تسابق العواصم الأوروبية الزمن، لجمع 1.5 مليار دولار من التمويل الطارئ لتزويد أوكرانيا بقذائف مدفعية من خارج الاتحاد الأوروبي، لدعم خطوط كييف الأمامية ضد روسيا، وذلك مع دخول الحرب بين البلدين عامها الثالث، وفق صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وطرحت التشيك مبادرة لشراء الذخيرة والقذائف المدفعية من خارج الاتحاد الأوروبي، للتعويض عن الطريق المسدود الذي وصل إليه الكونجرس الأميركي بشأن المساعدات العسكرية، إضافة للتأخير في الإنتاج الأوروبي.
واتخذت التشيك زمام المبادرة في وقت تتسابق فيه العواصم الأوروبية لتوسيع الدعم العسكري الرئيسي لكييف، إذ يقول مسؤولون مطلعون على المناقشات إن البلاد بحاجة إلى شركائها الأوروبيين للمساعدة في توفير 1.5 مليار دولار لتمويل مشتريات الذخيرة، التي تنظمها براج منذ اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022.
وفشل سفراء الاتحاد الأوروبي، في التوصل إلى اتفاق بشأن "صندوق الإنقاذ الأوروبي" خلال اجتماعهم في بروكسل، الأربعاء، وحددوا هدفاً للاتفاق على قواعد ضخ رؤوس أموال جديدة قبل قمة زعماء التكتل المقررة في 21 مارس المقبل.
وفي الإطار، قال أحد الأشخاص المطلعين على المبادرة: "لقد قامت جمهورية التشيك بهذا العمل، لكن كييف بحاجة إلى دعم دول أخرى لتوفير المال".
وقال أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي: "الأوكرانيون لا يهتمون كثيراً بمصدر هذه القذائف ومن يدفع ثمنها. نحن نتجادل بشأن توفير القذائف بينما يعانون على الخطوط الأمامية".
مبادرة براج
وفاجأ الرئيس التشيكي بيتر بافيل، وهو جنرال سابق ومسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، المندوبين في مؤتمر ميونخ للأمن، نهاية الأسبوع الماضي، عندما قال إن براج "حددت دولة لم يذكر اسمها خارج الاتحاد الأوروبي لديها نصف مليون طلقة من عيار 155 ملليمتر، و300 ألف طلقة أخرى من عيار 122 ملليمتر، والتي يمكننا التسليم في غضون أسابيع، إذا تمكنا من العثور بسرعة على التمويل لذلك".
ويقول مسؤولون مطلعون على المخطط التشيكي، إن بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي شاركوا بالفعل.
وتحتاج براج إلى مساهمات مالية من الحكومات الوطنية، لأن عواصم الاتحاد الأوروبي على خلاف بشأن زيادة مقترحة بقيمة 5 مليارات يورو لمرفق السلام الأوروبي، وهو الأداة الرئيسية للتكتل لتمويل إمدادات الأسلحة إلى كييف.
وتُصر ألمانيا على خفض مساهمتها الافتراضية التي تبلغ نحو 1.25 مليار يورو، لتعكس مساعداتها العسكرية الثنائية الضخمة لأوكرانيا، والتي تبلغ قيمتها 7 مليارات يورو هذا العام.
وقال سفير ألمانيا لدى الاتحاد الأوروبي مايكل كلاوس: "إن الدعم الثنائي سريع وفعال للغاية وينبغي اعتباره مساهمة مماثلة في مرفق السلام الأوروبي".
ومن جهة أخرى، تُصر فرنسا واليونان على أن "صندوق الطوارئ الأوروبي الموسع" يجب أن يشتري فقط الأسلحة والذخيرة من الشركات المصنعة في التكتل والنرويج، وهو ما من شأنه أن يمنعها من تمويل الخطة التشيكية أو الذخيرة من الولايات المتحدة.
وتؤكد الحكومة الفرنسية، أنه ينبغي استخدام أموال الاتحاد الأوروبي لتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية للكتلة، في حين تشعر اليونان بالقلق من إمكانية توقيع العقود مع شركات الدفاع التركية.
2.5 مليون قذيفة
وكان وزير الخارجية الأوكراني ديميترو كوليبا، قال لنظرائه في الاتحاد الأوروبي، الاثنين الماضي، إن "كييف بحاجة إلى 2.5 مليون قذيفة مدفعية هذا العام، لكن التكتل أرسل 400 ألف فقط"، وناشدهم لإيجاد حل سريع.
وتضطر القوات الأوكرانية بالفعل إلى تقنين إطلاق المدفعية بشكل كبير، ما يجعل من الصعب عليها صد الهجمات الروسية، التي سيطرت مؤخراً على بلدة أفدييفكا الشرقية في أول مكاسب إقليمية كبيرة لها منذ مايو الماضي.
كما تم تعليق عمليات تسليم مخزونات المدفعية الأميركية، لأن حزمة الدعم التي تبلغ قيمتها 60 مليار دولار لأوكرانيا عالقة في مجلس النواب الأميركي، ما يضع العبء على أوروبا لتعويض النقص.
وحدد الاتحاد الأوروبي هدفاً لإرسال مليون قذيفة إلى أوكرانيا بحلول مارس المقبل من المخزونات والإنتاج والمشتريات الأجنبية، ولكن من المرجح أن يصل إلى نصف ذلك العدد فقط.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن الطاقة الإنتاجية السنوية للتكتل سترتفع إلى 1.4 مليون قذيفة بحلول نهاية عام 2024، متجاوزة الولايات المتحدة، التي من المتوقع أن تصل إلى 1.2 مليون العام المقبل.
وفي بحث للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، خلص المحللان فرانز ستيفان جادي، ومايكل كوفمان إلى أن أوكرانيا ستحتاج إلى ما بين 75 ألف إلى 90 ألف قذيفة مدفعية شهرياً لمواصلة الحرب دفاعياً، وأكثر من ضعف ذلك لشن خجوم كبير.
وكانت أوروبا بطيئة في زيادة إنتاجها من المدفعية، لأن الحكومات الوطنية وكيانات الاتحاد الأوروبي والناتو أبطأت في وتيرة توقيع العقود مع الشركات المصنعة، ما جعل من الصعب على الشركات الحصول على التمويل لتوسيع منشآتها.