أعربت دول عدة عن مخاوف تتعلق باتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط وما يترتب على ذلك من تداعيات إقليمية، في ظل حرب إسرائيل على قطاع غزة والتي تدخل يومها الـ 13، وسط تصعيد مستمر، وحشد عسكري "غير مسبوق"، رغم محاولات التهدئة وجهود إدخال المساعدات الإنسانية.
وتخوفت دول غربية عدة، بينها الصين وروسيا وتركيا، فضلاً عن منظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية من تصعيد الصراع، واتساعه في منطقة الشرق الأوسط، ليشمل مناطق أخرى خارج غزة، في ظل تلويح إيراني بالتدخل، ووسط ارتفاع عدد ضحايا الضربات الإسرائيلية على غزة إلى 3478 ضحية، منذ بدء الحرب، وتجاوز عدد المصابين 12 ألفاً، وفق حصيلة نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية، الأربعاء.
وشملت المخاوف من اتساع نطاق الحرب، حكومات أوروبية عدة، من بينها بريطانيا وألمانيا وفرنسا، إذ قال مكتب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الذي يزور، إسرائيل، الخميس، إن التحذير من اتساع رقعة الحرب في غزة، في مقدمة أولويات زيارته إلى تل أبيب، التي سيتبعها بزيارة عواصم عربية أخرى، بينما شدد المستشار الألماني أولاف شولتز، لدى زيارته إلى إسرائيل ومصر، على ضرورة الحيلولة دون اتساع دائرة الحرب لتشمل المنطقة.
وفي فرنسا أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون "حذّر"، الأحد الماضي، نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في اتصال هاتفي من "أي تصعيد أو توسيع للنزاع" بين إسرائيل وحماس، خاصة في لبنان.
ومع تنامي الدعم العسكري والسياسي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها على غزة، تصاعدت التحذيرات الأميركية من احتمال تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، حتى إن واشنطن أطلقت تهديدات مباشرة إلى إيران، وطالبتها بعدم التدخل بشكل مباشر، أو عن طريق "حزب الله" في لبنان.
وهدد الرئيس الأميركي جو بايدن، إيران، حال التورط في الصراع الإسرائيلي مع "حماس"، كما أعرب مسؤولون أميركيون عن "قلقهم" من احتمال تصاعد الصراع واتساع نطاقه إلى أنحاء الشرق الأوسط.
كما تتزايد التحذيرات الاقتصادية من مغبة توسع الصراع في الشرق الأوسط، ودخوله مستويات أخطر من التصعيد، ما يضع الأسواق العالمية في حالة صدمة وترقب لما ستؤول إليه الحرب من تداعيات.
تنسيق صيني لوقف الحرب
الرئيس الصيني شي جين بينج، حث، الخميس، على وقف الحرب، "في أسرع وقت ممكن"، مشيراً إلى أن بلاده تتواصل مع الحكومات العربية، من أجل التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار.
ونقلت وسائل إعلام صينية عن بينج، قوله إن "وقف إطلاق النار بات مُلحاً، ويجب إعلانه في أسرع وقت ممكن لمنع اتساع نطاق الصراع أو خروجه عن نطاق السيطرة".
جاءت تصريحات شي بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، على هامش منتدى "الحزام والطريق" في بكين هذا الأسبوع.
وأكد الرئيس الصيني، دعم بلاده لجهود مصر من أجل السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهي أول تصريحات يدلي بها الرئيس الصيني بشأن الصراع الذي اندلع في 7 أكتوبر الجاري.
واعتبر الرئيس الصيني، أن "المسار الأساسي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو تنفيذ حل الدولتين"، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وتحقيق التعايش السلمي بين فلسطين وإسرائيل".
روسيا تحذر من "خطر حقيقي"
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، صباح الخميس، إن خطر تصاعد الصراع في غزة، وتطوره إلى حرب إقليمية "أمر جدي للغاية"، معتبراً أن محاولات إلقاء اللوم على إيران في كل شيء هو "عمل استفزازي".
