"صراع الأشباح".. خفايا "حرب التجسس" بين الصين وأميركا

وزارة أمن الدولة الصينية تتسلح بالتكنولوجيا لمنافسة "سي آي إيه"

time reading iconدقائق القراءة - 18
صورة تعبيرة تظهر مجموعة من الأشخاص يرتدون أقنعة مع العلم الصيني - Getty Images
صورة تعبيرة تظهر مجموعة من الأشخاص يرتدون أقنعة مع العلم الصيني - Getty Images
دبي-الشرق

تتسلح وزارة أمن الدولة الصينية (MSS)، وهي هيئة الاستخبارات الرئيسية في البلاد، بالذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات المتقدمة، لمجاراة الولايات المتحدة، إذ تسمح الملفات الشخصية التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، للجواسيس الصينيين باختيار الأهداف وتحديد الشبكات ونقاط الضعف، وفقاً لمذكرات داخلية قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنها حصلت عليها.

ويسعى الجواسيس الصينيون إلى تطوير تقنيات أكثر تقدماً، فخلال اجتماعات خلال جائحة كورونا مع مسؤولين محليين في قطاع التكنولوجيا، اشتكوا من أن كاميرات المراقبة التي تتعقب الدبلوماسيين الأجانب وضباط الجيش وعملاء المخابرات في منطقة السفارة الأميركية في بكين لم تلبي احتياجاتهم، وفق التقرير.

ولهذا طلب الجواسيس برنامجاً للذكاء الاصطناعي بإمكانه إنشاء ملفات فورية عن كل شخص يدخل دائرة اهتمامهم، وتحليل أنماط سلوكه. واقترحوا تغذية البرنامج من خلال قواعد البيانات وعشرات الكاميرات التي تشمل لوحات ترخيص السيارات، وبيانات الهواتف المحمولة، وجهات الاتصال وغيرها.

وتسمح الملفات الشخصية التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي باختيار الأهداف، وتحديد الشبكات ونقاط ضعف هذه الأهداف، وفقاً لمذكرات الاجتماعات الداخلية التي حصلت عليها الصحيفة.

وأصبح لدى العملاء الصينيين في بكين ما طلبوه، نظام ذكاء اصطناعي يتتبّع الجواسيس الأميركيين وغيرهم، حسب ما قال مسؤولون أميركيون وشخص مطلع على الصفقة، شاركوا المعلومات مع "نيويورك تايمز"، بشرط ألا تكشف عن أسماء الشركات المتعاقدة المعنية.

وتقول "نيويورك تايمز"، إن هذا التقرير يستند إلى مقابلات مع أكثر من 20 مسؤولاً أميركياً حالياً وسابقاً، تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم، وكذلك إلى مراجعة وثائق الشركات الصينية الداخلية ووثائق وزارة أمن الدولة العامة في الصين.

تجنيد أوسع وميزانية أكبر لاستخبارات الصين

ذكرت "نيويورك تايمز"، أنه في السنوات الأخيرة، بنت الوزارة نفسها من خلال تجنيد أوسع، بما في ذلك مواطنون أميركيون. كما عززت نفسها من خلال تدريب أفضل وميزانية أكبر، واستخدام التقنيات المتقدمة، في محاولة لتحقيق هدف الرئيس الصيني شي جين بينج، بأن تنافس بلاده الولايات المتحدة كقوة اقتصادية وعسكرية بارزة عالمياً.

وأصبحت الوزارة، التي كانت ذات يوم تستقي مصادرها من أحاديث حفلات العشاء في السفارة، تنافس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" في جمع المعلومات في جميع أنحاء العالم.

ومع تضاعف الإنفاق على ملف الصين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية منذ بداية إدارة الرئيس جو بايدن، كثفت الولايات المتحدة بشكل حاد تجسسها على الشركات الصينية وتقدمها التكنولوجي.

المنافسة بين وكالتي الاستخبارات الأميركية والصينية تعود بالذاكرة إلى المنافسة أثناء الحرب الباردة بين "سي آي إيه" وجهاز الاستخبارات السوفيتي "كي جي بي"، حيث بنت الدولة الشيوعية في تلك الحقبة جهازاً أمنياً قوياً، تمكن حتى من سرقة معلومات من الولايات المتحدة اعتبرت سرية جداً.

