في ظل التوتر مع روسيا.. فنلندا تنتخب رئيساً جديداً للحفاظ على إرث "نينيستو"

يتنافس في هذه الانتخابات ثلاثة مرشحين بارزين

time reading iconدقائق القراءة - 7
ملصقات المرشحين الرئاسيين الفنلنديين بالقرب من القصر الرئاسي في هلسنكي. 10 يناير 2024 - AFP
ملصقات المرشحين الرئاسيين الفنلنديين بالقرب من القصر الرئاسي في هلسنكي. 10 يناير 2024 - AFP
دبي/ هلسنكي -الشرقأ ف ب

توجه الفنلنديون إلى صناديق الاقتراع، الأحد، لانتخاب رئيس جديد للبلاد، في سياق يتسم بتزايد التوترات مع روسيا المجاورة، منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، مما دفع هلسنكي إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أبريل 2023.

ويتنافس في هذه الانتخابات، ثلاثة مرشحين بارزين لخلافة الرئيس ساولي نينيستو (75 عاماً)، الذي لم يعد مؤهلاً للترشح بعد أن قضى فترتين متتاليتين، مدة كل منهما ست سنوات.

وازداد دور الرئيس في قيادة السياسة الخارجية لفنلندا، أهمية خلال فترة ولاية نينيستو الثانية، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، والذي غير الحسابات الأمنية لأوروبا بشكل "جذري".

ومع أن سلطاته محدودة مقارنة برئيس الوزراء، إلا أن رئيس البلاد، يوجه السياسة الخارجية بالتعاون الوثيق مع الحكومة، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة.

في الدورة الأولى من هذه الانتخابات الرئاسية، تتقدم شخصيتان سياسيتان السباق الذي يخوضه تسعة مرشحين، وفقاً لاستطلاعات الرأي؛ هما رئيس الوزراء المحافظ السابق ألكسندر ستوب، ووزير الخارجية السابق بيكا هافيستو من حزب الخضر.

ورغم أن وجهات نظرهما بشأن السياسة الخارجية متطابقة إلى حد كبير، فإن قربهما من بعضهما البعض أدى إلى إثارة السباق، ويعني أن الجولة الثانية في 11 فبراير أصبحت شبه مؤكدة، مما يضع المتصدرين في مواجهة بعضهما البعض.

ويأتي بعد الثنائي، جوسي هالا آهو، رئيس البرلمان الفنلندي والزعيم السابق لحزب الفنلنديين القومي، ثم محافظ البنك المركزي الفنلندي أولي رين، ومفوض الاتحاد الأوروبي جوتا أوربيلينين.

وسيتعين على الرئيس المقبل، أن يركز على تعميق وتشكيل دور فنلندا في حلف شمال الأطلسي، وحراسة نصف حدود التكتل العسكري مع روسيا.

وتمتلك فنلندا أحد أقوى الجيوش في أوروبا، وهي مجهزة لخوض حملة برية كبيرة ولديها 280 ألف جندي احتياطي. يقول ثمانية من كل عشرة فنلنديين إنهم مستعدون للدفاع عن أمتهم إذا تعرضوا لهجوم، وفق "بلومبرغ".

ألكسندر ستوب

شغل رئيس الوزراء السابق جميع المناصب الوزارية العليا في فنلندا، بما في ذلك وزيري المالية والخارجية. ومؤخراً، عمل ستوب أستاذاً في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا، وحصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية.

وقال في تصريحات لـ"بلومبرغ": "لقد أصبحت فنلندا الآن عضواً في أقوى تحالف عسكري في العالم، وضاعفنا حدود الناتو مع روسيا. من واجبنا أن نحافظ على دفاع قوي، وأن نتولى الأمن في ركننا من العالم".

بيكا هافيستو

قاد الدبلوماسي المخضرم والسياسي من حزب الخضر، فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي كوزير للخارجية، إذ أدار مفاوضات حساسة لنيل عضوية الحلف، ويترشح للرئاسة للمرة الثالثة.

ويسعى هافيستو، ضمن أولوياته إلى "ضمان الدعم الغربي والعالمي الواسع لأوكرانيا في حربها ضد العدوان الروسية"، وفق "بلومبرغ".

جوسي هالا آهو

يشغل هالا آهو حالياً، منصب رئيس البرلمان الفنلندي والزعيم السابق لحزب الفنلنديين القومي، وهو معروف بموقفه المتشدد بشأن الهجرة، لكنه يجذب الناخبين الذين يشعرون بخيبة الأمل من الأحزاب القائمة. فهو يتخذ موقفاً أقوى تجاه روسيا من باقي المرشحين، وقد تبرع شخصياً لرسم رسالته على جانب صاروخ دعماً لأوكرانيا.

