ولاية أميركية حرمتها جغرافيتها من مزايا معاهدة "الناتو".. ما هي؟

هاواي ليست جزءاً من الولايات المتحدة القارية

time reading iconدقائق القراءة - 8
عناصر من البحرية الأميركية خلال مراسم وصول عدد من البحرية الروسية على متن المدمرة "المارشال شابوشنيكوف" (في الخلفية)، في بيرل هاربر. 24 أكتوبر 2003 - Reuters
عناصر من البحرية الأميركية خلال مراسم وصول عدد من البحرية الروسية على متن المدمرة "المارشال شابوشنيكوف" (في الخلفية)، في بيرل هاربر. 24 أكتوبر 2003 - Reuters
دبي-الشرق

باتت السويد أحدث عضو ينضم إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، حيث لحقت في وقت سابق من هذا الشهر بـ31 دولة، بما فيها الولايات المتحدة. لكن ولاية هاواي الأميركية لا تشملها البنود الفنية لمعاهدة التحالف الأمني، بسبب موقعها الجغرافي والتاريخي، وفقاً لما أوردته شبكة "CNN". 

وتقع هاواي في المحيط الهادئ، لكن على عكس كاليفورنيا أو كولورادو أو ألاسكا، فإن الولاية الـ50، ليست جزءاً من الولايات المتحدة القارية التي تصل إلى المحيط الأطلسي الشمالي على شواطئها الشرقية. 

وإذا هاجمت قوة خارجية هاواي، وليكن قاعدة البحرية الأميركية في بيرل هاربر أو مقر القيادة الهندي الهادئ شمال غربي هونولولو (عاصمة الولاية) على سبيل المثال، فلن يكون أعضاء الحلف ملزمين للدفاع عنها. 

وبينما تنص المادة (5) من المعاهدة على الدفاع الجماعي عن النفس، حال وقوع هجوم عسكري على أي دولة عضو، فإن المادة (6) تحد من النطاق الجغرافي لذلك. 

وتنص المادة (6) على أن الهجوم المسلح على واحد أو أكثر من الأطراف في الحلف يُعتبر هجوماً مسلحاً على أي من أراضي الأطراف في أوروبا أو أميركا الشمالية، كما تنص على أن أي جزر تابعة يجب أن تكون في شمال المحيط الأطلسي، شمال مدار السرطان". 

"معاهدة واشنطن"

وفي السياق، قال رئيس مؤسسة "باسيفيك فوروم" البحثية في هونولولو، ديفيد سانتورو: "إنه أمر غريب للغاية. معظم سكان هاواي لا يعلمون بالفعل أن ولايتهم غير مشمولة فنياً في الحلف". 

وتابع: "يميل الناس إلى افتراض أن هاواي جزء من الولايات المتحدة، وبالتالي فهي مغطاة باتفاقية حلف شمال الأطلسي، لكن الإشكالية تكمن في اسم الحلف نفسه". 

وأضاف سانتورو: "الحجة لعدم تضمين هاواي هي ببساطة أنها ليست جزءاً من أميركا الشمالية". وتم توضيح الاستثناء في "معاهدة واشنطن"، الوثيقة التي أنشأت "الناتو" في عام 1949، قبل عقد من تحول هاواي إلى ولاية. 

وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية أن هاواي "غير مشمولة بالمادة 5، لكنه قال إن المادة 4، التي تنص على أن الأعضاء سيتشاورون عندما تكون السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي أو الأمن لأي عضو مهدداً، يجب أن تشمل أي موقف يمكن أن يؤثر على الولاية الـ50، في إشارة إلى هاواي". 

وأضاف: "أي تعديل للمعاهدة ليشمل هاواي من غير المرجح أن يحصل على إجماع، لأن الأعضاء الآخرين لديهم أقاليم خارج الحدود المنصوص عليها في المادة 5". 

على سبيل المثال، لم يشارك حلف "الناتو" في الحرب بين المملكة المتحدة والأرجنتين في عام 1982، عندما غزت القوات الأرجنتينية جزر فوكلاند، وهي إقليم بريطاني متنازع عليه جنوب المحيط الأطلسي. 

سيناريو افتراضي

ويرى بعض الخبراء إن الزمن قد تغير على مدار عقود منذ توقيع "معاهدة واشنطن"، إذ إن الوضع السياسي الحالي في المحيط الهادئ "قد يتطلب إعادة التفكير". 