لكن هناك فرق ملحوظ الآن، لا سيما في ضوء الازدهار الاقتصادي والسياسات الصناعية في الصين، إذ بإمكان وزارة أمن الدولة الصينية استخدام التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي لتحدي قادة الاستخبارات الأميركيين بطريقة لم يستطع السوفييت القيام بها.

التكنولوجيا.. طريق مختصر للتجسس

وقال يون صن مدير برنامج الصين في "مركز ستيمسون"، وهو معهد أبحاث مقره واشنطن: "بالنسبة للصين على وجه الخصوص، أصبح استغلال التكنولوجيا الحالية أو الأسرار التجارية للآخرين طريقاً مختصراً شائعاً تشجعه الحكومة. لقد زادت الحاجة الملحة وكثافة التجسس التكنولوجي بشكل كبير".

وكثّفت وزارة أمن الدولة الصينية جمعها للمعلومات الاستخباراتية عن الشركات الأميركية التي تُطور تكنولوجيا ذات استخدامات عسكرية ومدنية، في حين أن "سي آي إيه" تركز مواردها في جمع البيانات عن الشركات الصينية التي تطور الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وغيرها من الأدوات المماثلة.

ورغم أن مجمع الاستخبارات الأميركي يجمع منذ فترة طويلة معلومات استخباراتية عن الاقتصادات الخارجية، إلا أن جمع معلومات مفصلة عن التقدم التكنولوجي التجاري خارج شركات الدفاع، اعتبر في وقت سابق نوعاً من التجسس الذي تتجنبه الولايات المتحدة. إلا أن المعلومات حول تطوير الصين للتكنولوجيات الناشئة أصبحت الآن مهمة، مثل الكشف عن قوتها العسكرية التقليدية.

وقال ديفيد كوهين، نائب مدير "سي آي إيه"، إنه في "عهد الرئيس بايدن تقوم وكالة الاستخبارات المركزية باستثمارات، وتعيد تنظيمها لمواجهة التحدي المتمثل في جمع معلومات عن التقدم الصيني".

ودشنت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، مركزاً للمهام الصينية، وآخر للاستخبارات التكنولوجية.

وأضاف كوهين لـ"نيويورك تايمز": "خلال فترة طويلة، كنا نحصي عدد الدبابات، ونحاول فهم قدرة الصواريخ أكثر من تركيزنا على قدرة أشباه الموصلات أو خوارزميات الذكاء الاصطناعي أو معدات التكنولوجيا الحيوية".

لكن بعض صناع السياسات في أميركا، يقولون في أحاديثهم الخاصة إن "الجهود لا تزال غير كافية"، وإن الشركات الصينية والجيش الصيني يفاجئون الحكومة الأميركية بالتقدم الذي يحققونه.

دور وزارة أمن الدولة الصينية

وفي الصين، نمت مكانة وزارة أمن الدولة في عهد شي جين بينج، الذي يُقّدر العمل الاستخباراتي الجريء والدولة الأمنية القوية، وفقاً للصحيفة.

وفي أكتوبر 2022، قام الحزب الشيوعي بترقية أعلى رأس في الوزارة، تشن ون تشينج، ليكون أكبر مسؤول أمني في الحزب، وعضواً في المكتب السياسي المكون من 24 عضواً، وهو أول رئيس استخبارات منذ عقود يصعد إلى تلك الهيئة.

وخلف تشين ون تشينج، المساعد القديم للرئيس الصيني، وهو تشن يي شين، والذي تمكن من تغيير الصورة العامة لوزارة أمن الدولة، كما مُنِح تفويضاً واسعاً يشمل قيادة حملة على الشركات الأميركية وغيرها من الشركات الأجنبية التي تجري تحقيقات مؤسسية مع الشركات الصينية، بما في ذلك العلاقات العسكرية وانتهاكات حقوق الإنسان.

وتتحمّل الوزارة المسؤوليات الخارجية على غرار دور وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والتفويض المحلي الداخلي على غرار دور مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي "إف بي آي".

كما أن وزارة أمن الدولة في الصين، مكلفة بجمع المعلومات الاستخباراتية والعمليات في الخارج، فضلاً عن الحد من النفوذ الأجنبي داخل الصين، وتضييق الخناق على ما يسمى بالأنشطة التخريبية. ومهمتها سياسية بشكل معلن، وتتمثل في الدفاع عن الحزب الشيوعي ضد كل التهديدات.