ألقى هالا خطاباً باللغة الأوكرانية بطلاقة في البرلمان في كييف العام الماضي، مستفيداً من تعليمه اللغوي الذي يركز على اللغات السلافية.

أولي رين

سياسي ولاعب كرة قدم، حصل محافظ بنك فنلندا على أوراق اعتماده في توجيه السياسة الاقتصادية لمنطقة اليورو كمفوض خلال سنوات أزمة الديون، بعد أن أشرف في السابق على الشؤون النقدية في الاتحاد الأوروبي.

وتتمثّل أولوية رين في الحفاظ على السلام والأمن لفنلندا، وهو ما يعني دمج كلي لفنلندا في التحالف العسكري الغربي، وتوقيع اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة، كما يدعو وفي الوقت نفسه إلى تقوية القدرات الدفاعية الوطنية.

جوتا أوربيلينين

دخلت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشراكات الدولية، ‫جوتا أوربيلينين، وأول وزيرة مالية في فنلندا، السباق الانتخابي متأخرة عن المرشحين الآخرين وتمثل الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

وقال أوربيلينين: "يجب أن تكون الأولوية القصوى للرئيس الفنلندي دائما هي الحفاظ على السلام والاستقرار وتعزيزهما في فنلندا"، وفق "بلومبرغ".

وتابعت: "يجب متابعة هذا الهدف على عدة جبهات، بما في ذلك الدفاع الوطني، والعلاقات الثنائية الوثيقة مع الحلفاء الرئيسيين، والمشاركة البناءة في المنظمات الدولية ذات الصلة، والمشاركة النشطة في الجهود المتعددة الأطراف لمواجهة التحديات العالمية، وخاصة تغير المناخ".

دفاع مستقل 

وتتهم هلسنكي، موسكو، بتدبير أزمة هجرة على أبوابها، وأغلقت حدودها مع روسيا في نوفمبر الماضي، في خطوة أيدها جميع المرشحين.

وقال المرشح ستوب، الخميس، خلال المناظرة المتلفزة الأخيرة إن "روسيا وعلى رأسها فلاديمير بوتين تستخدم البشر سلاحاً". وأضاف "في هذه الحال، يجب أن نضع أمن فنلندا في المقام الأول".

وبالنسبة إلى منافسه الرئيسي هافيستو، يتوجب على هلسنكي أن "تبعث رسالة واضحة مفادها أن هذا (الوضع) لا يمكن أن يستمر".

وأعطت فنلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، الأولوية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة لتطوير العلاقات الاقتصادية مع روسيا أملاً بأن ينعكس ذلك زخماً ديموقراطياً.

ويشدد الرئيس المنتهية ولايته ساولي نينيستو، غير المرشح، على أنه أقام علاقات وثيقة مع بوتين قبل أن يصبح أحد أكبر معارضي الرئيس الروسي في أوروبا.

رؤى متقاربة 

ومن المتوقع أن يحصل كل من ستوب، الذي ترأس الحكومة الفنلندية (2014 - 2015)، وهافيستو، على ما بين 23% إلى 27% من الأصوات، يليهما رئيس البرلمان والسياسي اليميني المتطرف "هلا أهو" بما يقارب 18%. ومن المتوقع أن يحصل محافظ بنك فنلندا، أولي رين، على نحو 14% من الأصوات.

في حال عدم حصول أي من المرشحين على نسبة 50%، الأحد، تجرى دورة ثانية في 11 فبراير المقبل. 

وبموجب الدستور الفنلندي، يتخذ الرئيس القرارات، بشأن قضايا السياسة الخارجية والأمنية بالتعاون مع الحكومة. ويقوم أيضاً بتعيين رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، وتوقيع مشروعات القوانين لتصبح قانوناً.

وفي ممارسة أصبحت قاعدة في عهد نينيستو، رئيس فنلندا منذ عام 2012، يركز رئيس الوزراء حالياً، بيتري أوربو، على قضايا الاتحاد الأوروبي في ساحة السياسة الخارجية، بينما يتعامل الرئيس مع دول أخرى، ويبقى بعيداً عن الشؤون الداخلية إلى حد كبير. 

وقد حظي نينيستو، بالثناء بين الفنلنديين، لحفاظه على علاقات وثيقة وسعيه للحوار مع نظرائه في موسكو وواشنطن وبكين، لمساعدة الدولة الشمالية على تجاوز ثقلها وجذب الانتباه إلى مواقفها.

تصنيفات

قصص قد تهمك