اشتباكات "عين الحلوة" تكشف أوضاع مخيمات الفلسطينيين: صراع ومخدرات

time reading iconدقائق القراءة - 7
آلية عسكرية تابعة للجيش اللبناني عند مدخل مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين خلال مواجهات بين الفصائل الفلسطينية في صيدا. 30 يوليو 2023 - REUTERS
آلية عسكرية تابعة للجيش اللبناني عند مدخل مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين خلال مواجهات بين الفصائل الفلسطينية في صيدا. 30 يوليو 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

سلطت الاشتباكات، التي وقعت داخل مخيم "عين الحلوة" في لبنان، الأضواء على الأوضاع الأمنية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وانعكاسها على موقفهم بعد نزوح 20 ألفاً، بينهم 12 ألف طفل، وفقاً لهيئة إنقاذ الطفولة الدولية.

وأودت الاشتباكات التي اندلعت في المخيم القريب من مدينة صيدا جنوب لبنان، الأسبوع الماضي، بحياة 13 شخصاً وإصابة أكثر من 60، بينما قالت هيئة إنقاذ الطفولة إن العديد من الأطفال انفصلوا عن أسرهم أو القائمين على رعايتهم أثناء الفرار من الاشتباكات.

ووفقاً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا)، يبلغ عدد المخيمات الفلسطينية في لبنان 12 مخيماً، أكبرها "عين الحلوة" الذي يعيش فيه حوالي 80 ألفاً من بين نحو 250 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان. 

غير أن إحصاءات رسمية لبنانية تقدر عدد الفلسطينيين الموجودين على أراضيها بأكثر من 400 ألف.

ويمنع قانون العمل اللبناني اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة أكثر من 70 مهنة، منها الطب والهندسة والمحاماة، ما قد يفسر ارتفاع نسبة البطالة بين الفلسطينيين في المخيمات، والتي قدرتها المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان بحوالي 80% من اللاجئين.

أزمات وراء العنف

وأشارت مصادر لـ"الشرق" إلى المشكلات الأساسية التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات وتساهم في تفجر الأوضاع الأمنية.

وقال أحد المصادر: "أولى تلك الأزمات انتشار المخدرات بين الشباب الفلسطينيين خلال السنوات الأخيرة، وتعتبر الأشد فتكاً باللاجئين، وحتى قبل السلاح غير المنضبط".

وأضاف: "زاد توزيع المخدرات في السنوات الثلاث الماضية تزامناً مع الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، وانعكست بطبيعة الحال على اللاجئين الفلسطينيين من حيث زيادة البطالة بين الشباب، ما جعلهم أرضاً خصبة لتعاطي المواد المخدرة وتشغيلهم في توزيعها مقابل المال".

وأشارت المصادر إلى أن بعض المجموعات الفلسطينية تستخدم المخدرات في السيطرة على الشباب.

وتساءل مصدر: "هل هناك تسهيلات من بعض الفصائل الفلسطينية لإدخال المواد المخدرة إلى بعض المخيمات؟ وهل هناك اختراق لتلك الفصائل من قبل مجموعة لها تواصل مع تجار مخدرات خارج المخيمات لإغراقها بالمخدرات مثل الحشيش والكوكايين؟ ما يحدث يؤكد وجود طرق تمر بها المخدرات إلى الشباب، وأحدها عبر وسطاء فلسطينيين".

كميات ضخمة من السلاح

وتتولى قوات أمن فلسطينية تأمين المخيمات من الداخل، فيما يتمركز الجيش اللبناني خارجها.

وشددت المصادر على خطورة ظهور كميات ضخمة من السلاح بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة في مخيم "عين الحلوة" خلال المواجهة الأخيرة التي استمرت عدة أيام، وأصدرت بعدها عدة دول خليجية تحذيرات من السفر إلى لبنان.

وقال أحد المصادر: "في السابق كان وجود السلاح يقتصر على القوى والفصائل الفلسطينية المعروفة، والتي تحافظ على نوع من التنسيق والتواصل في ما بينها، وإذا وقع إشكال أمني يمكن ضبطه بشكل أسرع لأن الأشخاص معروفون وكذلك المجموعات، أما الآن فتوجد مجموعات تصنف نفسها بأنها إسلامية، لا يمكن ضبط عناصرها".

