ASML.. أهم شركة في صناعة أشباه الموصلات تثير قلق هولندا واهتمام الصين

time reading iconدقائق القراءة - 14
المقر الرئيسي لشركة ASML في مدينة فيلدنهوفن بهولندا - Reuters
المقر الرئيسي لشركة ASML في مدينة فيلدنهوفن بهولندا - Reuters
دبي-محمد سعد

أثارت شركة ASML الهولندية الرائدة في إنتاج معدات تصنيع أشباه الموصلات والرقائق، وتحتكر تقريباً سوق معدات تصنيع الرقائق المتطورة الأكثر تعقيداً على مستوى العالم، ذعر الحكومة الهولندية، بعد أن أعلنت أنها تفكر في التوسع خارج هولندا، وهي الخطوة التي تراقبها الصين، أحد أهم عملاء الشركة، والتي تضررت من القيود الأميركية المفروضة على تصدير معدات الشركة إليها، باهتمام كبير، وسط منافسة عالمية مستعرة للسيطرة على سوق الرقائق الحيوية.

وتبحث ASML، التوسع خارج مقرها الهولندي، وتفكر في فرنسا كأحد الخيارات، ويرى مراقبون في الصين أن القيود على تصدير معداتها إلى الصين، وتأثير تلك القيود على حجم أعمال الشركة، أحد الأسباب للتفكير في التوسع، رغم أن انتقال الشركة المحتمل إلى فرنسا، لن يغير من سريان تلك القيود عليها.

وتواجه الشركة قيوداً متنامية من الحكومتين الأميركية والهولندية بشأن مبيعات معداتها إلى العملاء المتمركزين في الصين، وهو ما أثار مخاوف الشركة من "تدهور بيئة الأعمال" في هولندا، خاصة بعد فوز حزب الحرية الهولندي اليميني المتطرف الذي يتزعه جيرت فيلدرز، في الانتخابات التي أجريت في نوفمبر الماضي، وإن فشل حتى الآن في تشكيل حكومة.

وفيما لا تعد الصين خياراً تنظر فيه الشركة كمكان محتمل لخططها التوسعية، إلا أن خبراء ومهتمون بالصناعة في الصين، رأوا أن القيود على أعمال الشركة في السوق الصينية وراء القرار.

في قلب نزاع الرقائق

ASML هي الشركة الوحيدة في العالم التي تصنع ماكينات الطباعة بالأشعة فوق البنفسجية الضرورية لإنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدماً، وتبلغ كلفة كل واحدة من ماكيناتها عشرات الملايين من الدولارات، وقد تصل إلى 400 مليون دولار.

ووضعت معدات ASML الشركة في قلب النزاع العالمي على الهيمنة على سوق الرقائق، والجهود الأميركية لإبقاء التكنولوجيا المتطورة بعيداً عن أيدي الحكومة الصينية.

وأدت طروحات الحكومة الهولندية لكبح تدفق الطلاب الأجانب وتقليص إعفاءات ضريبية، التي تعتبر جاذبة للكفاءات الأجنية، إلى موجة غضب بين الشركات العاملة في البلاد، التي رأت أن تلك الاقتراحات سيكون لها تأثير طويل الأمد على تنافسية هولندا.

ونحو 40% من موظفي الشركة يأتون من خارج هولندا، وقالت الشركة إنه لا توجد عمالة محلية كافية للوفاء باحتياجاتها.

وقال شيانج ليجانج مؤسس شركة اتصالات تدعى CCTime.com ومقرها بكين، إن بحث الشركة عن مقار أخرى خارج هولندا يعكس "إحباطها بشأن حرمانها من العمل في الصين".

وذكر شيانج على منصة "ويبو" الصينية، الشبيهة بمنصة "إكس"، أن "خضوع الحكومة الهولندية للضغوط الأميركية عبر وقف صادرات الشركة من أنظمة الطباعة بالأشعة فوق البنفسجية المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات إلى الصين، لم يكن ضربة للصين فقط، ولكن للشركة أيضاً"، وفق ما نقلت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".

واعتبر شيانج أن المخرج الوحيد أمام الشركة هو البحث عن مقر آخر، مضيفاً: "إذا لم تحم هولندا مصالح الشركة، فإنها ستعثر على بلد آخر يوفر لها الحماية".

وفيما يلقي المراقبون الصينيون باللائمة على الضغوط الأميركية على الشركة في تفكيرها في هذه الخطط، إلا أن المحللين يرون أن القيود الأميركية على بيع الأنظمة المعقدة التي تصنعها الشركة ستنطبق عليها حتى إذا نقلت مقراتها إلى أي مكان في أوروبا.

وعزّز فكرة الانتقال إلى فرنسا، أن الفرنسي كريستوف فوكيه مدير الأعمال في الشركة، سيخلف المدير التنفيذي بيتر وينيك في المنصب، في أبريل المقبل.

