تقرير: ضابط أوكراني وراء عمليات تفجير أنابيب "نورد ستريم"

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة لتسرب الغاز من خط أنابيب "نورد ستريم 2" بعد تفجيره. 27 سبتمبر 2022 - Reuters
صورة لتسرب الغاز من خط أنابيب "نورد ستريم 2" بعد تفجيره. 27 سبتمبر 2022 - Reuters
دبي-الشرق

نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مسؤولين في كييف ودول أوروبية قولهم، إن ضابطاً أوكرانياً، يتمتع بعلاقات عميقة مع أجهزة المخابرات في بلاده، أدى دوراً رئيسياً في تفجير خط أنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم" الذي حدث العام الماضي.

وذكر التقرير الذي نشر، الأحد، أن الدور الذي قام به الضابط الأوكراني، يعد دليلاً ذا صلة بارتباط القيادة العسكرية والأمنية في كييف بهذه العملية التخريبية المثيرة للجدل، والتي أدت إلى تحقيقات جنائية متعددة، ووصفها المسؤولون الأميركيون والغربيون بأنها تمثل "هجوماً خطيراً" على البنية التحتية للطاقة في أوروبا. 

ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين قولهم إن العقيد الأوكراني رومان تشيرفينسكي (48 عاماً) الذي خدم في قوات العمليات الخاصة الأوكرانية، هو منسق عملية "نورد ستريم"، إذ كان يدير الخدمات اللوجستية، والدعم لفريق مشكل من 6 أشخاص استأجروا مركباً شراعياً بهويات مزيفة، واستخدموا معدات للغوص في أعماق البحار لوضع عبوات ناسفة على خطوط أنابيب الغاز.

فريق لتنفيذ الانفجارات

في 26 سبتمبر 2022، تسببت 3 انفجارات في حدوث تسربات هائلة في خطي أنابيب نورد ستريم 1 و2، اللذين يمتدان من روسيا إلى ألمانيا تحت بحر البلطيق، ولم يترك الهجوم سوى وصلة واحدة فقط من وصلات الغاز الأربعة في الشبكة سليمة، مع اقتراب فصل الشتاء في ذلك الوقت. 

وبحسب الأشخاص المطلعين على دور تشيرفينسكي وكيفية تنفيذ العملية، فإن الأخير لم يتحرك بمفرده، كما أنه ليس مخطط العملية، ولكنه تلقى الأوامر من مسؤولين أوكرانيين كبار، والذين يرفعون تقاريرهم في النهاية إلى الجنرال فاليري زالوجني، قائد الجيش الأوكراني. 

وأشارت الصحيفة إلى أن أوكرانيا شنت العديد من العمليات الجريئة والسرية ضد القوات الروسية، ولكن هجوم "نورد ستريم" استهدف البنية التحتية المدنية التي تم بناؤها لتوفير الطاقة لملايين الأشخاص في أوروبا، وفي حين تمتلك شركة "غازبروم"، المملوكة للدولة الروسية، 51% من مشروع نورد ستريم، فإن شركات الطاقة الغربية، بما في ذلك شركات من ألمانيا وفرنسا وهولندا، شريكة في المشروع، واستثمرت المليارات فيه.

ونفى تشيرفينسكي، عبر محاميه، أي دور له في تخريب خطوط الأنابيب، وقال في بيان مكتوب لـ"واشنطن بوست" ومجلة "دير شبيجل" الألمانية، اللتين أجرتا تحقيقاً مشتركاً حول دوره في العملية: "التكهنات كلها حول تورطي في الهجوم على نورد ستريم التي تنشرها الدعاية الروسية، هي بلا أي أساس"، فيما لم يرد المتحدثون باسم الحكومة الأوكرانية على مجموعة من الأسئلة حول دور تشيرفينسكي في العملية. 

ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، خدم تشيرفينسكي في وحدة من قوات العمليات الخاصة الأوكرانية، وكان عمله يركز على نشاط المقاومة في المناطق التي تحتلها روسيا، حسبما قال أشخاص مطلعون على مهامه، وقد كان يتواصل مع اللواء فيكتور هانوشاك، والذي يتواصل مع قائد الجيش الأوكراني زالوجني بشكل مباشر. 

ورأت الصحيفة أن تشيرفينسكي كان مناسباً تماماً للمساعدة على تنفيذ مهمة سرية تهدف إلى إخفاء تورط أوكرانيا فيها، وذلك بالنظر إلى خدمته في مناصب عليا في وكالة الاستخبارات العسكرية في البلاد، وكذلك في جهاز الأمن الأوكراني (SBU)، كما أنه على علاقة مهنية وشخصية بالقادة العسكريين والأمنيين الرئيسيين في البلاد. 

عمليات سرية أخرى

ووفق التحقيق، ساعد الضابط الأوكراني في تنفيذ عمليات سرية أخرى، ففي 2020، أشرف على خطة معقدة لجذب مقاتلين من مجموعة فاجنر الروسية العسكرية الخاصة إلى بيلاروسيا، بهدف القبض عليهم وإحضارهم إلى أوكرانيا لمواجهة الاتهامات.

وفي تصريحه لـ"واشنطن بوست" و"دير شبيجل"، قال تشيرفينسكي إنه "خطط، ونفذ عمليات لقتل القادة الانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا". 

وتشيرفينسكي محتجز الآن في إحدى سجون كييف بتهمة إساءة استخدام سلطته في مؤامرة لإغراء طيار روسي بالهروب إلى أوكرانيا في يوليو 2022. وتزعم السلطات أن الضابط، الذي اعتقل في أبريل الماضي، تصرف من دون إذن، وأن العملية أدت إلى الكشف عن إحداثيات مطار أوكراني، ما أدى إلى هجوم صاروخي روسي أدى إلى سقوط جندي وإصابة 17 آخرين.

