تشريع أميركي يسمح بمصادرة 300 مليار دولار من أموال روسيا لصالح إعمار أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 8
سيدة تمر أمام مدخل مقر البنك المركزي الروسي في موسكو. 6 سبتمبر 2023 - AFP
سيدة تمر أمام مدخل مقر البنك المركزي الروسي في موسكو. 6 سبتمبر 2023 - AFP
دبي -الشرق

تدعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تشريعاً جديداً في الكونجرس، يسمح لها بمصادرة حوالي 300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة للمساعدة في تمويل إعادة إعمار أوكرانيا، وهو ما يمثل تحولاً في سياسة الولايات المتحدة في وقت يسعى فيه البيت الأبيض إلى حشد الدعم في الكونجرس لمزيد من التمويل للحرب ضد القوات الروسية، حسبما أفادت "بلومبرغ".

وأضافت الوكالة، أنه وفقاً لمذكرة أرسلها مجلس الأمن القومي الأميركي، في نوفمبر الماضي، إلى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، فإن واشنطن ترحب "من حيث المبدأ" بمشروع القانون الذي يسمح لها بمصادرة الأموال. 

ويقول مجلس الأمن القومي في المذكرة، التي تعد واحدة من ثلاث وثائق مماثلة اطلعت عليها "بلومبرغ"، إن "مشروع القانون سيمنح الجهات التنفيذية السلطة اللازمة لمصادرة الأصول السيادية الروسية لصالح أوكرانيا". 

ويأتي دعم بايدن لهذه الخطوة في الوقت الذي رفض فيه الجمهوريون في الكونجرس تمرير تمويل بأكثر من 60 مليار دولار لكييف، وهو ما يرجع جزئياً إلى المخاوف من أن تتحمل واشنطن عبئاً مالياً كبيراً. 

ويسعى البيت الأبيض إلى الموازنة بين المخاوف والآراء التي تفيد بأن هذه الخطوة قد تضر بسُمعة النظام المالي الأميركي، كما ترغب الإدارة أيضاً في ترتيب هذا الإجراء مع الحلفاء في مجموعة السبع، خاصةً في أوروبا، التي يتم الاحتفاظ فيها بحوالي 200 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة، ويبدو فيها دعم مصادرة هذه الأصول فاتراً، خاصةً إذا كان الأمر سيتم بشكل أحادي من جانب الولايات المتحدة. 

ويدعم مجلس الأمن القومي الأميركي، الحصول على هذه السلطة الجديدة كجزء من مجموعة من الأدوات التي تدرسها الولايات المتحدة للمساعدة في جعل روسيا تدفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن الحرب، وفقاً لما نقلته الوكالة عن مسؤول كبير في الإدارة، لم تكشف عن هويته، وكان البنك الدولي قد قدَر أن تكلفة إعادة إعمار كييف قد تصل إلى 411 مليار دولار. 

ورفض مجلس الأمن القومي الأميركي، الرد على طلب "بلومبرغ"، الحصول على تعليق، وكذلك مكتب بِن كاردين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان: "نستكشف جميع الخيارات المتوافقة مع أنظمتنا القانونية والقانون الدولي، وبالتعاون مع شركائنا في مجموعة السبع، من أجل مساعدة أوكرانيا في الحصول على تعويضات من روسيا". 

حذر أوروبي 

وقالت "بلومبرغ" إن دعم الاتحاد الأوروبي لهذه الخطوة ليس مؤكداً على الإطلاق، مشيرة إلى أن الكتلة تدرس فرض ضريبة غير متوقعة على الأرباح الناتجة عن أصول البنك المركزي الروسي المجمدة، والتي تحتفظ بها شركة المقاصة البلجيكية العملاقة، المعروفة بمصرف "يوروكلير"، وتقدر بنحو 190 مليار دولار. 

ولكن التقدم في تنفيذ هذا الاقتراح يسير ببطء، إذ أعربت العديد من الدول الأعضاء الرئيسية في الكتلة، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا، فضلاً عن البنك المركزي الأوروبي، عن قلقها بشأن التأثير الذي قد تحدثه هذه الخطوة على استقرار منطقة اليورو، كما أن هناك مخاوف من أن تنتقم موسكو بمصادرة الأموال المجمدة في روسيا. 

ومن المتوقع أن يتم طرح هذا الموضوع في اجتماع قادة مجموعة الدول السبع قرب الذكرى السنوية للغزو الروسي لأوكرانيا الشهر المقبل، حسب ما قال المسؤول الأميركي للوكالة. 

ويتوقع مسؤولو الكونجرس، إمكانية تمرير مشروع القانون كجزء من حزمة إنفاق إضافي لأوكرانيا، إذ يُنظر إلى فكرة استخدام أموال روسيا الخاصة لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا على أنها وسيلة لتعزيز الدعم الأميركي للحرب في الوقت الذي يرفض فيه بعض الجمهوريين استمرار تمويل كييف. 

