احتجزت السلطات الأميركية موظفاً متعاقداً مع حكومة الولايات المتحدة للعمل في وزارتي العدل والخارجية، وذلك بعد اتهامه بالتجسس ونقل معلومات سرية إلى إثيوبيا.
وقالت وزارة العدل الأميركية، في بيان، إنه تم القبض على أبراهام تيكلو ليما على صلة ببلاغ بتاريخ 23 أغسطس، كشف عنه الخميس، يتضمن اتهامه بتقديم معلومات سرية إلى دولة أجنبية، بعد أن حصل عليها عبر شبكة المعلومات الخاصة التي يتصل بها جهاز الكمبيوتر الخاص بعمله.
كان لدى ليما، وهو في الأصل من إثيوبيا، تصريح أمني سري للغاية تمكنه من الوصول إلى معلومات سرية من خلال التعاقد على مهام مع وزارتي الخارجية والعدل، بحسب وكالة "أسوشيتدبرس" الأميركية.
وأوضحت الوزارة أنه يواجه 3 تهم تشمل "نقل معلومات تتعلق بمسائل الدفاع الوطني لمساعدة حكومة أجنبية، والتآمر لتقديم معلومات دفاع وطني لمساعدة حكومة أجنبية، والاحتفاظ المتعمد بمعلومات تخص الدفاع الوطني".
وفي حال إدانة ليما، فإن العقوبة القصوى لتهمتي التجسس يمكن أن تكون الإعدام أو السجن مدى الحياة، أما تهمة الاحتفاظ ببيانات فيمكن أن تؤدي إلى عقوبة قصوى تصل إلى السجن لمدة 10 سنوات.
وثائق قضية التجسس
وأضافت وزارة العدل الأميركية أن ليما (50 عاماً) من منطقة سيلفر سبرينج في مقاطعة مونتجومري بولاية ماريلاند، حصل على الجنسية الأميركية، وهو متهم باستخدام تطبيق رسائل مشفرة لنقل خرائط وصور فوتوغرافية، وصور أقمار اصطناعية إلى الحكومة الأجنبية، وفقاً لوثائق المحكمة.
وأشارت وثائق الاتهام إلى أنه خلال الفترة بين 19 ديسمبر 2022 و7 أغسطس 2023 أو نحو ذلك، قام ليما بنسخ معلومات سرية من تقارير الاستخبارات، وحذف علامات تصنيف السرية منها.
وتشير وثائق المحكمة إلى أنه خلال الفترة بين 12 أبريل و21 يونيو، تم الوصول إلى حسابات ليما الإلكترونية من إثيوبيا 31 مرة، بما في ذلك خلال فترات زمنية لم يكن فيها ليما في البلاد، ما يشير إلى أنه زود شخصاً آخر في دولة أجنبية بإمكانية الوصول إلى حساباته.
ووفقاً لوثائق الاتهام، ليما موظف متعاقد مع الحكومة الأميركية، شغل عدة مناصب سابقة في العديد من الوكالات الفيدرالية يعود تاريخها إلى عام 2019 على الأقل.
بدأ العمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في مكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية في عام 2021، حيث حصل على تصريح أمني. وذكرت وثائق المحكمة أنه يعمل في الوقت الراهن أيضاً "كمحلل لإدارة العقود" في وزارة العدل، وكانت لديه إمكانية الوصول إلى معلومات سرية.
وبعد أن أثار ليما انتباه المحققين الفيدراليين، شوهد عدة مرات، الشهر الماضي، يستخدم حسابه السري في وزارة الخارجية للوصول إلى تقارير استخباراتية سرية للغاية دون تصريح.
كما شوهد أيضاً وهو يدون ملاحظات أو ينسخ معلومات سرية في مستندات "وورد". وخلال عدة مرات، الشهر الماضي، يشتبه أنه قام بتخزين معلومات حساسة على أقراص مدمجة ونقلها بشكل غير قانوني إلى مقر إقامته في ماريلاند، وفقاً للمدعين العامين.
جاسوس إثيوبيا في أميركا
ولم تحدد أوراق المحكمة الدولة التي اتهم ليما بالتجسس لصالحها، ورفض متحدث باسم وزارة العدل التعليق، لكن الوثائق تشير إلى أنه سافر في عدة رحلات خلال العام ونصف العام الماضيين إلى بلد لديه فيه روابط عائلية.
وأكد مصدران مطلعان على التحقيق لشبكة "CBSNEWS" الأميركية أن ليما، الذي وصفه المسؤولون بأنه أميركي متجنس من أصل إثيوبي ويحمل تصريحاً أمنياً سرياً للغاية، كان يعمل ويصل إلى سجلات حكومية أميركية حساسة بناءً على طلب إثيوبيا منذ الصيف الماضي على الأقل.
وحددت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، التي كانت أول من نشر خبر الاعتقال، إثيوبيا على أنها الدولة التي يُزعم أن ليما تجسس لصالحها.
ويقول ممثلو الادعاء إنه تمكن من الحصول على العشرات من التقارير الاستخباراتية، ونسخ المعلومات منها، وقام بتحميلها على أقراص مدمجة (CDs)، وأقراص فيديو رقمية (DVDs).
وإلى جانب المواد التي يقول المدعون إن ليما قدمها، يقولون إنه تواصل أيضاً مع مسؤول مرتبط بجهاز المخابرات الإثيوبي، كلفه بتقديم معلومات وصور أقمار اصطناعية بشأن مسائل معينة تهم البلاد. وناقشا مسائل عسكرية، مثل مراكز القيادة وأنشطة مقاتلي التيجراي الذين كانوا يقاتلون ضد الحكومة والمعلومات المتعلقة بالأنشطة الإريترية في منطقة تيجراي الإثيوبية، بحسب إفادة خطية من عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI).
وعندما أخبر المسؤول الإثيوبي ليما، في سبتمبر الماضي، أن الوقت قد حان بالنسبة له لمواصلة دعمه، كما تقول الإفادة الخطية، رد ليما: "عُلم الأمر!".
جاسوس في وزارة الخارجية
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، إنها علمت أن ليما ربما نقل بطريقة غير مشروعة معلومات سرية من أنظمتها خلال مراجعة أمنية داخلية استمرت 60 يوماً، عقب اعتقال أحد أفراد الحرس الوطني الجوي في ولاية ماساتشوستس في أبريل، بتهمة تسريب وثائق عسكرية سرية للغاية على موقع تواصل اجتماعي.
وأشاد المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميللر في بيان بمكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل "للعمل الدؤوب الذي أدى إلى احتجاز وتوجيه اتهامات في هذا الشأن".
وأضاف أن وزارة الخارجية "ستراجع التداعيات على الأمن القومي والسياسة الخارجية" وستواصل "تنفيذ التوصيات الصادرة عن مراجعة الأمن الداخلي لتعزيز سبل توفير الوصول إلى المعلومات (السرية للغاية/الحساسة)، وتعزيز المراقبة الأمنية المستمرة، وحماية المعلومات الحساسة لتقليل مخاطر وقوع حوادث مماثلة في المستقبل".