وأنشأت الحكومة المركزية في بكين وزارة أمن الدولة عام 1983 خلال إعادة ترتيبها للوحدات الأمنية.

وعلى مدى عقود، كافحت الوزارة لكسب تأييد قادة الحزب. وكان لدى أجهزة الاستخبارات الأخرى التابعة للجيش الصيني، موارد أكبر وأدوات أفضل، خاصة في التجسس الإلكتروني.

واستطاعت الوزارة تحسين تكتيكاتها تدريجياً، وحصلت على ميزانيات أكبر، بل وبنت خبرة تجارية. وتم إرسال بعض ضباط الوزارة الذين عملوا تحت غطاء كرجال أعمال، إلى مكاتب القطاع الخاص للتدريب، حسب ما قال بيتر ماتيس، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية والمؤلف المشارك لكتاب عن التجسس الصيني.

كشف جواسيس للولايات المتحدة في الصين

وفي عهد تشين، تستخدم الوزارة وسائل التواصل الاجتماعي، ففي منشور على حسابها في منصة "وي تشات"، قالت الوزارة إن "إن محاولة الولايات المتحدة عرقلة الصين وقمعها، ستجعلنا أكثر صلابة في المعركة، وأكثر اعتماداً على الذات".

وفي أغسطس، أصدرت الوزارة إعلانين منفصلين أكدت فيهما أنها ألقت القبض على مواطنين صينيين يتجسسان لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، أحدهما جنده عميل أميركي في اليابان، والآخر في إيطاليا.

وفي أكتوبر الماضي، أعلنت الوزارة والتلفزيون الرسمي الصيني عن حالة تم فيها تجنيد باحث في معهد للصناعات الدفاعية من قبل عميل أميركي، عندما كان باحثاً زائراً في جامعة أميركية، ثم نقل بعد ذلك نسخاً من الوثائق السرية إلى الأميركيين بعد عودته إلى الصين، قبل اعتقاله في عام 2021.

وتُشير الإعلانات إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، كانت تُعيد بناء شبكة داخل الصين، فككها ضباط مكافحة التجسس الصينيون منذ أكثر من عقد مضى.

ولا تذكر "سي آي إيه" ما إذا كان الأشخاص المحتجزون في الخارج بتهمة التجسس هم جواسيس للولايات المتحدة، لكن بعض المواطنين الصينيين المحتجزين على الأقل كانوا يعملون لصالح واشنطن، وفقاً لأشخاص مطلعين على تقارير الاستخبارات الأميركية، وأوضحوا أنه مع ذلك، لا يوجد دليل على أن وزارة أمن الدولة قد اخترقت الشبكة.

كما وسّع العملاء الصينيون أهدافهم للتجنيد في الخارج، بما في ذلك بين المواطنين الأميركيين.

وشعرت وكالات الاستخبارات الأميركية بالقلق بعد اكتشاف أن وزارة أمن الدولة في شنجهاي جندت طالباً أميركياً في الصين، وهو جلين دافي شرايفر، وجعلته يتقدم بطلب إلى وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية. وحُكم على شرايفر عام 2011 بالسجن لمدة 4 سنوات.

وقال جون كولفر، محلل الاستخبارات الأميركية السابق: "لقد كانت علامة كبيرة على تحسّن حرفية وزارة أمن الدولية، لأنها لأول مرة تستهدف الأميركيين غير الصينيين، وتحاول اختراق مجتمع الاستخبارات الأميركي".

وكان للقضية عواقب بعيدة المدى، إذ جعلت ضباط مكافحة التجسس الأميركيين أكثر تشككاً في المتقدمين لوظائف الحكومة الأميركية ممن درسوا في الصين، أو لديهم اتصالات هناك، وحولت انتباههم إلى مكاتب وزارة أمن الدولة الإقليمية.

وهذه المكاتب هي إقطاعيات خاصة بالوزارة، ومقرها خارج المقر الوطني للوكالة، والذي يقع في مجمع "شيوان" السري شمال غرب بكين. وفي عهد شي، أصبحت تلك المكاتب أكثر نشاطاً في العمليات الخارجية، مع تخصص بعضها في تجنيد وتشغيل المبلغين في الولايات المتحدة.

وقال مسؤولون أميركيون إن المكتب في مقاطعة جيانجسو المجاورة لشنجهاي هو مكتب آخر يُركّز على الحصول على الأسرار الأميركية، وخاصة تقنيات الدفاع.

