لماذا طلب الجيش الإسرائيلي من سكان غزة الانتقال لمنطقة المواصي؟

غير مؤهلة لاستقبال النازحين ولا تصلح كمراكز للإيواء

time reading iconدقائق القراءة - 7
فلسطينيون يفرون من منازلهم نحو جنوبي قطاع غزة. 13 أكتوبر 2023 - AFP
فلسطينيون يفرون من منازلهم نحو جنوبي قطاع غزة. 13 أكتوبر 2023 - AFP
دبي-الشرق

طلب الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، من السكان في مدينة غزة وشمالها الانتقال لمنطقة المواصي الواقعة جنوب القطاع، مشيراً إلى أنه "سيتم توجيه المساعدات الإنسانية الدولية إليها في حالة الضرورة".

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في تدوينة على منصة "إكس"، (تويتر سابقاً)، إن "الجيش الإسرائيلي يواصل مناشدة سكان شمالي القطاع ومدينة غزة، الانتقال لمنطقة المواصي الواقعة جنوبي وادي غزة".

وأضاف أدرعي: "يعلن الجيش عن توصيته بالتنقل للمناطق المفتوحة غربي خان يونس، في منطقة المواصي".

يأتي ذلك، في الوقت الذي تستمر فيه الغارات الإسرائيلية الكثيفة في استهداف المدنيين بقطاع غزة، عقب هجوم مباغت نفذته حركة حماس على بلدات ومدن إسرائيلية في محيط القطاع في السابع من أكتوبر.

دعوة الجيش الإسرائيلي هي الثانية لسكان غزة وشمالها، إذ سبقها دعوة أطلقها الجيش للفلسطينيين في شمال القطاع، الجمعة الماضي، بترك منازلهم والتوجه نحو الجنوب، ما أدّى إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين.

ما هي المواصي؟

والمواصي هي منطقة رملية وجزء منها زراعي، وكانت في السابق مستوطنات إسرائيلية جرى إخلاؤها وفق خطة الانسحاب أحادية الجانب التي أعدها ونفذها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون عام 2005.

وتقع تلك المنطقة على الشريط الساحلي بطول 12 كيلومتراً، وتمتد من دير البلح شمالاً، مروراً بمدينة خان يونس وحتى مدينة رفح جنوباً بعمق كيلومتر واحد تقريباً.

والمنطقة غير مؤهلة لاستقبال النازحين، خاصة أن أعدادهم تقدر بمئات الآلاف، كون المنازل فيها تعد بالعشرات، علاوة على أن طبيعتها الرملية والزراعية لا يمكن أن تجعلها صالحة لأن تكون مركزاً للإيواء.

وحسب التقديرات الفلسطينية، فإن عدد سكان منطقة المواصي يبلغ قرابة الـ9 آلاف فلسطيني، بينهم نحو 2000 شخص من مواصي مدينة رفح، إذ إنها منذ زمن بقعة ريفية قريبة من البحر والحدود مع مصر.

تقسيم قطاع غزة

ويرى الخبير في الشأن العسكري، يوسف الشرقاوي، أن "الجيش الإسرائيلي بدعوته لسكان غزة وشمال القطاع التوجه لمنطقة المواصي يحاول حشرهم في مناطق ضيقة من أجل تنفيذ مخططاته العسكرية".

وأوضح لـ"الشرق" أن "الجيش الإسرائيلي يدرك أن الفلسطينيين لن يخضعوا لمثل هذه الدعوات، ومن ثم هو يحاول تبرير استهداف المدنيين في المناطق السكنية خلال عملياته العسكرية وقصفه المكثف لها".

وأضاف: "هذا دليل على نفاد بنك أهداف الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة وبحثه عن أهداف جديدة"، معتبراً أن ذلك "يمثل إضافة إلى محاولة الوصول لأي معلومة حول أماكن الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس والفصائل الفلسطينية بغزة".

وبيّن الشرقاوي أن "إسرائيل تعمل خلال العملية العسكرية الحالية على تقسيم قطاع غزة إلى عدد من المربعات من أجل تنفيذ عمليات عسكرية خاصة، والتي ستكون مبنية على معلومات استخباراتية من أجل تحرير الأسرى الإسرائيليين".

وحسب المحلل العسكري، فإن "ما يتم تنفيذه عسكرياً في قطاع غزة هو بروتوكول هانيبال الإسرائيلي والذي يقضي بأن يكون الجندي قتيلاً في يد العدو أفضل من أن يكون أسيراً على قيد الحياة"، على حد تقديره.

