هجوم إسرائيل المحتمل على رفح.. تحذيرات دولية ومخاوف أممية

جوتيريش يحذر من "عواقب إقليمية".. وواشنطن: سيكون "كارثة"

time reading iconدقائق القراءة - 12
فلسطينيون فارون من خان يونس بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية يتحركون نحو رفح جنوبي قطاع غزة. 25 يناير 2024 - Reuters
فلسطينيون فارون من خان يونس بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية يتحركون نحو رفح جنوبي قطاع غزة. 25 يناير 2024 - Reuters
دبي/ غزة/ واشنطن -الشرقوكالات

تتزايد المخاوف بشأن توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى رفح جنوبي قطاع غزة، المكتظّة بالنازحين، إذ لوّح المسؤولون الإسرائيليون بأن محطتهم المقبلة، بعد خان يونس، ستكون رفح، فيما تحذّر الأمم المتحدة من أن اجتياح رفح سيكون له عواقب إقليمية "لا توصف" في ظل تواجد آلاف النازحين يعانون من ظروف قاسية، في حين عبّرت السلطة الفلسطينية عن مخاوف بشأن الضغط  على الفلسطينيين لتهجيرهم، بينما حذرت الولايات المتحدة، الخميس، من أن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح، "دون تخطيط أو بالقليل من التفكير"، ستكون "كارثة".

وقال فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية للصحافيين، الخميس، "لن ندعم القيام بشيء كهذا دون تخطيط جاد وموثوق به لأنه يتعلق بأكثر من مليون شخص يحتمون هناك، وأيضاً دون النظر في آثاره على المساعدات الإنسانية والمغادرة الآمنة للأجانب".

وأضاف باتيل، أن الولايات المتحدة "لم تر دليلاً على أن إسرائيل وضعت تخطيطاً جاداً لمثل هذه العملية".

وتنبع التخوفات من قيام الجيش الإسرائيلي بشنّ عملية عسكرية في رفح، من تواتر تصريحات أدلى بها كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف جالانت بشأن توسيع العمليات العسكرية في مدينة رفح، على الحدود مع مصر.

وقال جالانت، الاثنين الماضي، إن الجيش الإسرائيلي يخطط لتوسيع عملياته العسكرية إلى مناطق لم يلجها بعد في وسط قطاع غزة، وفي مدينة رفح الجنوبية، على الحدود مع مصر. كما ذكر مسؤولون إسرائيليون إنه قبل أي هجوم بري في رفح، سيكون هناك تنسيق أولي مع مصر.

وأبلغ وزير الخارجية أنتوني بلينكن، نتنياهو وجالانت، الأربعاء، بأن إدارة الرئيس جو بايدن تشعر بقلق بالغ بشأن احتمال توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح.

وتشعر واشنطن بالقلق، من أن تؤدي العملية في المدينة، دون إجلاء المدنيين إلى مناطق آمنة، إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، كما تخشى من أن تؤدي مثل هذه العملية إلى دفع عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى النزوح إلى مصر. وسبق للحكومة المصرية أن حذرت من أن تهجير الفلسطينيين إلى مصر سيؤدي إلى قطيعة في علاقاتها مع إسرائيل.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير، إن جالانت أبلغ بلينكن أيضاً أن رد "حماس" على اقتراح صفقة المحتجزين سيدفع إسرائيل إلى توسيع عمليتها البرية في غزة، مضيفاً أن جلانت أكد خلال الاجتماع بأن موقف "حماس" سيؤدي إلى استمرار الحرب ودخول القوات الإسرائيلية إلى المزيد من المناطق في غزة قريباً.

انتظار أمر الإخلاء

ومع اشتداد الحرب، فر أكثر من نصف سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى رفح، وهي إحدى المناطق القليلة التي لا تتركز فيها العمليات الإسرائيلية، فيما أصبحت مرافق وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ملجأً مؤقتاً لحوالي 1.4 مليون من سكان غزة.

وشن الطيران الإسرائيلي، الخميس، سلسلة غارات على خان يونس، بالتزامن مع قصف في رفح جنوب قطاع غزة، وفق ما أوردته وسائل إعلام فلسطينية.