مخطط تجنيد عميل صيني في أميركا

وذكر التقرير أن ضباطاً في مكتب جيانجسو، تمكنوا من تجنيد المهندس جي تشاوكون، قبل وقت قصير من ذهابه إلى الولايات المتحدة في عام 2013 لدراسة الهندسة في معهد إلينوي للتكنولوجيا بشيكاجو، وفقاً لوزارة العدل ووثائق المحكمة. 

وطلب الضابط شو يان جون، الذي كان يتعامل معه من طرف وزارة أمن الدولة، من تشاوكون تقديم أسماء 9 أشخاص على الأقل في الولايات المتحدة لوكالة التجسس الصينية لمحاولة تجنيدهم للحصول على تقنيات الفضاء والأقمار الاصطناعية.

وانضم جي في النهاية إلى قوات احتياط الجيش الأميركي، حيث كان يهدف إلى الحصول على تصريح أمني، حتى يتمكن في النهاية من التقدم للعمل في وكالة الاستخبارات المركزية أو مكتب التحقيقات الفيدرالي أو وكالة الأمن القومي.

وتم اعتقال جي في شيكاجو عام 2018، وحكم عليه هذا العام بالسجن 8 سنوات. وألقي القبض على شو، المسؤول عنه، في بروكسل في العام نفسه في عملية ذات صلة يديرها مكتب التحقيقات الفيدرالي، ليصبح أول عميل لوزارة أمن الدولة يتم تسليمه إلى الولايات المتحدة.

وعلى عكس العملاء الروس، يتجنب ضباط  وزارة أمن الدولة الصينية عموماً العمل السري في الولايات المتحدة، ويفضلون بدلاً من ذلك تشغيل عملاء أو أصول في الخارج والتجنيد عبر الإنترنت، بما في ذلك استخدام إعلانات الوظائف التي لا علاقة واضحة لها بالصين، حسب ما قال مسؤولون أميركيون.

وفي عام 2018، أنشأ وكيل سنغافوري للوزارة شركة استشارية مزيفة تستخدم نفس اسم شركة استشارية أميركية بارزة، ونشرت إعلانات وظائف عبر الإنترنت تحت اسم تلك الشركة"، وفق قول مايكل سي كيسي، مدير المركز الوطني لمكافحة التجسس والأمن.

التدافع على التكنولوجيا

غالباً ما تُوظف وزارة أمن الدولة الصينية عناصرها مباشرة من خريجي الجامعات، خاصة للمناصب الأساسية، وفقاً لمراجعة لأكثر من 30 إعلان وظائف عبر الإنترنت من الوكالة. وفي السنوات الأخيرة، سعت إلى خبراء التكنولوجيا، بما في ذلك قراصنة الإنترنت، وفقاً لما نقلته "نيويورك تايمز" عن شخصين على دراية بجهود التجنيد.

وقالت الصحيفة إن أكثر مخاوف بكين هو أن تحجب الولايات المتحدة وحلفاؤها عن الصين المعرفة التكنولوجية الحيوية للنمو الاقتصادي والعسكري. وقد لفت شي إلى هذا الخطر.

وكتب تشين، وزير أمن الدولة، في مقال نشر خلال سبتمبر، أن "التكنولوجيات الأساسية" لا تزال تحت سيطرة الدول الأخرى، وأن الوصول إلى "الاعتماد على الذات تكنولوجياً" مهمة ملحة.

ويبدي خبراء الحكومة الصينية علانية إعجابهم بقدرات جمع المعلومات لوكالات الاستخبارات الأميركية وتقنياتها. وغالباً ما تحمل مجلات الاستخبارات الصينية دراسات تبحث العمليات الأميركية.

وذكرت دراسة حديثة بشأن أجهزة الأمن القومي الأميركية، أجرتها "المعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة"، وهو معهد الأبحاث الرئيسي لوزارة أمن الدولة، أنه "بالاعتماد على تقييم متعمق للأساليب ذات الصلة في الولايات المتحدة، يجب على الصين اختيار ما يجلب النجاح، والاستغناء عن غير ذلك".

كما قامت وزارة أمن الدولة برفع مستوى الخبراء المعنيين بالولايات المتحدة. وفي وقت مبكر من هذا العام، ظهر أحد هؤلاء المحللين، يوان بينج، رئيس "المعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة"، كنائب لوزير أمن الدولة. 