وأضاف لافروف للصحافيين: "بالنسبة لقطاع غزة، فإن خطر تصاعد هذه الأزمة إلى صراع على مستوى المنطقة أمر خطير للغاية".
وتابع: "أعتقد أن القيادة الإيرانية تتخذ موقفاً مسؤولاً ومتوازناً إلى حد ما، وتدعو إلى منع هذا الصراع من الانتشار إلى المنطقة بأكملها والدول المجاورة".
بدورها، حذرت الولايات المتحدة من احتمال تصاعد الصراع بين إسرائيل والحركة واتساع نطاقه إلى أنحاء الشرق الأوسط، إذ نفى الرئيس جو بايدن، إبلاغ إسرائيل بدخول بلاده إلى الحرب، حال انضمام حزب الله للصراع، بعد إنهائه زيارة لتل أبيب أعلن خلالها تضامنه، وقدم دعماً عسكرياً إضافياً.
مخاوف من صراع "يشمل كل الشرق الأوسط"
مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، حذر مجلس الأمن الدولي من أن خطر اتساع الصراع في قطاع غزة "حقيقي جداً وخطير للغاية".
وأضاف تور وينسلاند، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، مخاطباً المجلس المؤلف من 15 عضواً عبر اتصال مرئي من الدوحة: "أخشى أن نكون على شفا هاوية عميقة وخطيرة يمكن أن تغير مسار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إن لم يكن الشرق الأوسط ككل".
وفي ذات السياق، انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بعد فشله في إقرار هدنة إنسانية في قطاع غزة، وقال أردوغان عبر منصة X: "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي أصبح غير فعال بشكل أكبر، لم يقم مرة أخرى بمسؤوليته"، فيما أعلن حداداً مدته 3 أيام على ضحايا القصف الإسرائيلي لمستشفى "المعمداني" والذي راح ضحيته 500 شخص.
وكانت مصر وتركيا حثتا، في وقت سابق، على العمل على عدم تمدد الحرب في غزة، واستئناف محادثات السلام بشأن حل الدولتين، وأكدتا رفضهما تهجير الفلسطينيين من القطاع.
وشدد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة، السبت الماضي، على ضرورة وقف تمدد صراع إسرائيل وغزة واستئناف محادثات السلام بشأن حل الدولتين، وجدد التأكيد على أن "الحل الوحيد للصراع يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة".
وأضاف: "نرفض الاعتداءات على المدنيين، ويجب منع قتلهم من أي طرف كان، وندعو لحل دائم وعادل للقضية الفلسطينية"، مؤكداً على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وتابع: "دون سلام لا يمكن تأسيس الأمن بالمعنى الحقيقي".
إيران تلوح بـ"صدمات محور المقاومة"
كانت إيران حذرت إسرائيل من مواجهة "صدمة أخرى" مما سمته "محور المقاومة"، حال لم تضع حداً لـ"الفظائع" التي ترتكبها في قطاع غزة، وذلك وسط تحذيرات غربية لإيران من التدخل في الصراع.
ونقل تلفزيون "العالم" الإيراني الرسمي، عن المرشد الإيراني علي خامنئي، قوله، الثلاثاء: "لن يتمكن أحد من إيقاف المسلمين حول العالم وقوى المقاومة إذا استمرت جرائم إسرائيل في غزة"، مشدداً على ضرورة أن يتوقف القصف الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة فوراً، متهماً إسرائيل بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في القطاع.
وطالب خامنئي، الولايات المتحدة، بأن "تتحمل مسؤولياتها باعتبارها من تشرف حالياً على سياسة إسرائيل".
وتشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية توتراَ وقصفاً متبادلاً بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، منذ الهجوم الذي شنته حركة "حماس"، في 7 أكتوبر الجاري، داخل إسرائيل، وفيما تحشد الأخيرة قواتها على حدود غزة، تتصاعد مخاوف من اندلاع صراع مع "حزب الله"، حليف إيران، والذي يملك قدرة عسكرية أكبر من "حماس".