أقرت كييف، الاثنين، بأن الجيش الأوكراني بات حالياً في وضع "صعب جداً" في مواجهة القوات الروسية التي تشن هجمات في شرق أوكرانيا وجنوبها بعد سيطرتها على مدينة أفدييفكا نهاية الأسبوع الماضي.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالته اليومية إن "الوضع صعب جداً في نقاط عدة على خط الجبهة حيث ركزت القوات الروسية أكبر عدد ممكن من الاحتياطات. إنهم يستغلون تأخر المساعدات" الغربية إلى أوكرانيا.
"حياة أو موت"
وأضاف أن بلاده تفتقر إلى المدفعية، وتحتاج إلى دفاع جوي بقدر ما تحتاج إلى أسلحة بعيدة المدى، معتبراً من جهة ثانية أن الحصار الذي يفرضه على الحدود مع بولندا سائقو الشاحنات والمزارعون البولنديون يُظهر "تآكل التضامن" مع بلاده.
وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "انتصار مهم" بعد السيطرة على أفدييفكا شرقي أوكرانيا، قبل أيام قليلة من الذكرى الثانية لبدء الغزو الروسي في 24 فبراير.
وغداة إعلان الجيش الروسي السيطرة على المدينة، قال بوتين، الأحد، إن الحرب في أوكرانيا لا تشكل سوى مسألة "تحسين موقف تكتيكي" بالنسبة للغرب، ولكنها "مسألة حياة أو موت" بالنسبة لروسيا.
ميدانياً، أوضح الجيش الأوكراني أن الجنود الروس انتقلوا إلى الهجوم في الشرق والجنوب بعد سيطرتهم على أفدييفكا التي شكلت أول مكسب كبير لهم منذ استيلائهم على باخموت في مايو 2023.
وفي الجزء الجنوبي من الجبهة، "نفّذ العدوّ 10 محاولات فاشلة ضدّ مواقع قوّات الدفاع (الأوكرانيّة) في قرية روبوتيني"، حسبما قال المتحدث باسم الجيش الأوكراني في هذه المنطقة، دميترو ليخوفي، مضيفاً: "الوضع هنا متغيّر، العدوّ يُطلق نيرانا كثيفة".
هجمات روسية متعدّدة
ووفقاً له، صد الأوكرانيون هجمات شُنت "بعدد كبير من المركبات المدرّعة"، لكنّ الروس يُهاجمون الآن "بمجموعات صغيرة" مدعومة بمركبات مدرّعة وقوّة جوّية "تعمل بشكل نشِط".
من جهته، أكّد الجنرال أولكسندر تارنافسكي، قائد القوات الأوكرانية في المنطقة، أنه "تمّ إيقاف محاولات الهجوم هذه، وتمّ القضاء على العدوّ على مشارف روبوتيني".
وذكرت قناة DeepState المقربة من الجيش الأوكراني، عبر "تليجرام"، الأحد، أن الروس تمكنوا من اختراق الدفاعات الأوكرانية على بُعد بضعة كيلومترات في شرق روبوتيني.
وهذه القرية، على غرار مناطق أخرى دمّرتها نيران المدفعيّة بالكامل، كانت قد استُعيدت من الروس في أغسطس، في ما وُصِف بأنه نجاح مهم لأوكرانيا في الهجوم المضادّ الذي بدأته في الصيف.
وبدأت الهجمات الروسيّة على هذا الجزء من الجبهة الجنوبيّة في نهاية الأسبوع الماضي عندما سيطر الجيش الروسي على مدينة أفدييفكا، على بُعد حوالى 150 كيلومتراً شمال شرق روبوتيني، بعد 4 أشهر من الهجمات المتكرّرة.
وفي منطقة دونيتسك، "عزّز" الجيش الروسي مواقعه، عبر "تحريره بالكامل مصنع أفدييفكا لفحم الكوك"، وهو القطاع الأخير الذي كان يُسيطر عليه الأوكرانيّون قبل انسحابهم، حسبما أعلنت موسكو، الاثنين.
في منطقة أفدييفكا، أكد المتحدث باسم الجيش الأوكراني دميترو ليخوفي أن "الروس يُعيدون تجميع صفوفهم، وقد حققوا أهدافهم التكتيكية" و"يُحتمل أن ينقلوا وحدات (من أفدييفكا) إلى قطاعات أخرى".
في سيليدوفي، على بُعد 30 كيلومتراً شرق أفدييفكا، تثير هذه الهزيمة الأوكرانيّة أسئلة تُقلق السكّان: هل ينبغي لهم الفرار الآن أو يواصلون تعليق الآمال على القوّات الأوكرانيّة التي تواجه صعوبات؟
وقالت أولينا (42 عاماً): "أسمع الكثير من الناس في المدينة يتساءلون هل سيغادرون أم لا. الناس خائفون. ابنتي تطلب منّي كلّ يوم المغادرة لكنّي أخبرها بأنّ الوقت لم يحن بعد".
وزار زيلينسكي من جهته لواءً يُدافع عن منطقة كوبيانسك على الجبهة الشماليّة الشرقيّة، حيث يشنّ الروس أيضاً هجوماً منذ أشهر.
في سياق قريب، قالت اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر، الاثنين، إنّها تحاول "تسليط الضوء على مصير 23 ألف شخص فُقِدوا" في النزاع بين روسيا وأوكرانيا.
الدعم الغربي لأوكرانيا
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال لزيلينسكي، الأحد، إنه "واثق" من أن الكونجرس، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، سيوافق على حزمة مساعدات تشتد الحاجة إليها في أوكرانيا.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميجال، خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء في كييف: "أعتقد أن الولايات المتحدة ستدعم أوكرانيا أيضاً، مثل الاتحاد الأوروبي، واليابان، وكل دول مجموعة السبع، وصندوق النقد الدولي، وجميع المنظمات المالية الدولية".
دبلوماسياً، قالت أوساط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنّه "ينوي زيارة أوكرانيا بحلول منتصف مارس"، بينما سرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي في روسيا شائعة تتعلّق بعمليّة اغتيال مُخطّط لها خلال هذه الزيارة.
وقالت أوساط ماكرون لوكالة "فرانس برس": "لم تكن هناك أيّ مشاكل أمنيّة في توقيت الزيارة. هذا السؤال لم يُطرح أبداً".
وبُثّ عبر شبكات التواصل الاجتماعي في روسيا مقطع فيديو منسوب إلى "فرانس 24"، لكنّ القناة قالت إنّه "مُزيّف". وبحسب هذا المقطع فإنّ ماكرون ألغى زيارته هذه، بعد اكتشاف "الاستخبارات الفرنسيّة" مخططاً "لاغتياله".