وقال عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم الأونروا في رفح، إن أهل القطاع يعيشون "أسوأ لحظات حياتهم" في ظل أوضاع مأساوية على جميع الأصعدة واستمرار تدفق النازحين إلى مدينة رفح والحدود الفلسطينية المصرية. 

وأوضح أبو حسنة في تصريحات لموقع الأمم المتحدة، أن الأمم المتحدة باقية في غزة من خلال الأونروا لتقديم ما يمكنها من مساعدات للسكان هناك، الذين يفضلون نصب الخيام فوق بيوتهم المهدمة على الانتقال إلى خارج القطاع.

وحذر أبو حسنة، من تداعيات عملية عسكرية برية إسرائيلية محتملة في رفح، مؤكداً أن القطاع بات أمام "أوضاع صحية خطيرة وتدهور غير مسبوق" إذا بقي الوضع على حاله. 

وقال إن الناس يريدون العودة إلى بيوتهم حتى لو كانت مهدمة، "هم مستعدون لنصب الخيام هناك"، مضيفاً أن العملية البرية تعني مئات القتلى والجرحى، بل يمكن أن يصل الحال إلى آلاف القتلى؛ وتعني دمارا كبيراً؛ وازدياد الضغوط الإنسانية على الأونروا وغيرها من المنظمات؛ وتعني عملية تدوير جديدة للنزوح.

وشددت الأمم المتحدة على أن وصول القوات البرية الإسرائيلية إلى رفح، يعني احتمال وقوع خسائر "واسعة النطاق" في أرواح المدنيين.

وذكر المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لاركه، أنه بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن القصف العشوائي للمناطق المكتظة بالسكان "قد يشكل جرائم حرب".

وقال في مؤتمر صحافي في جنيف: "لكي نكون واضحين، فإن الأعمال العدائية المكثفة في رفح في هذا الوضع يمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة في أرواح المدنيين، ويجب علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لتجنب ذلك".

محطة أخيرة

وقال أشرف (40 عاما)، وهو فلسطيني آخر نازح في رفح في تصريحات نقلتها صحيفة "الجارديان": "سننتظر الأمر من إسرائيل ليخبرونا إلى أين نذهب. محطتنا الأخيرة هي رفح. لن نذهب إلى أي مكان آخر خارج قطاع غزة. إما أن نعود إلى منازلنا، أو نموت هنا".

وفي وصفه للأجواء هذا الأسبوع، قال رائد النمس، المدير الإعلامي لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة: "الجميع خائف من توسيع العملية البرية في رفح".

وأشارت معظم العائلات التي تحدثت إلى صحيفة "الجارديان" هذا الأسبوع، إلى أنها ستنتظر صدور أمر إخلاء عسكري إسرائيلي على أمل أن يحدد طريق خروج آمن في حالة وقوع هجوم واسع النطاق على رفح.

وقال سكان إن طائرات إسرائيلية قصفت مناطق في رفح، الخميس، مما أسفر عن قتل ما لا يقل عن 11 شخصاً بسبب غارات على منزلين. كما قصفت دبابات بعض المناطق شرق رفح؛ مما زاد مخاوف السكان من هجوم بري وشيك.

وقال عماد (55 عاماً) وهو نازح وأب لستة أبناء "احنا ظهرنا للسلك الحدودي ووجوهنا للبحر، وين بدنا نروح؟".

وأضاف في حديث لـ"رويترز" عبر تطبيق للتراسل "ما في مكان نروحه، مليون بني آدم، وأكثر من مليون بني آدم بيسألوا نفس السؤال؛ وين بدنا نروح؟".

تحذيرات فلسطينية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حذر، الأربعاء، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من "عواقب أي عملية عسكرية قد تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح للضغط على المواطنين لتهجيرهم".

وقال نتنياهو، الأربعاء، إنه أمر القوات الإسرائيلية بتحضير عملية في رفح، وكذلك في مخيمين (للنازحين)، فيما دعا بلينكن، عقب لقاء عباس، إلى "إعطاء إسرائيل الأولوية للمدنيين في مدينة رفح"، و"أخذ المدنيين في الاعتبار خلال أي عملية عسكرية".

