أثار تصاعد الهجمات على القوات الأميركية في العراق وسوريا إحباطاً داخل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، إذ عبر العديد من المسؤولين عن خيبة أملهم؛ مما اعتبرونه "استراتيجية غير متماسكة" لمواجهة وكلاء إيران، بعد فشل الضربات الجوية "المحدودة" التي وافق عليها الرئيس جو بايدن في وقف الهجمات، وفق ما أوردت صحيفة "واشنطن بوست".
وقال أحد المسؤولين في البنتاجون للصحيفة: "لا يوجد تعريف واضح بشأن ما نحاول ردعه"، متسائلاً: "هل هذه هي طريقة ردع أي هجمات إيرانية في المستقبل؟ حسناً، من الواضح أن هذه الطريقة لا تعمل".
وأدى الغضب المشتعل في الشرق الأوسط بشأن الدعم الأميركي للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، حيث سقط آلاف المدنيين الفلسطينيين ضحايا في الأسابيع الستة الماضية، إلى زيادة القلق بين بايدن ومسؤولين في إدارته، من أن أي رد فعل مبالغ فيه على الهجمات على الأفراد الأميركيين يمكن أن يؤدي إلى توسيع دائرة الصراع، بحسب الصحيفة.
وبالتزامن مع الغارات الجوية، حض مسؤولون أميركيون إيران مراراً وتكراراً خلال الشهر الماضي، على كبح هذه الميليشيات التي تدعمها، محذرين من أن الولايات المتحدة لديها "حق الرد في الوقت والمكان الذي نختاره"، لكن تلك التحذيرات لم تحقق شيئاً، وفق المسؤولين الأميركيين.
ومنذ 17 أكتوبر الماضي، تواجه القوات الأميركية في العراق وسوريا هجمات شبه يومية، من إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة مفخخة، إذ سجلت وزارة الدفاع الأميركية ما لا يقل عن 61 حادثاً، والعديد من الإصابات.
وتظهر بيانات للبنتاجون حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست"، أن الهجمات استهدفت 10 قواعد يستخدمها الجيش الأميركي في العراق وسوريا.
وسمح بايدن بشن ثلاث غارات جوية، جميعها في شرق سوريا، وكان آخرها في 12 نوفمبر، حيث استهدف مواقع وصفها البنتاغون بأنها تُستخدم من قبل الحرس الثوري الإيراني و"الجماعات الموالية لإيران".
وقال مسؤول أميركي إن ما يصل إلى 7 مسلحين لقوا حتفهم في هذا القصف، وهو "تقدير تقريبي"، بينما تواصل الولايات المتحدة تقييم النتائج. وأشار إلى إن الغارات دمرت مستودعات تحتوي وفق التقديرات على "أسلحة وذخائر ومركز قيادة، ومنشآت تدريب".
وقال البنتاجون أيضاً إن الحوثيين في اليمن "دمروا طائرة أميركية مسيرة من طراز ريبر بقيمة 30 مليون دولار فوق البحر الأحمر في الأيام الأخيرة"، كما "اعترضت السفن الحربية الأميركية في الأسابيع القليلة الماضية مقذوفات أُطْلِقَت من اليمن في اتجاه إسرائيل".
خيارات إضافية لمواجهة الجماعات في سوريا والعراق
واعتبر المسؤولون الأميركيون في حديثهم لـ"واشنطن بوست"، أن هذه العمليات "فشلت في إبطاء وتيرة النشاط العدائي" ضد القوات الأميركية.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع، إن "البنتاجون قدم خيارات إضافية للرئيس تتجاوز الإجراءات التي يتم اتخاذها حتى الآن"، مضيفاً أن "هناك شكاً متزايداً داخل وزارة الدفاع حول النهج الحالي".
وأفادت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون في بيان، بأن بايدن أظهر أنه "لن يتردد أبداً في اتخاذ إجراءات لحماية القوات الأميركية"، وأنه "مستعد تماماً لاتخاذ المزيد من الإجراءات حسب الحاجة في أي لحظة لحماية قواتنا".
وفي التصريحات العامة، يسعى البنتاجون إلى التقليل من أهمية الهجمات في العراق وسوريا، إذ يصفها بأنها "غير دقيقة" في كثير من الأحيان، و"لا تسبب أضراراً تذكر"، كما أن الجنود الذين أصيبوا عادوا بعدها إلى الخدمة.
ولكن مع استمرار ارتفاع عدد الهجمات، تزايد القلق في البنتاجون من أنها مسألة وقت قبل أن تتسبب إحدى الهجمات بسقوط أحد الجنود.
وقال السيناتور كيفين كريمر، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ للصحيفة، إنه لا يشعر "بأي ردع" من جانب أميركا، مشيراً إلى أنهم "يواصلون إطلاق النار.. ولأننا لا نرد فهم يواصلون ذلك، وفي نهاية المطاف سيسقط أحد جنودنا في تلك الهجمات بالصواريخ والمسيرات".
وأضاف: "لا أقترح أن نبدأ حرباً شاملة مع إيران، ولكنني أعتقد أن موقفنا يجب أن يكون أكثر عدوانية قليلاً من مجرد الدفاع الصارم".
واعترف مسؤول كبير في البنتاجون بأن الوزارة "ترى سوى القليل من البدائل الجيدة للإجراءات التي تتخذها حتى الآن"، والتي تشمل بالإضافة إلى الضربات الجوية الانتقامية المحدودة وتعزيز أسلحة الدفاع الجوي، "نشر حاملتي طائرات بالقرب من إسرائيل وإيران".
واعتبر أن شن ضربات في العراق، على سبيل المثال، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم المشاعر المعادية للولايات المتحدة، حيث تنتشر القوات الأميركية بناء على دعوة من الحكومة في بغداد.