أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن محادثة هاتفية "صعبة" نهاية الأسبوع الماضي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول قرار إسرائيل حجب جزء من عائدات الضرائب التي تجمعها لصالح السلطة الفلسطينية، بحسب مسؤولَين أحدهما أميركي والآخر إسرائيلي، ومصدر مطلع.
ونقل موقع "أكسيوس" عن المسؤول الأميركي وصفه هذا الجزء من مكالمة السبت بأنه واحد من أكثر المحادثات التي أجراها بايدن مع نتنياهو "صعوبة وإحباطاً" منذ اندلاع الحرب في غزة، ما اعتبره "إشارة إلى تفاقم التوترات بين الاثنين".
وتشكل عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية بموجب الاتفاق بين الطرفين مصدراً رئيساً للدخل للسلطة الفلسطينية التي تعاني بالفعل من أزمة مالية طاحنة.
وكان وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش قرر في أكتوبر تعليق تحويل جميع أموال العوائد الضريبية بعد هجوم 7 أكتوبر الذي شنته "حماس".
ولكن الحكومة الإسرائيلية قالت إنها ستحول جميع الأموال، مستثنية تلك التي قالت إنها "تذهب إلى غزة" التي تخضع لإدارة "حماس"، ورفضت السلطة الفلسطينية قبول هذا التحويل الجزئي للأموال، ما أثار المخاوف داخل إدارة بايدن من أن تجد السلطة الفلسطينية نفسها في مواجهة انهيار اقتصادي محتمل.
وتحولت المشكلة إلى شوكة في خصر نتنياهو الذي يواجه ضغوطاً من إدارة بايدن للإفراج عن الأموال، وسموتريتش الذي أعرب عن معارضته الإفراج عن أي من الأموال، حتى ولو بشكل غير مباشر، ولوّح بالاستقالة على خلفية هذه المشكلة، ما قد يعرض ائتلاف حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي للخطر.
ضغوط أميركية
وتمارس إدارة بايدن على مدى الأسابيع الأخيرة ضغوطاً مستمرة على الحكومة الإسرائيلية للإفراج عن عائدات الضرائب الفلسطينية التي تحتجزها، خوفاً من أن يؤدي الانهيار الاقتصادي للسلطة الفلسطينية إلى تصعيد العنف في الضفة الغربية المحتلة نتيجة عجز الإدارة الفلسطينية عن دفع رواتب قواتها الأمنية.
وقال المسؤولان الإسرائيلي والأميركي لـ "أكسيوس" إن المكالمة الهاتفية التي جرت السبت بين بايدن ونتنياهو، واستمرت 45 دقيقة، ركزت على "المرحلة التالية من العملية البرية الإسرائيلية".
وأضاف المسؤولان أنه في نهاية المكالمة أعرب بايدن عن تخوفه بشأن حجب عائدات الضرائب الفلسطينية، وطلب من نتنياهو قبول اقتراح كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه قد طرحه قبل عدة أسابيع بشأن تحويل عائدات الضرائب المحتجزة إلى النرويج لحفظها، حتى يتم التوصل إلى ترتيب يهدئ المخاوف الإسرائيلية من إمكانية وصول الأموال إلى "حماس".
وقبلت السلطة الفلسطينية بالفعل هذا المقترح، لكن المسؤول الأميركي والمصدر المطلع على المحادثة الهاتفية قالا لـ "أكسيوس" إن نتنياهو "تراجع عن موقفه"، وقال إنه لم يعد يعتقد أن هذه فكرة جيدة، وأخبر بايدن بأنه لا يثق في النرويجيين، وقال إن السلطة الفلسطينية "يجب أن تقبل بالتحويل الجزئي للأموال".
وأضاف المسؤول والمصدر أن بايدن عارض هذا الطرح، وقال إن الولايات المتحدة تثق في المقترح النرويجي، وإن هذا "يجب أن يكون كافياً لإسرائيل للوثوق فيه أيضاً".
ونقل "أكسيوس" عن المسؤولين الأميركي والإسرائيلي قولهما إن بايدن أخبر نتنياهو بأن عليه أن يواجه المتشددين في ائتلافه الحكومي بشأن هذه القضية على غرار ما يفعله بايدن حيال الضغوط السياسية التي يمارسها الكونجرس عليه بشأن الحرب في غزة.
وبعد بضع دقائق من المناقشات، قال بايدن لنتنياهو إنه يتوقع أن يحل المشكلة، مضيفاً أن "المحادثة انتهت"، حيث أنهى المكالمة، وفقاً لما قاله المسؤول الأميركي والمصدر المطلع على المكالمة لـ "أكسيوس".
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن "هناك شعوراً بأن الرئيس (الأميركي) يخسر الدعم كل يوم من أجل نتنياهو، وعندما يتعين على بيبي أن يرد الجميل، وأن يخوض غمار بعض المخاطر السياسية تجده لا يرغب في القيام بذلك".
وحاول مسؤول أميركي ثان التقليل من حجم الخلاف بين الاثنين، وقال إن نتنياهو "لم يرفض فكرة النرويج، لكنه قال فقط إنهم لا يزالون يعملون على حل الأمور من جانبهم".
من جانبه، وصف متحدث باسم البيت الأبيض المحادثة بين بايدن ونتنياهو بأنها كانت "جيدة ومثمرة"، فيما لم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الفور على طلب "أكسيوس" للتعليق.
وقال المسؤول الأميركي الثاني إنه بعد بضعة أيام من المكالمة الهاتفية التي جرت بين بايدن ونتنياهو، "برزت القضية مرة أخرى على السطح" خلال الاجتماع الذي عقده الوزير الإسرائيلي رون ديرمر في البيت الأبيض مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
وأضاف: "لقد أحرزنا تقدما جيداً، ونعتقد أن مشكلة تحويلات عائدات الضرائب في طريقها للحل".