"نتائج عكسية".. أوباما يحذر إسرائيل من أي استراتيجية "تتجاهل الخسائر البشرية"

كتاب أميركيون يحذرون إسرائيل من "خطأ فادح" بالاندفاع إلى غزة لتدمير حماس

time reading iconدقائق القراءة - 11
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مراسم جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز. 30 سبتمبر 2016 - Reuters
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مراسم جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز. 30 سبتمبر 2016 - Reuters
دبي -الشرق

أعرب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عن تأييده "لحق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها"، لكنه حذّر من أن أي استراتيجية عسكرية قد تلجأ إليها و"تتجاهل الخسائر البشرية" في حربها ضد حركة "حماس"، قد تأتي "بنتائج عكسية".

وفي بيان مكتوب نشره على موقعه (barackobama.medium)، استنكر أوباما ما وصفه بـ"الهجوم البشع" الذي شنته حركة "حماس" على بلدات إسرائيلية في منطقة غلاف غزة في 7 أكتوبر، وأسفر عن سقوط 1400 إسرائيلي.

وأقر أوباما بأن لإسرائيل "الحق في الدفاع عن مواطنيها ضد العنف"، معرباً عن تأييده الكامل "لدعوة الرئيس جو بايدن الولايات المتحدة لدعم حليفتنا منذ فترة طويلة في ملاحقة حماس، وتفكيك قدراتها العسكرية، وتسهيل العودة الآمنة لمئات المحتجزين إلى أسرهم".

مع ذلك، أكد الرئيس الأميركي السابق على "ضرورة التزام الاستراتيجية العسكرية لإسرائيل بالقانون الدولي، بما فيها القوانين التي تسعى إلى تجنب قدر الإمكان موت أو معاناة السكان المدنيين".

وحذر من أن "أي استراتيجية عسكرية إسرائيلية تتجاهل الخسائر البشرية، يمكن أن تأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف"، مشيراً إلى "مقتل آلاف الفلسطينيين في قصف غزة، بينهم العديد من الأطفال. وإجبار مئات الآلاف على ترك منازلهم".

وشدد على أن قرار الحكومة الإسرائيلية "قطع الغذاء والماء والكهرباء عن السكان المدنيين المحاصرين (في غزة) لا يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية المتصاعدة فحسب؛ وإنما يمكن أن يزيد صلابة المواقف الفلسطينية لأجيال عديدة، وتراجع الدعم العالمي لإسرائيل، ويخدم أغراض أعداء إسرائيل، ويقوّض الجهود المبذولة على المدى الطويل لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".

وأضاف: "كما أشار الرئيس بايدن خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل، فإن أميركا نفسها في بعض الأحيان لم ترق إلى مستوى قيمنا العليا عندما انخرطت في الحرب، وفي أعقاب أحداث 11 سبتمبر، لم تكن الحكومة الأميركية مهتمة بالاستجابة لنصيحة حتى حلفائنا عندما يتعلق الأمر بالخطوات التي اتخذناها لحماية أنفسنا من تنظيم القاعدة".

 "خطوة مشجعة"

وأكد على أهمية أن يقوم "أولئك، الذين يدعمون إسرائيل منا في وقت شدتها، بتشجيع استراتيجية يمكن أن تشل قدرة حماس مع تقليل المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين"، معتبراً أن التحوّل الأخير في موقف إسرائيل للسماح بدخول شاحنات الإغاثة إلى غزة، يعد "خطوة مشجعة".

وحض أوباما إدارة بايدن على مواصلة قيادة المجتمع الدولي في "تسريع وتيرة (دخول) المساعدات والإمدادات الحيوية إلى سكان غزة اليائسين على نحو متزايد".

ودعا الجهات الفاعلة الرئيسية في المنطقة إلى "التعامل مع القادة والمنظمات الفلسطينية التي تعترف بحق إسرائيل في الوجود، للبدء في صياغة مسار قابل للتطبيق للفلسطينيين لتحقيق تطلعاتهم المشروعة إلى تقرير المصير، لأن هذه هي الطريقة الأفضل، وربما الوحيدة لتحقيق السلام والأمن الدائمين الذي تتوق إليه معظم الأسر الإسرائيلية والفلسطينية".

وشارك أوباما في سلسلة تغريدات عبر حسابه على منصة التواصل "إكس" (تويتر سابقاً) بعض القصص التي تحتوي على وجهات نظر ومعلومات أساسية بشأن الأزمة الحالية، شملت مقالاً للكاتب المخضرم في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية توماس فريدمان، ومقالاً آخر نشرته نفس الصحيفة للكاتب بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي السابق في إدارة أوباما. كما شملت المقترحات أيضاً تسلسلاً زمنياً للصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ منذ إعلان "وعد بلفور"، وحتى التصعيد الأخير عام 2023، نشره موقع "vox" الأميركي.

الغزو "خطأ فادح"

وحذر توماس فريدمان، في مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز"، إسرائيل من أنها إذا "اندفعت بشكل متهور إلى غزة لتدمير حماس، وفعلت ذلك دون التعبير عن التزام واضح بالسعي إلى حل الدولتين مع السلطة الفلسطينية، ووقف (بناء) المستوطنات اليهودية في عمق الضفة الغربية، فسوف ترتكب خطأً فادحاً. وسيكون ذلك مدمراً للمصالح الإسرائيلية والأميركية".

وتوقع أن هذا قد يؤدي إلى "نشوب مواجهة عالمية، وتفجير هيكل التحالف المؤيد لأميركا بأسره، الذي بنته الولايات المتحدة في المنطقة منذ أن هندس (وزير الخارجية الأميركي السابق) هنري كيسنجر نهاية حرب يوم الغفران (أكتوبر) في عام 1973".

ومضى قائلاً: "أنا أتحدث عن معاهدة كامب ديفيد للسلام، واتفاقيات أوسلو للسلام، واتفاقيات أبراهام، والتطبيع المحتمل للعلاقات بين إسرائيل والسعودية، الأمر برمته قد يذهب أدراج الرياح".

وأشار إلى أن الرئيس بايدن حاول الاستفادة من وجوده الفعلي في إسرائيل "لإقناع القادة الإسرائيليين للتريث في غضبهم، والنظر في 3 خطوات مقبلة؛ ليس فقط بشأن كيفية الدخول إلى غزة للقضاء على حماس، لكن أيضاً حول كيفية الخروج، وكيفية القيام بذلك مع أقل عدد ممكن من الضحايا المدنيين".

مع ذلك، استخلص فريدمان من كبار المسؤولين الأميركيين أن بايدن "فشل في إقناع إسرائيل بالتراجع، والتفكير في جميع التداعيات المترتبة على اجتياح غزة بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة".

ونقل عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن "فريق بايدن غادر القدس وهو يشعر أنه بينما يدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن التمادي في غزة يمكن أن يؤدي إلى إضرام النار في المنطقة بأسرها، يرغب شركاؤه في الائتلاف اليميني في تأجيج النيران في الضفة الغربية"، لافتاً إلى سقوط مدنيين فلسطينيين في أعمال انتقامية نفذها مستوطنون خلال الأسبوع الماضي فقط.

وأضاف المسؤول أن "القادة العسكريين الإسرائيليين في الواقع أكثر تشدداً من رئيس الوزراء في الوقت الراهن. إنهم يستشيطون غضباً، وعازمون على توجيه ضربة لحماس لن تنساها المنطقة بأسرها أبداً"، على حد تعبيره.

تحذير من "تكلفة التصعيد"

في مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز"، قال بن رودس، مستشار أوباما السابق، إن "وجهات النظر العالمية للإسرائيليين والفلسطينيين تشكلت من خلال الصدمة"، مضيفاً أن القصص المتنافسة عن الصدمة الجماعية والحزن والظلم حاصرت الشعبين في صراع يوشك الآن بالخروج عن "نطاق السيطرة".

وأشار إلى أن إسرائيل أصيبت بصدمة جديدة، وهي الآن تستعد لشن غزو واسع النطاق لغزة، مضيفاً أن "الدافع وراء كل هذه العملية وقصف غزة الجاري بالفعل هو تدمير حماس وإرسال رسالة مفادها أنه إذا قمت بإيذاء الإسرائيليين والشعب اليهودي فستتعرض أنت وشعبك لانتقام ساحق. أما بالنسبة لفصائل الحكومة اليمينية في إسرائيل، فمن المرجح أن تكون الأهداف أكبر: تهجير سكان غزة إلى مصر، وإنهاء أي بصيص أمل في إقامة دولة فلسطينية، وتصفية الحسابات مع إيران".

وحذّر رودس من أن "مخاطر هذا التصعيد واضحة على نحو مماثل. لقد قُتل حتى الآن أكثر من ألف طفل فلسطيني، ووفقاً لبعض التقارير، اضطر أكثر من مليون فلسطيني إلى النزوح خلال الحصار الذي قطع الوصول إلى أساسيات الحياة؛ الغذاء والماء والوقود والكهرباء". 

ووفقاً للكاتب، "تؤكد هذه الخسائر البشرية، حتى قبل الغزو البري، على الخطر الهائل الذي يواجهه الآن مليونان من سكان غزة، نصفهم من الأطفال. واندلعت أعمال العنف في الضفة الغربية والقدس، ومن الممكن أن تشتد. ويمكن لحزب الله أن يدخل الصراع من شمال إسرائيل. ومن الممكن أن يشتعل الرأي العام العربي. ومن الممكن أن تتفاقم الانقسامات داخل الديمقراطيات في العالم، كما حدث بالفعل في الأسبوع الماضي".

ولفت إلى أن "تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والشرق الأوسط وخبرة الولايات المتحدة الأخيرة تشير إلى أن العنف من المرجح أن يولد المزيد من العنف، وأن الصدمة ستولد المزيد من الصدمات"، محذراً من أن بدء الحروب أو تصعيدها أسهل من إنهائها، كما أن عواقب الحرب لا يمكن التنبؤ بها دائماً.

"طرف في الصراع" 

وشدد رودس على أن الولايات المتحدة "طرف في هذا الصراع باعتبارها الضامن الأمني لإسرائيل، والوسيط الرئيسي في الجهود المبذولة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وباعتبارها قوة عظمى مصالحها وبصماتها موجودة في جميع أنحاء الشرق الأوسط الحديث. ومن المؤكد أن بقية العالم يرى الأمر بهذه الطريقة".

وبحسب الكاتب، "ليس الرئيس بايدن هو من بدأ هذا الواقع، لكنه عززه من خلال احتضان إسرائيل في أعقاب هجوم حماس مباشرة، والانخراط في دبلوماسية مكثفة في الأيام التي تلت ذلك، واتخاذ قرار بزيارة إسرائيل على وشك غزوها المتوقع لغزة".

وأردف: "في الوقت الراهن، هجوم حماس الوحشي والقصف الإسرائيلي لغزة يهددان بإشعال حرب غير محددة المدة والتكاليف والعواقب. هذا هو الوقت المناسب لإيقاف دورات الصدمة بدلاً من إدامتها". 

واختتم بالقول: "بالاعتماد على ماضينا القريب، يجب على الولايات المتحدة أن تنصح بإجراء مناقشات متأنية، والاستخدام الحكيم والمشروع للقوة، والدبلوماسية الإبداعية، والاحترام المستمر للمساواة الحقيقية للبشر، وهي الأولويات التي تفرض حماية رواد المهرجانات أبناء الكيبوتسات (المستوطنات)، وكذلك الأطفال والمواطنين المسالمين في غزة، وإلا فإن المزيد من الأبرياء سيعانون".

"مساحة نفوذ" بالمنطقة

أما موقع "VOX" الأميركي فيشير إلى أن هجوم حماس على إسرائيل، والحرب الإسرائيلية على غزة رداً على ذلك، يشكل تصعيداً آخر في صراع طويل أدى بالفعل إلى سقوط الآلاف من الجانبين، مضيفاً أن "الموت والدمار هما الحصيلة الدامية لعقود من القتال المتجذر في تاريخ معقد".

واستعرض مراحل وتواريخ رئيسية أدت إلى نقاط تحول حرجة، وبدأ بالحديث عن "وعد بلفور" عام 1917، الذي جاء نتيجة حقبة توسع استعماري كبير، تنافست فيها إمبراطوريات أوروبية للسيطرة على أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط، مضيفاً أنه في وقت مبكر من أربعينيات القرن التاسع عشر، رأى البريطانيون في فلسطين فرصة لاقتطاع "مساحة نفوذ" في الشرق الأوسط، حيث كانوا يتنافسون مع الفرنسيين والروس.

وتطرّق الموقع إلى إعلان إسرائيل استقلالها في 14 مايو 1948، والذي أطلق شرارة حرب إسرائيل الأولى ضد الدول المعارضة لإعلان الاستقلال، وانتهت بانتصار إسرائيل وسيطرتها على 77% من الأراضي الفلسطينية السابقة.

وشهدت حقبة الخمسينيات "العدوان الثلاثي" ضد مصر عام 1956 من أجل استعادة السيطرة على "قناة السويس". فيما أعادت حرب عام 1967، المعروفة أيضاً باسم "حرب الأيام الستة"، تشكيل الشرق الأوسط وجعلت إسرائيل قوة عسكرية مهيمنة في المنطقة بعد احتلالها مساحات واسعة من الأراضي الجديدة. 

وفي أكتوبر عام 1973، شنت مصر وسوريا حرباً مفاجئة ومتزامنة ضد إسرائيل، عرفت آنذاك باسم حرب "يوم الغفران"، وكانت بمثابة صدمة للإسرائيليين الذين، أخذوا على حين غرة بعد أن هزموا جيرانهم العرب بسهولة قبل بضع سنوات فقط، وقد رأى كثيرون أوجه تشابه بين تلك الحرب، وهجوم "حماس" عام 2023، في هذا الصدد.

وتطرّق الموقع إلى أحداث أخرى بالغة الأهمية شملت توصل مصر وإسرائيل إلى سلام دائم في إطار اتفاقيات كامب ديفيد عام 1979، بوساطة الرئيس الأميركي آنذاك جيمي كارتر، مروراً بحروب إسرائيل ضد لبنان، وموجات من الانتفاضة الفلسطينية، وعدة مواجهات في قطاع غزة، والتصعيد المستمر في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية وصولاً إلى حرب إسرائيل الأخيرة في غزة عام 2023.

تصنيفات

قصص قد تهمك