وكان اللواء فيكتور هانوشاك، الذي لم يعد يخدم في قوات العمليات الخاصة، قد أكد علناً أن العملية تمت الموافقة عليها من قبل القوات المسلحة الأوكرانية، ورفض التعليق للصحيفة على الأمر. 

وشدد تشيرفينسكي على أنه ليس مسؤولاً عن الهجوم الروسي، وأنه في محاولته إقناع الطيار بالهروب إلى أوكرانيا وتسليم طائرته، كان يتصرف بناءً على أوامر تلقاها، ورأى أن اعتقاله ومحاكمته هو "انتقام سياسي" لانتقاده للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وإدارته، مشيراً إلى أنه يشتبه في أن أندريه ييرماك، وهو أحد أقرب مستشاري زيلينسكي، يتجسس لصالح روسيا، كما اتهم إدارة الأخير بالفشل في إعداد البلاد بشكل كافٍ لمواجهة الغزو الروسي. 

وقال تشيرفينسكي في بيانه المكتوب: "عملية تجنيد الطيار الروسي شاركت فيها وحدات من جهاز الأمن الأوكراني والقوات الجوية وقوات العمليات الخاصة، وتمت الموافقة عليها من قبل القائد الأعلى للجيش زالوجني". 

تناقض أوكراني

وذكرت الصحيفة أن مشاركة تشيرفينسكي في تفجير "نورد ستريم" يتناقض مع نفي زيلينسكي العلني تورط بلاده في الأمر، ووفقاً لتقارير استخباراتية حصلت عليها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، فإن جميع المشاركين في التخطيط والتنفيذ كانوا يقدمون تقاريرهم مباشرةً إلى قائد الجيش زالوجني، ولذلك لم يكن زيلينسكي على عِلم بالأمر.

وقال مسؤولون في العديد من البلدان، في تصريحات خاصة، إنهم واثقون من أن زيلينسكي لم يوافق شخصياً على هجوم نورد ستريم. 

وفي يونيو 2022، حصلت وكالة الاستخبارات العسكرية الهولندية (MIVD) على معلومات تفيد بأن أوكرانيا ربما تخطط لمهاجمة "نورد ستريم"، وتحدث مسؤولون في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى زالوجني، من خلال وسيط، مؤكدين أن الولايات المتحدة تعارض مثل هذه العملية، وفقاً لأشخاص مطلعين على تلك المحادثات. 

واعتقد المسؤولون الأميركيون أن الهجوم ألغي، ولكن تبين أنه تم تأجيله إلى ما بعد ثلاثة أشهر، وباستخدام نقطة انطلاق مختلفة عما كان مخططاً له في الأصل. وظلت العناصر الأساسية للخطة كما هي، بما في ذلك عدد الأشخاص في فريق التفجير، وفكرة استخدام قارب مستأجر، ومعدات غوص، وهويات مزورة. 

وفي مقابلة مع "واشنطن بوست" في يونيو الماضي، قال قائد الجيش الأوكراني زالوجني، إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لم تسأله أبداً بشكل مباشر عن أي هجوم على نورد ستريم، مضيفاً أنه بعد الانفجارات في سبتمبر 2022، تلقى مكالمة هاتفية من رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي آنذاك، سأله فيها عما إذا كان لأوكرانيا علاقة بالأمر، وهو ما أجاب عنه بالنفي.

وقال زالوجني لميلي: "هناك الكثير من العمليات المُخطَط لها، والكثير من العمليات الجارية بالفعل، ولكن لا علاقة لنا على الإطلاق بهذه العملية". وأشار زالوجني، في المقابلة، إلى أن "الدعاية الروسية" حاولت ربطه هو والجيش الأوكراني بالعملية.

خط "ترك ستريم"

وأبلغت الاستخبارات العسكرية الهولندية الولايات المتحدة أن الأوكرانيين خططوا لهجوم على خط أنابيب آخر في البحر الأسود يسمى "ترك ستريم"، ولكن ليس من الواضح لماذا لم يتم تنفيذ هذه العملية على الإطلاق.

وفي أكتوبر 2022، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الأجهزة الأمنية في موسكو، أحبطت هجوماً أوكرانياً على "ترك ستريم"، ولكن السلطات الروسية لم تقدم سوى القليل من التفاصيل حول الأمر.

وذكرت وكالة الأنباء الروسية "تاس" أن "الهجوم خُطط له من قبل عميل لجهاز الأمن الأوكراني (SBU) بناءً على أوامر من قوات العمليات الخاصة في كييف". 

وبعض المدافعين عن تشيرفينسكي في الهجوم على "نورد ستريم"، يقولون إن قصف خطوط الأنابيب منع موسكو من ملء خزاناتها بالغاز الطبيعي، وحرم بوتين من استخدام الغاز الطبيعي لتحقيق النفوذ السياسي. 

وتجمع بعض أنصار تشيرفينسكي أمام مقر محاكمته، مشيرين إلى أنه يعد رمزاً في المؤسسة العسكرية الأوكرانية، وقائد عسكري يمكنه اتخاذ خيارات صعبة من أجل انتصار كييف. 

وقال تشرفينسكي في بيانه: "لقد كرست حياتي كلها للدفاع عن أوكرانيا"، ووصف التهم الحالية الموجهة إليه المتعلقة بعملية الطائرة الروسية بأنها "لا أساس لها من الصحة"، مضيفاً: "سأثبت ذلك في المحاكمة". 

تصنيفات

قصص قد تهمك