ويتمركز العديد من المجموعات المتشددة في المخيمات الفلسطينية في لبنان تحت أسماء مختلفة، منها "عصبة الأنصار" و"فتح الإسلام" و"جند الشام"، ويعتبرها محللون امتداداً لتنظيمات مثل "داعش" وجبهة النصرة.

وقال أحد المصادر إن القيادات الفلسطينية ارتكبت خطأ بتعاملها مع تلك المجموعات ظناً منها أنها تستطيع السيطرة عليها. 

وأضاف: "إعلان المجموعات الإسلامية البيعة لتنظيمات مثل (داعش) لا يعني بالضرورة أنها تابعة لها، وهذا ما حدث في مخيم اليرموك في دمشق خلال الحرب في سوريا، حين أعلنت مجموعات عن تأييدها للمعارضة السورية وقاتلت الجيش السوري.

وتابع المصدر: "تلك المجموعات بدلت صفتها من فلسطينية إلى إسلامية ثم أصبحت متطرفة بحسب حاجتها إلى التمويل ومن أجل جذب مزيد من الشباب للقتال معها، لينتهي الأمر بهزيمتها وتهجير وتدمير جزء كبير من المخيم".

وأعربت المصادر عن مخاوفها من تكرار ما حدث في مخيم نهر البارد شمال لبنان عام 2007، حين سيطرت مجموعة "فتح الإسلام" على المخيم واشتبكت مع الجيش اللبناني، وانتهت المعركة بطرد الحركة من المخيم، لكن بعد تدميره وتهجير جزء كبير من سكانه.

وجهان للصراع

المصادر اعتبرت أن وصول السلاح إلى المجموعات المتشددة يهدف إلى إشعال القتال بين الفلسطينيين.

وأضافت: "نحن أمام وجهين لصراع السيطرة على المخيمات، الوجه الأول هو الوضع الفلسطيني والإقليمي من خلال انعكاس التجاذبات السياسية بين الفصائل الفلسطينية، وتحديداً بين (فتح) و(حماس)، إلى معارك عسكرية وجولات قتال محدودة بهدف كسب سيطرة أكبر على الساحة الفلسطينية.

وتابعت المصادر: "أما الوجه الثاني فهو صراعات داخل المخيمات بين المجموعات الإسلامية للسيطرة على المخيمات، وهذا الوجه من الصراع لا يعني ارتباطه بأي شأن خارج المخيم، ولضيق نظر بعضهم، أصبح يسعى إلى امتلاك السلطة على بعض الأحياء السكنية وتنصيب نفسه مسؤولاً عنها".

وحذرت المصادر من أن الحل العسكري ضد المجموعات المتشددة له تكلفة بشرية ومادية لا يستطيع الوضع الأمني في لبنان تحملها، كما أن ترك الأمور على حالها سيعطي لها القدرة على التمدد وإعادة تنظيم نفسها.

وقال أحد المصادر: "يجب أن يكون هناك قرار ومشروع فلسطيني لضبط الوضع ومحاولة تفكيك تلك المجموعات وطرد المسلحين غير الفلسطينيين منها، مثل اللبنانيين والسوريين، لأن الأمور في أي لحظة قد تتطور أمنياً ليتحول الفلسطيني مرة أخرى إلى أداة للضغط السياسي على الساحتين اللبنانية والفلسطينية".

اتصالات سياسية

كان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي قال، السبت، إن الوضع الأمني "لا يستدعي القلق والهلع"، مشيراً إلى أن الاتصالات السياسية والأمنية لمعالجة أحداث مخيم عين الحلوة "قطعت أشواطاً متقدمة".

وشدد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، الاثنين، على عدم السماح بتعريض أمن اللبنانيين أو العرب في لبنان للخطر، وعلى متابعة عمليات مكافحة تهريب المخدرات بالتعاون بين كل المؤسسات الأمنية والعسكرية.

وأعلن مولوي، في مؤتمر صحافي، اتخاذ المؤسسات الأمنية كل الإجراءات الضرورية لمنع انتقال الاشتباكات إلى خارج مخيم "عين الحلوة"، مشدداً على أن الأجهزة الأمنية ستتعامل مع المجموعات المتشددة في المخيمات الفلسطينية وفق ما يلزم.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات