الاعتراف بدولة فلسطين.. رهان بريطاني للعب "دور فاعل" في الشرق الأوسط

time reading iconدقائق القراءة - 7
وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارته للعاصمة الأردنية عمان. 20 ديسمبر 2023 - Reuters
وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارته للعاصمة الأردنية عمان. 20 ديسمبر 2023 - Reuters
دبي -الشرق

أظهر تجمع للسفراء العرب على شرفة مجلس العموم البريطاني، مؤخراً، ما حصل عليه رئيس الوزراء ريشي سوناك، عندما أخرج سلفه ديفيد كاميرون من التقاعد لإدارة الدبلوماسية البريطانية خلال فترة من الأزمات الآخذة في الاتساع.

وتجول رئيس الوزراء السابق، الذي تحوّل إلى وزير للخارجية، في حفل الاستقبال الذي رعته الكويت تحت خيمة تطل على نهر التيمز لمدة تقل قليلاً عن ساعة ليلة الاثنين الماضي، حيث صافح الحاضرين وتحدث معهم، ثم ألقى خطاباً قصيراً بنبرة جديدة بدا أنها مصممة لدفع إسرائيل مرة أخرى نحو حل الدولتين، إذ تفكر بريطانيا في العمل مع الحلفاء والأمم المتحدة للاعتراف رسمياً بفلسطين كدولة مستقلة، حسبما نقلت "بلومبرغ".

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون: "قد يكون هذا أحد الأشياء التي تساعد على جعل هذه العملية لا رجعة فيها".

وتضع هذه التصريحات، بريطانيا، على خلاف أكثر وضوحاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رفض حل الدولتين باعتباره "شيئاً من شأنه أن يعرض دولة إسرائيل للخطر".

وقارن عميحاي شيكلي، عضو مجلس الوزراء الإسرائيلي، الفكرة بمحاولة رئيس الوزراء البريطاني السابق، نيفيل تشامبرلين، "استرضاء النازيين" في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية. وتساءلت عضو البرلمان المحافظ، تيريزا فيليرز، في مجلس العموم البريطاني، عما إذا كانت مثل هذه الخطوة "ستكافئ فظائع حماس؟".

وأثار كاميرون، الدهشة في عدة مناسبات منذ قرار سوناك المفاجئ في نوفمبر الماضي، بإعادته إلى العمل بعد سبع سنوات من خسارته استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، الذي دعا إليه، حين كان رئيساً للوزراء، واستقال على إثره. 

وقال اللورد كاميرون من تشيبينج نورتون، كما يُعرف الآن رسمياً، الشهر الماضي، إنه "قلق" من أن تكون إسرائيل انتهكت القانون الدولي خلال النزاع في قطاع غزة، وحذَّر، بشكل منفصل، من أن "الأضواء تومض بشكل مطلق باللون الأحمر" على لوحة المخاطر العالمية.

وأظهرت الأزمة، سلاسة كاميرون على الساحة العالمية، وفق "بلومبرغ"، مما سمح لسوناك بالتركيز على المخاوف الداخلية، بما في ذلك التراجع  في استطلاعات الرأي بنحو 20 نقطة لصالح حزب العمال، وأعمال تمرد متكررة في حزب المحافظين الحاكم.

إرث بريكست

وقام كاميرون بأربع رحلات إلى الشرق الأوسط، منذ توليه المنصب، بما في ذلك زيارة سلطنة عمان، والسعودية، ولبنان، الأسبوع الماضي، بينما يقضي سوناك وقته في زيارات لأماكن مثل أكاديمية هوتون في دارلينجتون بإنجلترا.

وقال فنسنت فين، الذي شغل منصب القنصل العام البريطاني في القدس بين عامي 2010 و 2014: "ديفيد كاميرون لديه الحرية في استخدام مهاراته كدبلوماسي، مع منحه حرية التصرف الكاملة من قبل ريشي سوناك. وخلال الأشهر التسعة المقبلة، أو نحو ذلك، سنرى سياسة خارجية أكثر حزماً من المملكة المتحدة، مما كانت عليه عندما كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يضر بالعلاقات في الخارج، وكانت قضايا المحافظين الداخلية مصدر إلهاء".

وعلى المستوى الشخصي، أتاح هذا الدور لكاميرون (57 عاماً)، فرصة لإعادة تأسيس إرث تميّز بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفقدان نفوذها العالمي.

