لوقف التقدم بـ"الجزيرة".. الجيش السوداني يقصف "الدعم السريع" في "أبو حراز"

time reading iconدقائق القراءة - 7
شبان يتجولون بالدراجات حول الخرطوم بحثاً عن النفط غير المستخدم الذي يُجْمَع من المركبات أثناء الصيانة. 29 أكتوبر 2014 - Reuters
شبان يتجولون بالدراجات حول الخرطوم بحثاً عن النفط غير المستخدم الذي يُجْمَع من المركبات أثناء الصيانة. 29 أكتوبر 2014 - Reuters
بورتسودان-خالد عويس

أفاد شهود عيان، لـ”الشرق”، السبت، بأن الجيش السوداني قصف بالمدفعية الثقيلة مواقع لقوات الدعم السريع بمنطقة أبو حراز شرق مدينة ود مدني مع تحليق للطيران الحربي.

وأضاف شهود عيان أن الطيران الحربي استهدف منذ ساعات الفجر الأولى أهدافاً لقوات الدعم السريع شرق مدينة ود مدني بولاية الجزيرة.

وتشهد مدينة ود مدني بولاية الجزيرة لليوم الثاني على التوالي زيادة حركة واسعة بعد يوم من اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع شرقي المدينة.

أما في الخرطوم، فقصف الجيش بالمسيرات مواقع للدعم السريع في جنوب الحزام وجبرة وأبو آدم والأزهري جنوب الخرطوم، وأحياء بري والمنشية شرق الخرطوم ومنطقة الحاج يوسف بشرق النيل حيث تصاعدت أعمدة الدخان بكثافة من هذه المناطق.

أزمة الوقود

وكانت قوات الدعم السريع قد بدأت استهدافها لولاية الجزيرة مرة أخرى، بداية من الهجوم على مصفاة الجيلي النفطية، أقصى جنوب الخرطوم.

وكانت قوات الدّعم السريع اتهمت الجيش السوداني بقصف مصفاة الجيلي، الواقعة على بعد 70 كيلومتراً شمال العاصمة  الخرطوم، للمرة الخامسة، وتدمير مستودعات "نبتة".

ووسط اتهامات متبادلة بين الجيش والدّعم السريع بشأن المسؤولية عن القصف المتكرّر على المصفاة، قال مصدر في مجال النفط لـ"الشرق" إن أضراراً كبيرة لحقت بوحدة التحكم وخط الأنابيب الداخلي، بسبب قصف تعرّضت له المصفاة، في الأيام الأخيرة، مشيراً إلى أن "القصف الذي طال وحدة التحكم دمرها تماماً".

والجيلي هي أكبر مصفاة للنفط في البلاد، بإنتاج يومي يبلغ نحو 90 ألف برميل، وتلبي نحو نصف احتياجات البلاد من مشتقات البترول.

وفي أكتوبر، سيطرت قوات الدّعم السّريع على محطة لضخ النفط في العيلفون، 39 كيلومتراً جنوب شرقي الخرطوم، قبل أن تعلن أنها سلمتها مجدداً إلى مهندسين من شركة تضخ النفط من جنوب السودان إلى موانئ التصدير في شرق السودان، بطاقة نحو 80 ألف برميل يومياً. 

وفي نهاية أكتوبر أيضاً، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على حقل بليلة النفطي في غرب كردفان، والذي ينتج نحو 15 ألف برميل يومياً.

وقال وزير الطاقة السوداني السابق محمد عبد الله لـ"الشرق" إن انسياب المشتقات النفطية من مصفاة الجيلي متوقف منذ يوليو، وتتم تغطية احتياجات البلاد عبر الاستيراد فقط.

وأضاف أن تعرّض المصفاة لقصف مستمر سيؤدّي إلى فقدان منشأة مهمة تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار، مشيراً إلى أن المستودعات الملحقة بهذه المنشأة تحوي جازولين وبنزين وغاز طبخ.

وإلى جانب الجيلي، يملك السودان 3 مصاف أخرى، في بورتسودان شرقاً، والأبيض في شمال كردفان، وأبو جابرة في غرب البلاد، لكن طاقتها القصوى مجتمعة لا تتجاوز 70 ألف برميل يومياً من المشتقات المختلفة، فضلاً عن وقوع الأبيض وأبو جابرة ضمن أحزمة القتال.