وقال يان بيتر كلاينهاوس مدير التكنولوجيا والجيوسياسة في أحد مركز أبحاث ستيفتونج نيو فيرانتوونج، ومقره برلين، إن "الانتقال إلى فرنسا لن يغير وضع ASML من حيث القيود على التصدير". 

وذكر مهندس بالشركة أن الانتقال إلى فرنسا لن يكون عملياً، لأن الشركة لا تملك شبكة موردين وعملاء ضخمة في البلد، ورجح أن تنقل الشركة منشآتها إلى ألمانيا، ولكنه قال إن احتمالية الانتقال بشكل عام منخفضة، لأنها تنطوي على تكاليف أكبر.

وتملك الشركة 3 مكاتب في ألمانيا وواحد في فرنسا، و13 مقراً في الصين، وفقاً لموقع الشركة. وأدت القيود الأميركية على الشركة العام الماضي، إلى انخفاض مبيعهاتها في الصين بنسبة 15%، إلا أنها تواصل تلقي طلب قوي على الأنظمة الأقل تطوراً. وشكل العملاء في الصين 29% من مبيعات الشركة الإجمالية في 2023، ارتفاعاً من 14% في 2022.

هولندا تسعى لمنع الشركة من التوسع بالخارج

وسعت الحكومة الهولندية إلى منع الشركة التي تعد أهم شركة تكنولوجية أوروبية، من التوسع خارجها، وشكلت حكومة رئيس الوزراء مارك روته وحدة عمل تدعى "بيتهوفين"، لمعالجة مخاوف الشركة، بعدما أعربت ASML عن قلقها بشأن مناخ الأعمال في البلاد، وقلة العمالة الماهرة، والقواعد المناخية، وإمدادات الكهرباء، وفق ما ذكرت "بلومبرغ".

وأتت تلك الجهود بعد محادثات بين الشركة وحكومة روته، أفصحت فيها ASML عن أنها تبحث التوسع خارج هولندا، إلى فرنسا بشكل محتمل.

ومن غير الواضح ما إذا كانت لدى الشركة خططاً ملموسة للقيام بهذا التوسع، ولكنها رددت مخاوف شركات هولندية أخرى غادرت البلاد في السنوات الأخيرة، وتصعد الضغط على جيرت فيلدرز، زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف.

وقال المدير التنفيذي للشركة بيتر وينيك في مؤتمر تكنولوجي في 7 مارس الماضي: "يجب أن نصل إلى الخلاصة التي مفادها أنه يمكننا أن ننمو بشكل مسؤول في هولندا. حتى الآن، لن نصل إلى هذه الخلاصة". وأضاف أنه يخطط للحديث مع مارك روته.

ولكن القرار سيعود في النهاية إلى كريستوف فوكيه، الذي سيتولى قيادة الشركة في أبريل.

وقال متحدث باسم الحكومة الهولندية لـ"بلومبرغ"، إن الحكومة في تواصل مستمر مع الشركات بشأن مصلحة المجتمع الهولندي، والاقتصاد والوظائف، ورفض الإدلاء بأي تعليق آخر.

ما هي ASML؟

وASML هي الشركة الوحيدة في العالم التي تصنع ماكينات الطباعة بالأشعة فوق البنفسجية الضرورية لإنتاج اشباه الموصلات الأكثر تقدماً.

ووضعت معدات ASML الشركة في قلب النزاع العالمي على الهيمنة على سوق الرقائق، والجهود الأميركية لإبقاء التكنولوجيا المتطورة بعيداً عن أيدي الحكومة الصينية.

وأدت طروحات الحكومة الهولندية لكبح تدفق الطلاب الأجانب وتقليص إعفاءات ضريبية كانت جاذبة للأجانب إلى البلد، إلى موجة غضب بين الشركات، التي رأت أن تلك الطروحات سيكون لها تأثير طويل الأمد على تنافسية هولندا.

ونحو 40% من موظفي الشركة يأتون من خارج هولندا، وقالت الشركة إنه لا توجد عمالة محلية كافية للوفاء باحتياجاتها.

متى تأسست الشركة؟

تأسست الشركة في عام 1984، ولديها 42 ألفاً و416 موظفاً من 144 جنسية، ولديها 60 مكتباً في عدد من العواصم العالمية.

وبدأت الشركة في عام 1984 حين شكل عملاق صناعة الإلكترونيات "فيليبس"، والشركة الدولية لمواد أشباه الموصلات (ASMI)، شركة جديدة لتطوير أنظمة طباعة Lithography لسوق أشباه الموصلات المتنامي.

وانطلقت الشركة في البداية تحت اسم ASM Lithography، في شدة خشبية بجوار شركة "فيليبس" في إيندنهوفين.

وأطلقت الشركة أول أنظمتها  PAS 2000 stepper في العام نفسه، والذي كان يجري العمل عليه منذ سبعينات القرن الماضي.

وانتقلت الشركة في عام 1985 إلى مقر جديد، وأطلقت ثاني أنظمتها PAS 2500 stepper في عام 1986، وأسست شراكتها مع مصنع العدسات الشهير كارل زايس.