 وتمنحه الانتخابات التي تلوح في الأفق في بريطانيا، نحو عامٍ للعمل كوزير للخارجية، وهي الفترة التي يكاد يكون من المؤكد أن تهيمن عليها الحرب الإسرائيلية على غزة، والغزو الروسي لأوكرانيا والذي لا يزال مستعراً. 

ويرى كاميرون نفسه، أن "لديه بعض الأعمال غير المكتملة في الخدمة العامة"، حسبما نقلت "بلومبرغ" عن شخص مقرب منه. وقال هذا المصدر إن كاميرون يعتقد أن بإمكانه "تكوين رصيد من خلال اتصالاته في الشرق الأوسط"، وخبرته في التفاعل مع كبار القادة.

لكن عودة كاميرون إلى المسرح العالمي، أثارت أيضاً ذكريات صراعاته في السياسة الخارجية خلال السنوات الست التي قضاها رئيساً للوزراء. وإلى جانب فشله في الحصول على تنازلات كبيرة بما يكفي من بروكسل لترجيح كفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، لصالح بقاء المملكة المتحدة داخل الكتلة التجارية، سعى أيضاً إلى إقامة "عصر ذهبي" للعلاقات مع الصين

واتهم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، كاميرون، بفقدان الاهتمام بليبيا بعد أن لعب دوراً قيادياً في التدخل العسكري الذي أطاح بزعيمها الراحل معمر القذافي، مما ساهم في انزلاق ذلك البلد إلى حالة من عدم الاستقرار. كما أن ميله إلى اللغة الحادة قد "أزعج" العلاقات مع إسرائيل، كما حدث عندما أشار إلى غزة على أنها "معسكر اعتقال" في وقت مبكر من رئاسته للوزراء.

وقال ديفيد أوين، وهو وزير خارجية سابق من حزب العمال، والذي يجلس الآن مع كاميرون في مجلس اللوردات: "هناك علامة استفهام بشأن طريقة اتخاذه للقرارات". وأضاف: "لم يكن (كاميرون) رئيس جيداً للوزراء في الشؤون الخارجية"، متابعاً أن المملكة المتحدة وفرنسا "أحدثتا خراباً تاماً في ليبيا".

ترحيب فلسطيني وسجال بشأن التوقيت

ودعمت الحكومة البريطانية "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، بعد هجمات "حماس" في السابع من أكتوبر، لكنها ضغطت مؤخراً من أجل وقف الحرب على غزة، والتي أودت بحياة أكثر من 27 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال.

وأشاد السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة، حسام زملط، بتصريحات كاميرون بشأن الاعتراف بفلسطين، ووصفها بأنها "تاريخية". وأطلق زملط على تلك التصريحات "إعلان كاميرون"، في إشارة إلى "وعد بلفور"، الذي ألزم فيه آرثر بلفور، رئيس وزراء بريطاني سابق آخر أعيد إلى منصب وزير الخارجية، بريطانيا، في عام 1917 بإقامة دولة يهودية في فلسطين.

وقلل 10 داونينج ستريت من شأن أي تلميح يؤدي إلى حدوث خلاف. وقال ماكس بلين، المتحدث باسم سوناك، إن الحكومة "كانت دائماً واضحة بأننا سنعترف بدولة فلسطينية في وقت يخدم قضية السلام على أفضل وجه".

ولا يزال من غير الواضح ما الذي يستطيع كاميرون أن يفعله للتأثير على الأحداث الآن في الشرق الأوسط، حيث كانت الولايات المتحدة لفترة طويلة القوة المهيمنة. لكن كانت هناك دلائل على أن تصريحاته قد تكون جزءاً من تحول أوسع في نهج الغرب، بما في ذلك تقرير لموقع "أكسيوس"، الأربعاء، بأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أمر الموظفين في وزارته بـ"إعداد خطط للاعتراف الدولي بدولة فلسطينية".

وأكد كاميرون نفسه الفكرة في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، الخميس الماضي. وقال إن الاعتراف بفلسطين "لا يمكن أن يأتي في بداية العملية، ولكن لا يجب أن يكون نهايتها".

وقال مالكولم ريفكيند، الذي شغل منصب وزير الخارجية السابق في عهد رئيس الوزراء السابق جون ميجور: "يمكننا أن نفترض أنه سيكون هناك حوار وثيق للغاية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وسيكون الهدف هو العمل في وئام. كان سوناك بحاجة إلى شخص يمكنه الانطلاق بسرعة، وكاميرون يُعامل أحيانًا ليس كرئيس للحكومة، ولكن في بعض الأحيان على وجه أقرب من ذلك".

تصنيفات

قصص قد تهمك