قال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض جون كيربي، في مقابلة مع "الشرق"، إن بلاده مستمرة في التدخل ضد سلوكيات إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن تغيير النظام في روسيا "ليس ضمن سياساتنا".
ورفض كيربي الحديث عما إذا كانت الولايات المتحدة تعد خططاً لمرحلة ما بعد الرئيس فلاديمير بوتين في روسيا، خصوصاً بعد محاولة التمرد المسلح التي نفذها قائد مجموعة "فاجنر" العسكرية يفجيني بريجوجين.
وقال إن واشنطن تركز في خططها على "إنهاء الحرب في أوكرانيا أولاً، ومن ثم احتياجات كييف في مرحلة ما بعد الحرب، خصوصاً الأمنية، إلى جانب إعادة إعمار مدنها". وأضاف أن "تغيير النظام في موسكو ليس ضمن سياساتنا.. ونركز على مساعدة أوكرانيا بأفضل صورة للفوز في هذه الحرب".
قنوات الحوار مع إيران
وقال كيربي في مقابلته مع "الشرق"، إن واشنطن عادة ما تحافظ على قنوات للحوار مع إيران، "حتى في الفترات التي توقفت محاولات إحياء الاتفاق النووي"، مضيفاً: "على سبيل المثال، نتحدث مع إيران بشكل روتيني بشأن إعادة السجناء الأميركيين لدى طهران بشكل غير قانوني، إلى الولايات المتحدة".
وفي إشارة إلى محاولة طهران احتجاز ناقلتين تجاريتين في المياه الدولية للخليج العربي قبل يومين، قال كيربي إن "الإيرانيين يتصرفون بشكل غير مسؤول"، ولكنه نبّه في الوقت ذاته، إلى أن هذا "لا يعني وقف الاتصالات معهم".
وشدد على أن وجود خطوط اتصال مفتوحة مع إيران، "ليس أمراً سيئاً، بل على العكس.."، لافتاً إلى أن "وجود حوار، لا يعني بالضرورة أن إيران ستعدل عن السلوكيات التي نعارضها".
وتابع: "لذلك، لدينا وجود عسكري في الخليج، وسنبقي على ذلك الحضور العسكري"، مشدداً على أن بلاده ستستمر في التدخل بالشكل المناسب، من أجل منع بعض السلوكيات المزعزعة للاستقرار" في المنطقة.
وفي ما يتعلق بالاتفاق النووي، أكد كيربي عدم وجود "أي اتفاق وشيك" مع إيران في هذا الشأن، ولكنه رفض الحديث عن وجود اتفاق محتمل بشأن تبادل السجناء، قائلاً: "لا يمكنني الخوض في التفاصيل. لقد تحدثنا إلى إيران كما تحدثنا إلى روسيا، بشأن إعادة الأميركيين (المعتقلين) إلى الديار".
الصين بوصفها تحدياً أمنياً
وفي ما يتعلق بالصين، وما إذا كانت قمة حلف "الناتو" ستتعامل مع بكين بوصفها تحدياً أمنياً كما حدث في وثيقة "المفهوم الاستراتيجي الجديد" التي صدرت عقب قمة مدريد العام الماضي، قال كيربي إنه "لن يتم إصدار مفهوم استراتيجي جديد، ولكن ستكون هناك مناقشات خلال القمة بشأن المفهوم الاستراتيجي، والتحديات التي تمثلها الصين لحلفائنا الأوروبيين وشركائنا".
وتابع أنه "خلال القمة الأخيرة، تمت الإشارة للصين كتحد للمرة الأولى، وهناك الكثير من المخاوف الأمنية والاقتصادية المشروعة بشأن سلوك الصين لدى العديد من حلفائنا".
وأضاف: "سنقوم بدعوة بعض دول المحيطين (الهندي والهادئ - جيران الصين) إلى قمة الناتو المقبلة، بهدف تقديم منظور جديد بشأن بكين خلال المناقشات".
ورفض كيربي الحديث عن موقف الولايات المتحدة من فتح مكتب اتصال لـ"الناتو" في اليابان، في ظل معارضة فرنسا للخطة، بداعي تجنب مزيد من التصعيد مع الصين، قائلاً: "لا يمكنني الحديث عن المناقشات الداخلية بين الحلفاء"، مضيفاً: "سنستمر في تلك المحادثات، وسنرى إلى ما ستؤول إليه الأمور".