واستند تقرير الشبكة الأميركية إلى قواعد الجيش الأميركي الموجودة في هاواي، إذ يمكن أن تؤدي دوراً حيوياً في مواجهة هجوم كوري شمالي ودعم أي دفاع محتمل عن تايوان. 

ويلزم "قانون العلاقات مع تايوان"، واشنطن بتوفير الأسلحة للدفاع عن الجزيرة، ورجح الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيستخدم أفراداً عسكريين أميركيين للدفاع عنها، حال حدوث غزو صيني، رغم أن مسؤولي البيت الأبيض قالوا إن "سياسة الولايات المتحدة بترك هذه المسألة غامضة، لم تتغير". 

وأفاد سيناريو افتراضي للحرب أعده "مركز الأمن الأميركي الجديد" عام 2022، بمهاجمة الصين لمنشآت القيادة والسيطرة الأميركية في هاواي، كجزء من حربها للاستيلاء على تايوان بالقوة. 

وفي الإطار، قال المدير الأول لبرنامج السياسة الخارجية والأمنية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في مؤسسة "باسيفيك فوروم"، جون هيمينجز، إن "استبعاد هاواي من الناتو يزيل عنصر الردع، عندما يتعلق الأمر بإمكانية توجيه ضربة صينية على هاواي لدعم أي حملة محتملة على تايوان". 

وأضاف: "ترك هاواي خارج الحسابات يعطي بكين إشارة بأن أعضاء حلف شمال الأطلسي في أوروبا لديهم فرصة الهروب، عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الأراضي الأميركية في مثل هذا السيناريو الافتراضي". 

وتابع: "لماذا لا نضع عنصر الردع هذا تحت تصرفنا؟ لماذا نترك ذلك خارج الطاولة إذا كان سيمنع الصين بالفعل من غزو تايوان؟".

كما يقدم هيمينجز حجة لإدراج جوام، وهي جزيرة أميركية في المحيط الهادئ على بعد حوالي 3 آلاف ميل غرب هاواي تحت مظلة "الناتو". 

وهذه الجزيرة، التي طالما كانت نقطة تركيز لتهديدات كوريا الشمالية بالتصعيد العسكري، تحتوي على قاعدة "أندرسن" الجوية، ومنها يمكن للولايات المتحدة إطلاق مقاتلاتها من طراز B-1 وB-2 وB-52 عبر منطقة المحيطين الهندي والهادئ. 

ويشبه هيمينجز استبعاد جوام من الحلف بالكيفية التي غادرت بها الولايات المتحدة شبه الجزيرة الكورية خارج الخط الذي رسمته عبر المحيط الهادئ، لردع الاتحاد السوفيتي والصين عن نشر الشيوعية في يناير 1950، وبعد 5 أشهر من رسم ما يسمى بـ "خط أتشيسون"، بدأت الحرب الكورية. 

"تحالف الراغبين" 

ويقول بعض المحللين بأنه حال حدوث هجوم افتراضي مثل ذلك على هاواي أو جوام، ستكون الروابط العميقة والثابتة التي تربط الولايات المتحدة بحلفائها الديمقراطيين أكثر أهمية بكثير في اتخاذ قرارات الدول من مجرد تفاصيل فنية في معاهدة الحلف.

ويرى مدير مركز أبحاث الأمن والدبلوماسية والاستراتيجية في كلية بروكسل للحكم في بلجيكا، لويس سيمون، أنه "في حالة الهجوم، أتوقع من الولايات المتحدة محاولة تشكيل تحالف من الراغبين يشمل في المقام الأول، وإن لم يكن حصرياً، الحلفاء الإقليميون". 

وأشار سيمون إلى استجابة الحلف القوية والفورية بعد هجمات 11 سبتمبر، وهو الوقت الوحيد في تاريخه البالغ 74 عاماً، الذي فعّل فيه حلف "الناتو" آلية الدفاع الذاتي الجماعي بموجب المادة (5). 

وبحسب "CNN"، فإن حلف "الناتو" يعد حجر الأساس للمجتمع الديمقراطي عبر الأطلسي، إذ روجت الولايات المتحدة وأعضاء الحلف لوحدة غير مسبوقة في مواجهة غزو روسيا لأوكرانيا. 

كما شدد الحلف خطابه المشترك بشأن الصين في السنوات الماضية، متعهداً معالجة ما يصفه بـ "التحديات الهيكلية" التي تفرضها بكين. 

تصنيفات

قصص قد تهمك