أعلنت الولايات المتحدة تنفيذ ضربة عسكرية في العراق وصفتها بـ"الدفاعية"، استهدفت فيها القائد في "حركة النجباء"، مشتاق طالب السعيدي، معاون قائد عمليات حزام بغداد بالحشد الشعبي، والملقب بـ"أبو تقوى"، في تطور قد يترك أثره على العلاقة الهشة بين واشنطن وبغداد.
وقال المتحدث باسم البنتاجون، باتريك رايدر، إنه عند الساعة 12 ظهراً يوم الخميس، بالتوقيت المحلي للعاصمة بغداد، قامت القوات الأميركية باتخاذ إجراء ضروري ومتناسب ضد المسؤول في حركة النجباء أبو تقوى، وإن مساعداً له قتل في الهجوم الذي لم يسفر عن سقوط مدنيين.
وقال رايدر، إن أبو تقوى "متورط في تخطيط وتنفيذ هجمات ضد القوات الأميركية"، واصفاً الضربة بأنها "دفاع عن النفس". وأضاف: "لم يتعرّض أي مدنيين إلى الأذى. لم يجر ضرب أي بنى تحتية أو منشآت".
وكانت القوات الأميركية قد تعرضت لنحو 120 هجوماً من الفصائل الموالية لإيران في كل من العراق وسوريا منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر.
وفي الأسابيع الأولى للحرب تجنبت الولايات المتحدة الرد على الهجمات داخل العراق، مكتفية بالرد داخل سوريا بالتزامن مع سلسلة جهود دبلوماسية قادتها مع الحكومة العراقية لوقف الهجمات، قبل أن تبدأ بالرد عسكرياً على هذه الهجمات.
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قد أجرى في 8 ديسمبر اتصالاً برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أعلن فيه أن "كتائب حزب الله" و"حركة النجباء" مسؤولة عن معظم الهجمات ضد التحالف الدولي، وأن واشنطن تحتفظ بحق الرد بشكل حاسم ضد تلك الجماعات.
وفي 25 ديسمبر نفذت القوات الأميركية ضربات على 3 أهداف تابعة لكتائب حزب الله العراقي، رداً على هجوم ضد قاعدة عسكرية أميركية في أربيل أصيب فيها ثلاثة جنود أميركيين.
ويبلغ عدد القوات الأميركية المتواجدة في العراق 2500 جندي، تقدم التدريب والمشورة للقوات العراقية.
ورداً على الأصوات المطالبة بخروج قوات التحالف من العراق، قال المتحدث باسم البنتاجون إن القوات الأميركية تتواجد في العراق بناء على دعوة من الحكومة العراقية للمساعدة في التدريب والتوجيه والدعم لتحقيق مهمة هزيمة "داعش"، من دون أن يجيب على سؤال عما إذا كان تم إخطار الحكومة العراقية بالهجوم.
"ضربة محسوبة النتائج"
وعلى الرغم من أن هذه الضربة هي الأكبر على الأراضي العراقية منذ اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس قبل أربع سنوات، إلا أن البعض يرى أنها ضربة "محسوبة النتائج".
وفي حديث لـ"الشرق"، قال كبير الباحثين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بهنام بن طالبلو، إن الشخص الذي تم استهدافه ليس الأمين العام للحركة، وإنما القائد الميداني وذو رتبة أدنى، وبالتالي "تبدو ضربة محسوبة بدقة، ويأمل الأميركيون أن تكون قابلة للاحتواء".
لكن ثمة إجماع على أن الأمر ستكون له تداعياته على العلاقة بين واشنطن وبغداد حيث يتوقع أن تشهد العلاقة تدهوراً، وإن كان ذلك على المدى القصير.
واعتبر البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي الاستهداف "تصعيداً خطيراً واعتداءً على العراق"، وبعيداً عن التفويض الذي وجد لأجله التحالف الدولي في العراق.
وكان السوداني، قد قال في ديسمبر الماضي، إن بلاده "ماضية في اتجاه إنهاء وجود التحالف الدولي" لمحاربة تنظيم "داعش" في البلاد، مشدداً على ضرورة أن يكون وجود التحالف ضمن إطار الدعم والمشورة، وذلك في معرض انتقاده للضربات الأميركية الأخيرة، والتي استهدفت مقرات أمنية عراقية، في إطار الرد على استهداف فصائل عراقية مسلحة لقواعد أميركية في البلاد.
سيناريوهات تدهور علاقة بغداد وواشنطن
وعن السيناريوهات المحتملة لتدهور العلاقة بين واشنطن وبغداد، قال بن طالبلو، إن ذلك قد يشمل عودة المطالبة بخروج القوات الأميركية، وربما منع القوات الأميركية من البقاء في قواعد معينة على سبيل المثال، أو الحد من نشاط الدوريات في المنطقة الخضراء، أو التساهل والسماح لمزيد من الفصائل المسلحة بالتواجد في مناطق معينة، لأن الفصائل هي من تمتلك القوة الحقيقية، وبإمكانها أن "تخلق ضغطاً سياسياً قد لا يؤدي بالضرورة إلى خروج الأميركيين، وإنما الحد من إطار تحركاتها".
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة، وتصعيد الحوثيين لهجماتهم ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة جاهدة لمنع توسع الحرب.
كما تأتي عشية جولة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يبدأها في تركيا واليونان، قبل أن يتجه إلى الأردن، قطر، الإمارات، السعودية، إسرائيل، الضفة الغربية ويختتمها من مصر.