وبشأن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بعد زيارة وزير الخارجي الأميركي أنتوني بلينكن في يونيو الماضي، والزيارة الحالية التي تقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية جانيت يلين، أوضح كيربي أن الولايات المتحدة "تسعى إلى الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة مع الصين".
وقال إن "أسوأ وقت لغياب التواصل مع قوة أخرى هو حين يتصاعد التوتر"، ويتزايد "احتمال حدوث نزاع، ولذلك كنا نريد إعادة فتح قناة التواصل العسكري - العسكري".
وأضاف أنه "لم تكن هناك مفاجأة أن بلينكن لم يتمكن خلال زيارته من إعادة فتح قناة التواصل تلك، لكننا كنا بحاجة إلى أن يسافر إلى الصين لبدء المحادثات مع الصين".
أما زيارة وزيرة الخزانة فلها طبيعة مختلفة، إذ "تركز أساساً على القضايا الاقتصادية بين البلدين على المستوى الثنائي، والتداعيات الاقتصادية للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين على باقي دول العالم"، وفقاً لكيربي، مشيراً إلى تطلع بلاده بأن "تجري الوزيرة مناقشات قوية هناك".
العلاقة بين أوكرانيا و"الناتو"
وفي ما يتعلق بقمة "الناتو"، وصف كيربي القمة التي ستعقد في ليتوانيا يومي 11 و12 يوليو الجاري، بـ"المهمة"، مشيراً إلى أنها "تأتي في وقت حرج، حيث يحاول الأوكرانيون استعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا"، وذلك في إشارة إلى الهجوم المضاد الذي أطلقته كييف أخيراً.
وأضاف أن الحلفاء سيرغبون خلال القمة في إطلاعهم على الوضع في ساحة المعركة، وإجراء مناقشات بشأن المساعدات اللازمة لأوكرانيا خلال الهجوم المضاد، فضلاً عن مناقشة الاحتياجات الأمنية على المدى البعيد بالنسبة لكييف، لأنه "بغض النظر عن كيفية نهاية هذه الحرب وموعدها، ستبقى أوكرانيا على حدود روسيا، وستبقى أوكرانيا بحاجة إلى مساعدات دفاعية.. وأعتقد أن الحلفاء سيناقشون هذه الاحتياجات".
ولفت إلى أن القمة يفترض أن تناقش طبيعة العلاقة مستقبلاً بين أوكرانيا وباقي الدول الغربية بعد انتهاء الحرب، وطبيعة الالتزامات التي يجب أن نقدمها لأوكرانيا على المدى الطويل.
مستقبل "الناتو" على الطاولة
ويلفت كيربي إلى أن "مستقبل حلف الناتو" من المواضيع المطروحة على أجندة القمة، "لأن الوضع في أوروبا تغير بشكل كامل. والتحالف بدأ في التعامل مع هذا التغيير، بتقوية الجبهة الشرقية. والسؤال الآن هو كيف سيبدو عليه وضع الناتو مستقبلاً؟. وهذا سيكون ضمن المواضيع التي ستناقش".
وبشأن مطالب أوكرانيا بالانضمام إلى الحلف، قال كيربي إن الولايات المتحدة "تدعم سياسة الأبواب المفتوحة التي يعتمدها التحالف، والحوار بين أي عضو محتمل والحلف".
وأضاف أن أوكرانيا "ستكون بحاجة إلى إجراء هذا النقاش مع كل أعضاء الحلف. كل ما يمكن قوله إن الحلفاء سينخرطون خلال القمة في مناقشة قوية بشأن الاحتياجات الأمنية لأوكرانيا على المدى البعيد، والالتزامات الأمنية التي يمكن للحلف تقديمها لأوكرانيا مستقبلاً".
وبشأن ما إذا كان الرئيس الأميركي جو بايدن سيقدم دعوة إلى أوكرانيا للانضمام إلى "الناتو"، أكد كيربي أن الأمر "ليس بيد بايدن، بل بيد الحلف. والرئيس يتطلع إلى مناقشة ذلك مع الحلفاء والشركاء".
ورفض كيربي الحديث عن "تماطل" في إقرار عضوية أوكرانيا في الحلف في انتظار تهيئة الظروف المناسبة لذلك بانتهاء الحرب، قائلاً إنه "ليس هناك أي مماطلة. بل هناك مسار للحصول على عضوية الناتو، وهناك شروط محددة يجب على كل دولة الوفاء بها من أجل أن تصبح عضواً بالحلف. وأوكرانيا كانت وما زال لديها الفرصة، للعمل على الإصلاحات اللازمة من أجل الوفاء بتلك الشروط".
اقرأ أيضاً: