض التدخل الخارجي"

على الصعيد الدبلوماسي، أكد ممثل السودان الدائم لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، الاثنين، رفض بلاده أي تدخل خارجي في شؤونها، لكنه أبدى انفتاحها على كافة المبادرات "البناءة" لإعادة الحياة إلى طبيعتها.

وقال، في بيان نشرته القوات المسلحة على"فيسبوك" إنه يجب القضاء على ما سماه "تمرد" قوات الدعم السريع من أجل تحقيق سلام مستدام وبدء عملية سياسية "بشكل سليم".

وطالب الأمم المتحدة "بإدانة التمرد الذي قادته قوات الدعم السريع، وحثّها على الاستجابة لنداءات القوات المسلحة في "العودة للانصياع للأوامر والسيطرة التي تحكم القوات النظامية، والكف عن أي توجهات لاستمرار القتال وزعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد".

وشدد الحارث على أن ما يجري في البلاد "يظل شأناً داخلياً محضاً وقضية عسكرية فنية محضة تستطيع القوات المسلحة السودانية الإحاطة بها ومعالجتها في فترة وجيزة"، محذراً من أن أي مساع للتدخلات الخارجية من شأنها أن "تعقد الوضع وتؤجج الصراع وتساهم في استدامته".

لجنة لـ"إدارة الأزمة"

وأعلنت الحكومة السودانية، الاثنين، تشكيل لجنة عليا لإدارة الأزمة الحالية، تضم رئيس الوزراء المكلف، ووزراء المالية، والخارجية والصحة والرعاية الاجتماعية، والاتصالات، والتجارة والإعلام، ووالي الخرطوم، ومدير عام جهاز المخابرات، ومدير عام الشرطة، وممثل للقوات المسلحة، ومحافظ البنك السوداني.

وأشارت الحكومة، في بيان، إلى أن اللجنة، ستركز على تأمين السلع والخدمات للمواطنين، ومتابعة الأوضاع الإنسانية، والإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية القادمة من الدول الصديقة والشقيقة.

واندلع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل الماضي، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات في غضون عامين، لكن الطرفين اختلفا على خطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات