نفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تعرض بلاده إلى ضغوط أوروبية وأميركية للانخراط في محادثات سلام محتملة مع روسيا، وذلك وسط مخاوف من أن تؤثر حرب إسرائيل على غزة على الدعم المقدم، وعلى ملف عضوية كييف في الاتحاد الأوروبي.
وقال زيلينسكي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في كييف، السبت: "لا أحد يمارس الضغط علينا حتى نجلس على طاولة المفاوضات مع روسيا، ونتنازل عن شيء ما".
وأضاف: "لم يكن الأمر هكذا من قبل، ولن يكون كذلك أبداً"، فيما تطرق لمفاوضات الانضمام إلى الاتحاد، قائلاً: "نفذنا التوصيات اللازمة لبدء المفاوضات بشأن العضوية، أوكرانيا لن تتوقف عن الإصلاحات المستمرة"، وفق ما أوردته مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
وأعرب كل من زيلينسكي ونائبة رئيس الوزراء الأوكراني، أولجا ستيفانيشينا، المسؤولة عن التكامل الأوروبي، عن تفاؤلهما بشأن الانضمام المستقبلي للاتحاد.
بدورها، قالت فون دير لاين في كلمة ألقتها أمام البرلمان الأوكراني: "أنا واثقة من أنه بإمكانكم الوصول إلى هدفكم الطموح: وهو أن يُتَّخَذ القرار التاريخي لبدء عملية مفاوضات الانضمام بالفعل هذا العام"، مشددة على أن "أوكرانيا دولة ذات سيادة، وستتخذ قرارات سيادية".
وألمحت فون دير لاين بقوة، إلى أن بروكسل "ستوصي دول الاتحاد الأوروبي بفتح مفاوضات الانضمام مع أوكرانيا".
قلق أوكراني
يأتي ذلك في وقت ذكرت شبكة NBC News، السبت، نقلاً عن مسؤول أميركي حالي وآخر سابق مطلع على المناقشات، أن مسؤولين أميركيين وأوروبيين بدأوا محادثات مع الحكومة الأوكرانية بشأن ما قد تنطوي عليه مفاوضات السلام المحتملة مع روسيا، وربما تضمنت المحادثات ما قد تحتاج أوكرانيا إلى التخلي عنه للتوصل إلى اتفاق سلام، بعد أكثر من عام من الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال المسؤولان إن المناقشات بدأت الشهر الماضي، خلال اجتماع ضم أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وسط مخاوف من وصول الحرب الروسية الأوكرانية إلى طريق مسدود.
كما يوجد مخاوف بشأن حجم المساعدات التي يمكن أن تستمر الدول في تقديمها لأوكرانيا، إذ حذر مسؤولو الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي من أن أوروبا "لا تستطيع التعويض، إذا تخلت واشنطن عن دعمها لكييف".
وبعد أكثر من 600 يوم من معركتها لمحاربة الغزو الروسي واسع النطاق، تواجه أوكرانيا أزمة تمويل بسبب التأخير في المساعدات المخطط لها من الولايات المتحدة ووسط عدم اليقين بشأن الموعد المحدد لتسليم حزمة المساعدات الكبيرة التالية لأوروبا، إذ قد يعرض أي تأخير كييف لعجز في ميزانية عام 2024، وهو الوضع المحتمل الذي يسبب قلقاً في أوكرانيا.
وتأتي زيارة فون دير لاين إلى العاصمة كييف، قبل إعلان مقرر في الثامن من نوفمبر الجاري، ستنشر بموجبه بروكسل تقريرها بشأن التقدم الذي أحرزته أوكرانيا وغيرها من المرشحين الطامحين للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ووعدت رئيسة المفوضية الأوروبية، زيلينسكي، بأن يواصل الاتحاد الأوروبي دعم كييف، وسط مخاوف من أن تُبعد حرب إسرائيل على غزة، واشنطن بعيداً عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
كما تبعث زيارة فون دير لاين، برسالة رئيسية إلى كييف مفادها أنه "رغم الصراع الدائر في الشرق الأوسط، فإن الاتحاد الأوروبي لا يزال يركز على دعم أوكرانيا في حربها مع روسيا".
وتهدد حرب غزة، بإبعاد أوكرانيا عن الأضواء السياسية، في ظل دوامة من الزعماء الأوروبيين والأميركيين تدور في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
ويأتي التزام الاتحاد الأوروبي المتجدد، في وقت قال فيه القائد العام للجيش الأوكراني فاليري زالوزني في مقابلة مع مجلة "الإيكونوميست" إن الحرب في أوكرانيا "متعثرة"، وهو ما اعترض عليه زيلينسكي.
7 شروط للانضمام
"بوليتيكو" بدورها أشارت إلى أنه من أجل البدء في محادثات انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، فإن كييف ملزمة قانوناً بالوفاء بسبعة شروط وضعتها المفوضية، بما في ذلك الإصلاحات القضائية والحد من الفساد.
واستناداً إلى تقييم المفوضية، فسيناقش زعماء الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم المقرر في منتصف ديسمبر المقبل، ما إذا كان عليهم إطلاق محادثات العضوية الرسمية مع أوكرانيا.
وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس إدارة مؤسسة ديجوري والمنتقد المتكرر للحكومة الأوكرانية، ميخايلو زيرناكوف لـ"بوليتيكو"، إنه يرى "تقدماً كبيراً في الإصلاح القضائي، رغم أن هناك الكثير من العمل لا يزال أمامنا".
وأضاف: "نحن بحاجة إلى الاعتراف بالتقدم الذي أحرزته أوكرانيا. إذا لم يتم ذلك الآن، فلن يعطي أي سبب لساستنا لمواصلة الإصلاحات المؤلمة".
وتتطلب قرارات التوسيع دعم كافة دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة، إذ دعا رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الشهر الماضي إلى استراتيجية جديدة للاتحاد الأوروبي تجاه أوكرانيا.
وقال إن "الاستراتيجية الحالية قد فشلت". وتؤيد بلدان أخرى في الاتحاد الأوروبي التوسعة سياسياً، ولكنها تؤكد على أن هذا لا بد أن يسير جنباً إلى جنب مع الإصلاح داخل أوروبا.