لا يزال العبور غير الشرعي لحدود الولايات المتحدة الجنوبية يسجل أرقاماً قياسية بشكل متكرر على مدى السنوات القليلة الماضية، ما انعكس على استطلاعات الرأي التي أظهرت زيادة حادة خلال الآونة الأخيرة في عدد الناخبين الأميركيين الذين يصنفون الهجرة غير الشرعية على أنها مصدر قلقهم الأول، حتى بشكل أكبر من قضايا الاقتصاد وارتفاع معدل التضخم، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وبات معروفاً أن الرئيسين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترمب سيواجهان بعضهما البعض في انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في 5 نوفمبر، في منافسة بين الديمقراطيين والجمهوريين.
ويعرب الناخبون الأميركيون عن شعورهم بالقلق من أن يؤثر تدفق المهاجرين على جوانب أخرى من حياتهم، من زيادة معدل الجريمة، وانتشار مخدر الفنتانيل، إلى قضايا الأمن القومي والإنفاق الحكومي، إذ لم تتمكن واشنطن من حل المشكلة حتى الآن.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته الصحيفة الأميركية في أواخر فبراير الماضي، أن 20% من الناخبين الأميركيين يصنفون الهجرة حالياً باعتبارها قضيتهم الأولى، مقارنة بـ13% في ديسمبر الماضي، فيما قال 65% من الناخبين إنهم لا يوافقون على تعامل بايدن مع قضية أمن الحدود، فيما رأى 71% أن التطورات الأخيرة في قضية الهجرة، وأمن الحدود تسير في "الاتجاه الخاطئ".
"اتجاه خاطئ"
كما أظهر استطلاع آخر للرأي أجرته الصحيفة في الفترة من 17 إلى 24 مارس الماضي على الناخبين المسجلين في 7 ولايات متأرجحة، وهي أريزونا وجورجيا وميشيجان ونيفادا ونورث كارولينا وبنسلفانيا وويسكونسن، أن الهجرة هي من بين أهم قضيتين، إذ قال ما لا يقل عن 72% من المشاركين من كل ولاية، إن سياسة الهجرة، وأمن الحدود في البلاد، يسيران في "الاتجاه الخاطئ".
وتم تسجيل أعلى مستوى من عدم الموافقة على تعامل بايدن مع قضية أمن الحدود في ولاية أريزونا، بحسب "وول ستريت جورنال".
وأشارت الصحيفة إلى أنه يتم الآن اعتقال معظم المهاجرين الذين يدخلون الولايات المتحدة بشكل غير قانوني من قبل حرس الحدود، وذلك إما لأنه يتم القبض عليهم أو لأنهم يقومون بتسليم أنفسهم لطلب اللجوء، ولكن يتم إطلاق سراح العديد منهم بسرعة والسماح لهم بالانتقال إلى أي مكان في البلاد، في انتظار إجراءات محكمة الهجرة، بعد أن يقوم حرس الحدود أولاً بفحص أسمائهم ومعلومات عن سيرتهم الذاتية من خلال الأنظمة الحكومية للتأكد من عدم وجود صلات لهم بالإرهاب أو أي جرائم أخرى.
وتسعى إدارة بايدن إلى ضمان تعقب معظم البالغين الذين يتم إطلاق سراحهم من الحجز إما باستخدام سوار الكاحل، أو من خلال تطبيقات على الهاتف المحمول، مع فرض عقوبات في حال لم يقم المهاجرون الخاضعون للمراقبة بالتواصل مع الحكومة كما هو مقرر.
ودفعت القضايا الجنائية البارزة الأخيرة التي تم فيها اتهام المهاجرين الذين يعيشون في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، مثل سقوط طالب جامعي في جورجيا وشابة في ميشيجان في إطلاق نار، قضية الهجرة غير الشرعية إلى الواجهة.
ووفقاً لـ"وول ستريت جورنال"، فإن ترمب يسعى لتضخيم أي قضية جنائية يستطيع من خلالها الربط بين مسألة أمن الحدود والجريمة في البلاد.
وقال ترمب في مسيرة بولاية ميشيجان، الثلاثاء الماضي: "لقد أصبحت كل البلدات الآن بمثابة مدينة حدودية، وذلك لأن بايدن جلب المذابح والفوضى والقتل من جميع أنحاء العالم وألقى بها في ساحتنا الخلفية بشكل مباشر".
وذكرت الصحيفة أن الأبحاث التي أُجريت على مدى عقود، وجدت أن المهاجرين أقل عرضة لارتكاب الجرائم من الأميركيين المولودين في الولايات المتحدة، وأن الأحياء التي بها عدد أكبر من المهاجرين تقل بها معدلات الجريمة والعنف.
قضية رئيسية
وذكرت "وول ستريت جورنال"، أنه على الرغم من أن الزيادة الكبيرة في الاهتمام بقضية الهجرة غير الشرعية باعتبارها قضية رئيسية هو أمر مدفوع في الغالب من جانب الجمهوريين والناخبين المستقلين، لافتةً إلى أن هذه القضية أصبحت مصدر قلق كبير على نحو متزايد لبعض الديمقراطيين أيضاً.
وحاول بايدن والديمقراطيون في الكونجرس خلال الأشهر الأخيرة، إلقاء اللوم بشأن وضع الحدود على الجمهوريين بعد أن منعوا اتفاقاً بين الحزبين في مجلس الشيوخ كان سيسمح للحكومة بطرد المهاجرين إذا تجاوز معدل العبور الحد اليومي البالغ 4 آلاف شخص، إذ إنه بعد أشهر من المفاوضات، قال الجمهوريون، بتشجيع من ترمب، إن "الشروط لم تكن كافية".
ورأت الصحيفة أن إقناع الناخبين بأن الجمهوريين هم المسؤولين عن الوضع على الحدود سيكون تحدياً للديمقراطيين، إذ وجد الاستطلاع الذي أجرته في الولايات المتأرجحة أن الناخبين يمنحون ترمب ميزة في هذه القضية بهامش واسع، لا يقل عن 14 نقطة مئوية.
وفي فبراير الماضي، تم إلقاء القبض على ما يقرب من 140 ألف مهاجر أثناء عبورهم إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وفقاً لأحدث الأرقام الحكومية، وهو رقم أقل بكثير من أرقام شهر ديسمبر الماضي الذي تم فيه القبض على 250 ألف شخص، وهو رقم قياسي.
وأعرب العديد من الناخبين عن سأمهم من العدد الكبير من الصور ومقاطع الفيديو للمهاجرين وطالبي اللجوء الذين يعبرون الحدود، ويعيشون في المدن الأميركية الكبرى، بينما ينتظرون لسنوات حتى تبت المحكمة في قضايا لجوئهم.