وأعرب رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، عن دعمه للفكرة في مقابلة مع صحيفة "نيويورك بوست" الأميركية، قائلاً إنها "شيء مسؤول للغاية يتعين علينا القيام به".  

وهناك بالفعل دعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لهذا الإجراء، حيث يحظى بتأييد 14 من أعضاء كلا الحزبين في مجلس الشيوخ و62 في مجلس النواب، ولكن بعض منتقديه أعربوا عن قلقهم من أن المصادرة الفعلية للأصول قد تؤدي إلى إضعاف الدعم الذي تقدمه الدول التي تقف على الحياد بشأن الحرب الروسية-الأوكرانية، وخاصةً الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، فضلاً عن زيادة توتر العلاقات مع الصين. 

رفض عالمي متوقع 

ونقلت الوكالة عن بِن ستيل، مدير الاقتصاد الدولي في مجلس العلاقات الخارجية، قوله: "في نهاية المطاف، سيصدر بقية العالم حكماً بشأن ما إذا كان هذا يمثل استخداماً مشروعاً لسلطة الحكومة الأميركية، وسيتم رفضه بأغلبية ساحقة من قبل البلدان التي تمثل غالبية سكان العالم، بما في ذلك البلدان التي نحاول الاقتراب منها في العديد من المجالات". 

وكان مسؤولو الإدارة الأميركية، بما في ذلك وزيرة الخزانة جانيت يلين، قد أكدوا في الماضي، أن قانون الولايات المتحدة الحالي لا يسمح بمصادرة الأصول السيادية التي تم تجميدها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022. 

وعلى الرغم من أن البيت الأبيض لم يسع للحصول على مثل هذه السلطة من الكونجرس سوى الصيف الماضي، فإن موقفه بدأ يتغير حينما أصبح من الواضح أن الجمهوريين يترددون في الموافقة على إرسال المزيد من أموال دافعي الضرائب لكييف، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ" عن مصدر مطلع لم تكشف عن هويته. 

ويأتي مشروع القانون، المُسمى بـ "إعادة بناء الرخاء والفرص الاقتصادية للأوكرانيين"، برعاية السيناتور الجمهوري، جيم ريش، والسيناتور الديمقراطي، شيلدون وايتهاوس، في مجلس الشيوخ الأميركي. 

واحتجاجاً على عدم إحراز تقدم في التشريع حتى الآن، قام ريش، وهو الجمهوري الأبرز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بتعليق التصويت على تعيين مرشح إدارة بايدن لمنصب نائب وزير الخارجية كورت كامبل، حتى يتم طرح مشروع القانون للتصويت عليه في اللجنة، قائلاً في بيان: "هناك اتفاق واسع النطاق بين الحزبين حول هذا الأمر في مجلس الشيوخ، فبعد عام من المفاوضات، حان الوقت للجنة للنظر فيه". 

ويختلف الديمقراطيون والجمهوريون في اللجنة بشأن جزءين رئيسيين في مشروع القانون، إذ يتطلب التشريع المقترح من بايدن، التنسيق مع دول مجموعة السبع قبل مصادرة الأصول الروسية، لكنه لا يتطلب موافقة هذه الدول، وهو ما يخشى البعض من أنه قد يخاطر بالسماح للولايات المتحدة بالتحرك بشكل أحادي، كما أنه يتضمن بنداً يهدف إلى منع موسكو من الطعن على المصادرة في المحاكم الأميركية، وهو ما يجعل مشروع القانون عرضة للطعن الدستوري. 

ووفقاً للمذكرة التي اطلعت عليها "بلومبرغ"، كان البيت الأبيض متردداً في البداية بشأن إدراج شرط موافقة دول مجموعة السبع، لكنه ظل بعد ذلك يؤكد على ضرورة التحرك بالتنسيق مع الحلفاء. 

وأضافت مذكرة مجلس الأمن القومي أن "مثل هذا الشرط قد يزيد احتمالية أن تكون أوروبا (التي توجد بها الغالبية العظمى من الأصول) على استعداد لتبني هذه الخطوة، وهو ما سيقلل من خطر أن يؤدي الأمر إلى تقويض الثقة بالولايات المتحدة كوجهة للاستثمار الأجنبي". 

ووفقاً لما نقلته الوكالة عن أحد مساعدي الكونجرس المطلعين، فإنه بالنظر لوجود ما يقرب من 4 إلى 5 مليارات دولار فقط من الأصول الروسية في الولايات المتحدة، فإنه لن يكون من المنطقي أن تتصرف واشنطن بشكل أحادي، وتخاطر بالإضرار بسُمعتها المالية بسبب مبلغ صغير من المال. 

تصنيفات

قصص قد تهمك