لتعزيز "التجسس".. اتهامات أميركية للصين بسرقة أسرار الذكاء الاصطناعي

time reading iconدقائق القراءة - 8
شعار الذكاء الاصطناعي خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي (WAIC) في شنغهاي بالصين. 6 يوليو 2023 - REUTERS
شعار الذكاء الاصطناعي خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي (WAIC) في شنغهاي بالصين. 6 يوليو 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن الولايات المتحدة والصين تتنافسان لفرض السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي في إطار ما وصفته بـ"حرب ظل" مستمرة، إذ يسعى الخصمان إلى الحصول على أي ميزة لإتقان هذه التكنولوجيا التي لديها القدرة على إعادة تشكيل الاقتصادات والجغرافيا السياسية والحرب.

وقالت الصحيفة الأميركية في تقرير، الاثنين، إن الذكاء الاصطناعي أُدرج في قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) للتقنيات الأميركية المهمة التي يجب حمايتها، كما أدرجتها الصين في قائمة تقنيات ترغب من علمائها تحقيق إنجازات كبيرة فيها بحلول عام 2025، فيما يُعتقد بالفعل أن قدرات بكين في هذا المجال "هائلة"، لكن وكالات استخبارات أميركية أصدرت تحذيرات جديدة مؤخراً، تتجاوز التهديد المتمثل في سرقة الملكية الفكرية.

وأشارت الصحيفة إلى أن FBI ووكالات أميركية أخرى تعتقد أن الصين يمكن أن تستخدم الذكاء الاصطناعي لجمع وتخزين بيانات عن الأميركيين على نطاق غير مسبوق، وليس مجرد سرقة أسرار تجارية.

ونقلت عن مدير FBI كريستوفر راي قوله خلال مؤتمر صحافي عُقِد في وادي السيليكون في وقت سابق هذا العام: "صحيح أنه لطالما ارتبط اسم بكين بعدد من السرقات الكبيرة للبيانات الشخصية على مر السنين، لكن الآن يمكنها استخدام الذكاء الاصطناعي كمعزز لدعم المزيد من عمليات القرصنة". 

وأضاف راي: "إنهم يعملون الآن على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات القرصنة الضخمة بالفعل ضدنا باستخدام التكنولوجيا الخاصة بنا".

في المقابل، تنفي الصين تورطها في اختراق شبكات أميركية، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانج وينبين الصيف الماضي إن "الولايات المتحدة هي أكبر إمبراطورية قرصنة ولص إلكتروني في العالم"، وذلك رداً على اتهامات بأن بكين اخترقت أنظمة بريد إلكتروني غير سرية للعديد من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

"حرب" قضائية

وخلال السنوات الأخيرة، تركز اهتمام FBI على حماية ابتكارات الولايات المتحدة في هذا المجال يستهدف بشكل أكثر مباشرة الشركات المصنعة للرقائق الإلكترونية القادرة على معالجة برامج الذكاء الاصطناعي، بدلاً من استهداف شركات الذكاء الاصطناعي نفسها، بحسب الصحيفة.

وقال مسؤولون أميركيون سابقون إنه حتى لو تمكن مخترقون أو قراصنة من سرقة خوارزميات يقوم عليها نظام متقدم اليوم، فإن هذا النظام يمكن أن يصبح قديماً، وتتفوق عليه تطورات أكبر يقوم بها مهندسون آخرون خلال 6 أشهر فقط.

وفي عام 2022، رفعت شركة "Applied Materials"، الموردة لتقنيات تصنيع الرقائق، دعوى قضائية ضد شركة منافسة مملوكة للصين، وهي شركة "Mattson Technology"، وقالت إن مهندساً سابقاً لديها سرق أسراراً تجارية من الشركة قبل مغادرتها والعمل لدى الشركة الصينية. وحازت القضية على اهتمام مدعين فيدراليين، على الرغم من عدم توجيه أي تهم جنائية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

وقال متحدث باسم شركة "Mattson Technology" إن الشركة لم تتلق أي اتصالات من قبل أي وكالة فيدرالية بشأن هذه المسألة، وأنه لا يوجد دليل على أنها استخدمت أي معلومات من شركة "Applied Materials" على الإطلاق.

ولا تزال القضية في طور التقاضي، إذ رفعت "Mattson Technology" دعوى قضائية في نوفمبر ضد "Applied Materials"، مدعية أن مهندسي الأخيرة تقدموا بطلب للحصول على براءات اختراع باستخدام الملكية الفكرية التي حصلوا عليها أثناء عملهم في "Mattson Technology".

مخاوف أمنية

وتزايدت المخاوف بشأن كيفية استخدام الصين للذكاء الاصطناعي بشكل حاد خلال العام الماضي، لدرجة أن مدير FBI وقادة وكالات استخبارات غربية أخرى التقوا في أكتوبر مع قادة التكنولوجيا في هذا المجال لمناقشة القضية.

