100 يوم من حرب غزة.. الضفة في أتون المواجهات و"حكومة فلسطينية مهددة"

time reading iconدقائق القراءة - 6
مواجهات بين القوات الإسرائيلية وشبان فلسطينيين في رام الله بالضفة الغربية المحتلة. 18 أكتوبر 2023 - AFP
مواجهات بين القوات الإسرائيلية وشبان فلسطينيين في رام الله بالضفة الغربية المحتلة. 18 أكتوبر 2023 - AFP
رام الله -محمد دراغمة

في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل حرباً شاملة على قطاع غزة، عقب هجوم 7 أكتوبر، كان جيشها يعد لحرب أخرى غير معلنة في الضفة الغربية بدأت معالمها تتكشّف يوماً بعد يوم.

أغلقت إسرائيل بشكل كامل الضفة الغربية، وعزلتها عن العالم الخارجي، في أول أيام الحرب، من خلال إغلاق الحدود والمعابر. وفي الداخل قامت بعزل المدن الرئيسية عن بعضها البعض، وأغلقت الطرق الرئيسية للقرى والبلدات، مع الإبقاء على طرق قديمة وعرة مفتوحة، بين هذه القرى والبلدات والمدن القريبة منها.

وترافق ذلك مع حملات اقتحام شملت جميع المدن والقرى والمخيمات، وحملات اعتقال واسعة طالت حتى"، الأحد، 5 آلاف و850 فلسطينياً، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين، التي توثق جميع حالات الاعتقال بالتعاون مع هيئة الصليب الأحمر الدولية.

ونشر الجيش الإسرائيلي، قوات كبيرة في الضفة الغربية، وأذن لها بإطلاق النار على كل هدف يشكّ الجنود بأنه يشكل خطراً عليهم، وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.

ووثقت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية والدولية، قيام الجيش والمستوطنين بقتل 350 فلسطينياً في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر، 7 منهم قتلوا برصاص المستوطنين، وفق المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بتسيلم".

وقال الناطق باسم "بتسيلم" كريم جبران لـ"الشرق": "ما رصدناه بعد السابع من أكتوبر هو تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان بصورة واسعة، حيث قام الجنود والمستوطنون بقتل المئات، واعتقال الآلاف والاعتداء بصورة بالغة القسوة على المعتقلين وعلى عائلاتهم، وإغلاق المدن وعزلها عن الأرياف".

وأضاف: "وترافق ذلك مع اعتداءات واسعة للمستوطنين على المواطنين، فقاموا بقتل 7 من المواطنين، وطردوا سكان 18 تجمعاً سكانياً بدوياً، ومنعوا الفلسطينيين من الوصول إلى حقولهم، فكانت المرة الأولى التي لا يتمكن فيها الفلسطينيون من قطف الزيتون في موسمه".

وشملت حملات الاعتقال، عشرات النساء، آخرهن شقيقتا صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الذي اغتالته إسرائيل في بيروت مؤخراً. بالإضافة إلى النائبة خالدة جرار عضو المجلس التشريعي الفلسطيني التي حُكم عليها بالسجن الإداري لمدة ستة شهور.

قيود وأضرار اقتصادية

وفرضت السلطات الإسرائيلية، خلال 100 يوم من الحرب على غزة، قيوداً شديدة على الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية، وألحقت به أضراراً بالغة، وفق ما يقول الخبراء.

تمثلت أولى تلك القيود في منع دخول العمال الفلسطينيين، وعددهم حوالي 170 ألف عامل، إلى إسرائيل.

وقال أمين عام اتحاد العمال شاهر سعد، إن هذا الإجراء تسبب بوقف تدفق أكثر من 250 مليون دولار شهرياً إلى الاقتصاد الفلسطيني، وزيادة عدد العاطلين عن العمل الذي وصل إلى نصف مليون عامل، وهو رقم غير مسبوق.

كما اقتطعت الحكومة الإسرائيلية، 140 مليون دولار شهرياً من الإيرادات الجمركية للحكومة الفلسطينية، وهو مقدار ما تحوله الحكومة شهرياً إلى قطاع غزة من رواتب للموظفين والمتقاعدين، ونفقات تشغيلية لمؤسسات صحية وتعليمية واجتماعية.

وقد امتنعت الحكومة الفلسطينية عن استقبال باقي قيمة الإيرادات الجمركية احتجاجاً على الإجراء الإسرائيلي، ما أدى إلى عدم قدرة الحكومة على دفع رواتب موظفيها البالغ عددهم حوالي 160 ألفاً.

ونص بروتوكول باريس الاقتصادي، وهو أحد اتفاقات أوسلو بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، على قيام الأخيرة بجمع الإيرادات الجمركية عن السلع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية، بسبب سيطرتها على المعابر الخارجية والموانئ، وتحويل هذه الإيرادات في نهاية كل شهر إلى الحكومة الفلسطينية، بعد اقتطاع مصاريف إدارية بقيمة 3% من قيمتها.

وتشكل هذه الإيرادات ما بين 65% إلى 70% من موازنة الحكومة الفلسطينية. وأدت هذه الإجراءات، مترافقة مع الإغلاقات الواسعة للطرق، إلى ركود وأزمة اقتصادية ارتفعت معها معدلات البطالة، وتراجعت مستويات الإنتاج والاستثمار والاستهلاك.

حكومة مهددة

وأوضح تقرير أخير لوزارة الاقتصاد الفلسطينية، أن 85% من المنشآت الاقتصادية في الضفة الغربية، شهدت تراجعاً منذ بدء الحرب، وأن هذا التراجع زاد عن 50% لدى نصفها.

وقال الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، لـ"الشرق"، إن "الإنتاج المحلي لهذا العام تراجع بنسبة 6% جراء هذه القيود والإجراءات الإسرائيلية". وأضاف: "كان من المتوقع أن يحدث نمو اقتصادي بنسبة 3% مع نهاية العام الماضي 2023، لكنه تراجع بنسبة 6%، ما يعني أن النقص الحقيقي في الإنتاج المحلي يبلغ 9%".

وقُدرت خسائر الاقتصادي الفلسطيني خلال الشهور الثلاثة الأخيرة بـ 1.8 مليار دولار، وهي نسبة يقول الخبراء، إنها "كبيرة على اقتصاد صغير مثل الاقتصاد الفلسطيني الذي لا تتجاوز قيمة إنتاجه 16 مليار دولار سنوياً".

وأوضحت الإحصاءات الرسمية، أن البطالة في الضفة الغربية ارتفعت أثناء الحرب من 13% إلى 20%. أما في قطاع غزة فقد وصلت إلى 75% وهو مستوى غير مسبوق في القطاع.

ويقول خبراء الاقتصاد، إن السلطة الفلسطينية، استنفذت أدواتها للحصول على المال ودفع رواتب الموظفين والنفقات التشغيلية في الشهر القادم ما لم تتوقف إسرائيل عن احتجاز إيرادات الجمارك.

وقال نصر عبد الكريم، إن الحكومة الفلسطينية "لن تستطيع اللجوء إلى الاقتراض مجدداً؛ لأنها تجاوزت الحد المسموح به للاقتراض من قبل البنوك العاملة في فلسطين، ولا يوجد أي جهة تريد تقديم منح ومساعدات كافية لها للقيام بذلك ". وأضاف: "الحكومة لن تكون قادرة على العمل في الشهور المقبلة ما لم تفرج إسرائيل عن هذه الأموال المحتجزة، وتتوقف عن احتجازها".

تصنيفات

قصص قد تهمك