وبحلول عام 1988 بدأت الشركة في شق طريقها إلى آسيا، حيث أسست "فيليبس" شركة جديدة في تايوان، وفي الولايات المتحدة نما عدد موظفي الشركة وانتشروا في 5 مقرات موزعة بأرجاء أميركا.

ولكن المنافسة كانت شرسة، بأكثر مما يمكن أن تتحمله شركة صغيرة ناشئة في هولندا، وواجهت الشركة صعوبات في التمويل مع انسحاب مستثمرين، وإعلان "فيليبس" عن حزمة خفض واسعة للنفقات، قبل أن يقنع المدراء التنفيذيين في الشركة عضو مجلس إدارة "فيليبس" هينك بودت بإقناع زملائه بمساعدة الشركة على البقاء.

عقد التسعينات واختراقات هامة

كان عقد التسعينات حاسماً بالنسبة للشركة التي طورت خلاله منصات اعتبرت اختراقاً في صناعة المعدات الحيوية لصناعة أشباه الموصلات، وبينها PAS 5500، والتي لا تزال تستخدم إلى اليوم.

وأثبتت الشركة ان استثمار "فيليبس" لم يكن هدراً، فخلال عام أطلقت PAS 5500، الذي أصبح جهازاً رائداً في الإنتاجية والدقة، وجلب للشركة العملاء الذين كانت تحتاجهم للتحول إلى الربحية.

وفي عام 1995 أصبحت الشركة مستقلة تماماً، ومتاحة للتداول العلني بعد إدراجها في بورصتي أمستردام ونيويورك.

وأتاح الإدراج العلني للشركة الحصول على التمويل اللازم لنموها، وتوسيع منتجاتها ومنشآتها في فيلدهوفن، التي أصبحت لاحقاً مقرها الرئيسي.

تقنيات ثورية

خلال العقد التالي طورت الشركة دقة أنظمتها بشكل كبير، وأدخلت تقنيات ثورية جديدة بينها تقنية TWINSCAN في 2001، التي أتاحت مضاعفة إنتاج أشباه الموصلات، إذ مكنت المعدات من العمل على قطعتي Wafer (أشباه الموصلات) في الوقت نفسه، فبينما تخضع واحدة للطباعة، تقوم الماكينة بقياس الويفر الثانية وضبط حدودها، ما ضاعف الإنتاج ودقة النظام.

وفي عام 2007 استحوذت الشركة على شركة BRION، الرائدة في مجال تصميم أشباه الموصلات وحلول التصنيع، وكانت هذه بداية استراتيجية الطباعة الكلية ‘Holistic Lithography’.

ومكنت تلك الشراكة من مضاعفة المعرفة والخبرات والقدرات في مجال تصنيع الرقاق، ما أدى إلى إطلاق أحد أهم منتجات الشركة The first YieldStar 250D، والذي بدأ شحنه للعملاء في عام 2008.

بداية من 2010، غيرت ASML وجه صناعة الرقائق وأشباه الموصلات عبر تقديم تقنية EUV lithography.

وأطلقت الشركة النموذج الأولي من ماكينة الطباعة بالموجات فوق البنفسجية الفائقة  (NXE:3100)، إلى مراكز أبحاث أحد المصنعين الآسيويين، معلنة بذلك عن حقبة جديدة من طباعة أشباه الموصلات.

وتستخدم تقنية EUV lithography موجات ضوئية قصيرة الموجة لتصنيع رقائق بحجم أصغر، ما أدى إلى إنتاج رقاق أسرع وأكثر قوة.

وفي عام 2013، استحوذت الشركة على Cymer، وهو مصنع لأضواء الطباعة مقره سان دييجو بكاليفورنيا الأميركية، لتسريع تطوير تقنية الـEUV.

وشحنت الشركة الجيل الثاني من تلك الأنظمة  NXE:3300، في العام نفسه، وأطلقت الجيل الثالث في عام 2015.

وكان عام 2016 بمثابة حجر زاوية جديدة، حين بدأ عملاء الشركة في طلب أول أنظمة الشركة الجاهزة  NXE:3400، بكميات كبيرة.

وخلال هذا الوقت واصلت الشركة تحسين أداء أنظمة الطباعة، وأصدرت بعدها الشركة جهازي NXT1970Ci وNXT1980Di وهما يعدان "أحصنة العمل" في صناعة الرقائق حول العالم.

وتوسعت الشركة في الطباعة الكلية في عام 2016، بعد استحواذها على Hermes Microvision.

مع حلول عام 2020، احتفلت الشركة بشحن الماكينة رقم 100 من أنظمة الـEUV، ولكن هذا العام شهد تحديات كبرى، إذ واجهت الصناعة جائحة كورونا التي عطلت سلاسل الإمداد.

وتعمل الشركة حالياً على تطوير الجيل التالي من منصات الـEUV.

تصنيفات

قصص قد تهمك