واستكمل: "إسرائيل تحاول كسب تلك الحرب، لكن هناك خسارة من البداية لا يمكن التغطية عليها، وأعتقد أن الدور المصري والإقليمي سيكون له تأثير كبير في طبيعة هذه الحرب ومسارها، والضغط الفلسطيني سيكون ذا تأثير أكبر". 

حرب دعائية

ويرى الخبير العسكري اللواء واصف عريقات، أن "دعوة الجيش الإسرائيلي تأتي في سياق الحرب الدعائية والنفسية ولترهيب سكان قطاع غزة تمهيداً لتجميعهم وحشرهم بالقرب من الحدود مع مصر".

وأوضح عريقات لـ"الشرق" أن "ذلك يأتي أيضاً بهدف تجميع الفلسطينيين في مكان واحد من أجل استهدافهم بمناطق محددة، خاصة وأنها قصفت النازحين من الشمال وغزة في الجنوب خلال الأيام الماضية".

وأضاف: "المواصي منطقة مفتوحة ويسهل على إسرائيل العمل فيها عسكرياً، على عكس المناطق الأخرى في قطاع غزة المكتظة بالسكان والتي يجد الجيش الإسرائيلي صعوبة للعمل فيها؛ بسبب تقارب الأبنية السكنية".

وفي ما يتعلق بإمكانية تنفيذ عمليات عسكرية خاصة في قلب مدينة غزة، أشار المحلل العسكري إلى أنه "حال وصلت إسرائيل لمعلومات مؤكدة عن مكان وجود أسراها، فإن الجيش سيعمل عسكرياً لاستعادتهم مهما كلف الثمن".

ووفق عريقات، فإن "إسرائيل تحاول استعادة صورتها العسكرية المهزوزة بأي شكل من الأشكال"، مستدركاً: "لكن هناك الكثير من المعوقات والجيش الإسرائيلي سيدفع ثمناً باهظاً مقابل أي عملية عسكرية برية في غزة".

وأشار إلى أنه "بالرغم من ذلك إلى أن جميع الخيارات والاحتمالات تبقى مفتوحة خاصة وأن الوضع سيئ للغاية في إسرائيل وهناك ضغط كبير على القيادة السياسية، بسبب الهجوم الذي نفذته حماس قبل عدة أيام بمستوطنات الغلاف".

قدرات أممية محدودة

وفي السياق، علّق المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غزة، عدنان أبو حسنة، على الدعوة الإسرائيلية لسكان شمال القطاع وغزة بالتوجه للمواصي، مشيراً إلى أن المنظمة الأممية ليس لديها قدرة على التعامل مع العدد الكبير من النازحين أو بناء مراكز إيواء في تلك المناطق.

وقال أبو حسنة لـ"الشرق" إن "أونروا استوعبت في مدارسها نصف مليون من النازحين، ولا قدرة لديها على استيعاب أي عدد آخر"، متابعاً: "القدرات الاستيعابية هي قدرات محدودة جداً".

وأوضح أبو حسنة أن "أونروا تقدم خدمات الرعاية الصحية والغذائية لنصف مليون نازح بما في ذلك الطعام والمياه"، مشدداً على أن الموارد محدودة للغاية والمدارس التابعة للمنظمة الأممية ممتلئة.

وطالب بضرورة فتح المعابر لإدخال الوقود والغذاء والمواد الطبيعة بصورة عاجلة، من أجل تشغيل محطات المياه والصرف الصحي، منبهاً أن: "المشافي في غزة تنهار والسكان يشربون مياهاً ملوثة وغير صالحة للشرب".

ودعا أبو حسنة إلى ضرورة العمل على وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإعادة النازحين إلى منازلهم.

وأكدت الأمم المتحدة أن نحو مليون فلسطيني من مدينة غزة وشمال القطاع نزحوا إلى الجنوب بعد تهديدات الجيش الإسرائيلي، محذرةً من دعوات تهجير الفلسطينيين من منازلهم إلى مناطق أخرى.

فيما لفتت منظمات دولية إلى عدم قدرتها على تقديم أي مساعدات للأعداد الهائلة من النازحين، وطالبت بضرورة العمل من أجل تقديم المساعدات الطارئة لجميع النازحين والمتضررين من الحرب في غزة.

تصنيفات

قصص قد تهمك