وفي وقت سابق من حياته المهنية، غالباً ما اختلط يوان مع العلماء الأميركيين، الذين رآه بعضهم مراقباً هادئاً لواشنطن.

وأثناء رئاسته لمعهد الأبحاث، أصبح يوان بطلاً لمفهوم شي لـ"الأمن القومي الشامل"، الذي يُصور الولايات المتحدة على أنها التهديد الرئيسي لصعود الصين.

وفي تقييم استراتيجي دولي نُشر في أوائل عام 2022، كتب يوان: "قال بايدن إن أميركا عادت، لكن العالم ليس كما كان، وإذا لم تتمكن من مواكبة التغيرات العالمية الهائلة، فإن هذا العالم المتغير سينزلق حتماً من سيطرة الولايات المتحدة. وفي الحكم على الاستراتيجية الأميركية الكبرى الحالية بعد بضعة عقود من الآن، قد ينظر إلى أكبر خطأ لها على اختيار الصين كعدو".

أهمر قرارات بيرنز: مركز مهمة الصين

كان أحد القرارات الرئيسية الأولى التي اتخذها ويليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، هو إنشاء "مركز مهمة الصين". وكانت الفكرة تتمثل في ضمان تركيز مواقع الوكالة في جميع أنحاء العالم، وليس فقط في آسيا، على جمع المعلومات الاستخباراتية عن الصين.

واتخذ بيرنز هذه الخطوة بعد مراجعة استراتيجية قادها مايكل كولينز، ضابط الاستخبارات المخضرم. وفي عهد بيرنز، تم تعيين كولينز مديراً للاستراتيجية، مع تفويض للمساعدة في تحسين عمل الوكالة بشأن الصين.

وقال كولينز الذي يقود الآن مجلس الاستخبارات الوطني، وهو هيئة تنسيق بين وكالات الاستخبارات، إن التحدي الصيني يتطلب من الولايات المتحدة "أن تكون ذكية في المجالات الحيوية، مثل التكنولوجيا الحيوية وأشباه الموصلات. علينا أن نكون أفضل".

وللحصول على فهم أكثر دقة للتقنيات التي تستهدفها الصين، بدأت وكالة الاستخبارات المركزية في سؤال المديرين التنفيذيين والعلماء الأميركيين عن رؤى حول ما تحاول الشركات الصينية تطويره.

وقال مسؤولون أميركيون إن الجامعات والشركات الأميركية، التي غالباً ما يتصل بها المستثمرون والباحثون الصينيون، لديها معرفة بالتقنيات المحددة.

لكن المسؤولين قالوا إن من المهم جلب أشخاص لديهم معرفة أعمق بطموحات الصين التجارية والتكنولوجية. وفي الوقت الحالي، تكافح وكالات الاستخبارات للحصول على المعلومات لصانعي السياسة بالسرعة التي يريدونها.

وفي العام الماضي، كشفت شركة "تك إنسايتس" الكندية، أن شركة تصنيع الرقائق الرائدة في الصين "الشركة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات" قد طورت شريحة 7 نانومتر. ولم تكن الحكومة الأميركية على علم بهذا التقدم، وفوجئت بأن الشركة الصينية حققت قفزة بهذه السرعة، وفقاً لجيمي جودريتش، خبير التكنولوجيا الصينية الذي يقدم المشورة لمؤسسة "راند".

وقال جودريتش: "لم يتم تأسيس مجمع الاستخبارات ليكون بارعاً في فهم القضايا التجارية والتكنولوجية في الصين"، مضيفاً: "من الصعب القيام بذلك. والأهم من ذلك، عليك حقاً التفكير كمحلل في وول ستريت، وباحث في السوق، والتحدث إلى الجميع، صعوداً وهبوطاً".

وجزء من المشكلة هو أن وكالات الاستخبارات الأميركية تُفضل المعلومات من الأقمار الاصطناعية وبرامج الاعتراض والجواسيس البشريين. ورأى مسؤول أميركي كبير أن المحللين يتجاهلون معلومات قيمة من مصادر غير سرية في الصين.

وقال بيتر ماتيس، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية: "يمكن لمجتمع الاستخبارات الأميركي أن يفعل أشياء مذهلة على أهداف مركزة. لكن في بعض الأحيان يُمكن أن يُكافح مع الوعي واسع النطاق مثل فهم براعة الصين التكنولوجية".

تصنيفات

قصص قد تهمك