أعلن الجيش الأوكراني، السبت، انسحابه من مدينة أفدييفكا الاستراتيجية، مركز المعارك المستمرة منذ 4 أشهر شرقي البلاد، الأمر الذي يمهد الطريق لأكبر تقدم روسي منذ مايو 2023، عندما استولت موسكو على مدينة باخموت.
وقال قائد الجيش الأوكراني الجديد أولكسندر سيرسكي، في صفحته على فيسبوك، السبت، إن القوات "انسحبت من أفدييفكا إلى مواقع أكثر أمناً خارج البلدة"، مضيفاً: "نتخذ إجراءات لتحقيق الاستقرار في الوضع والحفاظ على مواقعنا".
وذكر بيان للقوات المسلحة الأوكرانية، نقلاً عن قائد الجيش: "قررت سحب وحداتنا من البلدة، والتحرك للدفاع عن خطوط أكثر ملاءمة لتجنب الحصار والحفاظ على حياة وصحة الجنود".
من جانبه، أعلن قائد المنطقة الجنرال الأوكراني أولكسندر تارنافسكي، عبر تليجرام السبت أنه "وفقاً للأمر الذي تلقيناه، انسحبنا من أفدييفكا إلى مواقع معدة مسبقاً".
مركز عنيف للقتال
واضطرت أوكرانيا إلى التخلي عن أفدييفكا مركز "القتال العنيف" في شرق البلاد، بينما تعاني القوات الأوكرانية من نقص حاد في الذخيرة، بعد تأخر المساعدات العسكرية الأميركية، في حين عززت روسيا قواتها بمزيد من العناصر والذخيرة للسيطرة على المدينة الشرقية.
وقبل إعلان الانسحاب من المدينة رسمياً، أقر الجنرال تارنافسكي بأن العديد من الجنود الأوكرانيين قد "أسِروا" بأيدي القوات الروسية التي لديها "فائض من حيث القوة البشرية والمدفعية والطيران".
حجة زيلينسكي
ومن شأن خسارة البلدة بعد عامين تقريباً من الغزو الروسي واسع النطاق، أن يمنح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حجة أقوى لمطالبة الغرب بتقديم مساعدة عسكرية أكثر إلحاحاً أثناء خطابه أمام مؤتمر ميونيخ للأمن السبت.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قال الخميس، إن أفدييفكا تواجه خطر السقوط في أيدي القوات الروسية؛ بسبب نقص الذخيرة بعد أشهر من معارضة الكونجرس ذي الأغلبية الجمهورية لحزمة المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة لكييف.
وقالت كييف إن الجيش الروسي يكثف هجماته، رغم خسائره البشرية الثقيلة منذ أكتوبر، وهو وضع يذكر بمعركة مدينة باخموت التي سيطرت عليها موسكو في مايو 2023 بعد 10 أشهر من القتال.
وتعهد زيلينسكي، الخميس، بذل "كل ما هو ممكن" لإنقاذ قواته على الجبهة الشرقية، ولا سيما في أفدييفكا، مركز القتال، بعدما وصف كل من الجيش الأوكراني والإدارة الأميركية الوضع بأنه "حرج".
وبعد فشل الهجوم المضاد الكبير الذي شنته أوكرانيا في الصيف، صار الروس المبادرين بالهجوم على الجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبات في تجديد قواته، ويفتقر إلى الذخائر.
ولأفدييفكا قيمة رمزية مهمة، فقد سقطت فترة وجيزة في عام 2014 في أيدي الانفصاليين المدعومين من موسكو، قبل أن تعود إلى سيطرة كييف، فضلاً عن قربها من مدينة دونيتسك، معقل أنصار روسيا منذ 10 سنوات.
تحذيرات استخباراتية
وفي سياق متصل، أدت التقييمات الجديدة للقدرات العسكرية الروسية وتهديداتها لأمن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى تزايد التحذيرات من جانب الحكومات الغربية والضغوط من أجل الاستثمار بشكل أكبر في الدفاع، وفق "فاينانشيال تايمز".
وقال مسؤول في المخابرات العسكرية البريطانية: "إننا نعيش في أوقات خطيرة حقاً، وفي مرحلة أصبح فيها الصراع واسع النطاق أكثر احتمالاً؛ مما كان عليه في التاريخ الحديث".
كما قال مسؤول دفاعي بريطاني ثانٍ إن "نية روسيا العدوانية لا تزال موجودة، لقد تدهورت قواتها البرية في أوكرانيا، لكن قواتها الجوية والبحرية سليمة إلى حد كبير، ولا تزال روسيا قوة نووية كبرى".
وتخيّم هذه التحذيرات على مؤتمر ميونيخ للأمن، وهو تجمع سنوي لمسؤولين وخبراء أمنيين وعسكريين.
وأحد أسباب انزعاج المسؤولين الغربيين هو إحياء روسيا لآلتها الدفاعية الصناعية خلال العام الماضي، وهو ما حدث بسرعة، إذ اعتقد الكثيرون في الغرب أنها "مستحيلة"، وفق "فاينانشيال تايمز".
وأطلقت روسيا أربعة ملايين قذيفة مدفعية خلال العام الماضي. ويتوقع مسؤولون أوكرانيون أن تقوم بتجنيد 400 ألف مقاتل جديد هذا العام من دون اللجوء إلى التعبئة واسعة النطاق.