يصدر مشرعون أوروبيون تحذيرات "قاتمة" بشكل متزايد بشأن مستقبل الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على أمن القارة، في ظل تعثّر تمرير حزمة المساعدات الأميركية المقدمة لكييف في الكونجرس، بحسب مجلة "فورين بوليسي".
وأشارت المجلة الأميركية إلى وجود تصعيد ملموس في مدى حدة وإلحاح رسالة المشرعين والوزراء ورؤساء الدول من أوروبا لواشنطن بشأن تنسيق الدعم العسكري والإنساني لكييف.
وقالت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأيسلندي ديلجا ميست إينارسدوتير إنه "لا يسعك إلّا أن تتساءل عما حدث هنا. يبدو أننا انجرفنا بعيداً عن بعضنا البعض".
وتحدثت إينارسدوتير ووفد من 6 رؤساء آخرين للجان الشؤون الخارجية في برلمانات دول البلطيق ودول الشمال مع "فورين بوليسي" أثناء تواجدهم في زيارة لواشنطن، هذا الأسبوع.
"رفض ثم تأييد"
ورفض الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، محاولة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لدمج مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان مع حزمة تأمين الحدود، بعد أن حث الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب حزبه على رفض التشريع.
لكن مجلس الشيوخ أيّد، الخميس، اقتراحاً إجرائياً بأغلبية 67 صوتاً مقابل 32 يشمل تقديم مساعدات إلى أوكرانيا وإسرائيل وتايوان بقيمة 95.34 مليار دولار، منها مساعدات أمنية بنحو 61 مليار دولار لكييف في حربها ضد موسكو.
من جهته، قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عبر منصة "إكس": "أعزائي أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في أميركا، من المؤكد أن رونالد ريجان (الرئيس الأميركي السابق) الذي ساعد الملايين منا على استعادة الحرية والاستقلال، يتقلب في قبره اليوم، عار عليكم".
وتأتي تحذيرات المشرعين الأوروبيين الشديدة وسط تعثّر أوكرانيا في ساحة المعركة ضد روسيا التي تستثمر بشكل كبير في الإنفاق الدفاعي والإنتاج، بحسب المجلة الأميركية.
حرب أوسع نطاقاً
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان السويدي آرون إميلسون: "إذا لم نتمكن، بالتعاون مع الولايات المتحدة، من إيقاف تقدم روسيا في أوكرانيا، فستكون الحرب ضد حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشكل عام مجرد مسألة وقت، وحينها ستكون التكلفة أعلى بكثير".
وعبَّر رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان اللاتفي ريهارد كولز، عن صدمته من "عدم الشعور بالإلحاح في واشنطن بشأن هذه الحرب"، قائلاً: "قد يرون أن الحرب في أوكرانيا بعيدة جداً عن الولايات المتحدة، ولكن الخطاب العام في لاتفيا يهيمن عليه احتمال نشوب حرب أوسع نطاقاً".
أما رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الليتواني زيجيمانتاس بافيليونيس، والذي قام برحلات عدّة إلى واشنطن منذ بداية الحرب التي اندلعت في فبراير 2022، اعتبر أن "الاستقبال الذي يحظى به هو وزملاؤه في الكابيتول هيل يزداد سوءاً مع كل زيارة".
وأضاف بافيليونيس، الذي سبق أن حذَّر من نوايا روسيا "الانتقامية" قبل فترة طويلة من الحرب في أوكرانيا، أن "الأمر بسيط، فإذا كنتم لا تريدون بيرل هاربر جديدة، فمن الأفضل أن تستمعوا إلينا"، في إشارة إلى الغارة الجوية التي نفذتها البحرية اليابانية عام 1941 على الأسطول الأميركي في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي في المحيط الهادي، ما دفع الولايات المتحدة حينها للدخول في الحرب العالمية الثانية.
وتواصل أعضاء الوفد البرلماني الأوروبي، قبل زيارتهم لواشنطن، مع مكاتب نحو 20 عضواً جمهورياً في الكونجرس الأميركي من معارضي إرسال المساعدات لأوكرانيا، وقال كولز إنهم لم يتلقوا رداً سوى من 3 فقط.
وتأتي الزيارة في أعقاب رحلة قام بها رؤساء لجان الشؤون الخارجية البرلمانية من 6 دول أعضاء في حلف "الناتو"، الشهر الماضي، والذين حملوا رسالة صارمة مماثلة. وقالت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني أليسيا كيرنز: "الحقيقة هي أن الولايات المتحدة تحتاج إلى نداء يقظة".
دعم أميركي كبير
وقدمت الولايات المتحدة أكثر من 75 مليار دولار من المساعدات لكييف منذ اندلاع الحرب، منها 46 مليار دولار في شكل دعم عسكري، في حين حذَّر محللون من أن تراجع الدعم الأميركي سيمثل ضربة قوية لأوكرانيا.
وشددت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان النرويجي إيني إريكسن سوريدي، على أنه ستكون هناك تداعيات واسعة النطاق في حال خرجت روسيا منتصرة من هذه الحرب.
وأضافت: "لا يمكننا سد الفجوة التي ستنتج عن انسحاب الولايات المتحدة، وإذا فاز (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين بالحرب، فإن ذلك سيشجعه وسيشجع الصين وإيران وكذلك كوريا الشمالية".