وذكر بيان للرئاسة الفلسطينية، أن عباس أكد "ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة، وتدمير غير مسبوق من آلة الحرب الإسرائيلية"، مشدداً عباس على أهمية الإسراع في إدخال المواد الإغاثية والطبية والغذائية، وتوفير المياه والكهرباء والوقود إلى كامل قطاع غزة بما فيه منطقة شمال غزة، لتعاود المستشفيات والمرافق الأساسية ومراكز الإيواء عملها في التخفيف من معاناة المواطنين.

رفض التهجير 

وجدد عباس رفض "التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية بما فيها القدس"، وحذر من "عواقب أي عملية عسكرية قد تقوم بها قوات الاحتلال في مدينة رفح للضغط على المواطنين لتهجيرهم"، مطالباً بتدخل الجانب الأميركي "لمنع ما تقوم به سلطات الاحتلال من تهجير للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية، خاصة مناطق الأغوار التي تشهد ضماً صامتاً، ومخططاً له من المستوطنين، وجيش الاحتلال الإسرائيلي".

وحض عباس على "مزيد من الضغط للإفراج عن أموال المقاصة الفلسطينية، وسيطرة دولة فلسطين على معابرها الدولية لتتمكن من القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها"، مشدداً على ضرورة التدخل الأميركي من أجل "وقف اعتداءات المستوطنين الإرهابيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس".

وجدد التأكيد على أن قطاع غزة "جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ولا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات سلطات الاحتلال في فصله، أو اقتطاع أي شبر من أرضه، وهو يقع تحت مسؤولية دولة فلسطين وتحت إدارتها".

تحذيرات أممية

من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إنه يشعر بقلق شديد إزاء التقارير التي تفيد بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم التركيز على رفح في جنوب غزة في المرحلة التالية من هجومه على القطاع الفلسطيني.

وأضاف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضواً: "مثل هذا الإجراء من شأنه أن يفاقم ما هو بالفعل كابوس إنساني، كما أن له عواقب إقليمية لا توصف".

وتابع قوله: "الوضع في غزة (جرح متقيح) في ضميرنا الجماعي يهدد المنطقة بأسرها. لا شيء يبرر الهجمات الإرهابية المروعة التي شنتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر. كما لا يوجد أي مبرر للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني. ومع ذلك، أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن دمار وسقوط ضحايا في غزة على نطاق وسرعة دون مثيل منذ أن أصبحت أميناً عاماً".

ودعا مرة أخرى إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية والإفراج غير المشروط عن المحتجزين. وقال "حان الوقت لوقف فوري لإطلاق النار لأسباب الإنسانية وللإفراج الفوري غير المشروط عن جميع المحتجزين. وهذا يجب أن يؤدي بسرعة إلى إجراءات لا رجعة فيها نحو حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة".

قلق مصري

وفي وقت سابق، وجهت مصر، تحذيرات إلى الولايات المتحدة وإسرائيل من أنه إذا فرّ اللاجئون الفلسطينيون إلى شبه جزيرة سيناء، نتيجة للعملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب غزة، فقد يؤدي ذلك إلى "قطع العلاقات" بين القاهرة وتل أبيب، وفق "أكسيوس".

وقال مسؤولون إسرائيليون، إنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، أخبر مسؤولون مصريون في الجيش، وفي جهاز المخابرات، نظرائهم في الجيش الإسرائيلي و"الشاباك"، أنهم قلقون للغاية بشأن تداعيات العملية العسكرية في جنوب غزة على مصر، خصوصاً مع استمرار نزوح المدنيين باتجاه معبر رفح الحدودي، مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية بالقطاع.

وأعرب المصريون عن قلقهم من أن تؤدّي الأزمة على حدودهم مع غزة إلى عبور آلاف اللاجئين الفلسطينيين الحاجز الحدودي ومحاولة العثور على مأوى في شبه جزيرة سيناء.

وقال مسؤول إسرائيلي، إن "المسؤولين المصريين أبلغوا نظرائهم الإسرائيليين، أنهم يشعرون بالقلق من احتمال نزوح آلاف المدنيين من غزة إلى مصر"، مضيفاً أن المصريين أبلغوا إسرائيل أن مثل هذا السيناريو يمكن أن يخلق أزمة خطيرة في العلاقات بين مصر وإسرائيل.

تصنيفات

قصص قد تهمك