ويشعر مطورو تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بالقلق أيضاً بشأن وصول أسرارهم إلى الصين، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين تنفيذيين في هذه الشركات، مشيرين إلى أن شركة "OpenAI" تواصلت في الآونة الأخيرة مع FBI، بعد أن أثار فحص للكمبيوتر المحمول الخاص بموظف سابق لديها شكوكاً بأنه نقل أسرار الشركة إلى الصين، قبل تبرئة الموظف لاحقاً.

ويشعر محللو استخبارات أميركيين بالقلق منذ سنوات بشأن مكاسب التجسس طويلة المدى التي يُعتقد أن الصين تجنيها من خلال جمع كميات هائلة من المعلومات الشخصية المخترقة التي تخص مسؤولين ومديرين تنفيذيين في الولايات المتحدة.

وخلال العقد الماضي، ارتبط اسم بكين باختراق مئات الملايين من سجلات العملاء من شركة "Marriott International"، ووكالة الائتمان "Equifax"، وشركة التأمين الصحي "Anthem" (المعروفة الآن باسم Elevance Health) من بين شركات أخرى، بالإضافة إلى أكثر من 20 مليون ملف شخصي لموظفين حاليين وسابقين في الحكومة الأميركية وأسرهم من مكتب إدارة شؤون الموظفين.

ووفقاً للصحيفة، كانت عمليات سرقة البيانات هذه ضخمة ومتكررة إلى حد أن المرشحة الرئاسية الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون اتهمت الصين "بمحاولة اختراق كل ما لا يتحرك في أميركا"، لكن بكين نفت مسؤوليتها عن أي من تلك السرقات.

ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، لم تكشف عن هوياتهم، فإن "الصين جيدة للغاية في سرقة المعلومات الخاصة، بما في ذلك مليارات البيانات ولوائح الاتهام الجنائية، لدرجة أن قراصنة يرتبطون بها جمعوا على الأرجح كنزاً معلوماتياً هائلاً، ربما لا يستطيع البشر التعامل معه، لكن الذكاء الاصطناعي يمكنه ذلك".

"تسليح" الذكاء الاصطناعي

من جهته، أعرب رئيس شركة "Microsoft" براد سميث عن اعتقاده بأن "الصين تستغل بالفعل قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي لفرز مجموعات البيانات الضخمة هذه".

وقال في مقابلة مع "وول ستريت جورنال": "في البداية كان السؤال الأهم هو هل يمتلك أي شخص، بما في ذلك الصينيون، القدرة على استخدام التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لجمع مجموعات البيانات هذه ثم استخدامها للاستهداف، وقد رأينا دليلاً في العامين الماضيين على أن ذلك قد حدث بالفعل".

وأشار سميث إلى الهجوم المرتبط بالصين عام 2021 على عشرات الآلاف من الخوادم التي تستخدم برنامج البريد الإلكتروني الخاص بمايكروسوفت كمثال، قائلاً: "رأينا مؤشرات واضحة على استهداف محدد للغاية، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن الذكاء الاصطناعي سيستخدم لمواصلة تعزيز عمليات الاستهداف هذه وتحسينها، من بين أمور أخرى".

وتعتقد السلطات الأميركية أن عملاء استخبارات صينيين لديهم معلومات حساسة من خلال قواعد البيانات التي سرقوها على مر السنين من شركات التأمين الصحي والبنوك، تشمل بصمات أصابع، وجهات اتصالات أجنبية، وديون مالية، وسجلات طبية شخصية.

في هذا الإطار، قال المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي جلين جيرستيل إن "الصين يمكنها تسخير الذكاء الاصطناعي لبناء ملف عن كل أميركي تقريباً، يتضمن تفاصيل تتراوح من السجلات الصحية إلى بطاقات الائتمان، ومن أرقام جوازات السفر إلى أسماء وعناوين والديهم وأطفالهم، فإذا أخذنا هذه الملفات، وأضفنا إليها بضع مئات الآلاف من المخترقين الذين يعملون لصالح الحكومة الصينية، فسنجد أن لدينا تهديداً مخيفاً محتملاً للأمن القومي الأميركي".

وعلى الرغم من أن مديرين تنفيذيين، بينهم رئيس شركة "Microsoft"، يشعرون بالقلق إزاء تسليح الذكاء الاصطناعي، فإنهم يشيرون إلى أنه يمكن استخدام هذه التكنولوجيا لاكتشاف الهجمات وتخفيف حدتها أيضاً، إذ يقول سميث: "نعتقد أنه إذا عقدنا العزم على القيام بعملنا بشكل جيد، فيمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي كدرع دفاعي بشكل أقوى من استخدامه كسلاح هجومي، وهذا ما يتعين علينا القيام به".

تصنيفات

قصص قد تهمك