اعتبر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الثلاثاء، أن الضربات التي نفّذها الحرس الثوري الإيراني على أهداف في إقليم كردستان العراق، "عمل عدواني واضح"، مؤكداً أنه "يقوض العلاقة القوية بين العراق وإيران"، فيما أعلنت وزارة الخارجية العراقية التقدم بشكوى إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة ضد طهران.
وقال السوداني لوكالة "بلومبرغ" على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس السويسرية، إن "الضربة الإيرانية استهدفت منطقة سكنية وضحاياها عائلة عراقية كردية، بينهم أطفال".
ووصف الضربة بأنها "تطور خطير يقوض العلاقة القوية بين العراق وإيران"، مشدداً على أن "الحكومة العراقية تحتفظ بحقها في اتخاذ كافة الإجراءات الدبلوماسية والقانونية بما يتطابق مع مبدأ السيادة الوطنية".
وكان الحرس الثوري الإيراني أعلن، الثلاثاء، أنه هاجم ما سماها "مراكز تجسس تتبع إسرائيل وتجمعات لجماعات إرهابية مناهضة لإيران" في أربيل، عاصمة كردستان العراق، بالإضافة إلى أهداف وصفها بـ"الإرهابية" في سوريا.
وأفادت سلطات الإقليم بسقوط "4 مدنيين" على الأقل وإصابة 6 آخرين، ومن بين الضحايا رجل الأعمال البارز في مجال العقارات بشراو دزيي وزوجته.
شكوى لمجلس الأمن
أعلنت وزارة الخارجية العراقية، الثلاثاء، تقديم شكوى ضد إيران إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية "واع".
وذكرت الوزارة العراقية، في بيان، أن "العراق تقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، تتعلق بالعدوان الصاروخي الإيراني الذي استهدف مدينة أربيل، وأدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين الأبرياء وإصابة آخرين، وتسبب بأضرار في الممتلكات العامة والخاصة".
وأضافت الوزارة أنها "رفعت شكوى بموجب رسالتين متطابقتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الدولي عبر الممثلية الدائمة للعراق في نيويورك، أكدت فيهما أن هذا العدوان يُعد انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق وسلامته الإقليمية وأمن الشعب العراقي".
ورداً على هذه الهجوم، استدعت وزارة الخارجية العراقية، سفيرها لدى طهران نصير عبد المحسن، لغرض التشاور على "خلفية الاعتداءات الإيرانية الأخيرة على أربيل"، كما أعلنت استدعاء القائم بالأعمال الإيراني في بغداد أبو الفضل عزيزي لتسليمه "مذكرة احتجاج".
"تعديلات جديدة"
وفي سياق متصل، أفاد مسؤول عراقي رفيع المستوى لـ"الشرق"، الثلاثاء، بأن العراق يضع "تعديلات جديدة" على الاتفاق الأمني مع إيران المبرم في مارس 2023، مؤكداً أن اللجنة الأمنية العليا بين البلدين تدرس "خيارات جديدة" للاتفاق الأمني الذي خرقته طهران بهجومها الأخير على إقليم كردستان العراق.
ووقع البلدان، في مارس الماضي، اتفاقاً أمنياً يهدف إلى "التنسيق في حماية الحدود المشتركة" بين البلدين وتوطيد التعاون في مجالات أمنية عدة، وذلك بعد أشهر من المفاوضات بشأن ما وصفته طهران بـ"تهديدات من الأراضي العراقية".
"المزاعم الإيرانية"
من ناحيته، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن بلاده "لن تتردد في استخدام حقها المشروع للتعامل الرادع مع مصادر تهديد الأمن القومي والدفاع عن أمن مواطنيها".
واعتبر أن القصف "جزء من رد إيران على أولئك الذين يتخذون إجراءات ضد الأمن القومي الإيراني وأمن المواطنين"، ويأتي في إطار "العقاب العادل" ضد "المعتدين على أمن البلاد".
في المقابل، اتهم رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، الثلاثاء، إيران "بقتل مدنيين أبرياء" في الضربات التي شنتها على عاصمة الإقليم، لافتاً إلى أن المزاعم الإيرانية بأنها استهدفت مراكز تجسس تتبع لإسرائيل "لا أساس لها من الصحة".
وقال بارزاني للصحافيين على هامش منتدى دافوس: "الأمر المثير للدهشة هو أننا لسنا جزءاً من هذا الصراع، ولا نفهم لماذا تنتقم إيران من المدنيين في كردستان وخاصة في أربيل".
وعند سؤال برزاني بشأن الدعوات الأخيرة في العراق لإخراج التحالف العسكري الدولي بقيادة الولايات المتحدة من البلاد، أجاب: "الولايات المتحدة موجودة في العراق بناء على دعوة من الحكومة العراقية ومهمتها هي مكافحة الإرهاب"، موضحاً: "لا نعتقد أن الإرهاب انتهى وأحداث الليلة الماضية دليل على أن الاستقرار في المنطقة لا يزال على المحك".
ولدى الولايات المتحدة 900 جندي في سوريا، و2500 في العراق في مهمة تقول إنها تقدم المشورة والمساعدة للقوات المحلية التي تحاول منع عودة تنظيم "داعش" الذي استولى في عام 2014 على أجزاء كبيرة من البلدين قبل أن يُهزم.
جدول زمني لإنهاء مهمة التحالف
وفي السياق، بحث السوداني مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، على هامش "دافوس"، صياغة جدول زمني لإنهاء مهمة التحالف الدولي، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية "واع".
ونقلت "واع" عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أن "اللقاء شهد التأكيد على بدء أعمال اللجنة الثنائية الخاصة بمراجعة تواجد التحالف الدولي في العراق، التي جرى الاتفاق بشأنها خلال زيارة وزير الدفاع إلى الولايات المتحدة في أغسطس الماضي، والبحث في صياغة جدول زمني لإنهاء مهمة التحالف والانتقال إلى علاقات ثنائية شاملة مع دول التحالف".
وأشار البيان إلى أن "اللقاء تطرق إلى دعوة الرئيس الأميركي (جو بايدن) لرئيس الوزراء العراقي، لزيارة واشنطن، والاتفاق على تعيين موعد محدد بين فريقي الرئيسين".
وشدد السوداني، خلال اللقاء، على "رفضه أيّ عمل يتسبب بانتهاك سيادة العراق، والقيام بالرد المباشر، ولاسيما الاعتداء الأميركي الأخير الذي حصل في بغداد"، مؤكداً في الوقت نفسه "حرص الحكومة على التصدي لأية هجمات تطال القواعد التي تضمّ مستشاري التحالف الدولي".
وأشار في البيان إلى أن "الاضطرابات التي تشهدها المنطقة بسبب استمرار الحرب العدوانية على غزّة"، مؤكداً أن "استقرار المنطقة ومحاولات الحدّ من اتساع الصراع تبدأ من وقف حرب التي تستهدف أبناء الشعب الفلسطيني، وتنتهك القانون الدولي"، مجدداً "ضرورة العمل على كل ما يضمن حق الفلسطينيين في العيش الكريم على أرضهم".