الاستيراد يثقل كاهل الاقتصاد

وفي هذا السياق، أوضح المحلل الاقتصادي عبد العظيم الأموي لـ "الشرق" أن السودان ظل يعتمد على مصدرين لإمدادات المشتقات النفطية والمحروقات، الأول هو الإنتاج المحلي عبر مصفاة الجيلي التي تغطي تقريباً حوالي 33% من استهلاك السودان من الجازولين في فترات الاستهلاك العالي. 

وأشار الأموي إلى أن المصفاة تغطي 50% من استهلاك غاز الطبخ في السودان و60% من استهلاك السودان بالنسبة للبنزين ووقود الطائرات.

أما المصدر الثاني، بحسب الأموي، فهو الاستيراد من الخارج لتغطية الفجوة الاستهلاكية. 

وذكر أن تكلفة تمويل واردات المشتقات النفطية للسودان ارتفعت بعد الحرب، لتصنيف السودان "منطقة شديدة الخطورة"، ليرتفع التأمين تبعاً لذلك، وتزداد تكلفة الواردات بنسبة 15%، مرفقة بفقدان العملة المحلية 60% من قيمتها.

وحال استمرار الحرب وتدهور قيمة العملة المحلية، فإن الوضع سيزداد صعوبة، بحسب الأموي.

الخسائر بالأرقام

من ناحيته، قال وكيل وزارة الطاقة السودانية سابقاً حامد سليمان حامد، لـ"الشرق"، إن قطاع النفط لعب دوراً محورياً في تحريك العجلة الاقتصادية في البلاد منذ دخول شركة "شيفرون" بداية السبعينات للتنقيب، إلى أن أوقفت هذه العمليات، الحرب التي تفجرت مجدداً في جنوب السودان عام 1983، ليعود النفط إلى الواجهة بداية التسعينيات بإنتاج محدود في المجلد بغرب كردفان، لا يتجاوز 2000 برميل يومياً.

وبعد دخول شركاء غير سودانيين كالصينيين والكنديين، تمكن السودان من بلوغ إنتاج يومي يقدر بـ483 ألف برميل في 2007، كما يقول حامد سليمان.

وأشار سليمان إلى أن "استقلال جمهورية جنوب السودان في 2011 عرض هذا القطاع لهزة كبيرة، بعد خروج نحو 70% من مناطق الإنتاج عن حيز الاقتصاد السوداني.

وأكد سليمان أن لجوء نظام البشير للاستدانة من نفط الشركاء، لا سيما الصين، لتشغيل المصافي راكم ديوناً بلغت نحو 2.5 مليار دولار، ما دفع المستثمرين للإحجام عن التنقيب والعمل في السودان.

وأوضح أنه بحلول سبتمبر 2019، خرج آخر شريك نفطي من السودان إلى حد كبير، غير أنه لفت إلى أن السودان امتلك خلال الأعوام الماضية بنى تحتية كبيرة في قطاع النفط.

وقال سليمان لـ "الشرق" إن مربع 6 بحقل بليلة في غرب كردفان، وينتج ما يتراوح بين 15 إلى 20 ألف برميل يومياً، خرج بالكامل عن الخدمة بسبب الحرب، كما توقفت محطات الضخ، لافتاً إلى أن السودان كان ينتج نحو 40 ألف برميل قبل الحرب، وتراجع هذا الإنتاج إلى نحو 18 ألف برميل فقط حالياً، تأتي من حقول هجليج في غرب كردفان.

وذكر أن حقولاً أخرى في المنطقة، مثل "شارف"، توقفت أيضا عن الإنتاج؛ نظرا للقتال واستهداف المنشآت البترولية.

ووصف سليمان أوضاع قطاع الطاقة حالياً بالمعقدة، وتطرح تحديات كبيرة مستقبلاً، موضحاً أن "مصفاة الأبيض متوقفة منذ بعض الوقت، وفرضت الحرب وقف مصفاة الجيلي أيضاً".

تصنيفات

قصص قد تهمك