أوكرانيا تخوض معركة "مفصلية" لمنع تقدم الجيش الروسي نحو دونباس

time reading iconدقائق القراءة - 6
تشاسيف يار (أوكرانيا)-أ ف ب

يتهيأ الجندي الأوكراني أنتون لمناوبة جديدة دفاعاً عن تشاسيف يار، البلدة التي تكتسي أهمية استراتيجية للقوات المتقاتلة للسيطرة على منطقة دونباس في الشرق الأوكراني. فبعدما بقيت الجبهة شبه مجمّدة لنحو عام، تضغط القوات الروسية على الجيش الأوكراني الذي يعاني نقصاً في العديد والعتاد مع تأخر وصول المساعدات الغربية.

وتسعى القوات الروسية المصمّمة على تعزيز ما حققته مؤخراً من مكاسب ميدانية، للسيطرة على مرتفعات تشاسيف يار التي تقع البلدة على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من باخموت التي وقعت في مايو الماضي في قبضة روسيا بعد معارك عنيفة استمرت أشهراً.

يقول أنتون البالغ 40 عاماً: "إذا استولى الروس على تشاسيف يار، سيُفتح الباب إلى مدن أخرى... لذا فمن الأهمية بمكان وقف تقدّمهم هنا".

مرتفعات تشاسيف يار ستمنحهم موطئ قدم قوياً، وستمكّنهم من استهداف مدن تقع على ارتفاعات أدنى: في المقام الأول كراماتورسك؛ ومن ثم على الأرجح سلوفيانسك.

وتمثل المدينتان قيمة كبيرة بالنسبة لموسكو إذ قبل عقد سيطر انفصاليون موالون للروس لفترة وجيزة على المدينتين في بداية الاشتباكات مع كييف، وعلى خط الجبهة الحالية، تشكل تشاسيف يار مدخلاً إلى باخموت.

ويضيف أنتون إن روسيا تستخدم انطلاقاً من هذا المبدأ "كثيراً من العديد والعتاد، كما أن هناك طيراناً مستمراً وقصفاً مدفعياً". ويقول الجندي التابع للواء الهجومي الخامس إن وحدته "صامدة" إلى الآن.

"أعنف المعارك"

والجمعة قال مدوّنون عسكريون أوكرانيون وروس إن القوات الروسية وصلت إلى ضواحي البلدة. لكن قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي قال السبت، إن "تشاسيف يار ما زالت تحت سيطرتنا، كل محاولات العدو لاقتحامها باءت بالفشل".

وأوضح سيرسكي أن البلدة تشهد واحدة من "أعنف المعارك" إذ تحاول القوات الروسية "كسر" الدفاعات الأوكرانية.

ولم يشأ رئيس السلطات المحلية في تشاسيف يار سيرجي تشاوس التعليق على المسائل العسكرية، لكنّه قال في تصريح لوكالة "فرانس برس"، إن الأوضاع باتت أكثر خطورة في الأسبوعين الأخيرين.

وأفاد تشاوس: "في السابق كان الهدوء يخيم للحظات في المدينة، لا هدوء حالياً... إطلاق النار متواصل". وحالياً من الصعوبة بمكان توفير رعاية طبية طارئة للجنود في حال إصابتهم في تشاسيف يار.

وقد يصبح الوصول إلى نقطة مستقرة يمكن فيها توفير العلاج الأساسي قبل الإجلاء، أمراً مستحيلاً. وآخر نقطة من هذا النوع تم نقلها مؤخراً إلى خارج المدينة لدواع أمنية.

وذكر مسعف في المنشأة التي تم نقلها في تصريح لـ"فرانس برس"، أن فرق الإجلاء لم تعد تتوجّه إلى تشاسيف يار لأن الأمر بغاية الخطورة.

وقالت المسعفة ناديا البالغة 24 عاماً: "في حال تم إجلاؤهم (الجنود المصابون)، فإن ذلك يتم بالسيارة".

وأوضحت أنها شاهدت جنوداً مصابين يمشون لساعات "لأن لا خيار آخر للخروج من تلك المواقع".

ولدى عودته من مناوبة قرب المدينة، قال سيرجي البالغ 25 عاماً، إن الوضع في تشاسيف يار "بات أكثر صعوبة بكثير".

ويفرك الجندي في اللواء الهجومي الخامس والملقّب موبيد، مراراً عينيه المحاطتين بهالتين سوداوين، ويقول: "حالياً يتم تشغيل كثير من المسيرات"، مشيراً إلى مسيرات من طرازي "مافيك" و"فيرست بيرسن فيو" تعمل "ليلاً ونهاراً".

وقال رفيقه ييجور ولقبه جيجولي إن هذه المسيرات أكثر دقة، ما يجعلها أكثر إثارة للرعب من المدفعية، وأوضح الرجل البالغ 27 عاماً أن "المسيّرة تستمر بالتحليق إلى أن تقضي عليك، أو تسقط على مقربة منك لتصيبك بجروح بانتظار وصول مسيّرة أخرى".

وأضاف: "الأولى تؤدي إلى إصابتك بالشلل، والثانية تسقط لتقضي عليك"، ولفت ييجور إلى أن القوات الروسية تستخدم مواردها على نحو أكثر عقلانية؛ مما كانت تفعل في المعارك في بداية غزوها في العام 2022.

ويوافقه الرأي بوجدان وهو جندي يبلغ 21 عاماً، إذ يقول "إنهم يتعلمون، لقد تعلموا، ليسوا أغبياء... الجيش ليس نفسه مقارنة بالعام 2022".

لكن بعض الاستراتيجيات لا تزال على حالها، وفق جنود، إذ يذكّر الدمار اللاحق بتشاسيف يار بمعارك روسية سابقة سوّت مدناً بالأرض.

ويقول سيرجي: "يدمّرون كل شيء ومن ثم يجلسون وحدهم بين الأنقاض". ووفق تشاوس: "لم يسلم مبنى واحد من" الأضرار، وأفاد "فرانس برس"، بأن المدينة التي كان عدد سكانها يبلغ 13 ألفاً قبل الحرب لم يبق فيها سوى 770 شخصاً.

وبالنسبة للجندي سيرجي فمن شأن سيطرة روسيا على تشاسيف يار أن تعرّض سكان المناطق الأقل ارتفاعاً لمزيد من القصف.

وأضاف: "هناك أناس وأطفال. وما دامت (تشاسيف يار) صامدة، فإنهم سيستمرون في العيش هناك".

وعلى بعد عشرة كيلومترات من تشاسيف يار في كوستيانتينيفكا، قال أحد السكان لـ"فرانس برس"، إنه يخشى التقدم الروسي.

وأكد أندريه كوماريستوف جالساً على مقعد أمام منزله، أن لا مكان يذهب إليه وهو مضطر لمساعدة والدته وجيرانه المسنين.

وأضاف: "سوف يزرعون البطاطس ويزيلون الأعشاب الضارة من حديقتهم في أي حال. ولن يذهبوا إلى أي مكان".

وتابع: "سنجلس هنا حتى النهاية. وإذا أُصِبنا فليكن".

تصنيفات

قصص قد تهمك